معرض القاهرة الدولي للكتاب 2023: الحنين إلى التجمعات في ظل ظروف سياسية واقتصادية قاسية
بيدر ميديا.."
معرض القاهرة الدولي للكتاب 2023: الحنين إلى التجمعات في ظل ظروف سياسية واقتصادية قاسية
القاهرة ـ «القدس العربي»: انتهى الحدث الثقافي الأكبر في مصر والعالم العربي (معرض القاهرة الدولي للكتاب الـ54) الذي أقيم في الفترة من 24 يناير/كانون الثاني وحتى 6 فبراير/شباط 2023. ورغم الظروف الاقتصادية القاسية التي يعيشها الشعب المصري، إلا أن دورة هذا العام شهدت إقبالاً كبيراً من الجمهور الذي اعتبرها فرصة سمحت بها الدولة للتجمعات المحظورة طوال الوقت. فالسمة الغالبة على هذه الأعداد الكبيرة من الشعب المصري تتمثل في الذهاب إلى التنزه، كمحاولة لتغيير الأجواء الكئيبة داخل المنازل. من ناحية أخرى ونظراً لارتفاع أسعار الكتب، وبعد ارتفاع بعض الأصوات بمقاطعة معرض هذا العام، قام بعض دور النشر بعمل الكثير من التخفيضات على الأسعار بهدف التشجيع على الشراء، كقائمة مخفضة لعدة روايات أو دواوين، أو بعض الكتب العلمية. وفي ما يلي نظرة سريعة على أحداث دورة هذا العام من المعرض..
دعم الدولة المفقود
ناشد الكثير من دور النشر المصرية ضرورة دعم الدولة لصناعة الكتاب، خاصة بعد تعويم الجنية وارتفاع سعر الدولار، ما كان له أبلغ الأثر على أسعار الورق والطباعة. من ناحية أخرى كانت أسعار الكتب المناسبة بالنسبة للقارئ المصري لا توجد إلا في مطبوعات الهيئة المصرية لقصور الثقافة، التي أعادت طبع العديد من الكتب المهمة ـ التراثية في الأساس ـ إضافة إلى أعمال طه حسين. ثم تأتي أعمال الهيئة المصرية العامة للكتاب بأسعار متفاوتة، لكنها في الأغلب في متناول القارئ المصري. ومنه إلى سور الأزبكية ـ أشهر مكان لبيع الكتب في مصر ـ لكنه هذا العام لم يكن هو الهدف أو المقصد لذوي الدخل المحدود، فالأسعار مرتفعة، والنسخ القديمة من الكتب تكاد تقارب النسخ الجديدة، ناهيك عن النسخ التي لم يُعد طبعها منذ زمن. أما دور النشر العربية والأجنبية فمهما حاولت القيام بعمل خصومات على الكتب، فالأمر خارج عن سيطرة القارئ المصري.
إصدارات مهمة
ومن خلال ترويج دور النشر لإصداراتها، وكذا المتابعات في الصفحات الثقافية، نجد هذا العام بعض الإصدارات المصرية المهمة، سواء الصادرة عن دور تابعة للدولة، أو الدور الخاصة للنشر، والأخيرة هي الأهم، ومن هذه المؤلفات نذكر..
كل ده كان ليه؟
هذا العنوان مأخوذ من أغنية عبد الوهاب الشهيرة، وهو كتاب يربط بين الفن والتاريخ والسياسة، لمؤلفته فيروز كرواية، والصادر عن دار ديوان للنشر «كل ده كان ليه؟ سردية نقدية عن الأغنية والصدارة» حيث تتبع فيه المؤلفة تاريخ الفن الغنائي المصري ومسيرته ومدى ارتباطه بالوعي الثقافي والسياسي المصري. فهو ينتهج النقد الثقافي ويربط بين العديد من المجالات، بداية من ظهور المطربات والراقصات، وكيف تغيّر شكل الأغنية المصرية، وتحولاتها كأداة سياسية وشعبية، سواء كمعارضة لاحتلال أو غيره، أو كبوق دعائي لنظام سياسي.
مهندس البهجة
وعن دار المرايا للنشر والتوزيع، صدر كتاب «مهندس البهجة.. فؤاد المهندس ولا وعي السينما» للأكاديمي والناقد وليد الخشاب. ومن خلال كوميديا أفلام فؤاد المهندس يكشف الخشاب كيف أن خطاب هذه الأفلام، وحتى لو اتسم بعضها بشيء من السذاجة أنها كانت تحمل خطاباً غير واع لانتقاد الفترة الناصرية، وذلك من خلال أفلام.. «أخطر رجل في العالم» «شنبو في المصيدة» «العتبة جزاز» «سفاح النساء» «أنت اللي قتلت بابايا». هذه الأعمال في مجملها تعبر عن «إفصاح غير مقصود عما يحمله لاوعي الناصرية وامتداداتها حتى ترسخت سياسة الانفتاح على يد السادات». وكما يقول المؤلف.. «اللاوعي السينمائي يقترب من زِلة اللسان… وزعمي أن أفلام فؤاد المهندس مليئة بزلات اللسان السينمائية، بل تكاد تكون هي في حد ذاتها زِلة لسان كبرى».
قارئ الجثث
وعن الدار المصرية اللبنانية صدر كتاب «قارئ الجثث.. مذكرات طبيب تشريح بريطاني في مصر الملكية» ترجمة مصطفى عبيد. وهو يسرد مذكرات الطبيب سيدني سميث (1884 ـ 1969) فالرجل أحد مؤسسي مصلحة الطب الشرعي في مصر سنة 1927. وخلال عشر سنوات قضاها سميث في مصر من 1917 وحتى 1927 تفاعل خلالها مع طبيعة المجتمع المصري وقضاياه، وربما أشهرها قضية (ريا وسكينة). من ناحية أخرى تكشف مذكرات الرجل كيف كانت سلطات الاحتلال البريطاني في مصر توظف لصوصاً سابقين للعمل كخفر غير نظاميين، ثم تستخدمهم في إثارة الشغب، لتحقيق أهداف سياسية.
جوائز المعرض
وكالعادة تم منح عدة جوائز لإصدارات هذا العام في فروع الأدب والثقافة، نذكر منها.. جائزة الرواية لمحمد عمرو حسن عن روايته «بعد أن يُسدل الستار» جائزة القصة القصيرة لمحمود عياد، عن مجموعة «من أوراق الغريب». وفاز ديوان «العدم أيضاً مكاناً للحنين» لعلاء خالد بجائزة شعر الفصحى، بينما ذهبت جائزة شعر العامية لديوان «مبروك خسرت الانتظار» للشاعر مدحت منير. أما جائزة الدراسات الإنسانية فذهبت إلى إلهام فطيم، عن مؤلفها «حكايات ستات من بلدنا» وجائزة النقد الأدبي فاز بها كتاب «نظرية المجاز في الشعر المعاصر» لمؤلفه محمد زيدان.