12 عرضا وندوة فكرية وورش تطبيقية: انطلاق مهرجان المسرح المغربي في تطوان بتكريم 5 وجوه فنية والإعلان عن مضاعفة قيمة الجوائز
بيدر ميديا.."
12 عرضا وندوة فكرية وورش تطبيقية: انطلاق مهرجان المسرح المغربي في تطوان بتكريم 5 وجوه فنية والإعلان عن مضاعفة قيمة الجوائز
تطوان ـ «القدس العربي»: انطلقت مساء الخميس 22 كانون الأول/ديسمبر في مدينة تطوان (شمال المغرب) الدورة الثانية والعشرون من المهرجان الوطني للمسرح الذي تقيمه وزارة الشباب والثقافة والتواصل بالتعاون مع عمالة (محافظة) إقليم تطوان، تحت رعاية العاهل المغربي محمد السادس.
وألقى الوزير محمد المهدي بنسعيد كلمة أثنى فيها على التحسن الذي تشهده هذه التظاهرة المسرحية على مستوى الفعاليات والتنظيم والجوائز التي جرت مضاعفة قيمتها المالية. كما لفت الانتباه إلى الانعكاس الإيجابي للمهرجان على الفرق المسرحية المغربية بالقول إنه «موعد سنوي لا يخلفه المسرحيون بحثا عن التلاقي والتباري الشريف الذي أثمر جوائز في محافل وملتقيات عربية ودولية، وبوأ المُنتَج المسرحي المغربي مكانة رائدة، وأبان عن المستوى العالي للممارسة المسرحية الوطنية في تنوعها وتعدد اختياراتها الفكرية والجمالية».
وشهد حفل الافتتاح أيضا تكريم عدد من الوجوه الفنية التي بصمت حضورا متميزا في مجال التمثيل، وهم: الزوهرة نجوم، إبراهيم خاي، جواد السايح، عبد الكبير الركاكنة، السعدية أزكون.
كما أعلن عن لجنة تحكيم الدورة، برئاسة الكاتب والمخرج المسرحي أحمد أمل، وعضوية المخرجة فاطمة جبيع ومهندسة السينوغرافيا مريم أوعلا والباحث محمد صلو والمخرج والممثل رشيد دواني والمخرج والممثل أيوب العياسي والمخرج عز العرب العلوي.
وعلى مدى أسبوع كامل، تعاين اللجنة 12 عرضا مسرحيا تمثل مدن الرباط والدار البيضاء والحسيمة وخريبكة والزمامرة والسمارة ومكناس. كما يتضمن برنامج الدورة عروضا مسرحية موازية تقدم في مدينتي المضيق والفنيدق، علاوة على عرض مسرحي يقدم لفائدة نزلاء السجن المحلي في مدينة تطوان.
والعروض المتنافسة في الدورة الحالية هي: «شاطارا» لفرقة تفسوين للمسرح، و«Joyeux anniversaire» لفرقة اللمة، و«عنقود الريح» لفرقة أثر للفن والثقافة، و«الممر» لفرقة أوريكا ايفنتس، و«بوتراخي» لفرقة الريف للمسرح الأمازيغي، و«العائد» لفرقة اسباس للثقافة والفنون، و«غيثة» لفرقة أرتيميس للفنون، و«بريندا» لفرقة ذاكرة القدماء ذاكرة مدينة، و«ما تبقى لكم» لفرقة أفروديت، و«الكوميسير الطاهر والمفتش بوعلام» لفرقة (كاين أرت) و«حدائق الأسرار» لفرقة أكون، و«النورس» لفرقة الشامات.
ويلتقي الباحثون والنقاد والطلبة مع ندوة دراسية حول موضوع «البيئة الثقافية والفنية لما بعد الجائحة: بنيات جديدة للإبداع والترويج» ويتضمن الجانب الفكري أيضا تقديم مجموعة من الإصدارات المسرحية الجديدة لكل من محمد بهجاجي وأحمد مسعاية ومحمد لعزيز ورشيد أمحجور وعبد الحق أفندي.
وفي تصريح لـ«القدس العربي» قال إدريس بنيعقوب، مدير الفنون بوزارة الشباب والثقافة والتواصل، إن المهرجان الوطني للمسرح استأنف نشاطه، بعد توقف لمدة عامين بسبب جائحة كورونا. وأضاف أنه خلال الإعداد للدورة الثانية والعشرين، وجد المنظمون التسهيلات الكاملة من لدن السلطات المحلية لمدينة تطوان، باعتبارها شريكا أساسيا في المهرجان. وتابع قائلا: «وجدنا إرادة قوية من لدن الوزير لكي ينظم هذا المهرجان على أحسن حال». وأكد أن المهرجان فرصة للتباري بين الفرق المسرحية من أجل الظفر بإحدى الجوائز، علما بأن البرنامج يتضمن عروضا ذات مستوى جيد جدا؛ بالإضافة إلى تنظيم فعاليات أخرى موازية من بينها الندوات الفكرية والورشات التطبيقية حول التشخيص والارتجال المسرحي والكتابة المسرحية.
أما بخصوص التغييرات التي تحققت، فأشار بنيعقوب إلى أنها تتعلق بالجوائز التي تضاعفت قيمتها المالية، إذ أن الجائزة الكبرى وصلت إلى 100 ألف درهم (9520 دولارا أمريكيا) عوض 50 ألف درهم (4760) التي كانت في الدورات السابقة، كما تضاعفت قيمة باقي الجوائز المتعلقة بالإخراج والنص والسينوغرافيا والتشخيص ذكور وإناث والملابس وجائزة الأمل.
وتابع مدير المهرجان قائلا: «من جديد الدورة أيضا استغلال الفضاء العام الموجود وسط المدينة من أجل تنظيم حفل كبير يشارك فيه أكثر من 80 فنانا، كما سنضع رهن الجمهور بوسط المدينة شاشة كبرى تبث فيها فعاليات الافتتاح والاختتام بشكل مباشر».
وجاء في أرضية الندوة الفكرية للمهرجان أنه «على امتداد سنتين ونيف، رزح العالم تحت وطأة جائحة (كورونا). وعانى كل الفاعلين من تداعياتها في مجالات ومناحي شتى اقتصادية واجتماعية وثقافية… وجاءت آثارها حاسمة وصارمة وشاملة؛ إذ علاوة على فتكها بحياة وبصحة الناس، وثقل كلفة العلاج وصعوبات الاستشفاء، حتمت انقطاعا مميتا في الاتصال والتواصل بين الناس. جل الأعمال والمشاريع والقطاعات آلت إلى الركود.
ومن ملامحها الفظيعة أيضا، ما شهدته القطاعات الثقافية والفنية من احتباس وركود، فقد تعذرت بشكل كلي العروض الفنية الحية وأغلقت كل فضاءات العرض الثقافي والفني (المسارح، المراكز الثقافية، دور الشباب، قاعات السينما، أروقة المعارض الفنية…)
ولاحظت أرضية الندوة أنه حيال هذه الوضعية القاتمة، انقسم المبدعون إلى صنفين رئيسيين: صنف ركن إلى التوقف والانتظار راجيا انفراج الغمة وعودة المياه إلى مجاريها، أو عمد إلى استجداء الدعم والاستياء من غياب أو نقص الدعم المأمول؛ وصنف اجتهد وتدبر وسائل وأدوات تواصلية غير تقليدية، وتأقلم مع الوسائط الرقمية وقنوات التواصل الاجتماعي من أجل تصريف منتجه الثقافي أو إبداعه الفني، والذي هو نفسه، وقع تكييفه مع خصوصيات الحوامل التواصلية، ومع الطبيعة الجديدة للمتلقي (الجمهور) وأيضا مع الشروط الاجتماعية والمادية المستجدة.
وتبعًا لذلك، حفلت الساحة الثقافية والفنية بمبدعين بشروط ومهام جديدة: الأولى تتمثل في المهمة الإبداعية؛ وهي الانشغال المألوف لدى الفنان الذي دأب على ممارسة الإبداع، لكنه بات مطالبا بتكييفه مع شروط اجتماعية وتقنية وتنظيمية قانونية غير مألوفة. أما المهمة الثانية فتمثلت في ترويج الإبداع وفق صيغة جديدة وعبر قنوات غير تقليدية تتطلب مهارات وأدوات ولوازم ومعدات آخذة في التطور.
بينما تتعلق المهمة الثالثة في صناعة جمهور، باعتبار أن صيغة التواصل الجديدة لا تتيح بالضرورة اللقاء مع المتلقي المألوف الذي اعتاد ارتياد المسرح أو قاعة السينما أو الرواق الفني… بل الجمهور المصادف (والمستهدف هذه المرة، هو كل شخص وراء شاشة رقمية أو حاسوب أو هاتف ذكي… ويقاس رد الفعل للعرض الفني بأرقام وأعداد عدد المشاهدات وعدد الإعجاب ) اللايكات وعدد الاشتراكات وعدد المشاطرات وعدد التبليغات… هذه الأعداد والأرقام هي محرار الجودة وميزان النجاح أو خلافه. وحتى بعد انفراج الوضعية، ستبقى مفردات ولغة التواصل الجديدة فارضة ذاتها وستستمر رقما ضروريا سيان في صناعة الفرجة أو في ترويجها وحمايتها؛ حيث إن الخروج من وضعية الاحتباس الفني سيفضي إلى بيئة إبداعية جديدة وشروط للعمل وللممارسة الإبداعية والفنية تستحضر مستلزمات وأدوات لم تكن مألوفة.
كما أن جانبا مهما من عموم الناس، خرجوا، صدفة أو اضطرارا إلى إنتاج وترويج تعابير ومحتويات مختلفة. والكثير منهم استطاع كسب عائدات مالية جراء هذه الممارسة. مما يحذو بهم إلى الاستمرار عليها.
والخلاصة، توضح ورقة الندوة، أن تحولات مشهودة قد استجدت على مستويات مختلفة: شكل وبنية العرض الفني، نسيج المبدعين وعارضي الفرجة، قنوات وحوامل الترويج، بنية الجمهور…
وختمت بالقول «لا مناص من تمثل هذه التحولات في البيئة الفنية من قبل سائر المتدخلين في الإبداع وفي صناعة الفرجة. كما يتعين استحضارها وأخذها بالاعتبار من طرف كل متدخل أو معني بصياغة السياسة الثقافية أو مقاربة الصناعات الإبداعية.»