رجل الأعمال السوري رامي مخلوف ولغة الأرقام… وجزائريون غاضبون من أصالة بسبب «خيط الروح»
بيدر ميديا.."
رجل الأعمال السوري رامي مخلوف ولغة الأرقام… وجزائريون غاضبون من أصالة بسبب «خيط الروح»
لوقت طويل، ظلّ رامي مخلوف، ابن خال رأس النظام السوري بشار الأسد، رجلَ الأعمال السوري الأول، وربما الوحيد. وبرغم اسمه الساطع، بقيت صورته، وصوته كذلك، بعيدين عن الإعلام. صوره القليلة، حينذاك، تذكّر بهؤلاء الرجال الغامضين، ثواراً كانوا أم مافيا، الذين لا يعرف لهم سوى صورة قديمة غير معروف زمنها أو ملتقطها.
ومهما كانت صورته عند السوريين، سواء ممن يؤمنون بأنه ليس سوى واجهة مالية لعائلة الأسد، جابي ضرائب، أو شريك حقيقي،.. لا بدّ أنهم تخيلوا رجلاً غارقاً بعالم الحسابات والأرقام، فحتى لو كان مجرد محاسب، لا بدّ أن يكون قد مرّ ولو بدورة محاسبة تدريبية في معهد ما، وأكيد سيكون النظام السوري قد اختار من بين شبيحته من له عقل حسابات وأرقام، فالطغاة والمتوحشون لهم عقولهم وشياطينهم المبدعة أيضاً، لا شك.
مع إطلالاته الأخيرة، بعد «الانشقاق»، يعيش السوريون فصلاً نادراً من فصول الذهول، عندما انكشف الرجل الغامض، بسلامته، عن أبله، يبدو مرة أقرب إلى مشعوذ، ومرة شيخاً مسكيناً، وفي سواها مدعياً للنبوة، أو للثورية، وصاحب اليد البيضاء.
لكن مهما اختلف السوريون يستحيل أنهم كانوا يتخيلون أن لغة أرقام رامي مخلوف هي طلاسم خاصة بالشعوذة والحُجب.
قال بشار في أحد خطاباته: «أنا دائماً أقول سوريا الله حاميها»، فـ«انطرشت» الحيطان والشوارع والساحات والبنايات والباصات والمدارس وأشجار السرو والتكاسي الصفر بعبارة «سوريا الله حاميها»!
في ظهوره الأخير، قبل أسبوع، يحاول مخلوف إثبات نبوءته بالأرقام، عندما كتب على فيسبوك يَعِدُ السوريين بـ«حدث سيبهر من شدة عظمته ثم يليه انفراجات عجيبة متتالية، وتبدأ المساعدات تتدفق على سوريا والسوريين من كل أرجاء الأرض، يرافقها أصوات دولية تنادي بإيقاف معاناة السوريين فتُرفع العقوبات، ويعود المهجّرون، وتُعاد العلاقات الدبلوماسية العربية والإقليمية والدولية، ويُغلق الملف السوري بسلام».
إذ يقول: «فمن عِلم الأرقام سنة 2023 توافق حروف أسماء معينة تتقاطع في هذه السنة الفردية التي فيها أفول أسماء وظهور أسماء وكلها قيمتها العددية 23. والأيام القادمة كفيلة أن تظهر مضمون هذا الكلام. فسنة 2023 هي سنة سوريا بامتياز (والله أعلم). ولننتظر الأسابيع القليلة القادمة هل ستتوافق مع هذه الحسابات أم لا؟ وهل رؤيتنا للأحداث صادقة أم هي أضغاث أحلام؟».
وما دام الرجل يمثل نظاماً بأسره، كما يمثل «العيلة بالكيلة»، لمَ استبعاد أن يكون هؤلاء من خلفه على القدر نفسه من البلاهة. هل كانت خطابات بشار الأسد أقل بلاهة من طلاسم وفذلكات مخلوف؟ أتذكرون تلك العبارة التي ختم بها خطاباً عندما قال: «أنا دائماً أقول سوريا الله حاميها»، فـ«انطرشت» الحيطان والشوارع والساحات والبنايات والباصات والمدارس وأشجار السرو والتكاسي الصفر بعبارة «سوريا الله حاميها»!
ليس رامي مخلوف وحده.
ليس بشار الأسد. إنها سوريا- الأسد برمتها.
سوريا التي لم تكن تحتاج إلى أرقام الرياضيات والاقتصاد والبيانات الدقيقة لتصل إلى هنا. رامي لم يصل إلى ما وصل إليه بالمصادفة. فهو استمرار لنفسه، وليس انقلاباً عليها.
جزائريون ومغاربة على خطوط التماس
مضحكة معارك السوشال ميديا بين جزائريين ومغاربة هذه الأيام، مع العلم أنك عندما تلتقي أهل البلدين هنا في فرنسا، تجد أنهم لا يحملون سوى المودة والتمنيات بأن يكون الوئام مصير البلدين. لكن ربما كان ذلك لأنهم ليسوا تحت سطوة مباشرة لإعلام البلدين.
تضحك أمام آخر المعارك بخصوص حليّ ارتدته المغنية السورية أصالة وهي تقدم أغنية وكليب جديد باللهجة المغربية. الجزائريون يقولون إن ذلك الحلي الذي تضعها على جبينها ما هو إلا جزائري (اسمه خيط الروح)، فيما تنسبه أصالة، لمجرد غنائها معه بالمغربية، إلى المغرب. يقولون، بصريح العبارة، إنها تسطو على تراث جزائري لصالح المغرب.
هو الجو المحتقن دائماً بين أي بلدين تضعهما السلطة الحاكمة على خطوط التماس، على جبهات حرب.
يتعارك الناس، المثقفون، سكان الميديا الاجتماعية، فيما يعقد المغرب صلحاً وتطبيعاً مخجلاً مع إسرائيل، وتقيم الجزائر أفضل العلاقات مع روسيا، وإيران.
يحدث مثل هذا الشيء بين أرقى الدول، شهدنا مثل هذه الاحتدام حتى بين الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا في حقبة ما، عندما شن بعض أبناء البلدين الحرب على أبسط الرموز، الكليشيهات التي تعبر عن ثقافة البلدين وتختصرهما. لم يتورعوا عن تكسير قناني النبيذ الفرنسية، أو إهانة «الفرنش فرايز»، لم يتوقف إعلام البلدين عن التحريض والسخرية وبث الضغائن.
يتعارك الناس، المثقفون، سكان الميديا الاجتماعية، فيما يعقد المغرب صلحاً وتطبيعاً مخجلاً مع إسرائيل، وتقيم الجزائر أفضل العلاقات مع روسيا، وإيران، ولا تتعب من بذل جهود استثنئاية في محاولات إعادة نظام الأسد إلى الحظيرة العربية. التطبيع مسموح فقط باتجاه إسرائيل وإيران.
ليس من حق الشعبين الشقيقين القريبين الاستمتاع بعبور آمن وهادئ للحدود.