نقاش حول حجاب منى زكي.. إيران تنتقم من تلميذات المدارس.. وتظاهرة في تونس ترفع صورة بشار الأسد
بيدر ميديا.."
نقاش حول حجاب منى زكي.. إيران تنتقم من تلميذات المدارس.. وتظاهرة في تونس ترفع صورة بشار الأسد
نقاش (نِصْفُه ممتع) يجري حول صورة لمنى زكي، الممثلة المصرية البارعة، مالئة الدنيا وشاغلة الناس، بحجاب أو دون حجاب. كل ما فعلته هو أن نشرتْ صورة لها من المسلسل المزمع عرضه في رمضان المقبل، واسمه «تحت الوصاية». مجرد صورة لشخصية ترتدي حجاباً تقليدياً، بوجه متعب، جاد، ولكن من دون مبالغة بالتعب، أو بمكياج الشقاء. ولا بمكياج الأنثى الخفيف، الذي بالكاد يلحظ. لا إيماءة في الصورة، ولا حركة، ولا عبارات مرفقة تشرح، فقط هذا الوجه، الذي يشبه ملايين النساء في بلادنا، الوجه المكدود، والملفّع بالحجاب.
ما من ذريعة لأي مخيلة رقابية، رسمية كانت أو شعبية، للمطالبة بالمنع والإلغاء، أو الإدانة. فلا عري، ولا حركات. ومع ذلك أصبحت صورة منى زكي رقم واحد في تعليقات سكان مواقع التواصل الاجتماعي. قدر المبدع أحياناً أنه، حتى في صمته واعتكافه، سيصبح موضع تفسير وتحليل، فما بالك في حجابه.
الجزء الممتع من النقاش والتعليقات حول الصورة أنه ينطلق من هذه المساحة الضيقة جداً (وجه منى) الشحيحة للغاية بالإشارات، ليبني مسلسله الخاص، المسلسل الموازي لمسلسل لا نعرف عنه إلا القليل. أي أنه ينطلق بالفعل مما ينطلق منه تحليل الفن ونقده عادةً، من أبسط الإشارات.
ما من ذريعة لأي مخيلة رقابية، رسمية كانت أو شعبية، للمطالبة بالمنع والإلغاء، أو الإدانة. فلا عري، ولا حركات. ومع ذلك أصبحت صورة منى زكي رقم واحد في التعليقات.
فهذا مغرد (حسب تغريدة في برنامج «ترينديغ» على «بي بي سي» العربية) ينطلق من حاجبي الصورة الكثيفين، ومن الوجه المتعب، ليفترض أن الشخصية، المرأة تعيش في حال من الشقاء والقهر، وأنها «ستخلع الحجاب، فيضيء وجهها فجأة، تشتري آيفون19 بالقسط، وتعمل شركة وتبقى قوية». إلى تغريدة أخرى تفترض أن زكي إنما أرادت تشويه صورة المرأة المحجبة، فالمقصود، على ما ترمي المغردة، أن مجرد وجود الحجاب يفترض قلّة الجمال، والتعب، والشقاء. والاستنتاج ليس صحيحاً بالمرة، لا في الفن، ولا في الحياة.
ما تسرّب من مسلسل «تحت الوصاية» أنه يتناول حكاية شخصية مصرية حقيقية، امرأة تجهد في تربية أطفالها في غياب الزوج، تعمل، وتريد أن تحمي نفسها من الاعتداء والتحرش ومزاحمة الرجال، فترتدي ملابس رجل، وتلعب دوره إلى الآخر، في الكدح والتعب وانتزاع اللقمة من فم الحياة. فما الذي ينتظره المشاهد من شخصية كهذه، وهل يتوقع أن لديها الوقت الكافي من أجل حاجبين مرسومين!
نصف النقاش ممتع بالفعل، عندما يقرأ، بذكاء وطرافة لا ينكران، الإشارات التي بين أيدينا، أما حين يفتري، ويحمّل المسلسل والشخصية ما ليس فيهما، خصوصاً للوصول إلى استنتاجات دينية وأيديولوجية، فهذا ما لا طاقة لنا، قراءً ومتفرجين، عليه.
الانتقام من تلميذات إيران
تنتشر، في هذه الأيام، حوادث التسمم، المريبة والمتسلسلة، لتلميذات المدارس في أرجاء إيران. ليست حادثة واحدة، ولا في مدرسة، أو مدينة واحدة، إنها حوادث متجولة، وتأتي تماماً بالتوازي مع ثورة الإيرانيين، الإيرانيات خصوصاً، على مقتل الشابة مهسا أميني أولاً، ومن ثم للمطالبة بالحرية، والاحتجاج على كل الظلم والقمع والتوحش الذي يعنيه حكم الملالي.
انظروا أي نظام قتل خسيس؛ تقوم الثورة ضده، بكل وضوحها وشفافيتها وعنفوانها، فينتقم من تلميذات المدارس، بأن يدس لهن السم في الهواء!
لا يصدق أن ليس للسلطات يد في ذلك، خصوصاً أن وجهها (السلطات) قد خُمش للتوّ، كما لم يُخْمَش من قبل، وعلى يد (بأظافر) تلميذات إيران الرائعات. لم يكتف النظام المتوحش بالقتل والاعتقالات وأحكام الإعدام، فهو لم يشف غليله بعد ممن جعل شعار «المرأة، الحياة، الحرية» (أو: زان، زندغي، آزادي) في مختلف أرجاء الأرض، من أنصار الحرية. (كيف لمن أراد الانتصار والحرية للمرأة أن يصبح متهماً بتسميم المدارس لإجبارها على الإغلاق، كما تزعم السلطات. من يصدق!).
لكن انظروا أي نظام قتل خسيس؛ تقوم الثورة ضده، بكل وضوحها وشفافيتها وعنفوانها، فينتقم من تلميذات المدارس، بأن يدس لهن السم في هوائهن!
اعتقالات في تونس
من حق المواطن العربي، المؤمن بالربيع العربي أن يصاب بالجنون؛ تخرج تظاهرات في تونس تطالب برفع الحصار عن نظام بشار الأسد (ليتها كانت حقاً مشغولة بالسوريين، فمن الواضح أن النظام يقود حملة تظاهرات يطمح أن تجول مدن العالم، لإعادة تأهيله)، يتمنى المرء لو يلمح شعاراً يقول إن الشعب السوري ليس بشار الأسد، وإن التظاهرة هي حقاً من أجل السوريين بمعزل عن قاتلهم، بل بالعكس، فقد رفعت، على الأقل، لافتة تحمل صورة لبشار الأسد، وتحدث بعض المشاركين عن رفع الحصار عن «القيادة السورية»، من بين أشياء أخرى، يتمنى المرء لو تطالب التظاهرة أيضاً برفع الحصار عن الشعب التونسي، الذي يعاني هو الآخر من ويلات وحصار ديكتاتوره، من الجوع، وغلاء الأسعار، فيما نرى الشبان التونسيين يهاجرون يائسين عبر البحر.
يتمنى المرء لو يلمح شعاراً يقول إن الشعب السوري ليس بشار الأسد، وإن التضامن هو حقاً من أجل السوريين بمعزل عن قاتلهم.
إثر التظاهرة تعتقل أجهزة أمن قيس سعيد بعض المتظاهرين. لماذا الاعتقال إذاً، ما دامت التظاهرة تطالب بما يغذّ الرئيس إليه الخطى، فهو كان الأجرأ برفع مستوى التمثيل الديبلوماسي التونسي في دمشق أخيراً.
يبدو أن الاعتقالات جاءت بعد إحراق أعلام أمريكا وإسرائيل في التظاهرة الداعمة لبشار الأسد.
الرئيس التونسي العروبي، الحريص على عروبة صافية، حتى من البائسين الأفارقة اللاجئين إلى بلاده، لا يتجرأ على غض النظر عن متظاهر حرق العلم.
انظر إلى أي ركن ألقت الأقدار ببلد الربيع العربي!