مغلق بأمر الحكومة .
علي حسين
عندما نشاهد ونسمع عن أن معركة بالأسلحة الثقيلة تحدث بين عشيرتين، وعندما تقوم عشيرة بتعليق لافتة مكتوب عليها “مطلوب عشائرياً” على موقع إحدى شركات النفط تحت سمع وبصر الأجهزة الأمنية ..فان الامر يبدو طبيعياً في بلاد يصر برلمانها على اصدار قانون العشائر ، لكن عندما يقرر جهاز حكومي أن يهاجم بيت نائب ويغلق مكتبه، فإن على الدولة أن تشرح للمواطنين؛ هل نحن نعيش في عصر الغاب، حيث يسود منطق القوة، أم أن هناك قانوناً يتساوى أمامه جميع العراقيين؟.
عندما يلجأ مسؤول لقانون “الكوامة العشائرية”، عليك عزيزي المواطن أن تدرك أنك لا تعيش تحت ظل دولة لها مؤسسات وأجهزة أمنية، وإنما في ظل قبائل وجِهات عشائرية، تجد أن علمها وقانونها أهم وأبقى من علم وقانون الدولة .
عندما بدأنا نقرأ في الصحف وعلى مواقع التواصل الاجتماعي ونشاهد في الفضائيات عناوين “مطلوب عشائرياً”، و”كوامة عشائرية”، فإننا أيقنّا جيداً أن الخراب قد حلّ، وعندما أصر البرلمان على إصدار قانون العشائر بدلاً من قوانين لتطوير التعليم والضمان الصحي.
دعونا لا نبحث عن مبررات لما يجري من خراب وفشل وفقر وبطالة وسرقة للثروات، ماذا يعني لساكني المنطقة الخضراء أن أكثر من نصف الشعب يعانون العوز وغياب الخدمات؟ لا شيء مهماً مادام هناك في البرلمان من يعتقد أن العالم يتآمر على التجربة العراقية العظيمة !
ماذا تعني الديمقراطية في بلد يلجأ كل نائب فيه إلى أهله وعشيرته وأقربائه، لكنه في الفضائيات يصدح بأفخم العبارات عن الدولة المدنية والمواطنة؟
في كل يوم يسيء ساستنا إلى الديمقراطية، عندما يعتقدون أنها تعني بناء دولة القبائل والأحزاب المتصارعة والطوائف المتقاتلة.
عندما تُقسِّم البلدان إلى قبائل وطوائف، فإنك بالتأكيد تصرّ على أنّ هذه البلاد ليست دولة مؤسسات، ولا وطناً، لكن ماذا عن الذين يريدون أن يفرضوا قناعاتهم الطائفية على شعب بأكمله؟ الجواب ربما نجده عند مدير مدينة الطب الذي كان مرحباً بإجراء أول عملية “عراضة” ناجحة في مستشفاه .
أعرف القليل جداً عن السادة الذين يصرّون على أن يحوّلوا العراق إلى دولة شعارها السلاح للجميع ، لأن معرفتهم لا تفيد في شيء، لكني أعرف جيداً أنّ العراق تحوّل من دولة مؤسسات إلى دولة يريد الجكيع ان يتقاسمها .
كل ما نتمناه من الحكومة العراقية أن تكون أكثر وضوحاً وشجاعة وعليها ألا تتخفى وهي تشاهد مثل هذه المشاهد، لأن هذه الطريقة فشلت وستفشل حتماً، وتقتضي الشجاعة من القائمين على الأجهزة الأمنية أن يكشفوا عن الحقائق، احتراماً للرأي العام، ولكي لا تتكرر حادثة اعلاق مكتب النائب سجاد سالم .