العبيد . . لا يمنحون الحرية إلى لبنان
شجرة الأرز الخضراء في لبنان بكل تشعباتها الكونفدرالية المتعددة الاغصان ، تستمد خضرتها من جذورها المختلفة تحت ارضها الهشة و بأكثر من مصدر خارجي متحكم بمصير استمرارها المهدد .
من يعيد استقراء تاريخ ولادة لبنان بدستورها الحالي المهلهل ، سيجد حبلها السري ما زال يتشبث بمشيمة رحم فرنسا الام ، ولا تريد أن تمتلك جرأة الفطام والتغيير من ثقافتها الطفولية ، غير مبالية بأن تبقى مرتمية باحضان مرضعات أخربات لطالما يدرنَ عليها بالمصالح النفعية التي تعمل على توسيع الاختلاف بين الطبقات الاجتماعية و الإيديولوجيات المختلفة ، بالرغم من تغير المناخات وتقادم الزمن واختلاف النمو الديموغرافي بين الطوائف والاثنيات ، لتبقى اسيرة دائمة بتأدية الاحتفاء للطقوس التقليديه تحت سماء مدلهمة كلما أرادت ان تفصح عن خطوب ، قد تنتهي بنكسات خطيرة ، أو بمجرد اصوات خلب تقض مضاجع الامنين .
و ان اكثر المتتبعون ،قد خبروا اسرار وتداعيات لعبة الحرب الاهلية اللبنانية التي عصفت بلبنان من منتصف السبعينات وحتى بداية التسعينات ، وكيف استعرت نيرانها و اججت من بعض الأطراف الدولية قبل أن تنفذ بأدوات محلية و اقليمية ، ليأتي الحل بفقاعة التنصيب لـ ” الحريري الأب “، وكيف تفجرت تلك الفقاعة بفعل غادر لا زالت كل حيثياته الجرمية يلفها الغموض ، لتستغل بالتلويح كل مرة بكفن فضفاض ، يهدد كل المعارضين السياسيين بالساحة ، بقصد الضغط والتخريس والتهميش وتوقيت اشعال الفتنة الداخلية عند الطلب .
وسرعان ما اعتمد المشهد الدراماتيكي الداخلي في لبنان ، على اخراج فقاعة أخرى من رحم سابقتها ، بعنوان ” الحريري الأبن ” لاسترضاء الشارع من المتعاطفين، ولاستحواذ المعارضين وسط جو ملتهب بتراشق الاتهامات والتحفظ بالنأي عن النفس ، ما لبثت هذه الفقاعة الجديدة التي صنعت من زبد النفط السعودي ونفخت بقصبة السلطان ، حتى صارت تكبر و تتمدد، لتتفجر اخيراً بموقع صناعتها بالرياض بفضيحة الاستقالة غير الدستورية .
فأي سخرية قد وصلت إليها سياسة عاهرة وذليلة من “حريري” لا يمتلك الحرية ، وهو لا زال يُستَعبَد ويُرتهن من سيده الامير ولي العهد المدلل والمراهق ، الذي لايتقن ابسط فنون النفخ بقصبة تكوين الفقاعات الكبيرة والمحافظة على ديمومتها لوقت اطول ، بل صار يفجرها برعونته قبل اوانها ، وبذرائع وتبريرات طفولية ملقنة باتقان عبر عبد ممسوخ ، لا زال يحاول ارضاء سيده بكل ما أوتي به من براعة ، بإدعاء إثارة القرقعة الايجابية لجس النبض الوطني اللبناني .
وكل عاقل على الساحة سوف لن يتأثر بما قيل وما سيقال اليوم أو غداً وقبل العودة و بعد حط الرحيل في بيروت ، لان العبيد لا يمنحون الحرية لشعوبهم ، وان الفقاعة دائمة الانتخاب على مصيرها المتشظي وان حلقت بالاجواء لبعض الوقت .
بقلم الكاتب
عدنان النصيري