متى «الكابتن» امرأة
ركبت الكثير من الطائرات إلى الشرق والغرب وسمعت فيها دائماً صوتاً ذكورياً يقول: هنا الكابتن يتحدث إليكم. نطير (كذا) ألف قدم ونصل إلى باريس في السابعة والنصف مساء بتوقيتها المحلي. ولكنني لم أسمع مرة صوت امرأة تقول: هنا الكابتن تتحدث إليكم. فلماذا تقتصر مهمة النساء في الطائرات على عمل (المضيفة) التي تسألك ماذا تحب أن تشرب وهل تفضل السمك أم اللحم وتقدم لك صينية طعامك في الطائرة؟.. متى يصير قائد الطائرة امرأة أيضاً؟
في لبنان، رئيس نقابة الطيران رجل. لكن ذلك ليس في لبنان وحده، بل في العالم كله تقريباً. وفي الأفلام السينمائية (حتى الكوارثية) يكون قائد الطائرة رجلاً حتى يهبط بسلام ولو في العواصف. أما اختطاف الطائرات في بعض الأفلام، فنرى فيها الخاطف يوجه سلاحه إلى رأس قائد الطائرة ليذهب بها إلى هنا أو هناك، أما المرأة فهي المضيفة (باستثناء المناضلة ليلى خالد لسبب فلسطيني وطني). وفي أفلام اختطاف الطائرات المضيفة هي المذعورة وحين تدور معركة في غرفة القيادة بين القائد والمختطف وتنجو الطائرة من الخطف، نرى المضيفة هي التي تقوم بإنزال قناة النجاة، ليهرب الركاب ومن ثم يغادرون الطائرة.
ألم يحن الوقت لنسمع صوتاً نسائياً يقول: هنا الكابتن قائدة الطائرة تتحدث إليكم؟
المرأة كرسامة كاريكاتير
حقل آخر تكاد المرأة تغيب عنه إلا فيما ندر وهو حقل رسم كاريكاتير، فأنا شخصياً مغرمة بذلك وأجده يعبر في رسم صغير عن حالة عامة سياسية أو شخصية. بل أول ما أطالعه غالباً في الصحف هو كاريكاتير وبعضها يحتل مكاناً خاصاً لذلك.
وأرتاح للصحف التي تذكر اسم رسام كاريكاتير بخط واضح كما في أي مقال يوقعه كاتبه. ف كاريكاتير في جوهره مقال مختزل في رسم ذكي. وأجد ذلك غالباً في الملحق الأسبوعي لجريدة «القدس العربي».
في بيروت، أشتري المجلات والصحف فور وصولي إليها، وألاحظ أن بعض صفحات كاريكاتير الذكي صار يفتقر غالباً إلى توقيع مبدعه ورسامه ويغيظني ذلك. والأمثلة لدي كثيرة. لكن المقصود مما أكتبه الآن ليس التشهير بأحد، بل لفت النظر إلى قيمة كاريكاتير وبالتالي أعود إلى حيث انطلقت وهو شبه غياب المرأة العربية عن فن كاريكاتير في البلاد العربية كلها تقريباً، أو نجد لها الحضور النادر كفنانة كاريكاتير العمانية زمزم الرحبي، ولها رسوم لافتة وناجحة كاريكاتورياً.
نوبل لفرنسية: آني أرنو
سرني فوز امرأة فرنسية للمرة الأولى في فرنسا بجائزة نوبل للأدب، هذا العام. وكان قد فاز بالجائزة العديد من الأدباء الفرنسيين (الذكور).
آني أرنو (82 سنة) هي أول مبدعة فرنسية تفوز بالجائزة التي جاء في حيثياتها أن آني تتميز بأعمال غير مهادنة.
وكعربية سررت لأنها وقعت في أيار/ مايو 2018 عريضة بالتعاون مع شخصيات من عالم الثقافة لمقاطعة موسم الثقافات بين فرنسا وإسرائيل.. وبذلك رفضت (واجهة) إسرائيل على حساب الشعب الفلسطيني كما أنها عام 2019 وقعت على نداء لمقاطعة تنظيم منافسة (يوروفجين) في تل أبيب. هذه الأسباب التي تقربها من قلوبنا كعرب لا صلة لها بفوزها بجائزة نوبل للأدب لهذا العام ولكن نزاهتها نحو الفلسطيني المظلوم في إسرائيل تقربها منا لإبداعها ولحسها الوطني الإنساني العام الذي جعلها توقع عريضة ضد (تلميع) إسرائيل على حساب الفلسطينيين.
بالمناسبة، نحن في حاجة لقراءة أعمالها مترجمة إلى العربية وحان الوقت للقارئ العربي الذي لا يقرأ بالفرنسية أن يطلع على أعمالها أو بعضها في ترجمة عربية محلية لها في بيروت مثلاً. من زمان كانت دور النشر اللبنانية هي السباقة إلى ذلك. وأما اليوم، وبسبب فقدان (السيولة) من البنوك، لم يعد بوسع الكثير من دور النشر الإنفاق على الترجمات ما دامت البنوك اللبنانية ترفض أن تعيد إلى المودع اللبناني ماله، وبالتالي تساهم بذلك في إصابة الأعمال كلها في لبنان بالشلل بما في دور النشر اللبنانية.
من السارق؟
ويظل السؤال قائماً: مَنْ سرق أموال المودعين اللبنانيين، بل وهل تستطيع البنوك دفع مرتبات العاملين فيها ناهيك عن الذين أودعوا أموالهم فيها؟ من سرق أموال المودعين وساهم بذلك في الشلل الذي يصيب الحياة اليومية للناس وللمؤسسات التي اشتهر لبنان بها من زمان كدور النشر التي كانت السباقة إلى إصدار الكتب والترجمات، بل والمجلات الفكرية كمجلة «دراسات عربية» التي كانت تصدر عن «دار الطليعة» واليوم تكافح دور النشر كبقية المؤسسات لدفع رواتب العاملين فيها ناهيك عن أرباح مبيعات كتبها لأصحابها الذين سرهم مرة صدورها عن دار النشر هذه أو تلك..
منذ زمن بعيد سخرنا من حاكم عربي كان يخفي نقوده داخل فراش نومه ويحشوه بها واليوم نرى أنه كان بعيد النظر!!