ج6/ مفردات عربية فصيحة في اللهجة العراقية اعتبرت مندائية خطأ
علاء اللامي*
مفردات:إنچسح، أنگر،إويليه، يصمد، چبشة، إيصوصي، باوع، باچة، بارية، بخش، إيصوصي، باچة، باگ، بالعجل. بالقير، بتول، بخش، بذرة:
تذكير مكرر: ولتسهيل قراءة قوائم المفردات، سأكتب المفردة أولا كما تلفظ في اللهجة العراقية، ثم علامة مساواة وبعدها لفظ المفردة في المندائية كما ذكره المؤلف بين قوسين كبيرين، ثم معناها في المندائية أو اللهجة العراقية، ثم أختم الفقرة بتعليقاتي أو استدراكاتي عليها مع التوثيق التأثيلي من المعاجم على كونها عربية وحسب ترتيب ورود هذه المفردات في الكتاب المذكور:
40- إنچسح/ إنكسح =(كسا) وتعني في المندائية يخفي، يغيب، والأقرب هو معناها العربي من الفعل كسح في زنة “انفعل”. نقرأ في المعجم الوسيط (كسَح الشَّيءَ كنَسه، أزاله، أذهبه، قطَعه: كسَح البيتَ، – كسَحتِ الرِّيحُ الورقَ، – كسحتِ الرِّيحُ الأرضَ: قشرت عنها التُّرابَ، – كسح الحلاقُ أرضَ دكانه).
41-أنگر =(أگارا) عقد شدة ربطة. وهذه الكلمة من الكلمات السومرية والبابلية التي وردت في كتاب طه باقر “تراثنا اللغوي القديم”، وتعني أنجر السفينة وهو الأداة الحديدية المربوطة بحبل التي تلقى في الماء لتثبيت السفينة.
42-إهيَ =(إهي) تعني في المندائية هي، إنها. ومعناها في اللهجة العراقية “هاهي” للإشاراة إلى الشيء واللفظة مدغمة كما يُلاحظ من هاهي.
43- إويليه =(والاي) وتعني في المندائية واأسفي. وكلمة ياولي العربية أقرب وهي موجودة بهذا اللفظ أو ماهو قريب منه في لهجات مصر والشام (أولي).
44- إيجبش وچبشة = (كبش) يكبس يضغط يرص في المندائية. علما أن هناك فعل عربي هو “كَبَشَ” قد يكون ذا علاقة بهذه المفردة ويعني (كَبَشَ الشَّيْءَ: تَنَاوَلَهُ بِجُمْعِ يَدِهِ/ معجم المعاني)، أو أنها كبس وحدث فيها إبدال بين السين والشين وهو عادة ما يحدث في اللغات الجزيرية “السامية”.
45-إيد=(إيد) ومعناها في المندائية يد. وهذا تخريج غريب حقا لا يربط بين يد العربية ويْد العامية لأن الحرف الأول منها ساكن! ثم ماذا نقول عن لفظها بهذا اللفظ في مصر والشام والجزيرة وماذا نقول لأم كلثوم وهي تغني (حطيت على القلب إيدي وأنا بودع وحيدي)؟ هل هم يتكلمون بكلمات من اللغة المندائية أيضا؟ هذه مبالغة لا علاقة لها بعلم التأثيل اللغوي (إيتيمولوجيا)!
46- إيديات جمع إيد =(إيدياتا): الملاحظة السابقة نفسها تقال هنا.
47-إيصمد=(صمد) وتعني بالمندائية يضم يخزن يحزم يربط. وفي العامية العراقية تعني يكنز النقود ويخزنها، وربما كانت لها علاقة بالفعل العربي صَمَدَ ونقرأ عنه في أحد معانيه (صَمَدَ القارُورةَ ونحوها: سَدَّها بالسِّداد. وصِمَادٌ: سِدادُ القارورَةِ، أو عِفاصُها، وقد صَمَدَها).
48- إيصوصي =(صويا) وتعني في المندائية قفر خواء صحراء. وهناك معنى آخر لها في العامية هو صوت الدجاجة أو فراخها وربما كانت له علاقة بصِيصَانَ الدَّجَاجَة: أَفْرَاخهَا، فِراخها. أما لفظها في المندائية “صويا” فبعيد عن لفظها في العامية العراقية بعدا ملحوظا “يصوصي”.
49-إب=(إب) الحرف الثاني في اللغة المندائية. وهو ذلك في اللغة العربية “باء” ولا مدعاة بالتالي لزجه في الموضوع.
50-باوع = ويربط المؤلف بينها وبين يباوي والربط ضعيف قياساً إلى المعنى في اللهجة العراقية بمعنى ينظر. وقد فوجئتُ بأن الكلمة موجودة في اللهجة الجزائرية بالمعنى نفسه فهل هي من بقايا لهجة عربية قديمة؟ وأقول فوجئت لأنني عشت في هذا البلد ست سنوات ولم أسمعها على ألسنة الناس في منطقة الجزائر الوسطى، وربما كانت تقال في مناطق أخرى. يقولون في الجزائر (باوع مليح وش نعمل بيدّيّا: أي أنظر جيدا ما أفعل بيديَّ).
51- باچة =(باشلا) وتعني في المندائية نضوج، طبخة وهو معنى بعيد عن معنها في اللهجة العراقية والخليجية وهي رأس الخروف المطبوخ. والكلمة كما أعتقد تركية (Başa) وفارسية لأن كلمة باشا تعني في اللغتين الرأس والقمة ومن مشتقاتها أو استعمالاتها رتبة الباشوية “باشا”.
52-بارية =(بوريا) حصير مصنوع من القصب. الكلمة أكدية تلفظ “بورو” وهي عربية أيضا وكثيرة الورود في النثر التراثي والفقهي رغم عدم تأثيلها في المعاجم القديمة. ذكرتُ مثالين على ورودها في التراث في كتابي “الحضور الأكدي والآرامي والعربي الفصيح في لهجات العراق والشام”: نقرأ في “عقدة الصابرين” (فجعل يحمد الله ويثنى عليه حتى لم يكن له فراش إلا بارية). في “البداية والنهاية لابن كثير” (وقعة درب الحجارة كانت لأصحاب الأمين، قتل فيها خلق من أصحاب طاهر، كان الرجل من العيَّارين والحرافشة من البغاددة يأتي عريانا ومعه بارية مقيرة … (أغلب ظني إن العيار البغدادي المذكور كان يستعمل بارية مقيرة كزورق أو طوف على النهر / ع ل).
53- باگ =(بقا) وتعني في المندائية يبحث يفتش. والمعنى المندائي بعيد عن العراقي حيث تعني سرق. وربما وجدت في لغة جزيرية أخرى ولم أطلع عليها.
54-بالعَجَل=(إبلگال) وتعني في المندائية بسرعة وفورا. والكلمة عربية فصحى مجرورة بالباء نقرأ في معجم المعاني (عجَّل فلانًا استعجله، أعجله، تعجَّله؛ حثَّه على الإسراع -عجَّل الأبُ ولدَه في المذاكرة – عجِّلْ في سيرِك).
55- بالقير =(قريا) تعني في المندائية الحظ العاثر والبلاء والنكبة وهي معاني بعيدة عن المراد العراقي والتي تعني (إلى قير) وأحيانا يضيفون إليها (وبئس المصير). وفي المعجم (قِيرُ وقارُ: شيءٌ أسْودُ يُطْلَى به السُّفُنُ والإِبِلُ، أو هُما الزِّفْتُ). ويذكر المؤلف ذلك ولكنه ينكره ويكابر فيرجح النسبة الى النكبة والبلاء وهذا تخريج غير صحيح ومتعسف.
56-بت=(فت) وتعني ابنة وبنت. والأقرب هي إلى العربية بنت كما تلفظ في اللهجات العربية المصرية والشامية وفي الجزيرة والخليج وليس في العراق فقط، أما هذا التخريج الذي يقول به المؤلف بإحالتها الى “فت” المندائية هو من التعسف التأثيلي والمبالغات الشعبية اللاعلمية.
57-بتول =(فتول) وتعني في المندائية بتول. والكلمة عربية فصحى نقرأ عنها في المعجم الغني نقرأ: [ب ت ل]. (صيغة فَعول لِلْمُبَالَغَةِ). عُرِفَتْ مَرْيَمُ العَذْرَاءُ باسْمِ البَتولِ: أَي العَذْراءُ. وَهُوَ مِنَ الأسْماءِ الَّتِي تُطْلَقُ عَلَى النِّسَاءِ؛ كَما يَعْنِي الْمَرْأةَ الْمُنْقَطِعَةَ عَنِ الزَّوَاجِ. وفي معجم الوسيط نقرأ (البتول من النِّسَاء الْعَذْرَاء المنقطعة عَن الزواج إِلَى الله).
58- بخش =(بخش) حفر نبش في المندائية. والكلمة عربية وردت في معجم محيط المحيط (بَخَش: ثقب، نقب، خرق، حفر).
59- ومثلها يبخش.
60-بذرة =(بـ +زر) وتعني بذرة. الكلمة عربية، والمؤلف يعرف ذلك، ولكنه يكتب (وما يجلب الانتباه والتمييز حقا أن استخدام اللغة العربية لكلمة بذرة ماهو في الأساس إلا تأسيس على كلمة بزرا في اللغة المندائية). وهذا تخريج خاطئ، والصحيح ان بذرة وبزرة لغة (لهجة) فيها، وكلاهما عربية. أما في المندائية فهما حرف الباء ثم “زر”. أما في معجم “لسان العرب” لابن منظور فنقرأ (هُوَ مَا عُزِلَ مِنَ الْحُبُوبِ لِلزَّرْعِ وَالزِّرَاعَةِ، وَقِيلَ: الْبَذْرُ جَمِيعُ النَّبَاتِ إِذَا طَلَعَ مِنَ الْأَرْضِ فَنَجَمَ، وَقِيلَ: هُوَ أَنْ يَتَلَوَّ نَ بِلَوْنٍ أَوْ تُعْرَفَ وُجُوهُهُ، وَالْجَمْعُ بُذُورٌ وَبِذَارٌ. وَالْبَذْرُ: مَصْدَرُ بَذَرْتُ، وَهُوَ عَلَى مَعْنَى قَوْلِكَ نَثَرْتُ الْحَبَّ). يتبع