الصديق والرفيق علي الكرادي . يدلي بشهادته ؟.
الصدق لسان الحق .
توخياً للحقيقة وأنصافاً للتاريخ سأدلوا بدلوي ، وأنا أواجه القدر المحتم في نهاية كل أنسان ، وقد بلغت عتياً من العمر سواء على مستوى العمر أو التجربة ، في البدء أود أن أعرف القراء والمتابعين للشأن السياسي العراقي : من أنا ؟. أنا علي خزعل الكرادي من عائلة الكرادي البعقوبية . تعرضت سوية مع عائلتي الى البطش والحرمان والإعتقال وأستشهاد أخي كريم ، كعائلة شيوعية . تعرضت الى الإعتقال في أقبية الامن عام ١٩٨١ ما يقارب عام كامل أثر وشاية من أحد الرفاق بتهمة تنظيم شيوعي مع ثمة شبيبة من أهالي مدينة بعقوبة ، وطيلة فترة الإعتقال وما تعرضت له من أنتهاك وتعذيب لم أبوح بسراً أو أدلي أعترافاً على أحداً وبشهادة الجميع ، وهما كثر وما زالوا يتنفسون هواء الحياة وبأستطاعة الجميع أن يدلوا عن جوهر موقفي ، وكنت آخر المعتقلين والمعترفين عليهم ، وبموقفي الثابت سدت منافذ الملف بأعترافات وإعتقالات جديدة . أنتهت فترة إعتقالنا بعفو رئاسي وبحضور أولياء أمورنا وبتربع فاضل البراك مدير الامن العامة آنذاك منصة اللقاء ليلقي علينا وعلى أولياء أمورنا حجة الوطنية والعمالة ، وصكوك المواطن الصالح .
في شهادتي هذه ومن خلال متابعتي لنشريات صديقي ورفيقي في النضال محمد السعدي ” أبو بيدر” حول كتابيه ” سجين الشعبة الخامسة ”وبيني وبين نفسي ” اللذان أهدانياهما مشكوراً باعتباري كنت جزء من تفاصيل الحدث ، ومما أثارني في توثيق تلك الحدث ما لاحظته من ردود أفعال حول تفاصيل الكتابين والتي تجاوزت من البعض القفز على الحقائق وتقاذفته سمعة الاشاعة ، فتوجبت عليه الأمانة التوضيح والرد.
في صيف عام ١٩٨٧ ألتحقت بفصائل الانصار الشيوعيين في مناطق كرميان ، والتي تواً شهدت أنفراجاً سياسياً وعسكرياً بعد طول أحتراب مع صديق اليوم وعدو الأمس الاتحاد الوطني الكردستاني ”أوك” . وبعد فترة زمنية لا أستطيع حصرها في التجوال والمفارز والنقاشات ، والتي يبدو لي أزعجت البعض عندما كشفت عن حقائقها وجزء من ملابسات الاعتقال واللغط حول البعض وجوهر مواقفهم مما شكل عند البعض نزعة في عزلي عن اللقاءات والحوارات المهمة . في خضم تلك التطورات والتجربة المتواضعة وصل من بغداد ” محمد السعدي ” وكان في مهمة حزبية ، وبحكم علاقة قديمة تمتد لسنوات طويلة في مدينتنا بعقوبة رحب بي بفرح وأمتنان ، وأنا لم أتجرأ في خوض تفاصيل مهمته وعملة الحزبي ، لكني كنت أشاهده في لقاءات طويلة ومستمرة في السير بين تلال القرى وفي بيوتها ودرابينها مع المسؤول الاول في التنظيم طه صفوك ” أبو ناصر ” من العشرة المبشرة في الجنة ومن أرهاصات المؤتمر الرابع للشيوعيين العراقيين عام ١٩٨٥ . وفي أوقات كثيرة وخلال الاستراحات واللقاءات في القرى الكرميانية . أرى محمد السعدي ”لطيف” حاملاً أوراق وقلم وكتاب ويكتب وهو بمظهر أنيق ومرتب وممتليء بالحيوية والنشاط والاعتزاز بالنفس ، وما شاهدته بنفسي كيف كان يتعامل بكبرياء مع بعض الرفاق ، وفي حينها حدثت نفسي ربما يشعر بالزهو في صعوده ونزوله من بغداد الى الجبل في زمن قوة النظام الخارقة . وعندما حانت الفرصة وسألته ؟. قال : هؤلاء مدعيين فقط لايستحقون الاهتمام ، وهم أول من هاجموه عندما ترك مواقع النضال بأتهامات مزيفة وباطلة ، وربما عبرت على السذج . بعد فترة زمنية بلغت ضمن مفرزة أنصارية بأتجاه مقر القاطع في مناطق ” قرداغ ” . وتفاجأت كانوا ضمن المفرزة هو أنا ومحمد السعدي ”لطيف”وطه صفوك ”أبو ناصر” . وصلنا في ليلةً كان القمر فيها مضيئاً الى مقر القاطع ، وكانوا مسؤوليه ”أحمد باني خيلاني ” ومحمد النهر ” والشهيد جوهر . وثمة رفاق من الكادر المدني ” المرحوم سامي الجبوري ” وسلام العكيلي” والشهيد صباح أبو النور . وأنني ألتقيهم للمرة الاولى ، أما محمد السعدي وبحكم عمله السابق وفترة وجوده وعمله في الجبل هناك ود ورفقة وإهتمام به واضحة للعيان . هنا أتسأل وبغرابة عن حجم التلفيقات التي طالت محمد السعدي بعد تركه الجبل وفي الوقت الذي كان يحظى بالاهتمام والتقدير العاليين من الرفاق قبل لحظات من تركه الموقع وتسليمه السلاح وعناق التوديع مع الرفاق ، لو صحت تلك التلفيقات والاشاعات لماذا تركوه أن يخرج وسلاحه معه الى آخر لحظات التوديع ، ولم آراه إلا معتزاً بمواقفه ويتحدى الجميع وفخوراً بسيرته النضالية ؟. في الايام الاخيرة بدأت علاقتي تقترب من محمد السعدي في التشاور والآراء حيث وجدته صاغياً ومستمعاً جداً لآراء وأفكار الآخرين . بعد فترة من مكوثي وهي ليس فترة طويلة بلغت مرة أخرى سوف أعود مع مفرزة ذاهبة الى مناطق ” كرميان ” ودعت الرفاق ، وكان من ضمنهم لطيف ”محمد السعدي” . وأنقطعت أخبارنا الا بحدود تبليغ السلام والسؤال عن أحوال بعضنا عبر رفاق المفارز .
بعد شهور من تواجدي في مناطق ”كرميان” بلغت أيضاً بمفرزة الى مناطق قرداغ وفرحت سوف ألتقي ثانية بالرفاق هناك ، وكان من ضمنهم محمد السعدي ، لكن عند وصولي وبعد فترة أكتشفت هناك خلافات بين محمد السعدي وقيادة التنظيم من خلال حرارة اللقاءات اليومية بين غرف وسطوح مقر القاطع ، وبحكم علاقتي القديمة مع ”محمد السعدي” عرفت منه ولأول مرة هو بأتجاه القطيعة ، لكنه هذا لايظهر للآخرين والقاعدة مزدحمة بالمقاتلين وحركة مفارز ورفاق ربما بحكم علاقة محمد السعدي بالرفاق وخصوصاً كوادر التنظيم المدني ، هنا تعمقت علاقتي أكثر بالرفيق محمد السعدي ، وبدأ يبوح لي ببعض المواقف والاسرار منتقداً عدة تسلكات يعتبرها غريبة على الشيوعيين ، وإدعاء البعض بالعمل الحزبي في الداخل وتنظيمات الداخل حسب وصف محمد السعدي لهم ” لاعلاقة لهم بالداخل وتنظيماته مجرد دعاة ”، لكنه علاقته كانت في أوجها مع المرحوم ”أبو ناصر” ود وحديث يومي . في نهاية عام ١٩٨٧ فاجأني الصديق محمد السعدي ، إنه سوف يترك التنظيم والحزب والكفاح المسلح مع أقرب مفرزة متوجهه بالقرب من الحدود الإيرانية ، وهو مازال يحمل سلاحه بيده ومتمسك بآرائه الصريحة ومعتداً بمواقفه ، وفي تلك اللحظة أنا الذي طلبت منه وبمحض أرادتي أن أرافقه لعدم قناعتي الكاملة في البقاء في الجبل ، وطلبت منه أن يبلغ التنظيم وتحديداً ”أبو ناصر” عن نيتي ، لكن للأسف أستغلت ضد الرفيق ”لطيف”بذريعة هو من ألبني على ترك مواقع النضال ، وللتاريخ أعلن كان القرار بمحض أرادتي لعدم قناعتي بتفاصيل التجربة ، وحاول التنظيم أن يوجه الى ” لطيف ” توبيخ لخرقه التنظيم الحزبي في إبلاغه لي سوف يترك الجبل ، كان يفترض منه وحسب أعتقادهم أن يكون الأمر سراً ويترك الجبل سراً ، لكن هذا ما حدث .
وعندما حانت وقت تحرك المفرزة وفي الدقائق الآخيرة . سلم ”لطيف”سلاحه والامانات التي بحوزته وودع بحزن الرفاق جميعاً ، وكنت معه ، وبدون أية ريبة وشكوك في ذلك الصباح تركنا الموقع مع مفرزة شيوعية تتكون من عشرة رفاق ، وكان في الموقع الشهيد ”عمر أحمد إسماعيل” أحد قياديه منظمة الصدى وزميل الدراسة في الآداب مع محمد السعدي حسب ما روى لي ، فسلم له رسالة وبحكم علاقته بأهل محمد السعدي أن يصلها الى أهله للأطمئنان إنه مازال على قيد الحياة وتحسباً سوف تنقطع الاخبار في حالة دخول الاراضي الإيرانية . هذا ما عشته بالقرب من تلك التجربة بكل أمانه ، لكن الذي صعقني حقاً ، وفعلاً الذي دعاني أعيد النظر في قناعاتي وبالشخوص هو السيناريوهات التي حكيت عن تلك الرحلة لاتنم عن أي مصداقية ولا عاقبة ضمير ، بعد أن تركنا الموقع والتجربة فقط أرادوا لتشويه تاريخ وسمعة مناضلين طبعاً هذه لاتخلوا من مواقف شخصية وتجارب فشل وأنتقام. رافقنا المفرزة التي أنطلقت من مقر القاطع في ”جبل قرداغ ” وبعد ثلاثة ليالي من المخاطر وصلنا الى قرية ”قزلر” وهنا تفارقنا مع الرفاق ، وبلغنا الرفيق سردار أخو الشهيد ياسين مسؤول المفرزة بالتبليغ الحزبي أن ندبر حالنا ، وهذا حدنا معكم ، وحاول محمد السعدي معه أن نرافقهم الى مقر الحزب الحدودي في منطقة ” دولا كوكه ” لكنه أعتذر بتأسف وقال : هذا قرار حزبي وليس بيدي شيء ؟. يومها تحملنا أنا ولطيف ظروف في غاية الصعوبة ، كادت أن تؤدي بحياتنا من كمائن وخطورة الربايا العراقية المنتشرة على القمم الجبلية ، ونحن عزل وبدون أي قطعة سلاح ندافع بها عن نفسنا وعواصف ثلجية مجنونة . وفي نهاية المطاف وصلنا الى موقع رفاقنا ” شيوعيون عراقيون”في سلسلة جبال مناطق”سركلو وبركلوا” الشهيد سامي حركات ورفاقه وتقاسمنا معهم برد الشتاء والخبز اليابس . في ختام رسالتي هذه والتي أضعها أمام كل من يهمه معرفة الحقيقة .. أعيد السؤال وأكرر : لو كان محمد السعدي بهذا التناول الذي أشاعوه حوله . لماذا تركوه أن يخرج من كردستان ولنا فيها سجون ومعتقلات تعذيب ؟؟. هذه شهادتي للتاريخ.
علي خزعل الكرادي