قصيدة بثينة شعبان في القمة العربية.. كاريس بشار وكتبها المفضلة.. وباسل خياط كسيبويه معاصر.
بيدر ميديا.."
قصيدة بثينة شعبان في القمة العربية.. كاريس بشار وكتبها المفضلة.. وباسل خياط كسيبويه معاصر
يمتلئ فضاء الميديا الاجتماعية هذه الأيام بفيديوهات مقتطعة من مقابلة مع الممثلة السورية كاريس بشار أُجريت لبرنامج «كلام نواعم». آخر ما حظينا به فيديو مخصص لأسئلة قصيرة وجهت للفنانة، على أمل الحصول على إجابة قصيرة أيضاً. وقد كان مخصصاً لسؤال عن الكتاب المفضل للممثلة.
كاريس قالت إن كتبها المفضلة كثيرة، وقد أحبّت أخيراً «نظام التفاهة». تعرف الفنانة أن أحداً لن يُجري لها أي اختبار في ما قرأت، فليس عليها إلا أن تقول، مثلما يقول الجميع بدورهم.
كثير من الكتاب يستحضرون أسماء وعناوين على نحو مفتعل، لتكون، على ما يبدو، رافعةً لكتابتهم، سلطةً ما ربما، واستقواءً على القارئ.
هنا، لا تفيد الأكاذيب، ليس بإمكانها أن تخدع، فما يتلفّظ به المرء يشي بمقدار ما قرأ، والحديث الطويل الذي أدلت به كاريس لـ «كلام نواعم» يثبت بشكل دامغ أنها لم تقرأ كتاباً في حياتها، ولا حتى كتب البكالوريا، عدا عن الحضور الثقيل، والمدّعي، الذي لا يشبه البتة تمثيلها المؤثر أحياناً، من بينها أداؤها لشخصية مريم في الحلقات الأولى من «النار بالنار». إنها ممثلة جيدة من دون شك، لكن كلامها لا يشي إلا بشخص أمي، والأميّ يبقى أمياً حتى لو قلّب صفحات «نظام التفاهة»، إن كان يقرأ لمجرد الادعاء.
هذا الفارق بين الحديث والادعاء يشبه كتابات كثيرة مليئة بعناوين الكتب، فكثير من الكتاب يستحضرون أسماء وعناوين على نحو مفتعل، لتكون، على ما يبدو، رافعةً لكتابتهم، سلطةً ما ربما، واستقواءً على القارئ. وغالباً ما يتساءل المرء؛ لماذا لا تحضر كل تلك القراءات في كتاباتهم، في اللغة، الأسلوب، التحليل، المواقف.. لماذا كل تلك الاستعارات والاتكاءات، من دون أن يتغير شيء بالفعل في النص!
استحضار أسماء الكتب والكتّاب، في الكتابة أو في الحديث، على سبيل الادعاء، هو واحد من أمراض الكتابة والقول، مثلما على المرء أن يتجنب قول «أنا»، لا بد أيضاً أن يتجنب ذكر الكتب، إلا لأمرٍ لا يمكن القفز عنه، وأن يحسب أن الأمية، أو الامتلاء، لا بدّ أن يظهرا في ما يقول المرء.
على مهلك إذاً يا كاريس، قد نصدق أنك لسبب ما قرأت «نظام التفاهة»، لكن يصعب أن نصدق أن لديك كتباً كثيرة مفضلة.
سيبويه السوري
حظينا بهذا المقطع من مقابلة مطولة مع الفنان السوري باسل خياط، يقول فيه، أمام مذيعي برنامج «سردة» (وهو، إن طاب، من أقرب البرامج الحوارية إلى القلب): «كثير أحياناً ضروري تكون مفعول به، وبالضرورة أحياناً تكون فاعل. كل شيء له إسقاط بالحياة». يرخي مُقَدِّما البرنامج لضيفهما، فيسترسل، ولا بد أنه قدّرَ أن كلامه خطير وفريد حتى يثير هذا الإنصات والترقب: «ضروري إنك تكون مبتدأ، وأحياناً ممكن تكون خبر. وفعلاً أحياناً لازم تكون صفة، ومفعول مطلق. المعاني ما إجت عن عبث».
«لغة سهيل الحسن»، لغة يعرفها السوريون جيداً، تلك التي توحي بكلام كبير، فيما هي في الواقع ركام كلام.
لا ندري ماذا في بال الخياط، يبدو أن فناننا واقف عند آخر دروس الإعراب في البكالوريا. ليس في الجعبة الكثير مما يقال في مطولة تلفزيونية، لنتحدث إذاً عن فقه اللغة، ومنها ننطلق للفلسفة وعلم النفس!
يمكن ببساطة أرشفة هذا المقطع في الملف الكبير المفتوح بعنوان «لغة سهيل الحسن»، لغة يعرفها السوريون جيداً، تلك التي توحي بكلام كبير، فيما هي في الواقع ركام كلام.
«النار بالنار»
كوارث الدراما التلفزيونية هي من أكثر ما يدفع للتساؤل حول تأثير الصحافة والكتابة والنقد وجدواها، إن كان صنّاع هذه الأعمال يأخذون بعين الاعتبار أي ردود فعل، سوى تلك التي تساهم في انتشار وبيع أكثر. نفكر بعملٍ من رمضان الأخير هو «النار بالنار». ستجد، منذ بدء عرض المسلسل، أن كاتبه (رامي كوسا) هو الأكثر انتقاداً لمسلسل مسجل باسمه؛ لم يكفّ يوماً عن توضيح مصائب العمل، ما حُذف، وما عُدّل، وما أضيف، وإلام يؤدي ذلك. وفي ختام العمل ستطلّ نجمته وبطلته كاريس بشار في مقابلة «مطنطنة» لتصف ما حدث من تجرؤ على النص، وعلى مشاهد صُوّرت بالفعل، بـ «قلة الأمانة»، لتقول إن «الأثر الذي كان من المفروض أن تتركه الشخصيتان (مريم، التي لعبتها كاريس، وعزيز الذي لعبه جورج خباز) لم يصل، الرسالة لم تصل كما يجب، وتحولت المقولة إلى مكان آخر».
هكذا بإمكان مسلسل «باب الحارة» أن يستمر بلا نهاية، ومثله «الهيبة»، و»الزند»، والقائمة تطول. تطول بلا أمل.
مع ذلك ستجد أن من بين أبرز مداحي العمل شاعرة وإعلامية قالت إنه «كان من الأعمال الممتازة فعلاً، إن لم يكن أفضلها على الإطلاق»، ووزيرة ثقافة أردنية سابقة قالت إن «المسلسل مشغولٌ بحرفيةٍ عاليةٍ تثير الإعجاب»، ومعتقل سوري سابق.. مع أن مشاهداً عادياً متمرساً يمكن أن يسوق عشرات الملاحظات على ما هو غير مقنع في المسلسل.
أسوأ ما في الأمر أن يُنظر إلى الردود الانتقادية على أنها مجرد آراء، والجدل والتفاعل، وحتى المعارك، حول المسلسل من شأنها أن تجعله أكثر مشاهدة. السوق إذاً هو الأساس. عملية لخصها من قبل كاتب سيناريو سوري عندما أجاب صحافياً انتقد مسلسلاً له بالقول: «أنت قبضت على مقالك خمسمئة ليرة، وأنا قبضتُ على مسلسلي مليون ليرة»!
هكذا بإمكان مسلسل «باب الحارة» أن يستمر بلا نهاية، ومثله «الهيبة»، و«الزند»، والقائمة تطول. تطول بلا أمل.
ألاعيب النظام السوري
أرسل النظام السوري إلى المؤتمر الصحافي في القمة العربية في جدّة من يوجّه سؤالاً للأمين العام للجامعة العربية يعتبر أن «الشارع العربي لم يعد مهتماً بمتابعة مجريات القمم العربية». سؤال استفزّ أبو الغيط، وكان له جوابه.
عاد النظام إلى ألاعيبه، يستهدف الجامعة العربية كإطار عريض هش، و«ملطشة» لمن يريد أن «يفش خلقه»، ويقدم الطاعة والأذرع المفتوحة والمدائح للجهة القوية والمؤثرة.
أمس، تكتب بثينة شعبان، مستشارة رأس النظام بشار الأسد مديحاً قلّ نظيره من نظام جَحود لترتيبات القمة، لكل تفاصيلها، بما فيها حصر الوقت المخصص للخطاب بخمس دقائق، وكان رئيسها هو الوحيد الذي أشار إلى ضيق الوقت، ومعروف عنه استطراداته المضحكة في خطابات القمة، وقد تكون حكاية الدقائق الخمسة اختُرعت من أجله هو بالذات.
يعود النظام إلى ألاعيبه، يستهدف الجامعة العربية كإطار عريض هش، و«ملطشة» لمن يريد أن «يفش خلقه»، ويقدم الطاعة والأذرع المفتوحة والمدائح للجهة القوية والمؤثرة.