الالكترونية في القانون العراقي
زهير كاظم عبود
التطور التكنلوجي الذي اصبح اليوم علما يتسابق الانسان في استخدامه وتطويره وتطويعه ٬ وسواء كان هذا التطور فعلا يساهم الانسان بنشاطه او تطويع الأجهزة المستخدمة للمساهمة او المساندة لهذا النشاط ٬ ويستغل بعض الناس استخدام هذه التقنيات بشكل سيء او خاطئ سهوا او عمدا ٬ وبهذا الشكل يتحول هذا الاستخدام الى فعل اجرامي يعاقب عليه القانون ويستهجنه المجتمع ٬ ويتباين هذا الفعل الاجرامي المرتكب في التوصيف القانوني للفعل المخالف للقانون من حيث جسامة الفعل بين الجناية والجنحة والمخالفة ٬ ويتم ارتكاب الفعل من قبل شخص او عدد من الأشخاص او شركات ٬ مثلما تتباين الأسباب والقصد الجرمي .
ولما كان أي فعل مخالف للقانون ينبغي تجريمه ومعاقبة فاعلة بوجود نص قانوني نافذ ينص على ذلك ٬ كما ينبغي ان يكون هذا الفعل نتيجة السلوك المخالف للقانون ٬ وان تكون إرادة الفاعل متوجهة لارتكاب هذا الفعل أي ان القصد الجرمي متوفر وهادفا الى تحقيق النتيجة الاجرامية ٬ وسواء كان الفاعل وحده او كان شريكا او مساهما او محرضا ٬ لذا فان الأفعال الالكترونية المخالفة للقانون يجب ان تتوفر لها النصوص القانونية الرادعة المتناسبة مع جسامتها وخطورتها في امن واستقرار المجتمع .
والأجهزة الالكترونية المتنوعة والتي تتحكم بها الشبكات الالكترونية من أجهزة الكمبيوتر وانواعها وصولا الى أجهزة الهاتف المحمول ٬ تم اختراعها وتصنيعها لخدمة الانسان وتسهيل وتلبية خدماته وحاجاته بما يتناسب مع التطور العلمي في كافة الأصعدة الصناعية والثقافية والاجتماعية ٬ ولهذا فان بعض الافراد يتخصصون في هذا المجال لما تتميز به قدراتهم ومهاراتهم الفنية والعلمية ٬ غير ان بعض الافراد من بين المتخصصين بمعرفة وتقنية هذه الأجهزة يرتكبون افعالا مخالفة للقانون بالإساءة الى افراد اخرين بقصد شخصي او بتكليف من اخر او من مجموعة أخرى ٬ او يمكن ارتكاب أفعال السرقة والاحتيال واختراق أجهزة الحاسوب لأفراد او لشركات اوجهات سياسية او جهات أخرى ٬ ويتم ذلك عبر أساليب الاحتيال والاستغفال عبر المراسلة الالكترونية في الأجهزة ٬ او اختراق جهات او شركات لأجهزتها وسرقة ما تخزنه من معلومات وإعادة استخدامها بشكل سيء او مضر بتلك الجهات ٬ او الاستحواذ على الصور الشخصية وإعادة ترتيبها بشكل مسيء او مخجل وتهديد أصحابها لكسب المال او الايغال بالإساءة لهم ٬ وكانت قد انتشرت قبل فترة عمليات سرقة المقالات والكتابات وإعادة ارسالها بأسماء أخرى ٬ كما يحدث أحيانا ان يقوم فرد باختراق موقع او شبكة لبث اخبار او صور مسيئة او مخالفة للأخلاق ويرفضها المجتمع ٬ او ان يقوم بتعطيل عمل الموقع او ما توفره الشبكة الالكترونية للمستخدمين .
قانون العقوبات العراقي رقم ١١١ لسنة ١٩٦٩ المعدل لم يكن مواكبا لهذه الجرائم مع انه نص في المادة ١٨٢ علي معاقبة من ينشر او يذيع اخبار بأية صورة وعلي أي وجه وبأية وسيلة معلومات او صور او وثائق او مكاتبات او غير ذلك خاصة بدوائر الدولة والمصالح الحكومية وكانت محظور نشرها او اذاعتها ٬ كما ورد في بعض مواده تعريف الاصطناع في المادة ٢٩١ عقوبات( انشاء محرر لم يكن له وجود من قبل ونسبته الى غير محرره دون ما ضرورة لتعمد تقليد محرر بالذات وخط انسان معين ) ٬ وعاقب في المادة ٣٦١ من عطل عمدا وسيلة من وسائل الاتصال السلكية او اللاسلكية المخصصة للمنفعة العامة ٬ وفي المادة ٤٠٣ عاقب صانع او مستورد او حائز المطبوعات والكتب والرسوم المخلة بالحياء والآداب العامة ٬ وفي المادة ٤٠٤ عاقب كل من جهر باغان او اقوال فاحشة او مخلة بالحياء بنفسه او بواسطة جهاز آلي وفي محل عام ٬ وفي المادة ٤٣٢ عاقب كل من هدد بالقول او الفعل او الإشارة كتابة او شفاها ٬ واعتبر في المادة ٤٣٤ أفعال رمي الغير بما يخدش الشرف او الاعتبار او جرح المشاعر وان لم يتضمن اسناد واقعة معينة من الظروف المشددة اذا وقع بطريق النشر بالصحف او المطبوعات او طرق الاعلام الأخرى .
ولما كان قانون مكافحة الجرائم الالكترونية يهدف الى مكافحة هذه الجرائم التي تشكل تهديدا لأمن المجتمع وامن الدولة والاستقرار بالإضافة الى ان التطور السريع في مجال تقنية المعلومات تستوجب توفير الحماية القانونية ومعاقبة كل من يرتكب فعلا يخالف القانون واقتران تلك العقوبات بالظروف المشددة عند فرض العقوبة ٬ خصوصا بعد ظهور حالات الابتزاز والانتحال والاحتيال والتعدي على الشرف والأخلاق وقيم المجتمع وظهور صور جديدة تتمادى في افعالها تتحدى القانون والمجتمع وتطوع العقل العلمي والفني الى عقل اجرامي مقترن بخلل نفسي ليكون ضرره كبيرا ٬ وتمس بالحياة الخاصة للأفراد وتهدد الأمن الوطني والسيادة الوطنية وتضعف الثقة بالتقنيات الحديثة وتهدد ابداع العقل البشري ومن اجل توفيــر الحماية القانونية لنظم الحاسوب التي تعمل الدولة على تشجيع الاعتماد عليها في الانشطة كافة خصوصا وان العراق يضع اقدامه حديثا سالكا طريق التطور التقني والمعلوماتي الذي يساهم بشكل مؤكد في ترصين خطوات بناء دولة القانون التي ينشدها الجميع .