ثمة قراءات لسلسة من الشخصيات في الصندوق الاسود لحاسوبي ، لقد كتبت في زمن بعيد ، واليوم أضعها في حضرة القراء والمتابعين . في الصندوق الأسود ٢٥٠ شخصية بمختلف الألوان والاشكال والاتجاهات بين اليمين واليسار من فهد وسلام عادل الى ناظم كزار وبيريا الحارس الشخصي للرئيس ستالين والذي سقاه السم فقتله والى وحيدة خليل ورابعة العدوية ووووووووو .
ماني صحت يمه حا جا وين أهلنه .
في منتصف عام ١٩٩١، إغمضت عينيها الجميلتان والى الابد في بغداد المغنية العراقية الاولى في زمنها ، زمن الغناء والشجن والعذوبة مريم عبدالله جمعة المشهورة ب وحيدة خليل في صمت تام عن رحيلها والوقوف عن أهم محطات فنها ومسيرتها منذ مطلع الاربيعنات ، كان العراق قد دخل نفق مظلم طويل من الليالي السوداء والحزينة فرحيل الفنانة وحيدة خليل لم يشكل آنذاك ألتفاته من أهل السياسة والفن والاعلام ، لكن بقى تاريخها الفني والغنائي ثراً في الذوق الجمعي العراقي ، وما زالت أغانيها الى يومنا هذا تردد على ألسن أجيال وأجيال . نشأت يتيمة الاب فحظيت برعاية مميزة من والدتها، وهي صغيرة كانت تسمع الابوذيه العراقي الممتليء لحنا وحزنا ولوعة ، هي التي أطلقت على نفسها أسم وحيدة ، لانها الوحيدة لاهلها لا أخ ولا أخت مما ترك بحة الحزن على صوتها وأغانيها واختياراتها .
تميزت المغنية وحيدة خليل بالطور الريفي وأدائه باعتبارها من أقصى جنوب العراق البصرة ، إنها وعت على فرق الخشابة في ربوع البصرة ورددت أغانيهم منذ طفولتها الاولى ، و كانت أيضا مؤدية مميزة لاغاني كوكب الشرق أم كلثوم ، فسميت أم كلثوم البصرة ، وغنت الى أسمهان وليلى مراد .
قدمت الى بغداد بعد أن أغواها مدنيتها وسمعتها وفنانيها وموسيقيها ، داخل حسن ، خضيري أبو عزيز ، مسعود العمارتلي ، ولتقف بعد فترة قصيرة من دخولها أروقة الاذاعة العراقية عبر الفنان الراحل داخل حسن ، الذي ساعدها كثيراً بالنصح والغناء ، الى منافسة قوية مع سليمة مراد ، ومنيرة الهوزوز ، عفيفة أسكندر .
ترك الملحن محمد نوشي بصماته القوية في بداية مسيرة المغنية وحيدة خليل فلحن لها أول أغنية ( حيرت والله بزماني ) ، مما بات صوتاً مسموعاً ومنتظراً من عشاقه ، فكمل مسيرتها الفنان عباس جميل في أجمل لحنه ، كانت البداية مع أغنية ( ماني صحت يمه حا جا وين أهلنه ) .
وتبعتها جملة أغاني ما زال حضورها طاغياً على مسيرة الاغنية العراقية . أمثال …
عين بعين على الشاطيء تلاكنه .. نزهه والبحر شاهد علينه .
علمن يا كلب تعتب عليمن .. هوت وجربت بيمن .
بسكوت أوين بسكوت .
عانت من الاهمال لسنوات طويلة قبل رحيلها ، حيث لم يسلط الضوء عليها وهي حيه لتوثيق مسيرتها الغنائية الثرة بما تحمله من أرشيف وتاريخ ومسيرة .
في عام ١٩٥٤ صدح صوتها على أحدى مسارح العاصمة بيروت بحضور أهم نجوم الفن والطرب السيدة فيروز وصباح ومدن أياديهن لها إعتزازاً بصوتها وبلدها العراق ، وفي أول وصولها الى بغداد تعرفت على أهم رموز الفن لحناً ناظم نعيم ، محمد نوشي ، ولاحقا عباس جميل .
متى يحين الوقت والزمن للوقوف على تاريخ سيرتها ومسيرتها . والعراق يئن بوجع على ما أصابه من وكسات وأزمات وأنكسارات ؟ .
