محمد الزهيري ومحاضرته (مفهوم الأخلاق في النظريات الفلسفية)
نبيل عبد الأمير الربيعي
يُعرّف الفَلاسفة الأخلاق على أنّها دراسة معياريّة للخير والشر تهتمّ بالقيم المُثلى، وتصلُ بالإنسان إلى الارتقاء عن السلوك الغريزي بمحض إرادته الحرة؛ حيث إنّها ترفُضُ تعريف الأخلاق على أنّها مجموعة من القواعد والعادات السلوكية، التي يعتنقها ويؤمن بها مجتمع ما، فتغدو مُلزمةً حتميّة لسلوك الأفراد، ومنظِّمة لعلاقات الإنسان بالآخر والمجتمع، وتختلفُ هذه السلوكات من زمنٍ لآخر ومن مجتمع لآخر. وقد اهتمّت المدارس الفلسفيّة عبر العصور بدراسة الظاهرة الأخلاقية ووضع تعريفٍ وتفسيرٍ لها، كما حَاول الفلاسفة وضع ضوابط وأسُس للقيم الأخلاقية عبر العصور.
كان ضمن برنامج اتحاد ادباء وكتاب بابل الثقافي والفصلي دورة الباحث والمترجم صلاح السعيد محاضرة تحت عنوان (مفهوم الأخلاق في النظريات الفلسفية)، قدمها الباحث محمد الزهيري على قاعة نقابة المهدسين في بابل يوم امس الخميس الموافق 8 حزيران 2023، وكانت إدارة المحاضرة من قبل الباحث نبيل الربيعي.
والباحث محمد الزهيري هو من الباحثين الدؤوبين في نشر المعرفة، ولديه ما يقارب (32) محاضرة متخصصة منها: الدولة المدنية، الدولة الريعية، صندوق النقد الدولي، هيمنة الدولار الأمريكي، هيئة الأمم المتحدة، الهوية الوطنية، الموقع الجيوسياسي للشرق الأوسط، الماسونية العالمية، الخصخصة، انهيار الامبراطورية البريطانية، بدء أفول الامبراطورية الأمريكية. كما لديه قناة على اليوتيوب باسم (الباحث محمد الزهيري).
وفي بداية المحاضرة تطرق المحاضر الزهيري حول الأخلاق من وجهة نظر الفلاسفة أفلاطون وأرسطو وكانط ونيتشة. ووضح مفهوم الأخلاق لهؤلاء الفلاسفة ووجهات نظرهم. وأكد المحاضر على أن الأخلاق تتمثّل في كبح شهوات الإنسان، والتّسامي فوق مطالب الجسد بالالتفات إلى النفس والروح وتوجيههما لتحصيل الخير والمعرفة ومحاربة الجهل. ووضح رأي أرسطو الذي يرى أنّ الأخلاق مُرتبطة بسعادة الإنسان التي هي غاية وجوده، فيعرّفها على أنها الأفعال الناتجة عن العقل، من أجل الخير الأسمى؛ السعادة. أما كانط فيرى أن الأخلاق قد ارتبطت بالإرادة النّابعة من عقل الإنسان الواعي، لا من رغبته، ورأى أنّ التمسّك بالأخلاق وفعل الصواب واجب أخلاقي. كما وضح رأي نيتشه في الأخلاق والتي يرى أن تكون نابعةً من الإنسان نفسه، فعلى كل فردٍ أن يبني عالمه الأخلاقي الخاص، الذي لا يعتمد على العقل وحده، إنما يُمثّل الإنسان كلّه بنقائصه وانفعالاته قبل حكمته. أصل الأخلاق تباينت الآراء في أصل القيم الأخلاقيّة بين الفلاسفة عبر العصور، منهم من رجّح العقل كأساس في التمييز بين الخير والشر، وردّها آخرون إلى عادات وقيم وقوانين المجتمع الذي يعيش فيه الفرد ويلتزم بواجباته تجاهه. من ناحيةٍ أخرى هناك الشرع والدين كمعيارٍ في الحكم على الأفعال من خيرٍ أو شر، وتوجيه سلوكات الفرد لما هو صائب عن طريق التزامه بالأحكام الشرعية. الحاجة إلى الأخلاق يُمكننا القول باستحالة قيام مجتمعٍ دون قيمٍ أخلاقيّة؛ فالأخلاق هي ما يُحدّد معايير السلوك الإيجابي الخيّر، ويُرسّخ مفهوم الواجب لدى الأفراد، كما أنها تكبحُ أفعال الإنسان الشريرة فتقاومها وتهذّبها، وبعبارةٍ اخرى هي ما يُملي على الإنسان ما ينبغي فعله وما لا ينبغي فعله.
وفي ختام المحاضرة كانت هناك عدة مداخلات وطرح للأفكار والآراء بعضها كان منسجم مع عنوان المحاضرة والبعض الآخر خارج الموضوع، وكان من المداخلين كلٍ من: صلاح السعيد، د. رشيد هارون، د, علاء الشمري، عبد الأمير صبار، الاستاذ باسم، عماد محمد، نبيل بربن، غالب العميدي، سيف الحسيني. وقد تم تقديم شهادة تقديرية من قبل الشاعرة وداد الواسطي لكل من الباحث محمد الزهير ومقدم المحاضرة نبيل الربيعي.