ماع …
علي حسين
وضعتُ هذا العنوان وأنا أتوقع أنْ يلومني البعض من القرّاء الأعزّاء على عدم احترامي لأصول المهنة، ومع كلّ المبرّرات التي سأطرحها عليكم، لأنني اخترت هذا العنوان، إلّا أنّ هناك من سيقول حتماً: يارجل ألا تحس بالمسؤولية؟، تجلس وراء الكيبورد وتكتب بكل برود “ماع”،
فهل عجز القاموس العربي عن إيجاد عبارة تضعها عنواناً لمقالك؟، لماذا لا تناقش مشاكل البرلمان الذي أقسم أعضاؤه على أنهم لن يصوتوا على الموازنة حتى يضمنوا حصصهم من الغنائم؟، على أي حال، أعرف أن مثل هذه الموضوعات قد تضعني في خانة الكتّاب ” الفاجرين” مثلما أخبرنا أمس السيد إبراهيم الصميدعي.
لم أضحك منذ مدة طويلة قدر ضحكي على الفقرة من مقررات مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة يوم أمس والتي ناقش فيها ملف المياه، نصّت الفقرة على: “اعتبار المعلومات المتعلقة بالواقع المائي حساسة ويمنع تداولها أمام العامة”.ولهذا تجدني استبدلت كلمة ” ماء ” بكلمة ” ماع ” تنفيذا لقرار مجلس الوزراء الذي منع على عامة الناس من امثالي ان يحشروا انوفهم في ملف المياه .
في كل يوم يفاجأ المواطن بأن الدولة العراقية مهتمة بملف المياه، تعقد الاجتماعات، وترفع شعار “المياه أو الموت الزؤام”، وأن ساستنا منزعجون حقاً مما يجري في منابع دجلة والفرات التي بحسب نظرية “العلامة” إبراهيم الجعفري لن تتأثر بالسدود التركية، لأن هذه الأنهر تنبع من إيران؟!
ما أريد أن أقوله وأنا أضع هذا العنوان الغريب، بأنّ كل شيء جرى ويجري لأنهر العراق بعلم الحكومة العراقية ومجلس النواب وبإذعانهم الكامل، لم تقم تركيا ببناء السدود ولم تقطع ايران المياه في الخفاء، فتركيا أعلنت قبل أربعة عشر عاماً عشر عاماً عزمها على إنشاء سد إليسو، فماذا فعلنا وكنا نملك موازنات انفجارية تجعلنا نبني أكثر من سد؟ صمتنا وانشغلنا بتقاسم الكعكة، مثلما صمتنا على دخول الجيش التركي إلى الأراضي العراقية، وتتذكرون لم يكن يمر يوم، إلا ويظهر نائب أو”نادبة” يحذرون تركيا بالويل والثبور، والنتيجة صورة جماعية لأعضاء في مجلس النواب وهم يقبّلون أردوغان من وجنتيه، من يريد أن يعرف حجم المهزلة التي وصلنا إليها، أتمنى عليه أن يبحث في موقع اليوتيوب عن لقاء مع إبراهيم الجعفري يقول فيه: ”هذه باكورة علاقاتي مع تركيا، وقد أخبرتهم أنّ نضوب حصة الماء في العراق سيؤثر على حضارة العالم” أترك التعليق لجنابك الكريم.
لو كنا في ظروف طبيعية، ولو كنا في دولة فيها برلمان للشعب، وليس لتحقيق طموحات أحمد الجبوري “أبو مازن”، لكان ملف المياه مطروحاً، قضية أولى وامن وطني ، غير أن الزمن منحنا العديد من النواب الذين حولوا العراق إلى قاصة، يتنافسون على خطف أرقامها السرية.