السيادة الوطنية
زهير كاظم عبود
يتم طرح مفهوم السيادة بعد كل تجاوز عسكري على الأراضي العراقية ٬ او التدخل بالشأن الداخلي للعراق ٬ مع ان الأساس القانوني الذي يحكم العلاقات الدولية يقوم على أساس عدم التجاوز على الحدود الوطنية لأى بلد من البلدان ٬ بالإضافة الى عدم التدخل بشؤونها الداخلية باي شكل كان ٬ حيث تعد السيادة ركنا مهما واساسيا من اركان بناء الدولة ولهذا فان عملية التعدي او التجاوز على الأراضي العراقية يعد تعديا على سياسة العراق وتجاوزا على سيادته ٬ كذلك فان التدخل بشؤونه الداخلية يعد خرقا لمبادئ حسن الجوار وتعديا على سيادته الوطنية ٬ وضمن تلك الأفعال التي تقع ضمن طائلة المسؤولية القانونية الدولية وخرقا لمبادئ القانون الدولي ٬ وسببا من الأسباب التي تدعو المنظمة الدولية او المحاكم الدولية اخضاعها للتحقيق والمحاكمة وإصدار القرارات اللازمة التي تشكل رادعا للدولة المعتدية ٬ وعلامة سلبية تضعها في موقف الضعيف والمحرج امام الدول والهيئات الدولية .
والعراق يرسم سياسته الخارجية على أساس ما نصت عليه المادة ( ٨ ) من الدستور العراقي والتي تؤكد علي مراعاة مباديء حسن الجوار وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى الداخلية ٬ كما حدد الدستور اللجوء الى حل النزاعات مع الدول بالوسائل السلمية وعدم اللجوء للحلول العسكرية او اعلان الحرب ٬ كما يؤكد العراق على انه يقيم علاقاته الخارجية مع جميع الدول دون استثناء على أساس المصالح المشتركة والتعامل بالمثل ٬ والمصالح المشتركة بين الدول تعني المنافع المشتركة والروابط التي تتشارك بها ٬ ومن خلال هذه الروابط والمنافع تتعزز العلاقات ويتم التفاهم والانسجام بشكل اكبر مما يجمع العراق بدول أخرى .
وفي جميع الأحوال فان السيادة الوطنية تعني الكرامة والشرف الوطني ٬ والتجاوز وخرق مثل هذه القيم تعني الكثير عند السياسي والمواطن العادي ٬ ما يستوجب ان يكون هناك فعل لكل رد فعل ٬ وهذا الفعل لا يكون بالضرورة باللجوء الى العمل العسكري المواجه للتجاوز او الاعتداء ٬ بل ان اللجوء الى الوسائل السلمية بكل اشكالها والطرق التي ترسمها وصولا للحد وإيقاف هذا الفعل المدان دوليا وانسانيا ٬ وان تتم المحافظة على السيادة والكرامة امام المجتمع الدولي .
والاساس القانوني الذي تقوم به العلاقات بين الدول يستند على احترام السيادة والتفاهم المشترك لإيجاد حلول تنهي الإشكالات القائمة او التي تبرز امامها ٬ وفي جميع الأحوال لا يكون الصمت او تجاوز التعدي وصرف النظر عن صدور أي ردة فعل أي معنى سوي الخنوع والضعف والتردي في السياسة الخارجية .
أساليب التعبير عن حالة ادانة التعدي على السيادة العراقية من اية دولة تتشارك مع العراق بالحدود تأخذ صورا واشكال عديدة ٬ ومثل هذه الصور والأساليب تعكس رسائل سياسية وقانونية امام مسمع وانظار الدول الأخرى والتي تحترم القانون الدولي ٬ ويخلق التعدي علي السيادة العراقية شكلا من اشكال عدم الاطمئنان والقلق خصوصا بعد ان تؤدي بعض الأفعال الى احداث اضرار بأرواح وممتلكات مواطنين مدنيين ٬ او اضعاف مسار العملية السياسية والعمل على تردي سمعتها الدولية خلال التدخل بالشأن الداخلي للعراق .
والتعدي علي السيادة لاياخذ صورة التعدي العسكري او التجاوز على مناطق الحدود او التدخل في الشؤون الداخلية ٬ بل يبرز خلال التعدي المعنوي او توجيه الاعلام الذي يسعى لبث الكراهية وتأجيج الطائفية والحث علي التفرقة والدعوة للقتل باي شكل كان ٬ ويترج هذا الفعل اشكال التحريض المادي والمعنوي التي تضر بسيادة العراق ٬ كما ان الدعم المادي لعمليات الإرهاب والتخريب يشكل جريمة دولية يعاقب عليها القانون الدولي .
الروابط التي تربط الدول متشابكة ومتعددة ٬ غير ان ما يربط العراق بجيرانه اكثر من هذه الروابط المتشابكة ٬ حيث يكون التاريخ والقيم والجغرافية واللغة والدين حاضرة لتزيد هذا التشابك الإنساني لتجعله متينا ومنتجا ٬ وتجعله يحد من أي فعل يضر بسيادة العراق وامنه واقتصاده ٬ مع ان العلاقات الدولية مبنية على أساس التكافؤ والمساواة في العلاقة بين الدول بصرف النظر عن حجمها او عدد سكانها او قدرتها الاقتصادية .
جميع الاعمال العسكرية او السياسية التي تقوم بها عدد من الدول بقصد او دون قصد تخرق وتتجاوز على السيادة العراقية يرصدها القانون الدولي ٬ ويسجلها كتجاوز على احترام سيادة الدول وخرق العلاقات الدولية وتجاوز على المعاهدات التي تحكم تلك العلاقات بين الدول .
واذا كان للدولة والسلطة ومجلس النواب التي تحكم البلاد واجب الحفاظ على سيادة العراق ٬ فان الواجب والضمير يملي عليها ان تترجم هذا الواجب الى أفعال من شانها تترجم موقفها الرافض لمثل هذه الأفعال ٬ وعدم الاكتفاء بخطابات الاستنكار والادانة المعنوي الذي لا يشبع من جوع ٬ والذي تكرر اكثر من مرة دون جدوى ٬ الشارع العراقي يطالب بمواقف ترقى لمستوى رد الاعتبار وان يكون وضعنا القانوني وفقا لدستورنا والقوانين والمعاهدات الدولية التي تلزمنا وتلزم جيراننا ان نحترم بعضنا وان نسلك سياسة حسن الجوار في حال الحفاظ على تلك العلاقات المبنية على المصالح المشتركة .