أبو طبر .
أبو طبر .
علي حسين
من جديد، يدخل العراقيون جميعاً في لعبة “اللجان”، وأعني بها لجان التحقيق، فقد قرأنا عن تشكيل لجان متنوعة، لكننا لم نقرأ حتى هذه اللحظة: ما الذي توصلت إليه اللجان؟. تُشكل لجان، وبعد؟ سيتحول بيان اللجنة إلى ملف سري “يُدفن” في جرّار من جرّارات الدولة التي تقف متفرجة، وهي تقرأ وتسمع وتشاهد ما يجري على أرض الرافدين.
مشهد الناس التي تصرخ لأن البعض استولى على أراضيها بقوة السلاح، ومشهد سرقة مصفى بيجي ثم عودته الميمونة.. مشاهد تذكرنا بما جرى لشباب تشرين، وقد شكلت الدولة عشرات اللجان للبحث عن الجناة، لكن النتيجة: لا أرى لا أسمع لا أتكلم!
في مشهد يذكرنا بجرائم “أبو طبر” في بغداد بداية السبعينيات، أخبرنا أحد الذين تم الاستيلاء على أرضه في منطقة الجادرية أن أحد المتهمين اسمه “أبو طبر” ياسلام.. في دولة تتغنى بشعار “دولة القانون” يعود لنا أبو طبر وهذه المرة بمساعدة أجهزة حكومية تتولى ابتزاز الناس وتخويفهم وإجبارهم على ترك أراضيهم .. دون أن يعرف المواطن المغلوب على أمره ، متى سيُقدم نموذج “أبو طبر” الجديد إلى العدالة.
عندما تسأل عن قضية رهام يعقوب التي اغتيلت في مثل هذه الأيام قبل ثلاث سنوات، لمجرد أنها خرجت تتظاهر ضد الفساد، فاتهمت بالعمالة للسفارة الأمريكية، من قتلها؟، وماذا فعلت الدولة للثأر لها؟، ولماذا لم تعلن نتائج التحقيقات؟ سيقولون لك هذه أسرار وأمن وطني.
وهذا السكوت عن القتل والسرقة ونهب ممتلكات الناس هو بحد ذاته موافقة صامتة على أن يواصل نموذج “أبو طبر” السيطرة على مقدرات البلاد والعباد.
في كلّ يوم نسير عكس اتجاه العالم، لكننا في الصباح نشكو المؤامرة التي تمنعنا من إصلاح منظومة الكهرباء ، الإمبريالية اللعينة حرمتنا من خبرة البروفيسورة عديلة حمود في إنشاء أحدث المستشفيات ولم تسمح لعبقري مثل محمد إقبال أن يطور مناهج التعليم، ونافست أيهم السامرائي على المليار دولار التي نهبها في وضح النهار، كل ما نحن فيه مؤامرة تحتاج إلى لجنة من الخبراء لا يعرف المواطن المسكين لونهم وطعمهم ورائحتهم..
عندما يقرر البعض أن يبيح لنفسه الاستيلاء على القانون، فأيّ لجان يحدثون الناس عنها؟ لذلك تتحوّل قرارات اللجان إلى نوع من أنواع السخرية من الناس.. وأتمنى ألّا يسخر مني البعض ويقول: يا عزيزي صدّعت رؤوسنا في هذا المكان بالحديث عن الروايات وكتّاب الخيال، بينما الواقع يقول إن المواطن محتار هل يصدق تقرير اللجنة التي تقول إنها لا تريد الكشف عن أسماء الذين يريدون ان يلفلفوا ممتلكات المواطنين حفاظاً على النسيج الوطني؟ أم يصدق بيانات جهات تقرر وتنفذ رغم أنف اللجان واصحابها ؟ .