كل شيء يبدأ بالوعي … ولاقيمة لشيء من دونه ” ألبير كامو “.
محمد السعدي قد يسأل البعض ؟. عن دوافعي في الكتابة عن تلك الرموز الأدبية والفكرية والسياسية والفلسفية والتاريخية والنضالية والاجتماعية والفنية بدءاً من عبد الرحمن القصاب وباقر إبراهيم وطه صفوك ووحيدة خليل وتورغنيف وتولستوي وعبد الفتاح إسماعيل ورشا فاضل ويسينين ومايكوفسكي وباسترناك ولليندي وعامر عبدالله ومهدي أبن بركه وعلي الجبوري ومحمد الدفاعي وضياء نافع وحياة شرارة وغادة السمان وعبد الحسين شعبان وحسين سلطان وسامي كمال وشوقي الماجري وجون نيكسون وعامر السعدي وحسقيل قوجمان وسلام عادل وساسون دلال وخليل عبد العزيز وفاضل البراك وبيريا حارس ستالين الخاص وبشرى عباس وأستروفسكي وأنا ليند وعمر أحمد إسماعيل وبوشكين وستار غانم وليرمنتوف وخزعل السعدي وعبير الجنابي ويهودا صديق وخالد أحمد زكي وبهاء الدين نوري وآخرون . أنني أشعر بالانتماء الى هذا السجل الانساني في تحديد مسارات الحياة سواء أختلفت أو أتفقت معهم وبغض النظر عن مواقعهم وعطاءاتهم المختلفة .أما أنتم قد تختلفون أو تتفقون فالآمر سيان ؟.
مابين حربين ولد ونشأ الفيلسوف الوجودي والروائي والسياسي ألبير كامو لأب فرنسي مزارع وأم إسبانية في قرية الذرعان التي تعرف ببلدة مندوفي بمقاطعة قسطنطينة الجزائر العام ١٩١٣ وبعد عام من ولادته قتل والده في الحرب العالمية الأولى ، وأخذت والدته على عاتقها مسؤولية تربيته مع أخيه مما أضطرت وبسبب الظروف الصعبة أن تعمل ( خادمة ) في البيوت . نشأ في جو عائلي فقير ومضطرب ومحيط قلق ومجهول بسبب شبح الحرب والفقر والعوز ومعاناة والدته في العيش مما تركت بصماتها الواضحة على علاقته الجدلية بين إبداعه والعبث والأنتحار وعلاقته بأسطورة سيزيف وصخرته مع الفتى الأسطوري الاغريقي في حملها الى أعلى مرتفع قمة ودحرجتها مرة أخرى وأخرى ويظل هكذا الى الأبد وصبر المرء وقدرة التحمل وروح التحدي وأساس الوجود في خلق الانسان ليتلقى هذا المصير من العذاب السرمدي وتمرداًعلى عبث الوجود ، كما كان يشير له النقاد ملك أدب العبث ، وقد نظر الى القضايا الحياتية الاجتماعية والسياسية من منظور فلسفي وميتافزيقي والتي تدين العنف الثوري والذي يؤدي الى مجيء الأنظمة الاستبدادية في خنق حرية الناس ومصادرة حقوقهم ، ومن خلال نصوصه الادبية والفلسفية يدعوا الى لغة الحوار بين الثقافات ودعم الابداع والمبدعيين مما شكل هاجس له في نقد سياسة ستالين في قمعه لحرية الابداع والرأي الآخر . في بداية مشواره السياسي أنضم الى الحزب الشيوعي الفرنسي وسرعان ماأنفك عنه بل أصبح معادياً لسياسته في نزعته الستالينية في معالجة قضاياه وعلاقته مع مصير الشعوب . ولقد سخر قسم كبير من كتاباته الأدبية ولقاءاته الصحفية ضد سياسة ستالين في إدارة دفة الحكم ، وهو الذي لعب دوراً وهيأ له في منح الروائي السوفيتي بوريس باسترناك جائزة نوبل للابداع عن روايته دكتور زيفاكو والتي منعت من الطبع والنشر في بلاده فهربت كمسودة الى إيطاليا فذاع صيتها في العالم ، ظلت التكهنات الى وقت متأخر تشير الى المخابرات السوفيتية بالتعاون مع السلطات الفرنسية في قتله من خلال حادث سير مدبر في باريس ١٩٦٠ . كما يروجها بين الحين والآخر الكاتب والشاعر الإيطالي جيوفاني كاتيللي حول تآمر سوفيتي / فرنسي في التخلص من صوته العالي في إنتقاده للسياسة السوفيتية ، كانت نهايته مأساوية كأنها نهاية فلسفته العبثية حول الحياة والموت . شكل مع رفاقه خلية الكفاح للمقاومة الوطنية الفرنسية ضد الاحتلال الالماني لبلده ، وعندما تحررت فرنسا تحولت الكفاح الى جريدة رسمية مسؤولها الفيلسوف الوجودي جان بول سارتر لكن ألبير كامو قاطعها لاختلاف الرؤى بينهما من الموقف من ستالين وسياسة الحزب الشيوعي الفرنسي ، وظل خصمه اللدود في مجالات الموقف والابداع والفلسفة .
من المواقف التي يشار له بالبنان وقفته أنه ألبير كامو مع المقاومة الجزائرية في نضالها ضد الاستعمار الفرنسي وطالب ساسة بلده من ترك الاراضي الجزائرية وعدم التدخل في شؤونهم الداخلية ، ومنح شعب الجزائر حرية الاختيار والعيش والحياة . شهدت فترة عمره ٤٧ عاماً معتركات ومعارك فكرية وأدبية وسياسية كانت أبرزها مع رفاق الوجودية جان بول سارتر وسيمون دي بفوار .
ومن أعماله الادبية الكبيرة رواية الغريب والطاعون وأسطورة سيزيف بين العبثية والتمرد والسقطة والرجل السعيد الذي يروي بها سيرته الذاتية عن حياته في الجزائر ، ومن العظام من فلاسفة ومفكرين الذين تأثرا بهم كارل ماركس وفيودور دوستوفسكي وفرانز كافكا . في العام ١٩٥٧ حصل على جائزة نوبل للاداب عن باكورة أعماله الادبية . في العام ١٩٤٧ كتب روايته الطاعون في مدينة وهران الجزائرية عندما أجتاحها وباء الطاعون وتحولت المدينة الى أشباح والشوارع فارغة .
وفي وصف مخيف في روايته لوباء الطاعون على لسان أحد أبطالها ( عندما يعم الوباء تزحف القبور الى المدينة ) ، وأرتباطاً بما يجتاح العالم اليوم من وباء ( كوفيد ١٩ ) فيروس كورونه ، حيث طبعت الرواية ملايين من النسخ في أيطاليا لشدة الاقبال ومتابعة قراءتها مجدداً أرتباطاً بتطورات الاحداث حول جائحة كورونا . 2022-08-11