علم النفس التحليلي (يونغ) والذهان!
طلال الربيعي
كما ذكرت في الحلقة السابقة, حصل كارل يونغ على تدريبه في الطب النفسي في مصحة بورغولزلي التابعة لجامعة زيورخ في ذلك الوقت (1900) عندما كان تحت إشراف اويجين بلويلر، الذي كان طبيبًا نفسيًا سويسريًا, اشتهر بإنجازاته في أبحاث الشيزوفرينيا- الفصام وأدخل التحليل النفسي في الطب النفسي. صاغ بلويلر أيضًا العديد من المصطلحات في الطب النفسي الحالي (بما في ذلك “الفصام” و”التوحد” و”الازدواجية” و “علم نفس العمق” depth psychology).
Eugen Bleuler
Swiss psychiatrist
https://www.britannica.com/biography/Eugen-Bleuler
يعتبر كلا من اويجين بلويلر والطبيب النفسي الألماني كورت شنايدر
https://m.facebook.com/ILMedSci/photos/kurt-schneider-7-january-1887-27-october-1967-was-a-german-psychiatrist-known-la/266463193696496/
اشهر علماء الشيزوفرينيا قاطبة.
يعود الى الأول الفضل في اكتشاف الأعراض السلبية في المرض او ما يسمى عادة 4a
‘affect’: Inappropriate´-or-flattened affect-emotions in-congruent to circumstances/situation.
‘autism’: social withdrawal- preferring to live in a fantasy world rather than interact with social world appropriately.
‘ambivalence’ : holding of conflicting attitudes and emotions towards others and self lack of motivation and depersonalization.
‘associations’ : loosening of thought associations leading to word salad/ flight of ideas/ thought disorder.
He also gave the famous 4 a’s that he presumed lied at the core of the schizophrenia and were fundamental aspects of the disorder.
“العاطفة”: عدم ملائمة المشاعر العاطفية أو عدم وجودها بما يتماشى مع الظروف / الموقف: مثلا, يضحك المريض وأظهاره علامات الفرح عند اقامة مراسيم تعزية والدته.
“التوحد”: الانعزال الاجتماعي – تفضيل العيش في عالم خيالي بدلاً من التفاعل مع المحيط الاجتماعي بشكل مناسب.
“الازدواجية”: المواقف والمشاعر المتضاربة تجاه الآخرين والنفس؛ عدم وجود الحافز وتآكل الشخصية.
(لا ينبغي الخلط هنا بين “الازدواجية” والقدرة على تحمل اللايقين في الحياة العامة باعتبارها صفة من الصفات الإيجابية في الشخص الناضج والمستقِل.
امثالنا الشعبية العراقية الكريهة, مثل “الباب اللي تجي منه الريح سده واستريح” تخنق روح المجازفة والابداع والابتكار, وتشجع روح الهزيمة والمجاراة والتزلف والنفاق. ولكن
Nothing, not one thing, hurts us more —´-or-causes us to hurt others more — than our certainties
“لا شيء، ولا شيء آخر، يؤذينا أكثر – أو يجعلنا نؤذي الآخرين أكثر من يقيننا.”
وقراءة الكاتب الامريكي George Saunders تساعدنا كثيرا في تحمل وتقبل الشعور باللايقين وان نشعر بحب أعمق لعالمنا.
How to Love the World More: George Saunders on the Courage of Uncertainty
https://www.themarginalian.org/2023/04/09/george-saunders-uncertainty/?mc_cid=830f69f4a9&mc_eid=32795b321c
واني, في الحلقة السابقة, ناقشت علم نفس جيمس هيلمان (الذي يعتبره البعض اعظم عالم نفس أمربكي بعد الطبيب ومؤسس علم النفس الحديث William James), الذي يعتقد بالأهمية البالغة للمزاوجة بن علم النفس, من جهة, والفن والأدب, من جهة أخرى.)
“الارتباطات”: تشتت الأفكار او عدم القدرة على فهم كلام المريض.
اما شنايدر فهو مبتكر ما يسمى الأعراض الرئيسية في الشيزوفرينيا (الاعراض الايجابية) من هلوسة سمعية محددة وأفكار ذهانية وغيرها.
Schneider s first-rank symptoms of schizophrenia
https://gpnotebook.com/simplepage.cfm?ID=-187695091
والسلبية والايجابية هنا هما توصيفان نفسيان-مرضيان بحتان ولا علاقة لهما بالمعنى الشائع للكلمتين.
ويجدر الذكر إن مصطلح الفصام لا يعني ازدواج الشخصية الذي هو اضطراب عصابي, وليس ذهانيا, وكان يسمى سابقا هستيريا, ويسمى حسب التصنيف الحالي للاضطرابات النفسية ICD11
Dissociative identity disorder
https://www.findacode.com/icd-11/code-1829103493.html
“اضطراب الهوية الانفصالي”,
حيث توجد حالتان أو أكثر من حالات الشخصية المتميزة (الهويات الانفصالية) بعدم تواصل ملحوظ (أحيانا وليس دائما) في الإحساس بالذات والسلوك وحتى في الجهاز العصبي.
لكنه من المؤسف ان نهج التحليل النفسي ليونغ ومساهمته في علاج الاضطرابات الذهانية له القليل من التطبيق في الطب النفسي الحديث الذي يعتمد إلى حد كبير على علم الأدوية النفسية والتصور البيولوجي للمرض، ويهيمن بشكل خاص على علاج الذهان.
-الطب النفسي النيوليبرالي-
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=505656
بينما عمل العديد من المحللين مع مرضى مصابين بحالات ذهانية، فمن النادر العثور على مناهج تحليلية للذهان في اغلبية بلدان العالم, ان لم يكن كلها, بسبب عوامل أيديولوجية-نفعية لا علاقة لها بالعلم ومنفعة المريض. ثم أن هذا الغياب يضر بمجموعة من المرضى يصعب علاجها في بعض الأحيان. قضى يونغ سنوات عمله الأولى مكرسًا لمرضى الذهان في مستشفى بورغولزلي في زيورخ. في وقت لاحق من حياته المهنية، كان لدى يونغ تجربة شخصية مع الأعراض الذهانية، والتفاعل مع الرؤى والأصوات داخل عقله، والتي تم تدوينها في كتابه الأحمر بعد وفاته. دون يونغ في الكتاب الآحمر استكشافه الموسع لذاته، التي أطلق عليها “مواجهته مع اللاوعي”، وكان جوهر الكتاب هو الكتاب الأحمر، وهو مجلد كبير كتبه بين عامي 1914 و 1930. وهنا طور نظرياته الأساسية – النماذج البدئية، اللاوعي الجماعي، وعملية التفرد – التي حولت العلاج النفسي من ممارسة معنية بعلاج المرضى إلى وسيلة لتنمية أعلى للشخصية. بينما اعتبر يونغ أن الكتاب الأحمر هو أهم أعماله، فهو أيضا مثال مذهل للخط والفن على قدم المساواة مع كتاب كيلز ومخطوطات ويليام بليك المزخرفة. يعد نشر الكتاب الأحمر (ترجمته الى الإنكليزية) نقطة تحول من شأنها أن تلقي ضوءًا جديدًا على تكوين علم النفس الحديث, مع 212 رسما توضيحيا من قبل يونغ نفسه.
The Red Book: Liber Novus
C.G. Jung
Sonu Shamdasani
(Editor)
https://www.goodreads.com/book/show/6454477-the-red-book
لذلك، يمكن القول إن يونغ هو أحد المحللين وعلماء نفس العمق الأكثر خبرة في عالم الذهان.
الصياغة التحليلية والمساهمة في علاج الاضطرابات الذهانية, كما أوردت اعلاه, لها القليل من التطبيقات في الطب النفسي الحديث. النموذج الطبي, الذي يعتمد إلى حد كبير على علم الأدوية النفسية والتصور البيولوجي للمرض، يهيمن بشكل خاص على علاج الذهان. مضادات الذهان فعالة في علاج الذهان الحاد ومنع الانتكاس في الحالات المزمنة، لكنها ليست دائمًا حلاً، ومع ذلك نادرًا ما يتمكن هؤلاء المرضى من الحصول على فوائد إضافية من خلال النهج التحليلي. ما يقرب من ثلث مرضى الفصام لا يستجيبون للعلاج الدوائي.
Antipsychotic treatment resistance in first-episode psychosis: prevalence, subtypes and predictors
https://www.cambridge.org/core/journals/psychological-medicine/article/antipsychotic-treatment-resistance-in-firstepisode-psychosis-prevalence-subtypes-and-predictors/57B0C9D59ED791E6021487C10DD9575C
بينما عمل العديد من المحللين مع مرضى في حالات ذهانية، فمن النادر العثور على مناهج تحليلية للذهان قيد الاستخدام رسميا. ومع ذلك، فقد بذلت محاولات تاريخية مهمة, في المملكة المتحدة
The Psychotic Wavelength: A Psychoanalytic Perspective for Psychiatry
https://books.google.at/books?hl=en&lr=&id=fsgeAgAAQBAJ&oi=fnd&pg=PP1&ots=X734Eej0rF&sig=zYX3wbpwf3VpAKE4RqCet4opqfA&re———dir———_esc=y#v=onepage&q&f=false
ومشاريع بيري دياباسيس في سان فرانسيسكو
The far side of madness
https://psycnet.apa.org/record/1989-98732-000
أيضا, في الوقت الحاضر، هناك عودة في الاهتمام بنهج علم النفس التحليلي للذهان في إيطاليا حيث تم إجراء دراسة صغيرة حول الفوائد المحتملة.
Psychosis, symbol, affectivity 2: another perspective on the treatment of psychotic disorder
https://onlinelibrary.wiley.com/doi/abs/10.1111/1468-5922.12665
في دولة مثل المملكة المتحدة، يتم تقديم استراتيجيات علاجية أخرى، مثل العلاج السلوكي المعرفي (CBT) للذهان، بما يتماشى مع إرشادات NICE (المعهد الوطني للتميز في الرعاية الصحية)، ولا يتضمن هذا نهجا تحليليا لفهم الذهان وعلاجه. قد يكون هذا بسبب عدم وجود دليل تجريبي على المسببات التحليلية أو علاج الذهان التي تعتبر جوهرية للقبول في البيئة السريرية النفسية الحديثة.
هنا، نستخدم المصطلح الحديث “الذهان بشكل أساسي للإشارة إلى حالة عقلية تتميز بتشويه الواقع (الهلوسة والأوهام) والتشوش في التفكير والكلام والمشاعر الذي يأخذ في معظم الحالات مسارا انتكاسيا.
حاول المحللون النفسيون البارزون مثل فرويد و “يلفريد بيون” (يعتبر البعض “بيون” اكبر محلل نفسي بعد فرويد)
Wilfred Bion
https://psychoanalysis.org.uk/our-authors-and-theorists/wilfred-bion
تقديم تفسيرات التحليل النفسي للذهان
Sigmund Freud’s clinical intuition in the field of psychosis
https://www.scielo.br/j/pusp/a/9SCsPTNPyfN7Y5TpWRk3Tgk/abstract/?lang=en
Joceline Zanchettin
تشير مراجعة Zanchettin لعمل فرويد حول هذا الموضوع. فرويد اعتبر الذهان بمثابة اضطراب في التواصل بين العالم الداخلي والخارجي وشكل من أشكال التراجع الايروتيكي الذاتي autoerotic regression. المصطلح يعني الإثارة الجنسية والإشباع النفسي، سواء بواسطة ألاستمناء أو السلوكيات الجنسية الأخرى (على سبيل المثال، تحفيز الأجزاء غير التناسلية من الجسم)، أو الأفكار (على سبيل المثال، أحلام اليقظة والتخيلات). وهذا المصطلح هو من ابتكار الكاتب والطبيب وعالم الجنس الكبير الذي تحدى القيم الفيكتوريانية ومحرّماتها بخصوص الجنس, Havelock Ellis (1859–1939).
بدأ أليس بحوثه الجنسية في كتابه “الرجل والمرأة”Man and Woman (1894) مما أدى إلى عمله الرئيسي، وهو الدراسات ذات المجلدات السبعة في علم نفس الجنس Studies in the Psychology of Sex (1897-1928). نتج عن نشر المجلد الأول محاكمة دعا خلالها القاضي الذي نظر القضية دعاوى القيمة العلمية للكتاب إلى “حجة تم تبنيها بغرض بيع مطبوعة قذرة”. نُشرت مجلدات أخرى من العمل في الولايات المتحدة وحتى عام 1935 كانت متاحة قانونًيا لممارسي مهنة الطب فقط.
“الدراسات في علم نفس الجنس” هي موسوعة شاملة ورائدة لبيولوجيا الجنس عند البشر وللسلوكيات الجنسية. في مجلدات منفصلة قام بفحص موضوعات مثل المثلية، الاستمناء، علم وظائف الأعضاء للسلوك الجنسي. اعتبر إليس أن النشاط الجنسي هو التعبير الصحي والطبيعي عن الحب، وسعى إلى تبديد الخوف والجهل اللذين يميزان مواقف كثير من الناس تجاه الجنس. ساعد عمله في تعزيز النقاش المفتوح حول المشاكل الجنسية، وأصبح معروفًا بأنه مناصر لحقوق المرأة والتربية الجنسية.
Havelock Ellis
British essayist and physician
https://www.britannica.com/biography/Havelock-Ellis
يتبع