الصراحة المرة
ضرغام الدباغ
في الصباح الباكر، كنت أستقل الباص في عاصمة أوربية ، حين صعد شاب أفريقي يبدو عليه التعب وا8رھاق، حتى أني ظننت أنه قد أسرف في تناول الكحول، ولكنه يحمل آلة موسيقية داخل علبتھا، على ا:رجح من نوع ا:ورغ ( نوع صغير يوضع على طاولة)، وأختار أن يجلس بجانب شاب أوربي أبيض البشرة أشقر وسيم، M يزيد عن بداية العشرينات، وراح يحدثه بصوت مرتفع ” ھا … أنت أبيض اللون وھذا يجعلك تمتU فخرا .. أليس كذلك ؟.. ” ً وكبرياء الشاب ا:وربي كان مھذبا ” M ليس كذلك، ولكننا في الصباح الباكر ونفتقر لشھية الك]م.” ً فأجابه، فرد عليه ا:فريقي ” ..M M … أنت تشعر بالغرور، وإM ف] شيئ يميزك عني، بل أنا أثقف منك وأعمل بجد كل يوم طيلة الليل وحتى مثل ھذا الوقت من الصباح فأنا عازف أورغ.” وراح الشاب ا:وربي يحدثه بھدوء وصبر كما شاھدت ا:فريقي يعطيه بطاقته الشخصية ويتحدثان عن تواصل الع]قة بينھما . فتأملت مقلبا . فأن تشاھد شبان أفريقيين في عواصم أوربا الغربية ا:نيقة ً الحديث على وجوه مختلفة ً، وا:مر يتجاوز في جوھره مسألة توفير قوة عمل زھيدة السعر،إلى وجود اجتماعي ً اعتياديا المترفة أمرا / ثقافي، وصرنا نشاھد ظاھرة حاMت زواج بين أفريقيين شبان وشابات، وأوربيين شباب، إلى جانب رفض عنصري من جانب أفراد من اليمين .. ا:مر كله يجعلك على ثقة بأن المستقبل القريب للخمسين سنة المقبلة في عالم الغرب ينطوي على توجھات عنصرية، وقد تحمل في طياتھا أحيانا نزوع ً على Mستخدام العنف ضدھم . ومن جھة أخرى، حين نقرأ ونشاھد أف]ما وثائقية عن أفريقيا، يحملنا على التنبؤ بأن ھناك مستقب]ً للقارة ً ا:فريقية ھي غير ما كان مخطط لھا من الغرب الرأسمالي : ً للخامات الطبيعية، ومنجما أن تكون منبعا للقوى العاملة الزھيدة الثمن، أفريقيا تھرول نحو مستقبل آخر، وھناك صراع خفي / علني يدور في القارة ً :فريقيا يحمل التقدم والتطور والتنمية السمراء، بين قوى أفريقية تطرح تصورا .. ولكن حتى ذلك ً جديدا الوقت سيتواصل رسو القوارب التي تحمل المھاجرين من كافة ا:عمار يفلح الكثير منھا في الرسو على سواحل أوربا في البحر المتوسط، ولكن أيضا يبتلع البحر يوميا المئات منھم . ً الغد ا:فريقي مقبل بالتأكيد …. وم]محه تبدو من اrن واضحة، الغرب يفقد ثقته بنفسه، فلم سيشرف حتما يعد التفوق ا:بيض الغربي من المسلمات . وا:وربيون بدورھم صاروا مقتنعين أنھم تجاوزوا الذروة، وصارت خلفھم، فھناك الكثير من ا:سباب المقنعة والعنصرية أحدھا، بأن وھج الحضارة الغربية في أفول، والقضية سنوات فحسب. وا:فارقة (وربما غيرھم) صاروا M يخفون دفء حرارة الع]قة مع الصين وروسيا، ورؤية روس وصينيين في المدن ا:فريقية صار من المظاھر الطبيعية . والصحف ا:وربية تصدر يوميا وھي تحمل صور وكاريكاتور عن الوMيات المتحدة التي تدمر أوربا ً للتعاطف مع الغرب التي أثخن شعوب العالم في آسيا وأفريقيا ً واحدا بسياساتھا الرعناء، ف] يدع سببا وأميركا ال]تينية بجراح الشفاء منھا ليس بسيط، ولكنه ممكن .. وقد أدركت الشعوب بداية الطريق…. ومن سار على الرب وصل!….