علي حسين
من الصعب اللحاق بأخبار بلاد الرافدين العجيبة. فالناس كانت تنتظر قراراً قضائياً حول حقيقة تسريبات السيد نوري المالكي، وتتطلع إلى أن يقول المدعي العام العراقي رأيه بقضية بوابة عشتار، والعراقي المغلوب على أمره يريد أن يعيش بطمأنينة وأن يجد قوت يومه، لكنه يعيش يومه مع اناشيد الغزوات، مرة لتحرير المنطقة الخضراء واعتقال رئيس الوزراء،
ومرات لتنظيف البرلمان، وفي كل مرة تخوض الكتل السياسية معارك المصير من أجل أن يبقى الحال على ما هو عليه وعلى المتضرر، والذي هو الشعب بالتاكيد ، أن “يضرب رأسه بأقرب حائط”.
قبل أن يقرأ العراقيون استقالة وزير المالية علي علاوي والتي سطرها بعشر صفحات كاملة، كنا قد قرأنا قبل ثلاثة أعوام استقالة وزير الصحة علاء الدين العلوان وكانت بأربع صفحات قال فيها الرجل إن هناك جهات سياسية تمنعه من أداء وظيفته، وأن شخصيات كبيرة في الدولة تسيطر على عقود المستشفيات والأدوية والمقاولات والتعينات ، وبدلا من أن تُحدث استقالة العلوان ضجة، أخذ البعض يستذكر مآثر الوزيرة عديلة حمود ويشيد بصمودها وبقدرتها على تحويل أموال الوزارة إلى جيوب الفاسدين .
بالأمس تساءل العراقيون وهم يتداولون ما كتبه وزير المالية : هل قدم الرجل استقالته أم تمت اقالته؟.. بالتأكيد لسيت الاستقالة أو الإقالة، هي المهم في بلاد نهبت منها مئات المليارات في وضح النهار، في الوقت الذي تمد يدها تستجدي الكهرباء من دول الجوار ، ومدنها تحولت الى خرائب . وبصرف النظر عن التوصيف الدقيق لما حصل مع الدكتور علي علاوي فأن ما كتبه يحتاج إلى أن تخرج الناس إلى الشوارع لتعلن أن هذا النظام السياسي باطل وان لا امل في شفاءه .. كتب وزير المالية قائلا أن “الأحزاب استولت على مفاصل الدولة بشكل مروّع ” وأن “شبكة الفاسدين تسيطر على قطاعات الاقتصاد وتسحب المليارات بحماية البرلمان والأحزاب والسلاح وقوى أجنبية”، اتمنى ان تنتبه عزيزي القارئ الى كلمة البرلمان ودوره في اشاعة الفساد والمحسوبية . وأكد الوزير أن “الفساد محمي من النظام السياسي ومزدهر بفضله”.. واعترف أن الحكومة غير قادرة على الوقوف بوجه التدخل الخارجي. هل هناك شيء آخر؟.. نعم أيها السادة ، فقد أعلن الوزير أن العراق تحول إلى “دولة زومبي”.
تثبت استقالة وزير المالية أننا قوم واقعيون، لا نريد أن نعرف من السارق، فقط نريد أن نحافظ على كراسي سياسيينا ومكانتهم، فرسالة علاوي مسألة عادية جداً ، فلا يهم ان تكون أحزاب السلطة خارج المسألة القانونية التي ترفع سيفها على المواطن فقط.
يجب الإقرار بأن الفساد قد ربح معظم جولات النزال . فاز على الجميع وخصوصاً على العراق وبالضربة القاضية .