المشارقة يكتشفون مسلسلات المغرب… والتلفزيون الجزائري يحارب طواحين الهواء… و«الجزيرة» تحتفي بنصيحة الأحدب!
بيدر ميديا.."
المشارقة يكتشفون مسلسلات المغرب… والتلفزيون الجزائري يحارب طواحين الهواء… و«الجزيرة» تحتفي بنصيحة الأحدب!
أخيرًا، اكتشف المشارقة أن للمغاربة مسلسلات تلفزيونية تستحق أن يشاهدها جمهورهم ويستمتع بها، بعد سنوات طويلة من المسلسلات المصرية واللبنانية والسورية والتركية، والخليجية لاحقا.
لكن الفرحة لم تكتمل، والاعتراف لم يتحقق كما ينبغي، فبعدما اقتنعت قناة «الشارقة» بقيمة المسلسل المغربي «بنات العساس» لمخرجه الفنان إدريس الروخ، لم تحافظ على لهجته الأصلية «المغربية»، وإنما قامت بدبلجته باللهجة السورية، فبدا الأمر نشازا وتناقضا صارخا.
وماذا كان يضير القناة الإماراتية لو احتفظت بلهجة حوارات الممثلين، وتركت الجمهور يبذل جهدا في فهمها، فإن لم يتحقق ذلك بالتمام والكمال، فعلى الأقل بنسبة متقدمة؟ تمامًا، كما كان الجمهور المغربي يفعل من قبل ولسنوات عديدة، مع المسلسلات القادمة من أرض الكنانة أو من بلاد الشام أو من شبه الجزيرة العربية.
وكان، في أبسط الأحوال، اللجوء إلى كتابة «ترجمة» بالفصحى أو باللهجة الإماراتية للحوارات، وتوضع أسفل الشاشة، مع الحفاظ على اللغة الأصلية لكلام الممثلين.
لغة الحوارات تعبّر عن خصوصية البلد الذي أنتج فيه المسلسل وعن هويته وطبيعة سكانه الاجتماعية والثقافية والحضارية، وحين تستبدل تلك اللغة بأخرى تضيع الكثير من تفاصيل العمل وجزئياته، باعتباره إبداعا خالصا.
على كل حال، «ما يدرك كله لا يترك جله» كما يقال؛ فمبادرة قناة «الشارقة» تستحق التنويه، ونأمل أن يقع تدارك تلك الملاحظة مستقبلاً.
صواريخ كلامية!
أما القنوات الجزائرية فلها نهج مغاير تجاه المغرب، بدأته منذ بضع سنوات بالاستحواز الأدب والفن لمسلسلات مغربية (كما هو الشأن بالنسبة لمسلسل «حديدان» والعملين الفكاهيين «الكوبل» و«سوحليفة»)، وواصلته منذ أسابيع بتحويل جنسية صانع تقليدي مغربي من مدينة فاس إلى الجنسية الجزائرية، حيث اقتنصت قناة «Beur Tv» (ريبورتاج) عنه بثّه موقع إلكتروني مغربي، وقدمته على أساس أنه جزائري. ما يؤكد الإصرار على محاولة الاستحواز على عناصر من التراث المغربي، مثلما وقع سابقا مع «الزليج» و«القفطان» و«الحايك».
وحين لم تُجْدِ كل هذه المحاولات، لجأ الإعلام الجزائري إلى أسلوب الشتيمة، إذ بثّت قناة «الجزائرية» تقريرًا لوكالة أنباء قصر «المرادية» يصف المغرب بكونه «مملكة الشر والرذيلة والرشوة والفساد» وغيرها من المصطلحات التي تغرف من قاموس بعيد عن مدونة سلوك الصحافة وأخلاقيات الجوار والدماء المشتركة.
إعلامي قناة «الجزيرة» عبد الصمد ناصر لم يتأخر في الرد على هذا الهجوم، حيث غرّد على حسابه في «تويتر»متهماً «التلفزيون الجزائري الرسمي يهاجم المغرب بسفالة، ويتهم الدولة المغربية بكل نذالة بالاتجار بعرض وشرف المغربيات».
وإذا كان الرد جاء على لسان الإعلامي عبد الصمد وبعض المدونين والمواقع الإلكترونية، فالملاحظ أن الإعلام الرسمي في المغرب لم يجار اللهجة التصعيدية المعتمدة في التلفزيون الجزائري على طريقة «دونكيشوت» مصارع طواحين الهواء؛ واختار الابتعاد عمّا يعمّق الجراح ويكرس الفُرقة بين الشعبين الجارين.
صدام حسين بطل أم صنم؟
رغم مرور 17 سنة على إعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين، ما زال اسمه يملأ الدنيا ويشغل الناس. البعض يعتبره بطلا وشهيدا، والبعض الآخر يعتبره مستبدا ظالما. هذا الاختلاف كان موضوع إحدى الحلقات الأخيرة لبرنامج «الاتجاه المعاكس» على قناة «الجزيرة»، والتي بدأها الدكتور فيصل القاسم بالتساؤلات التالية: «لماذا ما زال الرئيس العراقي السابق صدام حسين بعد نحو 20 سنة على الغزو الأمريكي للعراق يحظى بشعبية كبرى في الشارع العربي؟ ألا يترحم الكثيرون عليه؟ لماذا لا يتذكر العرب في العصر الحالي سوى جمال عبد الناصر وصدام حسين، بينما لا يحظى بقية الحكام العرب بأي ذكر أو اهتمام لدى الشارع؟ ألم تكن أيام حكم صدام حسين عصرا ذهبيا بالمقارنة مع اليوم؟ هل كان ليحدث للمنطقة ما يحدث الآن لو كان صدام حيا؟ لماذا قضت إسرائيل وأمريكا على حزب البعث العراقي وأعدمت رئيسه، بينما تحميان حزب البعث السوري ورئيسه بكل الطرق والوسائل رغم أنه دمر سوريا وشرد شعبها؟»
وفي المقابل، طرح القاسم تساؤلات أخرى قال فيها: «ألا يمكن أن يكون الشارع العربي مخدوعا؟ هل يستحق صدام هذه الهالة فعلا؟ لماذا ما زال العرب يقدسون الطغاة الذين عاثوا قتلا وإجراما في بلادهم وشعوبهم؟ أليس نظام صدام مسؤولا عن جذب الغزاة والمحتلين إلى المنطقة بعد غزوه للكويت؟ من الذي سمح بفتح ما يسمى بالبوابة الشرقية أمام الاجتياح الإيراني للمنطقة العربية؟ من الذي ركب رأسه ووقع في الفخاخ الأمريكية؟ أليس كل ما يحدث للعرب اليوم سببه النظام العراقي المخلوع؟ هل كان صدام فعلا قائدا قوميا عربيا، أم أداة أمريكية كبقية الطواغيت العرب؟»
بالنسبة للباحث التونسي محمد هنيد، الأستاذ في جامعة السوربون، فصدام أعظم «صنم» صُنع في الواقع العربي مثل جمال عبد الناصر ومعمر القذافي. وأرجع سبب التعلق بصدام وتمجيد صورته إلى كون الشعوب العربية تعيش حالة يتم وهزيمة حضارية، وقال: «نحن أيتام اليوم، نبحث عن أي انتصار، آخر انتصار حققناه هو انتصار المغرب في كأس العالم». وردد بنوع من الوثوقية: «صدام انتهى، ولم يجلب غير الخراب، مثله مثل جمال عبد الناصر ومعمر القذافي وبشار الأسد والحبيب بورقيبة وهواري بومدين وغيره من الطغاة العرب، وإذا أردنا أن نحرر المنطقة من الاستبداد والاحتلال، فلا بد أن نبدأ بتحريرها من الأصنام وتفكيك هذه الحالات الأسطورية» .
أما الإعلامي العراقي سرمد عبد الكريم، فأكد أن صدام حسين كان رجلا بأمّة، «إنه ـ كما قال ـ الآن حيّ بين كل الجماهير العربية. لو ذهب شخص إلى نواكشوط وذكر سيرته بسوء فسوف ينقض الناس عليه. خُذ الكاميرا إلى أي قرية عربية غير معروفة واسأل عن صدام، فسوف تسمع كلاما طيبا عنه. اركب أي تاكسي في المغرب، واذكر سيرة صدام، فلن يقبل السائق أن تدفع الأجرة مهما كانت المسافة».
وواصل دفاعه عن الرجل بالقول: «صدام الذي اغتالته أمريكا بأيد إيرانية، صورته الآن لدى المواطن العربي: هو شهيد، مثل عمر المختار، كان شامخا حتى آخر دقيقة، وقت إعدامه وظل واقفا أمام الموت».
قلة السالكين وكثرة الهالكين!
الكثير من الإعلاميين والكتاب العرب يشتكون من عدم التفاعل الكبير مع تدويناتهم المنشورة عبر وسائط التواصل الاجتماعي. ولذلك، فإن أفضل نصيحة توجّه إليهم هي ما جاء على لسان الإعلامي نزيه الأحدب في مقدمة برنامج «فوق السلطة» على قناة «الجزيرة»، حيث قال: «مقابل كل شخص يعجب بك هناك تسعة على الأقل لا يستسيغونك. فلا تغتر بنفسك إذا أعرب الكثيرون عن إعجابهم بك، لأن أكثر منهم بكثير يحتشدون وبالملايين لمغنية صدفة في مكان آخر على أسوأ كلمات وأبشع لحن وأنكر صوت وأقصر تنّورة! فعش قناعاتك ولا تسأل عن إعجاب الناس بك! يقول الفضيل بن عياض: عليك بطريق الحق، ولا تستوحش لقلة السالكين، وإياك وطريق الباطل ولا تغتر بكثرة الهالكين».
كاتب من المغرب