علي حسين
عاتبني بعض القراء الأعزاء على أنني لم أكتب عن صور المطرب راغب علامة مع السفير العراقي في الأردن وزوجته.. وكنت قد استغربت من حجم التعليقات التي تناولت الصور رغم إيماني بأن السفير يمثل واجهة لبلده وعليه أن يراعي هذه المسألة،
إلا أن الكم الهائل من التعليقات والشتائم جعلتني أتوهم أن المواطن العراقي غير محاصر بأزمات الخراب وتهديد الكتل السياسية، وسرقة المال العام، والبطالة والخدمات، واكتشفت، ولو متأخرا، أننا لا نفرق عن فنلندا التي لا تزال ومنذ ست سنوات تتربع على قائمة البلدان الأكثر سعادة ورفاهية، والتي تعرضت فيها رئيسة الوزراء لانتقادات من أحزاب المعارضة لأنها شوهدت في مقطع فيديو وهي ترقص وتلهو، ، ورغم الضجة خرجت رئيسة الوزراء لتقول إن ما حدث كان من حقها ولا يمنعه الدستور، وأتمنى أن لا يتوهم البعض ويعتقد أنني أحاول أن أجد مبررات لما جرى في بيت السفير، فنحن نعرف جميعاً كيف يتم اختيار سفراء العراق، ونعرف أيضا أن السفير موظف عند الحزب الذي يعينه.. وأيضا أتمنى أن لا يتوهم البعض ويعتقد أنني أعقد مقارنة بين جمهوريتنا “المؤمنة” وفنلندا “الكافرة”..
اليوم تقاس رفاهية البلدان بما تقدمه لمواطنيها، وحين تتربع فنلندا على عرش الرفاهية والسعادة بينما العراق لا يزال مصراً على أن ينافس على المركز الأخير في سلم القائمة، فهذا يعني أن عليك عزيزي القارئ أن تعيد النظر في مفاهيم الرفاهية، فلم تعد الدول تتباهى بالصوت العالي ولا بالشعارات الثورية، فقد انتصرت في النهاية بلاد صغيرة اسمها فنلندا تتربع على عرش البلدان الأكثر رفاهية، فيما لا نزال نحصد المراكز الأولى في الفساد والبؤس ودرجات متأخرة في العدالة الاجتماعية ، والموت العبثي عندنا خبر يومي ، يضاف الى اخبار النواب الذين يريدون ان يحولوا محافظاتهم الى اقطاعيات لا يسمح بالسكن والتجوال فيها إلا بموافقة نائب لم يبلغ سن الرشد السياسي.
لا نقرأ في الأخبار عن خطب المسؤولين في فنلندا، لكننا نعرف أن حجم اقتصادها ينافس بقوة العديد من دول الاتحاد الأوروبي، أما رأس مالها فيعتمد على ثلاثة مجالات أساسية هي: التعليم، واستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والابتكار واكتساب المهارات، وهذا بالتأكيد ما نتفوق به نحن الذين حولنا التعليم إلى تعتيم، والابتكار إلى انتهازية، واكتساب المهارات إلى فن سرقة المال العام
وأنا أتابع منشورات تطالب برجم زوجة السفير على الطريقة الأفغانية كانت تحضرني جملة حسني البرزان زميل غوار الطوشي : “اذا أردت ان تعرف ماذا يجري في إيطاليا، يجب أن تعرف ماذا يجري في البرازيل”.. فيا عزيزي القارئ الذي ستلومني حتما لانني لم اطالب بشنق زوجة السفير ، إذا أردت أن تعرف ماذا يجري في العراق، عليك أن تعرف ماذا يجري في بلاد الله الواسعة.