الفرس القدماء كانوا يسمون الخليج العربي “ورئي تاجيكان” أي بحيرة العرب
علاء اللامي*
الفرس القدماء كانوا يسمون الخليج العربي “ورئي تاجيكان” أي بحيرة العرب، أما بحر فارس فهو ليس الخليج العربي، والجغرافيون العرب قبل الجغرافي الفارسي ابن رستة لم يسموا الخليج بالخليج الفارسي قط! فقرات من حلقة جديدة من سلسلة مقالات للمؤرخ د. سيار الجميل بهدف الاطلاع على وجهات نظر أخرى ومختلفة حول الموضوع وسأتبع بعض الفقرات بتعليقاتي عند الضرورة… الفقرات:
* “سأحاول الكشف عن الموقف من اسم الخليج في العصور الوسطى من خلال ما فعله البعض من الجغرافيين البلدانيين الفرس الذين كتبوا مآثرهم باللغة العربية، ولكنهم أساءوا جدا في تسمية الخليج العربي ببحر فارس، وثمة تفسيرات تقول بأنهم قصدوا ببحر فارس غير هذا الخليج، ولكن منهم انتشرت التسمية الى كل العالم بعيدا عن حقائق عروبته منذ القدم أو حقيقة سومريته من القدم الأقدم … دعونا نعالج هذا “الموضوع ” على مهل:”
-تعليقي: يأخذ د. سيار الجميل بمصطلح “العصور الوسطى” وهذا مصطلح خاص بالتأريخ الأوروبي وفق المنهج “الأورومركزي” ويعني عصور التخلف والظلام التي سادت أوروبا بين القرنين الخامس والرابع عشر قبل أن تبدأ نهضتها الكبرى في القرون التالية، أما في التاريخ العربي والصيني والهندي فلا توجد “عصور وسطى” متخلفة تقابلها في هذا الأوان، لأن هذه الأصقاع كانت في أوج ازدهارها الحضاري في هذه العصور؛ ونعلم أن الرشيد العباسي وأبناءه وأحفاده الأقربين عاشوا بدءا من القرن التاسع الميلادي فما بعده، وفي الصين كانت مظاهر الحضارة في ذروتها حيث تمكنت سلالة سونغ الحاكمة من إعادة توحيد الصين في دولة واحدة سنة 979 م، وقد تزامن ذلك مع صعود الدولة الفاطمية في مصر، أما في أوروبا في هذا القرن والذي يليه فكانت عصابات الفايكنغ الهمجية الدموية تحول أوروبا الى رماد وخرائب بين أواخر القرن الثامن وحتى القرن الحادي عشر (793-1066) والحروب الطائفية والاقطاعية تعصف بأرجائها. ع.ل.
*إن أول من سماه “الخليج الفارسي” ابن رستة عام 290هـ، وهو جغرافي فارسي، من أهل أصفهان. بمعنى أن ابن رستة قد سنَّ “التسمية”، إذ لم نقع على تسمية كهذه من قبله قطّ. وبناء عليه، فقد وجدناها تتسرب إلى الثقافة العربية القديمة أولاً، ونجدها قد تسربت إلى الغرب ثانياً.
* لماذا تحوّلت التسمية من “بحر” إلى “خليج”؟ وهل كان السابقون يقصدون الخليج العربي أصلًا؟ في العام 500هـ أطلق ابن البلخي “درياي بارس” بحر فارس)، ولم يقصد الخليج المومأ إليه أصلًا! وفي العام 605هـ سماه الجغرافي المولود في مدينة طوس محمد بن نجيب البكران الخراساني “بحر بارس” بحر فارس، وهو كما أعتقد لم يقصد الخليج العربي أصلًا! وفي العام 625هـ سماه ياقوت الحموي “بحر فارس”، وهو ينقل معلوماته عن الآخرين بصدد الخليج المشار إليه من دون أن ينتبه إلى المفارقة الجغرافية.
*وفي القرن الثامن الهجري، ذكر حمد الله المستوفي (جغرافي ورحالة وموسوعي وأديب فارسي، توفي سنة 1349 م) الامتداد البحري من السند وحتى عمان جزءاً من بحر فارس. وبناء عليه، فإن المستوفي هو الأصوب والأشد مطابقة للجغرافية من الآخرين بعد مقارنته بما قالوه! (توضيح: أي أن حمد الله المستوفي يقصد ببحر فارس ذلك الامتداد الشاسع من السِّند إلى عُمان وليس الخليج العربي.ع.ل).
*ويؤكد لنا ذلك ابن الفقيه في القرن الثالث الهجري عندما قال إن بحر فارس متصل ببحر الهند (المحيط الهندي.ع.ل) وهما بحر واحد، بمعنى إنه لم يقصد الخليج العربي أصلًا، فالخليج لا يتصل ببحر الهند البتة. أمّا ابن رسته، فقد قال إن بحر فارس شعبة من المحيط الهندي. هنا يتأكد لنا جغرافيًا أن ابن رستة قد قصد أحد بحار المحيط الهندي؛ أي الأقرب إلى الهند منه إلى العرب أو بلاد فارس!
* كذلك وصفه الأصطخري عام 340ه، وبزرك بن شهريار رامهرمزي عام 342ه، ومحمد بن أحمد المقدسي في عام 375هـ بخليج فارس هنا نتساءل: كيف تحوّلت التسمية من “بحر” إلى “خليج”؟ وهل كان يُقصد ببحر فارس الخليج الذي يعنينا أمره جغرافيًا؟
*يؤكد ذلك الأصطخري (نسبة إلى مدينته أصطخر جنوب إيران الحالية، توفي سنة 957م) عندما اعتقد أن بحر فارس يمتد حتى الهند، علماً أن البحار العربية، وخاصة البحر العربي، متصلة بالمحيط الهندي بحر الهند، وليس الخليج العربي بالذات.
*أمّا ابن البلخي (جغرافي ومؤرخ من القرن 12 من مدينة بلخ بأفغانستان)، فقد قال إن بحر فارس جزء من البحر الأخضر، ولم أجد هذه التسمية عند الإغريق ولا عند العرب ولا عند الفرس.
*ثم يأتي الإدريسي بعد ذلك ليسمّي البحر الأخضر بحر فارس، وقال إنه متصل ببحر الصين. بمعنى إن بحر فارس هو غير الخليج العربي مطلقًا، فأين الخليج العربي من بحر الصين؟
*وعدَّ ياقوت الحموي بحر فارس شعبة من بحر الهند الأعظم أي المحيط الهندي.
*كما يمكن تتبع ظهور اسم “بحر البصرة” إلى مرحلة الفتح الإسلامي؛ وقد استخدم هذا الاسم العديد من الجغرافيين والمؤرخين والمؤلفين العرب مثل ياقوت الحموي، وخليفة بن خياط، والخليل بن أحمد الفراهيدي. وفي عصر الخلافة العباسية، ظهر اسم آخر للخليج العربي وهو “خليج العراق” الذي كان يستخدم إلى جانب اسم “الخليج العربي”.
* أمّا في الأدبيات الفارسية، فقد ذكر نقلاً عن حمزة أن اسمه بالفارسية زاره كامسير، بحر كامسير)، واسمه المحلي قرب مهروبان “زراه أفرنك” بحر أفرنغ. وهذا يدل على أن البحر الواقع جنوبي إيران لم يكن له في القديم اسم واحد، وكان يسمى في كل نقطة من نقاط الساحل باسم تلك النقطة؛ مثل بحر مكران وبحر كرمان، لتسمية المياه الساحلية في هاتين الحالتين.
*الفرس القدماء اسموه بـ ” بحيرة العرب ” !: إن المصادر الإيرانية القديمة لم تطلق تسمية بحر فارس على الخليج العربي قطّ؛ ففي جزء من مخطوط يعود إلى العصر الساساني ذكر اسم المياه الساحلية التي هي جزء من الحيرة أحياناً باسم “مياه حجر أو هجر الساحلية”، فالتسمية عربية أساساً عند الإيرانيين في موروثهم القديم. ومما يؤكد ما توصلنا إليه أنه في عصر شابور بن أردشير، وحكم مهرزاد مرزيان في الحيرة، والحيرة كما نعرف كانت عاصمة عربية للمناذرة في العراق، كان الخليج العربي يُسمّى بحيرة العرب “ورئي تاجيكان”، وفي كتاب زند وهومن يسن سُميت مياه البحرين الساحلية بهران بحران).
-تعليقي: كلمة “تاجيكان” باللغة الفارسية صيغة جمع تعني العرب، وجذر هذه الكلمة من تازي، أي عربي، مأخوذة من النسبة “طائي”، نسبة الى قبيلة طيء العربية الكبيرة والتي كانت في حجمها أقرب الى شعب متوسط الحجم، وكان الفرس قديما يطلقون على كل عربي طائي أو تايجي أو تازي حتى صارت علماً لهم عند الفرس، وعنهم أخذ الصينيون هذه الكلمة “تازي” وأطلقوها على العرب كما ذكر الراحل هادي العلوي في كتابه ” المستطرف الصيني”.
*رابط يحيل الى مقالة د. الجميل في المصدر، وهناك في أسفل المقالة عدة مقالات للكاتب وهي مفيدة وجديرة بالقراءة:
* “سأحاول الكشف عن الموقف من اسم الخليج في العصور الوسطى من خلال ما فعله البعض من الجغرافيين البلدانيين الفرس الذين كتبوا مآثرهم باللغة العربية، ولكنهم أساءوا جدا في تسمية الخليج العربي ببحر فارس، وثمة تفسيرات تقول بأنهم قصدوا ببحر فارس غير هذا الخليج، ولكن منهم انتشرت التسمية الى كل العالم بعيدا عن حقائق عروبته منذ القدم أو حقيقة سومريته من القدم الأقدم … دعونا نعالج هذا “الموضوع ” على مهل:”
-تعليقي: يأخذ د. سيار الجميل بمصطلح “العصور الوسطى” وهذا مصطلح خاص بالتأريخ الأوروبي وفق المنهج “الأورومركزي” ويعني عصور التخلف والظلام التي سادت أوروبا بين القرنين الخامس والرابع عشر قبل أن تبدأ نهضتها الكبرى في القرون التالية، أما في التاريخ العربي والصيني والهندي فلا توجد “عصور وسطى” متخلفة تقابلها في هذا الأوان، لأن هذه الأصقاع كانت في أوج ازدهارها الحضاري في هذه العصور؛ ونعلم أن الرشيد العباسي وأبناءه وأحفاده الأقربين عاشوا بدءا من القرن التاسع الميلادي فما بعده، وفي الصين كانت مظاهر الحضارة في ذروتها حيث تمكنت سلالة سونغ الحاكمة من إعادة توحيد الصين في دولة واحدة سنة 979 م، وقد تزامن ذلك مع صعود الدولة الفاطمية في مصر، أما في أوروبا في هذا القرن والذي يليه فكانت عصابات الفايكنغ الهمجية الدموية تحول أوروبا الى رماد وخرائب بين أواخر القرن الثامن وحتى القرن الحادي عشر (793-1066) والحروب الطائفية والاقطاعية تعصف بأرجائها. ع.ل.
*إن أول من سماه “الخليج الفارسي” ابن رستة عام 290هـ، وهو جغرافي فارسي، من أهل أصفهان. بمعنى أن ابن رستة قد سنَّ “التسمية”، إذ لم نقع على تسمية كهذه من قبله قطّ. وبناء عليه، فقد وجدناها تتسرب إلى الثقافة العربية القديمة أولاً، ونجدها قد تسربت إلى الغرب ثانياً.
* لماذا تحوّلت التسمية من “بحر” إلى “خليج”؟ وهل كان السابقون يقصدون الخليج العربي أصلًا؟ في العام 500هـ أطلق ابن البلخي “درياي بارس” بحر فارس)، ولم يقصد الخليج المومأ إليه أصلًا! وفي العام 605هـ سماه الجغرافي المولود في مدينة طوس محمد بن نجيب البكران الخراساني “بحر بارس” بحر فارس، وهو كما أعتقد لم يقصد الخليج العربي أصلًا! وفي العام 625هـ سماه ياقوت الحموي “بحر فارس”، وهو ينقل معلوماته عن الآخرين بصدد الخليج المشار إليه من دون أن ينتبه إلى المفارقة الجغرافية.
*وفي القرن الثامن الهجري، ذكر حمد الله المستوفي (جغرافي ورحالة وموسوعي وأديب فارسي، توفي سنة 1349 م) الامتداد البحري من السند وحتى عمان جزءاً من بحر فارس. وبناء عليه، فإن المستوفي هو الأصوب والأشد مطابقة للجغرافية من الآخرين بعد مقارنته بما قالوه! (توضيح: أي أن حمد الله المستوفي يقصد ببحر فارس ذلك الامتداد الشاسع من السِّند إلى عُمان وليس الخليج العربي.ع.ل).
*ويؤكد لنا ذلك ابن الفقيه في القرن الثالث الهجري عندما قال إن بحر فارس متصل ببحر الهند (المحيط الهندي.ع.ل) وهما بحر واحد، بمعنى إنه لم يقصد الخليج العربي أصلًا، فالخليج لا يتصل ببحر الهند البتة. أمّا ابن رسته، فقد قال إن بحر فارس شعبة من المحيط الهندي. هنا يتأكد لنا جغرافيًا أن ابن رستة قد قصد أحد بحار المحيط الهندي؛ أي الأقرب إلى الهند منه إلى العرب أو بلاد فارس!
* كذلك وصفه الأصطخري عام 340ه، وبزرك بن شهريار رامهرمزي عام 342ه، ومحمد بن أحمد المقدسي في عام 375هـ بخليج فارس هنا نتساءل: كيف تحوّلت التسمية من “بحر” إلى “خليج”؟ وهل كان يُقصد ببحر فارس الخليج الذي يعنينا أمره جغرافيًا؟
*يؤكد ذلك الأصطخري (نسبة إلى مدينته أصطخر جنوب إيران الحالية، توفي سنة 957م) عندما اعتقد أن بحر فارس يمتد حتى الهند، علماً أن البحار العربية، وخاصة البحر العربي، متصلة بالمحيط الهندي بحر الهند، وليس الخليج العربي بالذات.
*أمّا ابن البلخي (جغرافي ومؤرخ من القرن 12 من مدينة بلخ بأفغانستان)، فقد قال إن بحر فارس جزء من البحر الأخضر، ولم أجد هذه التسمية عند الإغريق ولا عند العرب ولا عند الفرس.
*ثم يأتي الإدريسي بعد ذلك ليسمّي البحر الأخضر بحر فارس، وقال إنه متصل ببحر الصين. بمعنى إن بحر فارس هو غير الخليج العربي مطلقًا، فأين الخليج العربي من بحر الصين؟
*وعدَّ ياقوت الحموي بحر فارس شعبة من بحر الهند الأعظم أي المحيط الهندي.
*كما يمكن تتبع ظهور اسم “بحر البصرة” إلى مرحلة الفتح الإسلامي؛ وقد استخدم هذا الاسم العديد من الجغرافيين والمؤرخين والمؤلفين العرب مثل ياقوت الحموي، وخليفة بن خياط، والخليل بن أحمد الفراهيدي. وفي عصر الخلافة العباسية، ظهر اسم آخر للخليج العربي وهو “خليج العراق” الذي كان يستخدم إلى جانب اسم “الخليج العربي”.
* أمّا في الأدبيات الفارسية، فقد ذكر نقلاً عن حمزة أن اسمه بالفارسية زاره كامسير، بحر كامسير)، واسمه المحلي قرب مهروبان “زراه أفرنك” بحر أفرنغ. وهذا يدل على أن البحر الواقع جنوبي إيران لم يكن له في القديم اسم واحد، وكان يسمى في كل نقطة من نقاط الساحل باسم تلك النقطة؛ مثل بحر مكران وبحر كرمان، لتسمية المياه الساحلية في هاتين الحالتين.
*الفرس القدماء اسموه بـ ” بحيرة العرب ” !: إن المصادر الإيرانية القديمة لم تطلق تسمية بحر فارس على الخليج العربي قطّ؛ ففي جزء من مخطوط يعود إلى العصر الساساني ذكر اسم المياه الساحلية التي هي جزء من الحيرة أحياناً باسم “مياه حجر أو هجر الساحلية”، فالتسمية عربية أساساً عند الإيرانيين في موروثهم القديم. ومما يؤكد ما توصلنا إليه أنه في عصر شابور بن أردشير، وحكم مهرزاد مرزيان في الحيرة، والحيرة كما نعرف كانت عاصمة عربية للمناذرة في العراق، كان الخليج العربي يُسمّى بحيرة العرب “ورئي تاجيكان”، وفي كتاب زند وهومن يسن سُميت مياه البحرين الساحلية بهران بحران).
-تعليقي: كلمة “تاجيكان” باللغة الفارسية صيغة جمع تعني العرب، وجذر هذه الكلمة من تازي، أي عربي، مأخوذة من النسبة “طائي”، نسبة الى قبيلة طيء العربية الكبيرة والتي كانت في حجمها أقرب الى شعب متوسط الحجم، وكان الفرس قديما يطلقون على كل عربي طائي أو تايجي أو تازي حتى صارت علماً لهم عند الفرس، وعنهم أخذ الصينيون هذه الكلمة “تازي” وأطلقوها على العرب كما ذكر الراحل هادي العلوي في كتابه ” المستطرف الصيني”.
*رابط يحيل الى مقالة د. الجميل في المصدر، وهناك في أسفل المقالة عدة مقالات للكاتب وهي مفيدة وجديرة بالقراءة:
Svara
Svara alla
Vidarebefordra