علي حسين
الوطن أولاً.. قالها عظيم الفرنسيين فولتير، وأعتذر للقرّاء الأعزاء، عن كثرة الاقتباسات من الكتب وصدع رؤوسكم بالتفلسف، وكان غريمه جان جاك روسو يجد أن الدولة العادلة هي التي تحترم قيمة الحياة، عاش فولتير مطارداً، ومثله روسو، لكن بعد سنوات حمل رجال الثورة توابيت روسو وفولتير على الأعناق ليُدفنوا في مقبرة العظماء .
نقرأ فولتير فنرى كيف تتقدم الأمم وكيف أننا لا نزال “محلك سر”. وإذا قمنا فلكي يشتم بعضنا البعض. دائماً محملين بأطنان من الأكاذيب وأكوام الخطب. واصرار يشيعه البعض من اجل السبات في الجهل والتخلّف والطائفية .
ظل فولتير يرفع شعار “لا” لجميع أنواع الضغينة والخراب، فقد ولد الإنسان حراً ليس من أجل أن يصبح رهينة لمفاهيم حمقاء، أو لأشخاص ناقصي الخبرة والإنسانية.
منذ أن انطلقت فعاليات خليجي 25 المبهرة والمبهجة، تدور معركة على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي حول تسمية الخليج العربي، وقد دلني موقع تويتر مشكوراً على أشخاص تحولوا بقدرة قادر إلى خبراء في التاريخ والجغرافيا، ومن يختلف معهم فهو بعثي ويجب طرده من جنة العراق الجديد!!، ولهذا كان لا بد لبعض المدونيين من أن يسخروا من تسمية الخليج العربي ويتهمون من ينادي بهذا الاسم بأنه عميل للاستعمار، أما كيف؟ فهذه وحدها تحتاج إلى أن يُقدّم هؤلاء المدونيين اللطفاء والظرفاء إلى القضاء بتهمة الإساءة لبلاد بحجم العراق .
قد نختلف أنا وأنت في تقييمنا للوضع السياسي ولما يجري في العراق خلال السنوات الماضية، لكن لا يمكن أن نختلف على أنّ العراق يمثل جوهرة الخضارة البشرية .
منذ عقود وحكوماتنا “الرشيدة” سخّفت موضوعة الوطنية، فلم يعد لها قيمة، ووجدنا من يسخر من العلَم ومن النشيد الوطني، وعشنا الموقف الدرامي الذي قدّمه لنا قبل سنوات المواطن البرازيلي ماجد النصراوي أيام كان محافظاً للبصرة، عندما رفض سماع النشيد الوطني العراقي بسبب استخدام الآلات الموسيقية، اعتقاداً منه أنها تسبب الضرر لعقيدته الدينية !
أرادت بعض الأحزاب السياسية أن يمشي العراقيون خلف شعارات التناحر الطائفي والتشتت، وأصرت على أن ترفع جميع أعلام دول الجوار نكاية بالعلم الوطني، فلماذا نتعجب عندما يشتم مدون “لطيف” وخفيف كل الذين يصرون على تسمية الخليج العربي أو بحر البصرة؟.
كان العراقيون ينتظرون نهاية حقبة الدكتاتورية، كي يخرجوا إلى النور، فقد أرهقتهم حروب صدام ومغامراته العبثية، فإذا بهم يجدون أن الوطن يراد له ان يُخطف من قبل البعض ممن يعتقدون أنهم الأوصياء على أحوال الأمة والعباد.
وأعود إلى فولتير لأجده يخبرنا أن الخطر الحقيقي الذي يطيح بالبلدان هو الجهل ، حيث تجد الناس ان البعض يحاولون أن يحققوا من خلال التزييف الحد الأقصى من الأرباح والمنافع الشخصية .