علي حسين
عندما دخلت دروبادي مورمو المدرسة الابتدائية في إحدى قرى الهند الفقيرة، كانت الفتاة صغيرة تتشبث بيد والدها، ولم تكن تحلم بأن تصبح رئيسة لواحد من أكبر بلدان العالم، كان الحلم أن تصبح ربة بيت، لكنها قررت أن تناضل من أجل أن تجد لها مكاناً، وبسبب الفقر اضطرت إلى أن ترحل عن قريتها وتعمل لتكمل تعليمها،
حلمت بأن تجلس على مقاعد السياسيين، وكان ذلك مستحيلاً على فتاة تنتمي إلى المجتمعات التي تعاني من التهميش، لم تكن تعرف أن الطريق إلى رئاسة الجمهورية سيصبح ذات يوم سالكاً، وأنها ستصبح في يوم من الأيام أول رئيسة جمهورية في تاريخ بلاد المليار إنسان. بعد انتخابها قالت إن ما حصل هو ” إنجازلجميع الفقراء في البلاد. إن انتخابي دليل على حقيقة أنه يمكن في الهند للفقراء أن يحلموا وأن يحققوا هذه الأحلام”. هنا تكمن قوة الديمقراطية، حين تتمكن فتاة مولودة في منزل قبلي فقير من أن تصل إلى أعلى منصب في البلاد .
في كتابه “لا مذكرات” يقول أندريه مالرو إن الزعيم الهندي جواهر لال نهرو قال له وهما يتجولان في شوارع الهند: “قيل إن اللاعنف خرافة، لكنه هنا هو الوسيلة الوحيدة للنضال”، ثم يضيف أثناء الحديث “كنت أذكر دائماً ما يقوله المهاتما غاندي: لا يمكن أن يظهر الله حيث تكون الكراهية والخوف”.
يتحدث الجميع في العراق الديمقراطي عن دور المرأة ومكانتها، لكنها كل يوم تهمّش في القرار السياسي، يرفض ساستنا أن يشاهدوا امرأة رئيسة للبرلمان أو للجمهورية، وأن تتولى وزارة سيادية، فيما أقر دستور 2005 ما أقره دستور عام 1958 من حق المرأة في المشاركة العامة والتمتع بالحقوق السياسية، ولكن في كل يوم نرى أن حقوق المرأة مهدورة ، فبعض القوى السياسية التي ترفع الدستور بوجه الجميع تدفع في الوقت نفسه بالمجتمع إلى عقود من التخلف والانعزال. وأيا يكون المبرر لما يحصل في مشاهد تشكيل الحكومة أو رئاسة البرلمان ونوابه، فأن الأمر لا يخرج عن المخطط الهادف إلى العمل على أن تعود المرأة لتصبح مواطنة من الدرجة الثانية. لم تكن هذه القوى السياسية تستهدف تغييب المرأة فقط، ولكن لتثبت لنا أن الصراع على المناصب يجعل الجميع ينحازون إلى أنفسهم. ضربت هذه القوى عصفورين بحجر واحد، الأول هو إبعاد المرأة عن مصدر القرار لأنها برأيهم “ناقصة عقل ودين” والثاني أن يتمتع “حبايب” قادة هذه الكتل بمزايا هذه المناصب وفوائدها على المدى الطويل وليصبح صفر المرأة صفراً جديداً يضاف إلى أصفار تضعها هذه القوى السياسية، وتجسد حالة التضليل والخداع التي مورست وتمارس على قطاعات واسعة من الشعب.