الماركسية..كوبا..والدعارة ١
طلال الربيعي
“روزا ليموس سيسيليا”، عضوة قيادية في “الرابطة الأممية للعمال – الأممية الرابعة”
-روزا ليموس سيسيليا متحدثة في الذكرى المئوية الأولى للثورة الروسية-
https://litci.org/arab/archives/829
باسلوب الدعاية الحزبية وبدوغماتية غريبة منافية للواقع والحقيقة, تقول روزا ليموس سيسيليا بخصوص الدعارة في كوبا:
“لدينا دليل لا يقبل الجدل ( لا يقبل الجدل!؟.ط.ا.) في كوبا: أحد أعظم إنجازات الثورة، إلى جانب مصادرة ملكية البرجوازية، كان إنهاء الدعارة، ليس عبر قمع النساء، بل من خلال إعادة التعليم ومنح النساء الفرص في الإنتاج الاجتماعي، وبالتالي السماح لهن باستعادة الكرامة. استعادة الرأسمالية على الجزيرة جلبت الدعارة مجددا، وباتت الـ “جينتيراس” (العاهرات) إحدى أكبر معالم الجذب للسياحة الاجتماعية التي تكاثرت في كوبا.
وأكثر من هذا، فإن تلك المنظمات نفسها تستخدم النظرية الماركسية لإنتاج السلع، مجادلة بأنها: وظيفة كأي وظيفة أخرى، حيث تبيع المرأة قوة عملها في السوق وتنتج فائض قيمة لرئيسها. المشكلة أن النساء اللواتي يتم إجبارهن على الدعارة لا يقمن فقط ببيع قوة العمل، بل يبعن أجسادهن، وكرامتهن. لذا، فالأمر أشبه ببيع النساء أثناء مرحلة العبودية. وإننا بالمطلق ضد قوننة وتنظيم العبودية، التي لا تفيد سوى المستعبد.”
-وجهة نظر ماركسية حول الدعارة-
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=708325
مع ان الكاتبة تبدء مقالها باقتباس تروتسكي:
“وضع المرأة هو المؤشر الأكثر وضوحا ودلالة لتقييم النظام الاجتماعي وسياسة الدولة”. ليون تروتسكي.
Twenty Years of Stalinist Degeneration
-عشرون عاما من الانحطاط الستاليني-
https://www.marxists.org/archive/trotsky/1938/xx/stalinism.htm
فاني لا اعتقد ان تروتسكي يحظى بالاحترام في كوبا, رسميا على الأقل, لتتبع مبادئه بخصوص السياسات الجنسية أو غيرها. انه اقتباس لتأكيد انتماءها للاممية الرابعة وليس اكثر من هذا كما يبدو لي.
الكاتبة المحترمة تجانب الحقيقة بقولها ان كوبا انهت الدعارة. اني اقف دوما الى جانب الشعب الكوبي من اجل اختيار نظامه كما يشاء وبدون تدخل او اكراه من جانب القوى الامبريالية, ولكني اعمل بما تقوله الفيلسوفة ومؤرخة
العلم والعضوة سابقا في الحزب الشيوعي الايرلندي, Helena Sheehan, حين تضع اصبعها على الجرح, بقولها:
While I feel I can trace a certain mainstream flow of the Marxist
tradition, I find it to be far from an unproblematic straight line and I believe the
various currents diverging from it must be analyzed respectfully and seriously
as highlighting very real problems.* Moreover, I have defied the existing
conventions, mentioned the unmentionable names, delved into delicate and
difficult matters that others believed should be let lie. I have done so
regretfully, even sorrowfully, for I could take no joy in the self-inflicted
tragedies of the communist movement, as do anticommunist writers who are,
for the most part, the only ones who write about such things. But, shaken
though I sometimes found myself, I could not turn the other way, for I disagree
totally with the premises underlying the tradition of sacrificing truth to
“partisanship,” in the name of which so many crimes against science and
against humanity have been committed. The only justification for socialism
can lie in arguing for its truth and its humanism. If so, truth, morality, and
partisanship should coincide. Indeed, there have been truthful and moral
communists, such as Gramsci and Caudwell, and no less partisan (in fact more
so)
“بينما أشعر أنني أستطيع تتبع سرد معين للماركسية التقليدية، الا اني اجد مثل هذا السرد ابعد من ان يكون خطا مستقيما خالٍبا من الصعوبات وأعتقد أنه يجب تحليل التيارات المختلفة (في الماركسية. ط.ا.) التي نختلف عنها باحترام وجدية وبإلقاء الضوء على مشاكل حقيقية جدا. علاوة على ذلك، لقد تحديت التقاليد التوارثة, وذكرت الأسماء التي لا ينبغي ذكرها، وخضت في امور حساسة وصعبة يعتقد الآخرون أنه ينبغي تركها جانبا. لقد فعلت ذلك باسف, حتى بحزن، لأنني لم أستطع أن أفرح بالمآسي التي اصابت الحركة الشيوعية كما يفعل الكتاب المناهضون للشيوعية، الذين يشكلون الجزء الأكبر من الذين يكتبون عن مثل هذه الأمور. لكن رغم شعوري بالاهتزاز في اعماقي احيانا, إلا أنني لا أستطيع أن أعود في الاتجاه الآخر، لأنني لا أوافق ابدا مع المقدمات الكامنة وراء تقليد التضحية بالحقيقة وارتكاب العديد من الجرائم ضد العلم وضد الإنسانية باسم “الحزبية”. التبرير الوحيد للاشتراكية يمكن أن يكمن في الدفاع عن الحقيقة والإنسانية. إذا كان الأمر كذلك، فالحقيقة والأخلاق يجب أن يتزامنا مع التحزب. في الواقع، كان هناك صدق وأخلاقية لدى شيوعيين، مثل غرامشي وكودويل, وهما ليسا أقل, بل, في الواقع, أكثر تحزبا.
MARXISM AND THE PHILOSOPHY OF SCIENCE
http://ouleft.org/wp-content/uploads/Helena_Sheehan-Marxism_and_the_Philosophy_of_Sci.pdf
P. 13
ويبدو ان شيهان تردد اصداء الفيلسوف نيتشه في ان الحزبية تسبب ضيق الافق والسطحية في التفكير, طبعا ليس دوما ولكن في اغلب الاحوال.
Nietzsche Contra Capitalism
-نيتشه بالضد من الرأسمالية-
https://www.youtube.com/watch?v=Ll-qUSNzxE8&feature=youtu.be
والعراق افضل مثال, فكلما زاد عدد الاحزاب كلما زاد التخلف والسطحية في التفكير وعم الظلم والخراب. الاحزاب هي بمثابة ادوات لخلق آلهة مصغرة لاله واحد مزعوم-فهل نلوم نيتشه على قوله اننا قتلنا الرب فقتلنا الأخلاق؟ انهم لا يقرون رسميا في انهم يشكلون احزابهم كتعويض عن ضعف او انعدام ايمانهم باله واحد, ليس لانهم ليسوا مغفلين كي يصرحوا بواقعهم, بل لانه, يمكن القول بصراحة لن تعجب الكثيرين او قد تسبب حتى ثورة غضبهم, كما يقول مؤلف اعظم كتاب قاطبة شهدته البشرية الحديثة “حوار مع الشيطان”, Napoleon Hill, في ان الشيطان تلبسهم بمعنى انهم اقفلوا عقولهم عن التفكير الحر والمستقل, فاضعفوا المجتمع خلقيا وانهكوا قواه وجعلوه في حالة احتضار دائم ولربما يفضل الموت على الحياة.
لقد امضى Napoleon Hill اكثر من عشرين عاما في تأليف كتابه. وقد ابقي الكتاب, بسبب محتواه المثير للجدل والنادر المثال, طي الكتمان سبعين عاما الى ان تم نشره في بداية القرن الحالي. وهذا هو تسجيل صوتي لكتاب “الحوار مع الشيطان”.
Outwitting the Devil by Napoleon Hill
https://www.youtube.com/watch?v=05oyndJcXBM&feature=youtu.be&themeRefresh=1
الشيطان نفسه يعترف انه فقط يصبح شيطانا وممتلكا القدرة على شيطنة الناس عندما يكف الافراد او المجتمع ومؤسساته عن التفكير الحر والمستقل.
وتقول شيهان أيضا
Marxists must judge matters on the basis of the evidence, on the basis of truth criteria established by the highest level of development of scientific method at any given time, and not on the basis of conformity´-or-nonconformity to established Marxist premises, no matter how fundamental. Only if its most basic premises are continually scrutinized can the continued affirmation of them be meaningful. Of course, if really basic premises could no longer be affirmed in this way, then it would be legitimate to query whether the new position should still be considered Marxist But only by being open to this possibility, by following Marx’s own advice to question everything, can Marxism be adhered to and developed in a healthy way.
“يجب على الماركسيين أن يحكموا على الأمور على أساس الأدلة، على أساس معايير الحقيقة التي وضعها أعلى مستوى من تطور المنهج العلمي في أي وقت معين، وليس على أساس المطابقة أو عدم المطابقة مع المقدمات الماركسية الراسخة، مهما كانت أساسية. فقط إذا تم فحص المقدمات الأساسية بشكل مستمر، يمكن أن يكون التأكيد المستمر عليها ذا مغزى. بالطبع، إذا لم يعد من الممكن تأكيد المقدمات الأساسية حقًا بهذه الطريقة، فسيكون من الشرعي التساؤل عما إذا كان ينبغي اعتبار الموقف الجديد ماركسيًا. ولكن فقط من خلال الانفتاح على هذا الاحتمال، باتباع نصيحة ماركس الخاصة بالتشكيك في كل شيء يمكن الالتزام بالماركسية وتطويرها بطريقة صحية.”
ص. 8-9
فاذا كانت الماركسية تقول ان الدعارة والزواج الأحادي وجهان لعملة واحدة, وهما كلاهما نتيجة ظهور الملكية الخاصة, فأن تساؤل الكاتبة روزا ليموس سيسيليا وجوابها في الفقرة ادناه يعكسان خلق هدف مصطنع للرأسمالية وفشلها في تحقيقه قد يعني, بعرفها, فشل الرأسمالية او تسجيل هدف لصالح الاشتراكية في عالم افتراضي لا وجود له في الواقع, عندما تقول:
“الدعارة والزواج الأحادي يجتمعان كنقيضين حقيقيين في المجتمع الرأسمالي الحديث، فهما قطبان لا ينفصلان لذات الحالة الاجتماعية. هل يمكن للرأسمالية حل هذا التناقض؟ لا نعتقد ذلك.
ولا ادري لماذا تعتقد الكاتبة بامكانية حل هذا التناقض؟ واين هو هذا التناقض اذا كان كلاهما قطبين لا ينفصلان؟ والسؤال الأهم كيف ستحل الاشتراكية موضوعة الدعارة بدون الغاء الزواح الاحادي, او بدون رفع شعار شيوعية الجنس؟ اي ان الكل يستطيع مجامعة الكل اذا اتفق الطرفان او اكثر على هذا, ولا ادري هل استطيع اضافة شرط آخر, “اذا لم يسبب الجماع الشيوعي ضررا للفرد او للمجتمع”, لأن وضع شرط من هذا القبيل يستدعي تخطي عقبات اجتماعية-اخلاقية-صحية لا حصر لها ولا قدرة لي على التنبوء بها, فضلا عن معالجتها, حتى بادنى قدر من المعقولية او التفصيل!
بعرف انجز
“لدينا بالتالي ثلاثة أشكال أساسية للزواج تتوافق بشكل عام مع ثلاث مراحل أساسية لتطور البشرية. لمرحلة الوحشية الزواج الجماعي، وللبربرية الزواج الثنائي، وللحضارة الزواج الأحادي وألحقت به الخيانة والدعارة. وبين الزواج الثنائي والزواج الأحادي تدخل فترة المرحلة العليا للهمجية، عندما يكون للرجل عبيد إناث تحت إمرته، ويمارس تعدد الزوجات”
The Monogamous Family
https://www.marxists.org/archive/marx/works/1884/origin-family/ch02d.htm
علما اني لست مع الدعارة ولست بالضد منها واتفق مع رأي منظمة العفو الدولية الذي يدعو إلى “إلغاء تجريم الدعارة بشكل كامل عندما تتم ممارستها “بموافقة”!
ولذا, انسجاما مع مذهب ماركس في التشكيك والحكم على الأمور على أساس الأدلة, اترجم المقالة التالية التي تدلل ان كوبا لم تنه الدعارة ولا يبدو ان هذا هو هدفها الآن.
المقالة هي:
Prostitution and Sex Tourism in Cuba
-الدعارة والسياحة الجنسية في كوبا
———-
خلال الثلاثين عامًا الأولى بعد انتصار ثورته، دافع فيدل كاسترو عن كوبا كمجتمع اشتراكي نموذجي. لقد ولت الكازينوات وترك الأمريكيين المخربون كوبا وخلت من المافيا وبيوت الدعارة التي كانوا يترددون عليها. وزعم أن المجتمع الاشتراكي يتفوق على الرأسمالية. لا يتعين على الفتيات بيع أنفسهن مقابل المال في المجتمع الكوبي الجديد. تحصل النساء على التحرر من خلال الاشتراكية. يتمتعن بفرص متساوية في العمل، ويتقاسمن مسؤوليات الأسرة، ويتمتعن بنفس فرص الوصول إلى التعليم مثل الرجال. بفضل الدعم السوفيتي السنوي الذي بلغت قيمته 4 مليارات دولار، سمح الاقتصاد الكوبي للنساء (والرجال) بتلبية احتياجاتهم الأساسية دون الحاجة إلى الاتجار في أجسادهم-اجسادهن.
لكن الاتحاد السوفيتي انهار وفُقد الشركاء التجاريون. عادت الدعارة الى كوبا. على الرغم من ادعاءات الحكومة بأنها لا تزال ملتزمة بالقضاء على تجارة الجنس، إلا أن الدعارة مستمرة. زيادة الدعارة في كوبا هي نتيجة ثانوية للأزمة الاقتصادية التي عجل بها انهيار الاتحاد السوفياتي والإصلاحات الاقتصادية التي بدأت في 1993-1994. هذه الإصلاحات، التي هدفت إلى أن تكون تدابير مؤقتة لإنقاذ الاشتراكية، شجعت العديد من أنواع السلوك المخالف للأيديولوجية الاشتراكية. مع تصدع البنية التحتية الاقتصادية الاشتراكية المخطط لها، يضطر الكوبيون إلى إيجاد طرق جديدة للبقاء على قيد الحياة. إن قدرة الدعارة على الاستفادة من الدولارات الأمريكية المرغوبة تجعلها واحدة من أكثر الوسائل فعالية للبقاء على قيد الحياة.
تمثل الدعارة مشكلة لكاسترو (المقال غير مؤرخ ولكنه يبدو انه كتب في اواخر رئاسة قيديل كاسترو): فهي تظهر للعالم الخارجي أن الاشتراكية قد فشلت. لا يمكن لخطاب الثورة إقناع السكان بالالتزام بقواعد السلوك الاشتراكي. من ناحية أخرى، تبدو محاولات الحكومة للحد من الدعارة، والتي لم تحقق سوى نجاح معتدل، متناقضة. هذا ليس مفاجئًا، لأن الدعارة تسمح لكوبا بجني ملايين الدولارات السياحية سنويًا. علاوة على ذلك، فهي توفر الدخل للآلاف الذين سيحتاجون بخلاف ذلك إلى اللجوء إلى الدولة للحصول على وظائف أو مساعدة. وبالتالي، قد يكون التزام الحكومة بمكافحة الدعارة أقل حزماً مما تعلنه.
ستحلل هذه المقالة عودة ظهور الدعارة نتيجة للأزمة الاقتصادية الكوبية. الهدف من هذه الورقة ليس فقط تحليل أعمال البغايا الكوبيات، ولكن أيضًا فحص الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تسمح بالبغاء في مجتمع تمكن لمدة ثلاثين عامًا من السيطرة عليه. وتنقسم الورقة إلى أربعة أقسام. سيحلل القسم الأول الصلة بين الدعارة والسياحة، قبل عام 1959 واليوم. القسم الثاني سيصف عودة ظهور الدعارة في التسعينيات والظروف التي تسمح لها بالعمل. أما القسم الثالث فيبحث في سياسة الحكومة تجاه الدعارة والخطوات المتخذة للسيطرة عليها. كما سيناقش سبب عدم قدرة الحكومة، أو عدم وجود الحافز لها، على القضاء التام على الدعارة. القسم الرابع سيقيم تأثير الدعارة على المجتمع الكوبي.
تستند هذه الورقة إلى حد كبير على بحث ميداني أجري في كوبا في فبراير 2001. تمت مقابلة العديد من الرجال والنساء الذين قابلهم الكاتب بشكل عشوائي. تضمنت المقابلات محادثات مع أشخاص في مهن أخرى مختلفة إلى جانب الدعارة. شملت المقابلات عاهرات من الذكور والإناث، وسائقي سيارات الأجرة، ومستأجري الشقق، وعمال الفنادق، والسقاة، والاقتصاديين، والمحامين، ورجال الشرطة. بالإضافة إلى البحث الميداني، استعرض الكاتب عددًا من المقالات حول هذا الموضوع في المنشورات الكوبية مثل صحيفتي Granma و Juventud Rebelde.
الدعارة والسياحة
قبل عام 1959، كانت كوبا مجتمعًا يهيمن عليه الذكور بشكل ساحق. كان الرجال هم المعيلون للأسرة والأفضل تعليما وحكام المجتمع. كان من المفترض أن تكون المرأة خاضعة و”عفيفة”. كان من المتوقع أن تبقى النساء في المنزل، والقيام بالأعمال المنزلية، وتربية الأطفال عندما يكون أزواجهن في العمل. في عام 1959، شكلت النساء 17٪ فقط (262.000) من القوة العاملة، وحوالي 70٪ من هؤلاء النساء يعملن كخادمات في المنازل (سميث وبادولا، 1996). قبل الثورة، كانت الدعارة تحدث غالبًا عندما تهاجر شابات من الريف إلى هافانا بحثًا عن عمل. فشل العديد منهن في الحصول على عمل آخر وتحولن في النهاية إلى الدعارة (سميث وبادولا، 1996).
تشير التقديرات إلى أنه قبل الثورة، كان هناك 40.000 عاهرة في البلاد، على الرغم من أن الحكومة تدعي أن هذا العدد ربما كان يصل إلى 100.000 (Department of the Army ، 1985). الآلاف من رجال الأعمال والسياح – معظمهم من الولايات المتحدة – توافدوا على كوبا، وكثير منهم للمقامرة وممارسة الجنس غير المشروع. ملهى تروبيكانا الليلي في هافانا، أكبر ملهى في الهواء الطلق في العالم، تباهى بالنساء بأشرطة وأغطية رأس منمقة، مما يجسد الأجواء الحسية في عاصمة الأمة. باعت كوبا الجنس كمورد طبيعي. لاحظ سميث وبادولا (1996، ص 21) ، مؤلفا كتاب الجنس والثورة: “حصل الزوار الذين ينزلون من البواخر في هافانا على بطاقات من قبل شباب يعلنون عن توفر أخواتهم”. كما تردد السائحون على بيوت الدعارة العديدة المنتشرة في جميع أنحاء هافانا.
ومع ذلك ، فانه من سوء الفهم الاعتقاد بأن البغايا لا يهتمن إلا بالسياح الأجانب. كان الرجال الكوبيون أكبر مستهلكين لخدمات البغايا. كان من المقبول في المجتمع الكوبي أن يكون الرجال مدفوعين بشكل طبيعي إلى ممارسة الجنس. يمكن للرجال اشباع رغباتهم الجنسية في بيوت الدعارة، تاركين شرف الفتيات الكوبيات “اللطيفات” كما هو. يذكر سميث وبادولا (1996 ، ص 26) أنه “في بداية سن البلوغ، أخذ آلآباء أولادهم إلى بيوت الدعارة المجاورة ليبدأوا في استكشاف أسرار الجنس.” كما وُجدت الدعارة خارج هافانا. تابعت العديد من الشابات موسم حصاد السكر وعرضن خدماتهن على العمال المهاجرين أو المزارعين أو سكان المدن.
أوقف كاسترو تجارة الجنس فعليًا. أعلن كهدف ثوري إنهاء الدعارة ودمج النساء الكوبيات في المجتمع العامل. من خلال تحرير النساء من حدود المجتمع الذكوري، كان كاسترو يأمل في الحصول على دعمهن. كما توقعت الحكومة أن تساعد إضافة النساء إلى القوى العاملة على زيادة الإنتاج وتعزيز الاقتصاد.
في عام 1961، تم تأسيس اتحاد النساء الكوبيات (FMC) وعُينت زوجة راؤول كاسترو، فيلما إسبين، رئيسة. عمل الاتحاد على إعادة تأهيل البغايا السابقات ودمجهن في المجتمع. لقد لامس FMC كل جزء من حياة المرأة. وأعلنت قانونًا جديدًا للأسرة يمنح المرأة مزيدًا من الحرية في أداء الأعمال المنزلية. بدأت حملات محو الأمية للنساء، ودربت ربات البيوت على الخياطة أو بكرات التبغ، ونظمت مراكز للرعاية النهارية حتى تتمكن النساء من الذهاب إلى العمل (سميث وبادولا، 1996).
ونتيجة لهذه الإصلاحات، حصل العديد من النساء على التعليم والعمل ولم يلجأن إلى الدعارة. على مدى السنوات الخمس والعشرين الماضية، زاد عدد النساء العاملات بمقدار مليون. بحلول عام 2000، كانت الإناث تمثل 43٪ من قوة العمل وشغلن غالبية الوظائف الفنية (البنك الدولي، 2001) . علاوة على ذلك، أدى غياب السياحة إلى خفض الطلب على الدعارة وجاذبيتها المالية.
في عام 1991، انهار الاتحاد السوفيتي ووقعت كوبا في أزمة اقتصادية. بعد ذلك بعامين، شرعت الحكومة في العديد من الإصلاحات الهيكلية التي تهدف إلى الحفاظ على الاقتصاد واقفا على قدميه. شجعت كوبا الاستثمار الأجنبي، وخاصة في صناعة السياحة. قامت الحكومة بتفكيك مزارع الدولة ومنحت الأرض للمزارعين الذين شكلوا تعاونيات أصغر. شرعت الحكومة في حيازة الدولارات الأمريكية وأجازت العمل الحر في مجالات معينة (Pérez-López and Travieso Díaz، 1998).
كان لهذه الإصلاحات أكبر تأثير في مجال السياحة. المشاريع المشتركة بين المؤسسات الحكومية والشركات الأوروبية مثل Sol Meliá، شيدت الفنادق في جميع أنحاء الجزيرة وعززت التجارة السياحية. جعل تقنين الدولار من السهل على السياح إنفاق الأموال في الجزيرة. أتاح تحرير العمل الحر للكوبيين تقديم خدمات مثل النقل، وتأجير الشقق، وبيع المواد الغذائية في المطاعم والشوارع، وما إلى ذلك، للسياح الأجانب.
كان معدل النمو في صناعة السياحة ملحوظًا. منذ عام 1995، نما الدخل السياحي بنسبة 18.6٪ سنويًا. زاد الاستثمار الأجنبي من عدد الغرف الفندقية في الجزيرة إلى أكثر من 35000 غرفة. ارتفع عدد السياح من عدة مئات الآلاف في عام 1991 إلى 1.85 مليون في عام 2000. السياحة وظفت بشكل مباشر 81000 عامل وولدت بشكل غير مباشر 2.7 فرصة عمل لكل وظيفة مباشرة، مما يوفر فعليًا 300000 فرصة عمل جديدة (CEPA 2000). وبلغ اجمالي الدخل من قطاع السياحة في عام 1998 1.8 مليار دولار. بحلول عام 2010، توقعت كوبا وصول ما بين 6 إلى 7 ملايين سائح، مما يجلب 10 مليارات دولار للاقتصاد (فيغيريس، 2000). لقد حققت كوبا هذا النمو دون وجود السياح الأمريكيين.
إن الدولارات التي ينفقها السائحون في كوبا تخلق فرصًا غير رسمية جديدة للكوبيين لكسب المال (Pérez-Lopez ، 1995). يعمل الكثيرون مثل jineteros (محتالون: الكلمة تعني حرفيا الفرسان)، وهم يتجولون بين السياح، ويقدمون خدماتهم كمرشدين، ويبيعون البضائع المسروقة مثل السيجار بأسعار أقل من سعر السوق. تحول جنس آخرون (لا ذكر ولا انثى. ط.ا) من كلا الجنسين إلى الدعارة، ونتيجة لذلك، أصبحت كوبا الآن واحدة من الوجهات الرئيسية للسياحة الجنسية.
السياحة الجنسية هي موضوع مثير للجدل على نحو متزايد. على الرغم من أن السياحة والجنس كانا مرتبطين دائمًا، إلا أن صناعة السياحة الجنسية قد انفجرت في العقد الماضي. تحدث السياحة الجنسية في جميع أنحاء العالم، ولكنها أكثر انتشارًا في دول العالم الثالث حيث تلجأ النساء الفقيرات إلى الدعارة من أجل البقاء (أوبرمان ، 1998).
السياحة موجودة في كوبا. يسافر آلاف الرجال إلى كوبا لممارسة الجنس مع الكوبيات. يتباهى وكلاء السفر بصور لنساء يرتدين ملابس ضيقة على الشواطئ الرملية البيضاء. في عام 1990، التقطت مجلة بلاي بوي صورة لنساء كوبيات في منتجع شاطئ فاراديرو الشهير. في عام 1995، زعمت المجلة الإيطالية Viaggiare أن كوبا كانت “جنة السياحة الجنسية”، متغلبة على تايلاند والبرازيل والفلبين للحصول على هذا الشرف الرفيع (www.salon.com). في العام التالي، شهدت كوبا زيادة بنسبة 68٪ في عدد الوافدين من إيطاليا.
يعتبر ملف السائحين مؤشراً قوياً على أن السياحة الجنسية هي عامل في زيادة عدد الوافدين إلى كوبا. غالبية السياح في كوبا هم من الذكور، 58%.
ومع ذلك، ينفي مسؤولو السياحة الكوبيون وجود أي سياحة جنسية منظمة في الجزيرة. Isabel هي مديرة تنفيذية في Centro de Inteligencia Corporativa، وهي شركة استشارية تعمل مع وكالة السفر الكوبية المملوكة للدولة كوباناكان. تقول: “لا ننظم تحت أي ظرف من الظروف أي نوع من السياحة الجنسية. لن تشجع الحكومة النساء على بيع أجسادهن. الترويج للبغاء لن يكون مربحًا. على عكس الولايات المتحدة، تقدم كوبا رعاية صحية مجانية. أي أموال يتم جمعها سيعوضها ارتفاع حالات الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية والأمراض التي تنتقل عن طريق الاتصال الجنسي”. كما تنفي أن الدعارة أدت إلى نمو صناعة السياحة. تتزايد السياحة في جميع قطاعات الصناعة: الصحية، والثقافية، والشواطئ، والشمس، وما إلى ذلك. نستقبل المزيد من السياح كل شهر ومن جميع البلدان المختلفة. لا يمكنك أن تنسب هذا النجاح إلى الدعارة. السبب الرئيسي هو التقدم في الخدمات الفندقية”.
حتى إذا كانت الحكومة لا تروج للساحة الجنسية، فقد شجع الإنترنت تدفق السياحة الجنسية إلى كوبا. https://www.WorldSexGuide.Org ، https://www.alt.prostitution. com و https://www.worldsexarchives.com، على سبيل المثال، ثلاثة مواقع تروج للدعارة في كوبا. في هذه المواقع، يمكن للمرء أن يجد معلومات حول مكان لقاء البغايا، والمبلغ الذي يجب دفعه، ومكان اصطحابهن، والنصائح حول التعامل مع الشرطة. يقدم كل موقع لوحات إعلانات بحيث يمكن للمسافرين تبادل النصائح أو القصص حول رحلاتهم. تتخصص مواقع أخرى مثل https://www.allforeignbrides.com أو https://www.asianhearts.com في طلبات الزواج عبر البريد الكوبي.
أعلنت كريستين بيدو، مديرة البرامج في قانون حماية خصوصية الأطفال على الإنترنت، في مقال بعنوان “السياحة الجنسية في ازدياد” بقلم ABC News، أن “الإنترنت أصبح أعظم أداة يستخدمها مرتكبو الجرائم الجنسية لتبادل المعلومات حول الأماكن التي يمكنهم الذهاب إليها حيث لا يمكنهم الوصول إليها عادة أو حيث القوانين ضعيفة “. على الرغم من ادعاء الحكومة بأنها لا تعلن عن كوبا كوجهة للجنس، فإن مواقع الإنترنت هذه التي تلبي احتياجات سائحي الجنس، تروج لكوبا كدولة للسياحة الجنسية.
(سيتم ذكر المصادر في نهاية المقالة)
يتبع