لماذا لم تشمل فرحة الفوز بكأس الخليج العربي كل العراق؟
هل نكذب على أنفسنا؟ نعم، ما حدث البارحة من فوز لمنتخبنا الوطني بكأس الخليج العربي 25، هو أمر جيد، نأمل أن يكون بداية استعادة شاملة وسريعة للوعي الوطني العراقي التي غيبها التضليل الطائفي السلطوي، ولكن لنكن صريحين، ونعترف بأنها لم تكن فرحة شاملة للعراق الجغرافي كما عرفناه، وبذلك الزخم القوي الذي تمنيناه. لقد ظهرت ندوب وكدمات التخندق الطائفي والقومي التي أنتجها نظام حكم الطائفية السياسية الذي جاء به الاحتلال الأميركي ودعمته وروجت له المرجعيات الطائفية المحلية!
لنكن صريحين، فمدن محافظات الإقليم الثلاث شمالا – باستثناء تظاهرة سيارات حاشدة في السليمانية- ومحافظة صلاح الدين باستثناء شباب مدينة سامراء ومحافظة الأنبار باستثناء تظاهرة في شوارع الرمادي، باستثناء ما ذكرنا هنا، فلم تكن هناك مشاركة واسعة وملحوظة في مظاهر الفرح التي اجتاحت محافظات الوسط والجنوب والعاصمة. تحية محبة للوطنين العراقيين في الرمادي والموصل وسامراء والسليمانية، الذين قفزوا على جراح التخندقات الطائفية وقبضوا على جمر الثوابت الوطنية!
*ولنكن صريحين، فالسوط القومي الفارسي “الإيراني” أثبت جدواه وفاعليته وتنكرت غالبية الساسة والإعلاميين المشتغلين في أجهزة الإعلام الحكومي والحزبي والمليشياوي لعروبة الخليج وغاب اسم البطولة الرسمي “كأس الخليج العربي 25” إلى “خليجي 25″ وقد تساوى في ذلك الحلبوسي والسوداني والمالكي والعامري وقناة البزاز وقناة الجزيرة الإخوانية أما إعلاميو ” قناة العراقية” فقد فاقوا الجميع في بؤسهم وتبعيتهم، وكان بعضهم إذا زل لسانه وذكر اسم “الخليج العربي” عاد مذعورا وصحح زلته في جملة لاحقة!
*أما السوداني فرغم أنه عاد واستعمل اسم “الخليج العربي” في مقابلته مع قناة “دوتشه فيله” الألمانية، وبعد أن عدَّل اسم الخليج العربي الذي قاله في خطاب افتتاح البطولة، ولكنه توقف لاحقا عن استعمال الاسم ولم يعد إليه كما توقعنا بالضبط!
*الطريف والمعبر هو أن حاملي السوط القومي الفارسي الأوائل، والذين بدأوا هذه الحملة الضارية ضد البطولة الخليجية العربية في بصرة العراق، بعد صمت دام نصف قرن، كانوا من الإيرانيين غير الفرس بل من المتفرسين كما يتبين من أسمائهم ومنهم مثلا الناطق باسم الخارجية ناصر كنعاني وهو من أصول عربية والنائب ولي الله بياتي من أصول تركمانية كما يؤكد لقبهما.
*أما الذين أخرِجوا من المشهد الحكومي أو اضطروا إلى الخروج فقد ثبتوا على موقفهم، وأصروا – كما فعل السيد الصدر- على تسمية البطولة باسمها الرسمي “كأس الخليج العربي 25” في تحدٍ شجاع للغطرسة القومية الفارسية لدى حكام طهران؛ هؤلاء الحكام الذين تخلوا عن اسم بلادهم “بلاد فارس” منذ سنة 1935 واستبدلوه باسم “إيران” ولكنهم يصرون على تسمية الخليج العربي بالاسم الفارسي في عهد جمهوريتهم الإسلامية، ويرفضون أي حلول وسط في هذا الخصوص!
خلاصة القول: لا يمكن أن يعود العراق والعراقيون إلى الفرح الجماعي الشامل إلا بزوال العامل الذي مزقهم وقسمهم حسب هوياتهم الفرعية الطائفية والعرقية وهذا العامل الذي يجب أن يزول هو حكم الطائفية السياسية ودستوره المكوناتي المدمِّر!
و #لاحل_إلابحلها
*أعتذر – من باب الحِيطة والتحفظ – عن عدم ذكر أي تظاهرات فرح أخرى، في حال وجودها، ولم أطلع عليها حتى الآن في المناطق الغربية والشمالية.