مجسات هلامية…
الكاتب والروائي /عبد الجبار الحمدي
ليس من السهل ان تنصاع لك الامور او الأشياء، فالعالم الذي نعيش رغم انه يتظاهر بالتماثل العقلي إلا انه مجنون من الالف الى الياء، فلا يعقل ان تشهد حمار يولد من بيضة تنين لأنها ليست من من صفاته، لكن يمكنك ان تشهد وعلا يتسلق جبل فتلك طبيعته وسيرورته، لذا لا تعول على معاول تهشم جبلا من الهلام ثم تظهره إعلاميا انه جبل من جليد… فالمعاول الاسفنجية لا تحطم حتى الهلام نفسه في حقيقتها…. على اية حال سعيد ان أراك يا صديقي لقد مر زمن بعيد منذ ان فرقتنا جيوب الحياة… أراك و من هيئتك انك لازلت تخوض تجربة البحث عن أصل الاشياء رغم انها متغيرة بتغير الزمن والبيئة… أحسبني قلت لك ذلك في مرة ما..
أجل قلت لي ذلك يا رشيد… لكني طرحت ما قلت جانبا، صرت أجوب محاولا سَبر عوالم كعالم الفكر في دواخلي، في ذلك الوقت كانت حقيقة الأشياء تبدو واضحة بعض الشيء، بمعنى ان تكون ترسا يعين في حركة بندول الحقيقة لشيء هام، لكن ما ان تتأقلم مع بقية التروس تجد نفسك تضمحل مثل عزيمتك تشغل حيزا من الفراغ لا يمكنه ان يسد فراغ عقلك الذي ترغب… فالعمل الذي تقوم به بنصب دوما في مصلحة من يدير مكوك الحركة الجانبي في إطار الوقت… هكذا شعرت و هكذا درجت الحقيقة في داخلي بأن تتفشى بالسؤال، هل أنا فعلا ترسا أو عاملا منتجا للآخرين؟!…. أجدني في حال استنطاق عقلي يكون جوابه بلا، فما أنا بالنسبة لهم سوى عامل يستبدل ما ان يصاب العطل اوالتلكؤ، فأنا لا أأخذ من وقتهم سوى عملية استبدال بغيري، أما أنا فيكون مقالي ومآلي مع تروس معطلة منتهية الصلاحية…
مرحى لك يا عبد الله.. أجدك قد تيقنت من كلامي وصار يحدث جلبة في داخلك، بأننا مجرد احجار شطرنج او الاصح احجار دومينو سهل لطمها بعد ان ينادى على الرقم الموسوم على سطح جباهنا… إننا عبد الله عبيد ولكن ليس كما هو اسمك بل عبيد الحاجة والسلطان…تسكن ارواحنا الوحدة والبؤس، الفقر و العوز، عارفين ان هناك من يرقن قيودنا متى ما شاء، وهو يجلس على الطاولة، سواء كانت دائرية او مستطيلة، هي من تجدد البقاء في وجودنا…انهم يا صديقي عوامل تعرية في غير مواسمها ريحهم تهب كي تثير الزوابع او الأعاصير لتعيد هيكلة الاماكن… كثيرا ما شبهتهم مثل مبيد الحشرات… و لا استحي ان اقول أننا نحن الحشرات وهم المبيد… فعالم السيادة يتمدد بات تنوريا ومساهما كاملا في التمكن من الاشياء والاحداث، عالمك او عالمي او عالمنا معا ليس لنا يد او حتى اصبع في المشاركة في تغييره فهناك من يقومون بذلك بدلا عنا.. طبقا لمصالحهم، دعني ابوح لك بحالة مررت بها جعلتني أفكر بطريقة مختلفة عما كنت في سابقتها، أننا في مختلف الازمان والامكنة نعيش عوالم مختلفة منها ما هو متحرك ومنها ماهو متوقف و منها الكثير ماهو معاد في كل شيء أحداثة بنيويته كينونته بكل حذافيرة الصغيرة والكبيرة، المتغير الوحيد نحن والى الأسوأ رغم المظاهر المكتسبة مع التغيير الذي قلت هو الانسان، لذا نرى في أعين بعضنا البعض صور متلاحقة لنفس القطار الذي يسير بسرعة الضوء، ونفس القطار الذي يتوقف في محطات معينة له مسبقا، وعلى منصات ارصفة عليها نفس الاحداث والكم من البشر الذين ينتظرون ان ينتقلوا من محطة الى أخرى، مستنفذين حالاتهم، يرنون المتغير القادم بعنوان الستقبل مع العلم ان الستقبل يحمل حقائبه كما الوهم معهم دون بطاقة تعريفية او تذكرة ركون الى أي جانب إنه متواجد في كل مكان ينوون ان يذهبوا إليه.. إننا مقدمون على عالم الذكاء الاصطناعي الاستغناء عنك وعني بمجرد الضغط على زر ( دليت )…
تمهل يا رشيد اقسم أن ما تقوله قد شهدته وعاينته، كابوسه رافقني، هو الواقع فيما ما قلته نابعا بأن مصدر الحركة في الكون الذي نعيش خارج عن نطاق امثالنا، أجد أن اليد السباقة الاولى التي صنعت لنفسها عالما يتجدد من خلال التوارث العقلي و النفسي والبيئي لا تنفك تعيد الصور بتغيرات الالوان سواء الابيض والاسود او المتلون بأي الوان زيتية او مائية او خشبية او غيرها… لا تنصرم الامور بمجرد استحداث الوجوه بل تعيد الكرة بتقلبات عقلية قد تبدا من المنتصف بدل البداية او من الاخر بل الوسط… إنك كشفت الغطاء عن حيرة نفسي، مكنتها من ان تعيش العالم بمنظور غير متواز، ساجمع حقائب خيبتي ساركن الى حلم الطفولة حيث البراءة عملة نادرة في زمن الرقمية و المبيد الحشري، ولا اخفيك حتى الوجوه المستعارة ما عادت تفي بغرض الخداع فالعالم الرقمي بذكائة الاصطناعي سيشغل كل فراغ و يودع الانسان خانة رقمية لا يتحرك كونها على اليسار و لإننا بتنا مجرد مجسات هلامية… أراك في عالم غير العالم الى اللقاء.
القاص والكاتب
عبد الجبار الحمدي