غدر الحبيب مؤلم وموجع … قد يهزم المرأة مهما كانت شهرتها أو منصبها أو ثقافتها أو خلفيتها. إنه وجع يطال القلب ويعصف في أعماقه ويهدم كل الأحلام المنشودة. ولكل امرأة طريقتها بمداواة قلبها، منا من يتمرد على الآلام ويحطم كل المرايا التي تستبيح شفافية الجراح وعمقها. يعقمها بصمت ثم يطير مع أول قافلة طيور تمر ويحلق بعيدا. ومنا من يكتب عن تلك الآلام ليشفى منها مواسيا نفسه بوقع الكلمات فيخبر الحبيب بأن قوته مستمدة من ذلك الحب، وبأنه لن يكون بعد الفراق إلا مجرد فاكهة جافة وحيدة وقعت من حضن شجرة. وقد نذهب إلى أبعد من ذلك، من باب تعزية النفس، مؤكدين له بأنه سيعاني من الوحدة القاتلة لأن المارة لا تلفتهم الثمار المرمية على الأرض بل تغريهم تلك المدللة والوفية والمتعلقة في الأغصان. نحاول إقناعه من بعيد بأن الحب يصنعنا ويسحقنا، وبأننا لن نعود له، مع أنه لم يطلب منا العودة، لأن الشجرة لا تنحني لتعلق ثمارها التي وقعت منها على غفلة.
ومنا من يقتلها الحب كما قتل ليلى معشوقة قيس، فبعض الروايات تؤكد أنها ماتت من شدة حسرة قلبها على فراقه. وقد يصل بنا هجر الحبيب إلى الجنون والبحث عنه في الشوارع كما حصل مع امرأة لبنانية كانت تبحث عن حبيبها أحمد عارية، بعد أن جننها الحب، لتنتشر قصتها على مواقع التواصل الاجتماعي كالنار في الهشيم.
ومنا من تقرر أن تتحدى الحبيب وقد تستخدم قوتها ومهنتها وقدراتها وعلاقاتها لترد له الصاع صاعين. هكذا جاءت ردة فعل شاكيرا المغنية الكولومبية ذات الأصول اللبنانية بعد أن تركها زوجها لاعب نادي برشلونة صاحب الشعبية الواسعة حول العالم جيرارد بيكه ليرتبط بامرأة أخرى في أوائل العشرينيات من عمرها.
لقد انتقمت شاكيرا من زوجها السابق وشفت غليلها من خلال أغنية اختارت كلماتها بعناية جيدة لتنال من بيكيه وحبيبته الجديدة كلارا. وبعض ما جاء في الأغنية:
«أنا أساوي امرأتين تبلغان من العمر 22 سنة» لتشير بذلك إلى عمر كلارا.
ثم تضيف»ذئبة مثلي ليست للمبتدئين … أتمنى لك التوفيق مع من يسمى بديلي». كما تتضمن الأغنية عبارات ربما اعتقدت بأنها سترفع من شأنها ولكنها أساءت بها لنفسها وللمرأة عموما خصوصا حين قالت لقد استبدلت توينغو بسيارة فيراري… لن أعود حتى لو بكيت وتوسلت إليّ … لقد استبدلت رولكس بساعة كاسيو.
قد تكون هذه الأغنية مسيئة لعدد كبير من النساء اللواتي ناضلن وحاربن عبر الزمن في سبيل ترسيخ كيانهن واحترامهن للذات، فكلمات الأغنية تشيّء المرأة وتعلبها داخل إطار من المقارنات السطحية والمادية. ولكن لكل فهمه وطريقته في التعبير، وقد نجحت شاكيرا بإثارة حفيظة حبيبها السابق وشركة كاسيو معا إذ ظهر ذلك بعد أن أطل بيكه وهو يرتدي ساعة كاسيو كدعاية كرد واضح على شاكيرا. وكتبت الشركة في بيان لها بعد أن شعرت بأن الأخيرة قللت من شأنها: قد لا نكون رولكس ولكن من الواضح أن عملاءنا مخلصون لنا.
ولا ندري ما إذا كانت الشركة تقصد بذلك تلميحأ مبطنا إلى عدم إخلاص بيكيه لشاكيرا كنوع من القصف المضاد. وواصلت الشركة هجومها المركز على شاكيرا مرة أخرى وبحدة أكبر مضيفة:
«شاكيرا إن بطاريات ساعات كاسيو تدوم أكثر من علاقتك ببيكيه».
أما شركة رينو الفرنسية لصناعة السيارات فلم تطبق مثل «العروس للعريس والجري للمتاعيس» بل دخلت الحرب بذكاء واستغلت كلمات الأغنية لتروج لسيارتها توينغو التي طبعت عليها رقم 22… و»فخار يكسر بعضو»!
لا نعرف إن كانت شاكيرا وبعد إطلاق الأغنية قد لاقت شيئا من الراحة النفسية أو السلام الداخلي أو التعزية من ذلك الجرح الكبير. ولكن أغنيتها لاقت نجاحا باهرا وحققت أرقاما قياسية في نسبة المشاهدات التي وصلت إلى 71 مليون مشاهدة في يوم واحد، ثم تخطت بعد ذلك 122 مليون لتصبح الأغنية الأكثر مشاهدة على المنصات.
ويبقى السؤال هل النجاح ينسينا الألم؟
قد لا ننسى ولكنه حتما يخفف من حدته ويعيد لنا شيئا من الفرح المسروق.

أحبّ الدنيا بآلامها فأحبته!

ومن حب شاكيرا وبيكيه إلى قصة حب أخرى تفوق الوصف وقد ضجت بها وسائل التواصل الاجتماعي وتفاعل معها روادها… حب لا مثيل له… قصة نشرتها صفحة جعفر توك على فيسبوك. إنها عليا الشمعة امرأة تعمل ممرضة وتبلغ من العمر 32 سنة وقعت في حب جمال وهو شاب طموح يعمل، على الرغم من شلله، في وزارة الشوؤن الاجتماعية. لقد حارب الجميع علاقتهما ولكنها أصرت بأن الحب هو المعجزة الحقيقية، وأكدت أنها «يداه ورجلاه» وكل ما يسعدها في هذه الدنيا.
لقد تعرض جمال في مراهقته لحادث سبب له شللا ربعيا أفقده القدرة على المشي. ومع ذلك قرر أن يتحدى وجعه وضعفه فأنبت من ضعفه قوة ومن وجعه فرحا وحبا. مع الأيام أصبح كرسيه، وبشكل تدريجي، صديقه وقوته. ولأنه أحب الحياة بشدة لم تترد هي الأخرى بمحبته. هكذا التقى خلال رحلة بحبيبته التي وقع في غرامها من النظرة الأولى، وهي أيضا أعجبت به وقالت لصديقاتها:
ما أجمل ذلك الشاب الذي يجلس على الكرسي!
رغم رفض العائلة لتلك العلاقة في بدايتها إلا أن جمال استطاع أن يثبت للجميع بأنه قادر على تحقيق كل أحلام عليا … لم يكن لطموحه حد، هكذا كسب محبة وثقة العائلة. إنه الحب صانع المعجزات والقادر على كل شيء، ولن يبقى سواه.

*كاتبة لبنانية