مذكرة الخارجية السورية إلى السفارة التركية حول مياه الفرات
علاء اللامي*
مذكرات دبلوماسية بين تركيا وسوريا في سنة 1996 حول مياه الرافدين. ترقيم الفقرات من وضعي. ثالثا/نص مذكرة وزارة الخارجية السورية إلى السفارة التركية في 2/12/1995وفيها تدحض ادعاءات تركيا بكون الفرات نهرا عابرا للحدود وليس دوليا وتكشف عن تلوت المياه بنسبة فاقت المعدل الدولي بكثير.
1-تهدي وزارة خارجية الجمهورية العربية السورية أطيب تحياتها إلى سفارة الجمهورية التركية بدمشق، تتشرف ببيان ما يلي: لا تعتبر حكومة الجمهورية العربية السورية، ردَّ وزارة الخارجية التركية كما جاء في مذكرتها المشار إليها أعلاه، ردا سليما أو إجابة على اعتراضات سوريا وعلى تحفظاتها بشأن المنشآت التركية على نهر الفرات والتي تضمنتها المذكرة السورية وذلك للأسباب الآتية:
2-إن ادعاء تركيا بأنَّ الفرات هو نهر عابر للحدود لا يعني بأي حال من الأحوال أنه غير خاضع للقواعد القانونية الخاصة بالأنهار الدولية، ولا يترتب عليه أية نتيجة بنظر القانون الدولي، فقد أجمع العرف الدولي على ذلك، إذْ ذكرت لجنة القانون الدولي التابعة للأمم المتحدة في تقريرها لعام 1993 ما يلي: “في ما يتعلق بالاقتراح الداعي إلى استخدام مصطلح “المياه العابرة للحدود” بسبب استخدامه في اتفاقية معقودة مؤخرا، فذلك مسألة صياغة ولا يوجد اختلاف جوهري بين هذا المصطلح و المصطلح المقدم في المادة “1” من مشروع اللجنة على استعمال هذا التعبير أو ذاك أية آثار قانونية”، ولم تميز المحكمة الدائمة للعدل الدولي بين هذين النوعين من الأنهار في ذكرها لمبادئ قانون الأنهار الدولية بشكل عام، وكان الموقف التركي في المنظمات الدولية منسجما مع وجود قواعد دولية تنطبق على الأنهار التعاقبية، فقد أيَّد مندوب تركيا في اللجنة السادسة “القانونية” للأمم المتحدة تعريف مقرر لجنة القانون الدولي للمجرى الدولي بكونه، المجرى الذي تقع أجزاؤه أو عناصره المعنية في الدولتين أو اكثر.
2-إذا كانت تركيا، كما صرحت بذلك في أكثر من مناسبة، تعتبر النهر الدولي الذي تنطبق عليه القواعد القانونية الدولية، هو النهر المتاخم، الذي يفصل بين دولتين، وليس النهر التعاقبي، الذي يجتاز أكثر من دولة، فإن هذا التفسير غير مقبول بنظر القانون والممارسات الدولية، لأننا إذا نفينا صفة الدولية عن الأنهار التعاقبية، فلن يكون عند ذلك نهر النيل والسند والنيجر والسنغال والراين والدانوب والمكسيك وكولومبيا وغيرها أنهارا دولية حسب المفهوم التركي.
3-إنَّ تركيا نفسها اعترفت في أكثر من معاهدة، أن النهر التعاقبي هو نهر دولي تنطبق عليه القواعد القانونية الدولية الخاصة بالأنهار، إذْ جاء في ديباجة المعاهدة الموقعة بين بلغاريا – تركيا في 23 تشرين الأول/ أكتوبر 1968
وبخصوص موضوع الفرات بالذات، اعترفت تركيا بأنَّ الفرات نهر دولي يخضع للقواعد القانونية الدولية، وذلك بتوقيعها على معاهدة الصلح في لوزان بتاريخ 24 تموز / يوليو 1923 إذْ جاء فيها: ” إذا نتج عن تعيين الحدود الجديدة (بين تركيا وسوريا والعراق) أنَّ نظام المياه ( قنوات المياه – الري – الصرف والمسائل المشابهة) في دولة يتوقف على الأعمال المنفذة في إقليم دولة أخرى، أو عندما ينتفع إقليم إحدى الدول – بمقتضى عرف قائم قبل الحرب – بالمياه والطاقات التي يوجد منبعها في أراضي دولة أخرى، فإنه يعقد اتفاق بين الدول صاحبة الشأن للمحافظة على المصالح والحقوق التي اكتسبتها كل منها، وعند عدم الاتفاق يلجأ إلى طريق التحكيم” (المادة 109).
4-إن البروتوكول الموقع العام 1987 بين تركيا وسوريا، والمسجل لدى الأمانة العامة للأمم المتحدة أصولا بتاريخ 1 حزيران / يونيو 1993 والذي أعطى لسوريا ما يزيد على 500م3/ثا وإلزام تركيا بواجب التوزيع النهائي لمياه الفرات، إذ أنَّ الكمية المذكورة أعلاه حددت بانتظار التوزيع النهائي، الأمر الذي يشكل اعترافا صريحا بالصفة الدولية للنهر. وقد ورد ذكر توزيع الفرات على الأقل مرتين في هذا البروتوكول.
5-وفضلا عن ذلك فقد ورد في البيان المشترك الصادر في 20/1/1993، والموقع من قبل رئيسي الحكومتين السورية والتركية، والمسجل لدى الأمانة العامة للأمم المتحدة أصولا كمعاهدة دولية بتاريخ 1 حزيران / يوليو 1993 ما يلي: “اتفق الجانبان على التوصل قبل نهاية عام 1993 إلى حل نهائي يحدد حصص الأطراف في مياه نهر الفرات”
6-كما أنَّ تركيا وفقا لما جاء في اتفاقها مع العراق الموقع بتاريخ 29 / 3/1946، والذي أصبح نافذا بتاريخ 10/5/1948 تقر بأهمية الإنشاءات في تركيا بالنسبة للعراق وأنَّ تركيا تقوم بإنشاء السدود بعد الاتفاق مع الخبراء العراقيين، وأنَّ كل سد يقام في تركيا سيكون موضع اتفاق مع العراق من حيث موقعه وتكاليفه وصيانته واستخدامه لأهداف الري وتوليد الطاقة.
7-وتبعا لذلك فإنَّ حكومة الجمهورية العربية السورية ترى أنَّ عدم قيام تركيا بعدم التشاور والتنسيق معها في موضوع إقامة السدود على نهر الفرات، وعدم إعطاء تفاصيل مشاريعها من أجل تلافي الأضرار التي تلحق بسوريا من جراء هذه السدود، هو مخالفة صريحة وواضحة لمبادئ القانون الدولي، لجهة التوزيع العادل والمنصف لمياه نهر الفرات بوصفه مجرى دوليا، ولجهة عدم التسبب بأضرار جسيمة للدول المتشاطئة لهذا النهر، وانتهاك مبادئ حسن الجوار المتفق عليها في القانون الدولي.
8-إنَّ قيام الحكومة التركية ببناء مجموعة من السدود على مجرى نهر الفرات، والشروع بريِّ أراضي جنوب شرق الأناضول من مياه الفرات يلحق ضرراً جسيما بحقوق سوريا في هذه المياه. وقد بدأ تسرب المياه الملوثة من تركيا إلى الأراضي السورية، عبر وادي الجلاب” ابليخ” إذ أنَّ نسبة التلوث في هذه المياه بلغت حدا يتجاوز كل النسب المقبولة عالميا، حيث تجاوز مجموع الأملاح المنحلة فيها 1800 ملغ/ ليتر، حتى إعداد هذه المذكرة.
9-وهي نسبة تتعدى بكثير النسب النظامية العالمية (بحدود 800 ملغ / ليتر)، مما يؤكد خطورة تسرب هذه المياه على البيئة في حوض الفرات وعلى الأراضي التي تشكل القسم الأعظم من الأراضي الزراعية السورية، التي تعتبر أغنى وأخصب الأراضي الزراعية في الجمهورية العربية السورية، وعلى سكان سوريا الذين تشكل مياه حوض الفرات المورد الرئيسي لشربهم وحياتهم.
ومن المتوقع أنْ تزداد نسبة هذا التلوث مع زيادة إدخال أراض جديدة في الري في نطاق مشروع جنوب شرق الأناضول(GAP) مما يسبب أضرارا إضافية بالغة لسوريا.
إنَّ وزارة الخارجية في الجمهورية العربية السورية، إذْ تأمل أنْ تتلقى من الحكومة التركية ردا إيجابيا وسريعاً على طلبها، تغتنم هذه المناسبة لتعرب لسفارة الجمهورية التركية عن فائق اعتبارها وتقديرها.
*سأنشر رد السفارة التركية بدمشق وتعليقاتي عليه في المنشور القادم
1-تهدي وزارة خارجية الجمهورية العربية السورية أطيب تحياتها إلى سفارة الجمهورية التركية بدمشق، تتشرف ببيان ما يلي: لا تعتبر حكومة الجمهورية العربية السورية، ردَّ وزارة الخارجية التركية كما جاء في مذكرتها المشار إليها أعلاه، ردا سليما أو إجابة على اعتراضات سوريا وعلى تحفظاتها بشأن المنشآت التركية على نهر الفرات والتي تضمنتها المذكرة السورية وذلك للأسباب الآتية:
2-إن ادعاء تركيا بأنَّ الفرات هو نهر عابر للحدود لا يعني بأي حال من الأحوال أنه غير خاضع للقواعد القانونية الخاصة بالأنهار الدولية، ولا يترتب عليه أية نتيجة بنظر القانون الدولي، فقد أجمع العرف الدولي على ذلك، إذْ ذكرت لجنة القانون الدولي التابعة للأمم المتحدة في تقريرها لعام 1993 ما يلي: “في ما يتعلق بالاقتراح الداعي إلى استخدام مصطلح “المياه العابرة للحدود” بسبب استخدامه في اتفاقية معقودة مؤخرا، فذلك مسألة صياغة ولا يوجد اختلاف جوهري بين هذا المصطلح و المصطلح المقدم في المادة “1” من مشروع اللجنة على استعمال هذا التعبير أو ذاك أية آثار قانونية”، ولم تميز المحكمة الدائمة للعدل الدولي بين هذين النوعين من الأنهار في ذكرها لمبادئ قانون الأنهار الدولية بشكل عام، وكان الموقف التركي في المنظمات الدولية منسجما مع وجود قواعد دولية تنطبق على الأنهار التعاقبية، فقد أيَّد مندوب تركيا في اللجنة السادسة “القانونية” للأمم المتحدة تعريف مقرر لجنة القانون الدولي للمجرى الدولي بكونه، المجرى الذي تقع أجزاؤه أو عناصره المعنية في الدولتين أو اكثر.
2-إذا كانت تركيا، كما صرحت بذلك في أكثر من مناسبة، تعتبر النهر الدولي الذي تنطبق عليه القواعد القانونية الدولية، هو النهر المتاخم، الذي يفصل بين دولتين، وليس النهر التعاقبي، الذي يجتاز أكثر من دولة، فإن هذا التفسير غير مقبول بنظر القانون والممارسات الدولية، لأننا إذا نفينا صفة الدولية عن الأنهار التعاقبية، فلن يكون عند ذلك نهر النيل والسند والنيجر والسنغال والراين والدانوب والمكسيك وكولومبيا وغيرها أنهارا دولية حسب المفهوم التركي.
3-إنَّ تركيا نفسها اعترفت في أكثر من معاهدة، أن النهر التعاقبي هو نهر دولي تنطبق عليه القواعد القانونية الدولية الخاصة بالأنهار، إذْ جاء في ديباجة المعاهدة الموقعة بين بلغاريا – تركيا في 23 تشرين الأول/ أكتوبر 1968
وبخصوص موضوع الفرات بالذات، اعترفت تركيا بأنَّ الفرات نهر دولي يخضع للقواعد القانونية الدولية، وذلك بتوقيعها على معاهدة الصلح في لوزان بتاريخ 24 تموز / يوليو 1923 إذْ جاء فيها: ” إذا نتج عن تعيين الحدود الجديدة (بين تركيا وسوريا والعراق) أنَّ نظام المياه ( قنوات المياه – الري – الصرف والمسائل المشابهة) في دولة يتوقف على الأعمال المنفذة في إقليم دولة أخرى، أو عندما ينتفع إقليم إحدى الدول – بمقتضى عرف قائم قبل الحرب – بالمياه والطاقات التي يوجد منبعها في أراضي دولة أخرى، فإنه يعقد اتفاق بين الدول صاحبة الشأن للمحافظة على المصالح والحقوق التي اكتسبتها كل منها، وعند عدم الاتفاق يلجأ إلى طريق التحكيم” (المادة 109).
4-إن البروتوكول الموقع العام 1987 بين تركيا وسوريا، والمسجل لدى الأمانة العامة للأمم المتحدة أصولا بتاريخ 1 حزيران / يونيو 1993 والذي أعطى لسوريا ما يزيد على 500م3/ثا وإلزام تركيا بواجب التوزيع النهائي لمياه الفرات، إذ أنَّ الكمية المذكورة أعلاه حددت بانتظار التوزيع النهائي، الأمر الذي يشكل اعترافا صريحا بالصفة الدولية للنهر. وقد ورد ذكر توزيع الفرات على الأقل مرتين في هذا البروتوكول.
5-وفضلا عن ذلك فقد ورد في البيان المشترك الصادر في 20/1/1993، والموقع من قبل رئيسي الحكومتين السورية والتركية، والمسجل لدى الأمانة العامة للأمم المتحدة أصولا كمعاهدة دولية بتاريخ 1 حزيران / يوليو 1993 ما يلي: “اتفق الجانبان على التوصل قبل نهاية عام 1993 إلى حل نهائي يحدد حصص الأطراف في مياه نهر الفرات”
6-كما أنَّ تركيا وفقا لما جاء في اتفاقها مع العراق الموقع بتاريخ 29 / 3/1946، والذي أصبح نافذا بتاريخ 10/5/1948 تقر بأهمية الإنشاءات في تركيا بالنسبة للعراق وأنَّ تركيا تقوم بإنشاء السدود بعد الاتفاق مع الخبراء العراقيين، وأنَّ كل سد يقام في تركيا سيكون موضع اتفاق مع العراق من حيث موقعه وتكاليفه وصيانته واستخدامه لأهداف الري وتوليد الطاقة.
7-وتبعا لذلك فإنَّ حكومة الجمهورية العربية السورية ترى أنَّ عدم قيام تركيا بعدم التشاور والتنسيق معها في موضوع إقامة السدود على نهر الفرات، وعدم إعطاء تفاصيل مشاريعها من أجل تلافي الأضرار التي تلحق بسوريا من جراء هذه السدود، هو مخالفة صريحة وواضحة لمبادئ القانون الدولي، لجهة التوزيع العادل والمنصف لمياه نهر الفرات بوصفه مجرى دوليا، ولجهة عدم التسبب بأضرار جسيمة للدول المتشاطئة لهذا النهر، وانتهاك مبادئ حسن الجوار المتفق عليها في القانون الدولي.
8-إنَّ قيام الحكومة التركية ببناء مجموعة من السدود على مجرى نهر الفرات، والشروع بريِّ أراضي جنوب شرق الأناضول من مياه الفرات يلحق ضرراً جسيما بحقوق سوريا في هذه المياه. وقد بدأ تسرب المياه الملوثة من تركيا إلى الأراضي السورية، عبر وادي الجلاب” ابليخ” إذ أنَّ نسبة التلوث في هذه المياه بلغت حدا يتجاوز كل النسب المقبولة عالميا، حيث تجاوز مجموع الأملاح المنحلة فيها 1800 ملغ/ ليتر، حتى إعداد هذه المذكرة.
9-وهي نسبة تتعدى بكثير النسب النظامية العالمية (بحدود 800 ملغ / ليتر)، مما يؤكد خطورة تسرب هذه المياه على البيئة في حوض الفرات وعلى الأراضي التي تشكل القسم الأعظم من الأراضي الزراعية السورية، التي تعتبر أغنى وأخصب الأراضي الزراعية في الجمهورية العربية السورية، وعلى سكان سوريا الذين تشكل مياه حوض الفرات المورد الرئيسي لشربهم وحياتهم.
ومن المتوقع أنْ تزداد نسبة هذا التلوث مع زيادة إدخال أراض جديدة في الري في نطاق مشروع جنوب شرق الأناضول(GAP) مما يسبب أضرارا إضافية بالغة لسوريا.
إنَّ وزارة الخارجية في الجمهورية العربية السورية، إذْ تأمل أنْ تتلقى من الحكومة التركية ردا إيجابيا وسريعاً على طلبها، تغتنم هذه المناسبة لتعرب لسفارة الجمهورية التركية عن فائق اعتبارها وتقديرها.
*سأنشر رد السفارة التركية بدمشق وتعليقاتي عليه في المنشور القادم