بريمر يعترف بـ«أخطاء» في قراري تفكيك البعث وحل الجيش
الدبلوماسي الكيسنجري يروي لـ«الشرق الأوسط» خفايا الحرب ويؤكد أن العراق بعد 20 عاماً أفضل حالاً برحيل صدام
بول بريمر إلى جانب الرئيس بوش ووزير الدفاع رامسفيلد وقائد الأركان ريتشارد مايرز في حديقة البيت الأبيض خلال الاعلان عن قتل ولدي صدام، قصي وعدي، في الموصل (غيتي)
واشنطن: علي بردى
عندما هممتُ بإجراء هذا الحوار مع السفير بول بريمر، أخبرته أن صديقاً عراقياً أميركياً همس في أذني بأن «هذا ليس مجرد سفير، إنما هو رئيس. لقد حَكَم العراق لأكثر من عام»!
بصفته رئيساً لـ«سلطة الائتلاف المؤقتة» بعد حرب العراق التي أعلنها الرئيس الأميركي جورج بوش ليل 19 مارس (آذار) 2003، بهدف إطاحة حكم الرئيس صدام حسين في العراق، جلس «الدبلوماسي الكيسنجري» في البيت الأبيض وحيداً، وجهاً لوجه مع الرئيس الذي كلفه مهمتين جليلتين: تشغيل عجلة الاقتصاد، وتشكيل مسار جديد للحكم في العراق. ذهب إلى هناك متسلحاً بهذا التفويض، ومستفيداً مما تعلمه من وزير الخارجية سابقاً، هنري كيسنجر، ومِن عمله في القطاع الخاص بعدما تخرج في جامعتي يال وهارفرد بالولايات المتحدة و«معهد الدراسات السياسية» في فرنسا.
يحمل بول بريمر أسراراً كثيرة يتجنب الخوض فيها. لم يُشر كثيراً إلى وثائق الدولة العراقية وحزب البعث هناك، بعد انهيار حكم صدام تماماً في 9 أبريل (نيسان) 2003، أبلغني مازحاً أنه بعدما «أنجز» مهمته التي بدأت في 9 مايو (أيار) 2003، وانتهت في 28 يونيو (حزيران) 2004، دفع للمحامين الأميركيين «مبالغ أكبر من تلك التي استحصلت عليها من عملي في العراق». وكانت تلك فرصة لتبادل قصة طريفة مع المندوب الألماني السابق لدى الأمم المتحدة، كريستوف هيوسيغن، الذي كان مستشاراً للأمن القومي في عهد المستشارة أنجيلا ميركل، ويعمل حالياً رئيساً لـ«مؤتمر ميونيخ للأمن»، حين اقترحت عليه مازحاً أن يفشي أسراره كي أنشرها. قلتُ: «بذلك تطير شهرة كل منا… ولكن بطريقتين مختلفتين». قهقه الدبلوماسي الأميركي قبل أن نبدأ بالفعل في إجراء هذا الحديث لـ«الشرق الأوسط».