علي حسين
ما يزال خبر رحيل ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية يتصدر نشرات الأخبار في معظم بلدان العالم، مثلما لا تزال مواقع التواصل الاجتماعي في العراق تعقد المقارنات بين الحكم الملكي والجمهوري، الجميع يتساءل: ترى ماذا لو لم تحدث ثورة على النظام الملكي في العراق؟
هل كانت المصائب التي لا تزال تلاحقنا يمكن أن تحدث في ظل نظام ملكي دستوري؟.. يتطلع المواطن العراقي إلى ما يجري في البلدان الملكية ويتحسر.. البعض يشيد بنزاهة عبد الكريم قاسم والبعض الآخر يترحم على الملك الشاب الذي كان يطمح لبناء دولة متحضرة.. وبين متحمس وشامت نسترجع ما جرى لسليل العائلة المالكة علي بن الحسين الذي قال في أول تصريح له بعد عام 2003 إن “جميع العراقيين يرحبون بعودة الملكية، لأنهم يعتقدون أنها هي النظام الذي سيضمن إعادة وحدة المجتمع العراقي” . ولم يكن المرحوم يعلم أن عواطف العراقيين “فيسبوكية” ، حيث خذله الجميع ولم يحصل على مقعد واحد في مجلس النواب العراقي وتفوقت عليه عتاب الدوري لانها تملك صوتا جهوريا .
عاشت ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية 96 عاماً قضت منها 70 عاماً تجلس على عرش بريطانيا، تستيقظ كما يخبرنا كُتاب سيرتها الذاتية في السابعة صباحا، وأول عمل تقوم به قراءة جميع الصحف، لتعرف مزاج البريطانيين لهذا اليوم، وهي تعرف ان العائلة الملكيةتتعرض كل يوم الى الانتفادات ، وتبتسم عندما تقرأ مقالات تطالب بالغاء النظام الملكي. في الوقت الذي يسخر فيه ساسة العراق من الصحافة ولا يهمهم أبداً أن تذهب الصحافة أو تبقى، فكل ما يكتب بالنسبة لهم “حجي جرايد”.
الذين يعتقدون أن ملكة بريطانيا أغنى امرأة في العالم، ينسون أن وريثة شركة لوريال لمستحضرات التجميل تقدر ثروتها بأكثر من 70 مليار دولار وفي حسبة بسيطة فأنها تملك ثروة تعادل ثروة ملكة بريطانيا بـ “150” مرة إذا عرفنا أن ثروة الملكة إليزابيث لم تتجاوز الـ “400” مليون دولار جمعتها على مدى سبعين عاماً في الحكم، فيما جمع أثرياء الديمقراطية العراقية مئات المليارات في فترة لا تتجاوز الخمسة عشر عاماً ، وان ما تملكه زعيمة عراقية اكثر من ضعف ثروة الملكة حصلت عليه من خلال صراخها في البرلمان والفضائيات .
نادراً ما ترى الملكة تبتسم أو تدمع. لكنها كشفت ذات مرة عن أسوأ يوم في حياتها، حيث قالت للكاتب روبرت هاردمان الذي أصدر كتاباً عنها بعنوان “ملكة أيامنا” إن هجوم الجيش الجمهوري الإيرلندي على لندن، عام 1982، كان “أكثر الأيام المروعة في حياتي”، في ذلك اليوم قتل ابن عمها في تفجير قام به الجيش الجمهوري الأيرلندي، لكنها بعد سنوات ستقوم بمصافحة الرجل الذي اشرف على تنفيذ العملية من اجل ان تبقى ايرلندا ضمن التاج البريطاني .