الصحافة الصفراء في خدمة نضال أحمدية… سيدة الشوكولا مو… وأم تونسية زميلة لابنها!
لم يكن ينقص السوريون إلا تصريحات نضال أحمدية ليكتمل «النقل بالزعرور». حرب وموت بالجملة ونزوح، أو ربما كان علينا أن نختصر الجملة السابقة بحرب وموت فقط! وذلك لأن النزوح بات شكلا آخر من أشكال الموت التي عرفها السوريون وعانوا منها الأمرين.
لم يكن النزوح خصوصا إلى لبنان هو الملاذ الآمن. لقد تعرض النازحون إلى كثير من الهجومات المبرمجة بالكراهية والعنصرية. وكان أبشعها ما صدر عن «الإعلامية والصحافية» نضال أحمدية صاحبة مجلة «الجرس» المعروفة بمواقفها «المثيرة للجدل».
هكذا انتشر لها مقطع فيديو صغير وهي تقلل من شأن السوريين وتسخر من ثقافتهم محاولة تهميشها بكلمتين «شوكولا مو». نعم لقد اكتشفنا للتو أن الشوكولا مو مهم جدا وهو المعيار الأوحد الذي تقاس به ثقافة الشعوب وتطور حضارتها. احتل فيديو نضال «التنويري» صفحات السوشيال ميديا ولم يعد هناك لا كبير ولا صغير ولا مقمط بالسرير لم يشاهده ويعلق عليه ويتعلم منه.
لقد ظهرت على قناة «صوت بيروت» لتكشف لنا جهل السوريين قائلة:
«الكهرباء ببلاش. حبيبي أستاذ وليد. المي ببلاش. الطرقات لهم والسماء لهم. السوريين عندن هذه الذهنية. ولا بيعرفوا يقولوا «بنجور» ولا غود مورننغ» والطب معربينه. حتى البنسلين بيكتبوها بالعربي».
ثم تتابع حديثها لتلقي الضوء على البؤرة الأكثر أهمية في تحليل الثقافة السورية وفضح الجهل المتغلغل فيها، فتستهل كلامها بـ «هيدي كتير مهم احكيلك ياها». إذن، لنترك كل أشغالنا ونتابع الاكتشاف «النضالي» الذي سيغيّر حال الأمة العربية:
عم قلوا (وقد أرادت الإشارة إلى أحد العاملين السوريين في المطاعم)
بليز بتعطيني شوكولا مو
فقلي: شو؟
قلتلوا: ما بعرف هيدا مش مترجم بالعربي.
انقلبت الدنيا ولم تقعد بعد انتشار المقطع المصور واحتل هاشتاغ شوكولا مو كل وسائل التواصل الاجتماعي، وكيف لا والشعب السوري يسعى إلى التطور منذ زمن بعيد، وقد جاءته فرصة الخروج من زمن الجهل على طبق من ذهب وفي حفظ كلمة السر الوحيدة «شوكولا مو»!
وفي محاولة أعمق وأبعد لكسب مزيد من العلم والتطور حاول عدد من المؤثرين العرب تحليل منتج الشوكولا مو الذي هز الأمة وقد توصلوا لفك اللغز وأيقنوا أنه ليس وجبة رئيسية، بل يؤكل كتحلية. ولكننا مازلنا ننتظر التحليل البعدي من السيدة نضال لكميات الشوكولا مو الفيزيائية.
ويبقى السؤال كيف بثت القناة هذا المستوى المتدني لحوار سخيف ومعيب بحق شعب عرف بتاريخه وحضارته؟ وما هي الإجراءات القانونية التي اتخذتها نقابة الصحافيين بحقها؟ وكيف يمكن السكوت عن خطاب عنصري يسيء إلى مهنة الصحافة قبل الإساءة إلى الشعب السوري.
لقد رد عدد كبير من المشاهير على فيديو أحمدية ومن أبرزهم معتصم النهار الذي غرد عبر تويتر: «عليكم قبل كل شيء بالمحطات والإذاعات والإعلاميين الذين يستضيفون هذه المعتوهة. إنهم على علم تام بأنها سوف تسيء لشعب كامل ومع ذلك يقومون باستضافتها وفتح الهواء لها لحصد الترند، ثم يتهربون من المسؤولية بحجة أنه رأيها الخاص. شركاء معها بالقذارة».
إن الضجة الكبيرة التي حصدتها تعليقات الأحمدية أدت إلى إغلاق حساباتها على السوشيال ميديا. ولكن هل هذا العقاب كاف بحق من ينشر التفاهات والعنصرية؟ وهل ستواجه الأحمدية عقوبات قانونية توقفها عند حدها لتكون عبرة لكل من لا يعرف قيمة الصحافة وأهدافها ولا يقدر حجم مسؤولية السلطة التي منحت له من خلال هذه المهنة.
مازال هناك متسع من الوقت لتحقيق الأمنيات!
ومن لبنان إلى تونس حكاية مؤثرة تفاعل معها عدد كبير من رواد السوشيال ميديا. إنها حكاية امرأة أحبت العلم وناضلت كي تحقق حلمها. فكيف بدأت القصة؟
إنها دالينا قطاطة سيدة تونسية، عمرها 41 عاما، تزوجت وهي صغيرة لا يزيد عن 17 عاما وأنجبت أبناءها وانشغلت بهم وبتعليمهم قدر استطاعتها. وبقي حلمها في متابعة علمها أمر لا تجرؤ على البوح به لأن الأولوية بالنسبة لها كانت للأولاد ولنجاحاتهم في الدراسة والحياة.
ولكن حبها للعلم دفع ابنها بلال البالغ من العمر 21 سنة على تشجيعها للعودة للدراسة، تماما كما كانت تحفزه هو واخته على متابعة علمهما وتحرص على دعمهما لتحقيق أهدافهما ونيل الشهادات العليا.
هكذا تمكن من إقناعها بتقديم امتحانات الثانوية العامة التي نجحت فيها. يخبرنا بلال عن أمه بفخر واعتزاز قائلا:
«دائما نشوف أمي تحب تقرأ. عندها حب المطالعة. لذلك جاءتني الفكرة وقلت لها لماذا لا تقدمين على الباك معي في نفس الوقت».
فرحت أم بلال باقتراح ابنها ودخلا الجامعة معا لتصبح الأم زميلة ابنها. وبعد عدة سنوات من الجهد والتعب والدراسة تخرجت قطاطة من كلية القانون فيما تخرج ابنها من كلية المحاسبة.
تقول إنها تشعر بالفخر والفرح وهو نفس شعور كل من يسمع بقصتها. لقد أصبحت بعزمها ومثابرتها مثلا تحتذي به المرأة التونسية والعربية.
هناك نساء يحملن مشاعل النور لتسقط العتمة وأخريات يسقطن السراج تحت المكيال!
كاتبة لبنانية