زواج على القمر!
حب المغترب لوطنه الأم هو الحب الكبير الذي يدوم، لكن حب المغترب لوطنه الأم لبنان ليس حباً أعمى بل هو الحب.. المبصر!
يغني وديع الصافي: «يا مهاجرين ارجعوا، غالي الوطن غالي.. لبنان صوته اسمعوا صوت العتب عالي».
ولكن العتب ليس على المغترب بل على الذين جعلوا لبنان مغترباً عن نفسه وأصله. كان لبنان يلقب عن حق بسويسرا الشرق، ثم جاءت الحرب الأهلية وذيولها وجاء الانفجار المروع في مرفأ بيروت.
وجاء بعض حكامه من «أولاد الحلال»، وهكذا فالكهرباء مقطوعة إلا من ساعة في اليوم، ولا أحد يحن للحياة في الظلام ولمتاعب المحرك الكهربائي المنزلي ونفقاته والافتقار إلى المال ثمناً للمازوت، فالبنوك استولت على أموال أودعها الناس أمانة ليومهم الأسود، وجاء اليوم الأسود وما من مال يعاد. والمتهمون بإفقار الشعب اللبناني يحكمه بعضهم (فيك الخصام وأنت الخصم والحكم!).. وأكتفي بتعداد هذه المآسي المحلية عن وطن نعشقه لكنه (هاجر) عن نفسه، ولذا هاجرنا!
الحب القاتل المجرم
كلمة «الحب» ملتبسة وأحياناً تعني الجريمة.
وهو ما حدث في أفغانستان في مدينة زرنج بالقرب من الحدود الإيرانية، هذا مثلاً رجل قتل 10 من أفراد عائلته (زوجتان وأبناء) لماذا؟ لرغبته في الزواج مرة ثالثة بعدما رفضت ذلك زوجته الأولى وبعض أولاده، وهكذا قتل الجميع ليتزوج للمرة الثالثة من حبيبته! أهذا رجل بعرف قلبه الحب؟ ومن هي (المجنونة) التي يمكن أن ترضى بالزواج منه؟ إنه يستحق الزواج من جدران السجن المؤبد. وقد نشرت الصحف تحذير وزراء ألمان من تنامي ظاهرة العنف ضد النساء، ولكن ماذا عن قتل الأولاد وتنامي ظاهرة العنف حتى ضد أولاد القاتل؟
هذا هو الحب!
لن أنسى حكاية ذلك الشاب اليمني من مدينة تعز ونُبله العربي، فقد أصر على إقامة حفل زفافه والزواج من خطيبته حتى بعد بتر قدمها بقذيفة حوثية. ورفض العريس الإعلان عن شهامته في الصحف، ورفض ذكر اسمه في المطبوعات. هذا هو الحب والوفاء.. وهو نادر في أيام يقتل فيها الرجل أولاده وزوجته الأولى فالثانية ليتزوج من جديد ثالثة!
أولئك الشجعان ضد اليأس
لدي احترام خاص للذين يفقدون ساقاً أو ذراعاً في حرب ما، ويرفضون اليأس، بل يحاولون أن تظل حياتهم مجدية لهم وللآخرين، لأن في مجرد وجودهم تشجيعاً لأمثالهم ضد اليأس. قرأت مؤخراً عن مباريات المنتخب العراقي لمبتوري الأطراف، يركضون بساق اصطناعية مستعينين بعكازين. فذلك يعلمنا درساً ضد اليأس والعزلة والخجل من نظرات الإشفاق. الأمير هاري حفيد ملكة بريطانيا إليزابيت الثانية أسس (حين عاد كجندي من الحرب في أفغانستان) نادياً رياضياً لمبتوري أحد الأطراف في الحرب خاصاً بكرة القدم. وكان يرعاه ويحضر مبارياته، مما رفع الروح المعنوية للجنود البريطانيين الذين فقدوا ساقاً في الحرب. ومنذ رحيل هاري عن العائلة البريطانية المالكة مع ميغان ميركل، زوجته، لم نعد نسمع شيئاً عن مباريات فريق كرة القدم للمحاربين القدامى من مبتوري الأطراف فداء لوطنهم.
درس في الشجاعة ضد القدر
نشرت مجلة (فواسي) الفرنسية تحقيقاً في صفحتين عن شاب وسيم فرنسي بترت أطرافه كلها حين كان في السادسة من العمر بسبب المرض. ويبدو في صوره كلها ضاحكاً كأنه يتحدى القدر ومرضه الذي كان سبباً في بتر أطرافه. وأضحى اليوم بطل العالم في سباحة مبتوري الأطراف. أشخاص مثله، واسمه ثيو كورين، يعطوننا درساً في رفض اليأس والشجاعة في مواجهة أقدار غاشمة.
ويقول ثيو كورين إنه لو استيقظ ذات يوم ووجد نفسه بكامل أعضائه المبتورة لما عرف ما الذي يفعله بنفسه! ولا ندري أهو صادق أم أنها المكابرة؟
المهم أن يدوم الزواج
لسبب ما يتوهم البعض أن عقد الزواج في أماكن غير مألوفة ستجعله يدوم. وهكذا ومنذ خمسة أعوام، صار العشاق يرغبون في عقد زواجهم في أماكن ليست عادية، مثل ناطحة السحاب (إمباير ستيت) في نيويورك مثلاً، ويصعد معهم الكاهن وشهود الزواج!
ولكن البعض يرغب في عقد الزواج في غواصة، في قاع البحر، وقلما يلتقي أحدهم بكاهن يرضى بتلك المغامرة.. والشهود مثله أيضاً. أما الذين يتزوجون في أعلى مبنى (الإمباير ستيت) فعليهم عقد قرانهم يوم (عيد الحب)، فذلك ليس مسموحاً في الأيام الأخرى!
وهكذا تم عقد زواج ثلاثة عشاق في يوم الحب في (الإمباير ستيت) ثالث أعلى مبنى في نيويورك. ومن يدري، فقد يأتي ملياردير ويقرر عقد قرانه فوق سطح القمر بعدما صار الوصول إليه ممكناً إذا كنت بالغ الثراء وأعددت الصاروخ اللازم لذلك. وهكذا لن ترتدي العروس ثوب الزفاف المألوف، بل الثوب الذي يسمح بالمشي فوق القمر دون الاختناق. ثم إن المهم ليس عقد الزواج على قمة (الإمباير ستيت) أو حتى سطح القمر، أو غواصة في قاع البحر.
المهم أن يدوم الزواج، حتى لو عقده كاهن في كنيسة متواضعة في أي مكان.. أو جاء الشيخ إلى بيت عربي أو ذهبوا إليه.
أما نحن العرب، فلن نواجه هذه المعضلة.. وسيأتي الشيخ لعقد القران بحضور أهل الخطيبين، والمهم دائماً أن يدوم الزواج.
وما تبقى (ديكورات) حتى ولو كان (الديكور) قمراً!