تعالوا نتشارك حزنا مع الايزيديين في اعيادهم
زهير كاظم عبود
وتمضي سنوات من القهر والحزن تتخللها أعياد ومناسبات دينية يحتفل بها الايزيديون ٬ تزيدهم حزنا فوق حزنهم ٬ سنوات عجاف لم تزل بناتهم مغيبات مختطفات مقهورات حبيسات ٬ لم تزل الأمهات ينتحبن صمتا كل يوم ٬ تبحث عيونهن في المسالك والممرات والدروب لعل وجه يشبه فلذات اكبادهن ٬ ولعل خبرا يمكن ان يعيد لهن بارقة من الامل ٬ بل ولعل ضمير الانسان يصحو فيعيد تلك الكائنات البشرية الى اهاليهن ٬ الإباء الذين ينتظرون الليل والسكون لينتحوا في احد زوايا الخيمة او الكرفان الذي اكرمتنا بها الأمم المتحدة ليذرفوا دموعا وأهات بصمت المنكسرين ٬ خيام وعربات من الخشب المضغوط لا تقي الحر والبرد تكون بديلا عن بيوتهم الريفية ومزارعهم الفسيحة والهواء الطلق .
تمضي الأعياد والكل يحتفل الا الايزيدي لم يزل ينتظر ان تتحرر ابنته وتتخلص من اقفاص وأماكن في الجزيرة او في قرى غريبة عنها ٬ تمتلا رؤوس الأمهات بسؤال يقينا هو سؤال كل من يملك الضمير ٬ كيف تعيش تلك الفتيات ؟ من يمشط شعر الصغيرات ويظفر الضفائر ؟ من يطمئن على نومهن ؟ ماذا يلبسن وماذا يحتاجن في هذا الاسر ؟ كيف يتم التعامل معهن وكيف صارت اشكالهن اليوم ؟
لنتشارك اليوم مع الأمهات في حزنهن وندعو لعل هناك من يتحرك ضميره وشرفه ونخوته ولو لحظة واحدة ٬ لعل هناك بقية من رجولة وشهامة ٬ فيسعى لمساعدة من تبقى من البنات ليساهم في اعادتهن الى اهاليهن ٬ كيف يمكن ان نمسح دموع الأمهات والشيوخ الذين يترقبون حتى في لحظات الاحتضار والعيون شاخصة نحو لالش هل ستعود بنات الايزيديات ويلتقين بأهاليهن ؟ هل يعرف الجيران ان هناك ابنة لعائلة مختطفة تعيش قسرا وجبرا ٬ مقيدة بسلاسل او مربوطة بحبل او حبيسة انفاق وسراديب وغرف مقفلة ؟ هل يعرف أحدا منهم ان مثل هذه المحنة التي تعيشها العائلة الايزيدية والتي تكررت عبر التاريخ لا تغير من حقيقة بقاء الايزيدية على امتداد الزمن ٬ لا العوران ولاالعرجان ولا من غاب عنهم ضمير الانسان تمكنوا من إبادة كل هذا الدين وأهله ٬ ولا الذبح بالسكين او باستعمال السيوف ولا بحصد الأرواح بالرصاص قد اباد هذا المجتمع ٬ اذن دعونا نتشارك حزنا في احتفالاتهم الدينية ونمسح بعضا من دموع الأمهات ٬ دعونا نحتضن الإباء ونزيدهم صبرا فوق جراحهم التي لم تطيب ٬ دعونا لا ننسى مصابهم الكبير وهم يتحملون جبالا من الحزن والقهر بعدم معرفة مصير البنات ٬ دعونا نكون نحن اهل الضحايا وهم من يواسي الجراح ٬ كيف يمكن ان يمر النهار مظلما والليل يزداد اسودادا كل يوم ؟ كيف يمكن ان تنظر عائلة اختطفت بناتها وقتل شبابها كل تلك السنين ؟ وسيبقى الشيوخ يكتمون حزنا كبيرا يوجع قلوبهم وهم يلحون بالسؤال عن مصير بناتهم بعد ان انقضت فترة الذبح عنهم بانتظار فترة أخرى قادمة ؟ فلم تزل مخالب الوحوش حادة ٬ ولم تزل انياب الكواسر متلبسة في اشكال بشر ٬ ولم تزل الكراهية والحقد منتشر٬ ولم تعد تكفي كل دموع الايزيديات عجائز او أمهات او بنات صغيرات ٬ ولم تعد الأيام الممتلئة بالحزن والقهر تكفي لفرح قادم ٬ ولم يزل الايزيديون مقيمين في مخيمات ينفقون أعمارهم ومستقبلهم لا يجدون جوابا صريحا وصادقا عن أسباب كل ذلك ٬ لنتشارك معهم في موقف حزين في أيام الأعياد التي يفرح بها كل البشر سواهم ٬ اليس تلك الأيام الذاهبات او القادمات امتدادا لإبادتهم ؟ لنتشارك معهم في موقف انساني يجمعنا كبشر .