العلاج النفسي بالرقص و الحركة
العلاج النفسي بالرقص و الحركة Dance / Movement Therapy
يمكن أعتبار أن الجذور التاريخية للعلاج بالرقص تعود الى حركة الرقص الحديثة التي ظهرت بحدود القرن التاسع عشر , أذ غرست هذه الحركة فكرة أن الرقص يمكنه تجاوز الترفيه بأستخدامه كوسيلة للتعبير و التواصل , و في منتصف القرن العشرين وضعت حركة الرقص الحديثة الأساس لرواد العلاج بالرقص و هم كلا من (ماريان شيس، ماري وايتهوس، وترودي شوب) .
حيث شكلوا بدايات العلاج بالرقص من خلال أضافتهم لمفاهيم الملاحظة و التفسير و التدخل في ضبط بعض الحركات و تنظيمها ,توالت التطورات في هذا المجال بمرور السنوات ففي الأربعينات تأثر أسلوب العلاج بالرقص بالنظرية الديناميكية النفسية .
و في الستينات أثرت البحوث التي أجريت على السلوك غير اللفظي وبيانها لأهمية و دور الجسد في التعبير عن القضايا العقلية في تطور ممارسة العلاج بالرقص أكثر لينتج عن ذلك تأسس منظمة العلاج بالرقص الأمريكية في عام 1966 “American Dance Therapy Association” .
أذن ما هو بالتحديد العلاج بالرقص و الحركة ؟
يعرف العلاج بالرقص و الحركة في الولايات المتحدة الأمريكية ” بأنه العلاج النفسي الذي يستخدم الحركة و الرقص لدعم المهام الفكرية و العاطفية و الحركية للجسد” , و ذلك كشكل من أشكال العلاج التعبيري , و يبحث العلاج بالرقص في العلاقة بين الحركة و المشاعر “العواطف” .
أما في المملكة المتحدة البريطانية فيسمى بالعلاج بالحركة , و لا يوجد نوع واحد ثابت من أنماط الحركة التي تستخدم في هذا الأسلوب العلاجي , أذ تتراوح البرامج العلاجية ما بين الرقصات التقليدية الى أشكال أكثر دقة و ضبط من الحركات كاليوغا و التمدد و الشد لأراحة و تهدئة الجسد.
من الحقائق العلمية المعروفة أن الحركة مفيدة لكلٍ من الجسم و العقل على حدٍ سواء , أذ تسهم الحركة في أفراز *”الأندورفين ” الذي يساعد الشخص على الشعور بللراحة و التحسن , و أيضا يسهم في منح الفرد قدرة أفضل على التركيز و على زيادة في الطاقة و نوم أفضل , كما يساعد في أن يصبح الفرد أكثر مرونة و لين عند مواجهته لتحديات عقلية و أنفعالية في الحياة.
(مادة الأندورفين Endorphin :هو هرمون يتكون من سلسلة عديد الببتيد , و هو مادة موجودة في الجهاز العصبي , و يساعد أفرازه على تخفيف الالام و أعطاء شعوراً بالراحة و التحسن).
يعتمد المعالج المتخصص بالعلاج بالرقص عادة على أطار نظري ما بين النظرية النفسية الديناميكية والنظرية الأنسانية و غيرها و يتطلب منه الحصول على شهادة تخصص من أجل ممارسته لهذا الأسلوب العلاجي , يُسهم العلاج بالرقص في حل و معالجة الكثير من الأضطرابات منها أضطرابات الطعام , القلق , و الأكتئاب , التوحد و غيرها من الحالات المعرفية او السلوكية او الانفعالية .
يمكن أيضاً أن تسهم الجلسات العلاجية في تحسين صورة الجسد لدى الفرد و زيادة أحترام الذات لديه , و خفض التوتر و أكتساب القدرة على التحكم و السيطرة على المزاج , إذ وُجد أن الأنفعالات ترتبط بالحركة كما يمكن لهذه الممارسة العلاجية تحسين العلاقات و التوصل الى تفاعل أكثر عمقاً و صدق بين الأفراد.
يتوقف دور المعالج في توجيه و رصد حركات المشترك في الجلسة العلاجية أذ يتمكن المعالج من خلال ملاحظته لحركات الشخص التعرف على جوانب خفية من شخصيته و بالتالي يساعد ذلك على تواصل أكثر عمق بين المعالج و العميل مما يسهم في تسريع عملية الشفاء .
ما الأختلاف بين العلاج بالرقص و الرقص الأعتيادي ؟
أن الحركة في العلاج بالرقص المنظم و المنضبط هي أكثر من مجرد أداء حركي , أذ أن الأفعال و الأنسيابية و الحركة في العلاج تكون أشبه باللغة التعبيرية التي يسعى الفرد من خلالها التعبير عن جوانب معينة في شخصيته و محاولة التوصل مع وعيه و لا وعيه , من خلال أستخدام الحركة , إذ تؤكد سوزان كلينمان و هي متخصصة في مجال العلاج بالرقص على أن العلاج بالرقص و الحركة “هو أشبه ما يكون بالحديث من خلال الجسد و هو مختلف تماماً عن الحديث من خلال الرأس او العقل”.
و يستجيب بدوره المعالج للحركات ,أذ يقيم لغة الجسد و السلوكيات غير اللفظية , و التعبيرات الأنفعالية , من أجل تطوير التدابير العلاجية التي تلبي الأحتياجات الدقيقة لحالة المشارك في العلاج.
كما يجدر الأشارة الى أن الشخص لا يتطلب منه أن يكون راقصاً محترفاً لينتفع من العلاج بالرقص و الحركة , إذ يكفي أن يطلق العنان لجسده في التعبير عن مشاعره و خبرات الحياة الكامنة التي يمكن أن تشكل فخاً و عائقاً أمام تطوره النفسي.
إذ أن العلاج بالرقص ليس صفاً لتعليم الرقص بل غرضه علاجي من أجل التوصل الى تحقيق تغيير طويل الأمد و جذري بالنسبة للفرد المشترك . فالعلاج بالرقص و الحركة يعزز الاندماج العاطفي و المعرفي و الاجتماعي للفرد كما اكدت عليه جمعية العلاج بالرقص الامريكية.
بقلم الكاتبة
زينب كاظم