ج7/ مختارات أخرى من مفردات عربية فصيحة في اللهجة العراقية اعتُبِرَت مندائية خطأً
علاء اللامي*
كلمات هذا الجزء: “كباب- كديش – گرصة -زكرتي – جوزل – گصيل – كلاو – گمط – گوصرة – خاچية”. شكرا لكم مقدماً على تعليقاتكم انطلاقا من لهجاتكم العربية الجميلة تصحيحاً وإضافة: وأود الإشارة إلى أن أرقام هذه الفقرات وصياغتها اللغوية ليست نهائية فهي مسودات عرضة للتغيير والحذف والإضافة؛ سيكون ترتيب الفقرات أدناه كما يلي: رقم الفقرة ثم الكلمة كما تلفظ في اللهجة العراقية ثم علامة مساواة وبعدها لفظ الكلمة في اللهجة المندائية بين قوسين ثم معنى الكلمة في المندائية فمعناها في العراقية فرأيي الشخصي بهذا التخريج مع التوثيق المعجمي:
436- كباب =(كباب) يقول المؤلف أنها من الفعل گبَّ في المندائية ولم يذكر معناه، ولكنه عاد وذكر أن “هذه الكلمة وردت في الأكدية بلفظ “كبابو” وقد حفظتها المندائية بعدها”. والمفردة موجودة أيضا في العربية نقرأ في معجم المعاني (كبَّب اللَّحمَ جعله كباباً: هو يكبِّب الكبابَ ونحن نأكله). وأصلها في لسان العرب لابن منظور هو (تكبَّب الشَّيءُ: صار على شكل كُبَّة، وهي ما جمع من الصوف أو الغزل على شكل كرة). وفي المعجم الوسيط نقرأ (الكَبَابُ: اللحمُ المُقطّع يُشْوَى على الجَمْر). سبق وأنْ قلنا إن المندائية هي فرع أو لهجة من اللغة الآرامية، والآرامية والعربية والأكدية بلهجتيها البابلية والآشورية لغات شقيقة من عائلة لغوية واحدة ولا تثريب على وجود مفردات كثيرة مشتركة في هذه اللغات.
441- كديش =(كدش) وتعني في المندائية يقاتل، يضرب، يطعن. وهذا المعنى لا علاقة له بهذه المفردة العربية الفصيحة والواردة في العامية العراقية وعاميات عربية أخرى ونقرأ في المعجم المعاني والمعجم الوسيط: ” الكَدِيشُ: الفرسُ غيرُ الأَصيل”. ذكرها المعجمي السعودي محمد بن ناصر العبودي في معجمه “كلمات قضت” قال: “الكديش من الخيل: الرديء غير الأصيل منها، حصان كديش وفرس كديش، ويصفون به الرجل غير الحصيف”. والكلمة معان أخرى في المعاجم القديمة كلسان العرب ومختار الصحاح وتاج العروس. ويبدو أن المفردة من المُولَّد أي المُحْدَث.
449- گرصة =(گريساتا) وتعني في المندائية ما يصنع من طحين الحنطة، والمؤلف ينكر أي علاقة لهذه الكلمة بكلمة “قرص” العربية ويعتبرها آرامية لأنها مشتقة في نظره من الفعل المندائي (گرص) الذي يعني طحن وسحق. وهذا تخريج مفتعل ولا معنى له فالگُرصة هي القُرصة ملفوظة بقاف حميرية (جيم قاهرية) والكلمة عربية وموجودة في العديد من اللهجات العربية ولا تحتاج إلى لف ودوران!نقرأ في المصباح (القُرْصُ: معروف والجمع أقراص مثل قفل وأقفال، و “قِرَصَةٌ” مثل عنبة، و “قَرَّصْتُ” العجين بالتثقيل: قطعته “قُرْصًا قُرْصًا”) وفي الصحاح (ويروى “قَرِّصيهِ” بالتشديد. قال أبو عبيد: أي قَطِّعيهِ به. بالضم والقُرْصَةُ من الخبز).
458-زكرتي = (گزل) لاحظ الفرق اللفظي الكبير بين الكلمتين. ويشتقها من الكلمة في الفقرة السابقة (جزيرة – يگزر) وتعني الكلمة في العامية كما يقول الأعزب المنفرد. ومعروف أن كلمة زقرت وزكرت كما تلفظ في العراق والشام كلمة تركية تعني الشاب المفلس وخالي الجيب ولكن المهتم كثيرا بهيئته، أما في العراق والشام فيعنون بالكلمة الشاب العازب غير المتزوج وفي الشام يضيفون إليها صفات أخرى من قبيل الخلوق الشجاع.
460-جوزل =ويشتق المؤلف كلمة (جوزل) من المفردة في الفقرة السابقة ويقول إنها تعني اقلع واترك ويضرب لها مثالا في قولهم (جوزل أحسن لك)! وما أعرفه أن الكلمة لا تقال بهذا اللفظ “جوزل” بل “جوز” أي توقف وتجاوز أو جاوز هذا الأمر واتركه. وربما خلط المؤلف الكلمة بما بعدها من قبيل (لَك =ويلٌ لك، وتلفظ في اللهجة الشامية ولاك)، فيقال (جوز لَكْ من هذه الحركات البايخة) فجعلها المؤلف “جوزل”! ويمكن أن نستشهد بالكثير من العبارات التي تؤكد ما نقول ومنها قولهم (هذا الولد ما يجوز من المشاكل…)، ومن ذلك أيضا، نتذكر الأغنية المشهورة للمطربة الراحلة عفيفة إسكندر والتي يقول مطلعها:
جوز منهم لا تعاتبهم بعد جوز…شِلك عدهم ناس ما إلهم عهد جوز.
465- گصيل =(كُسيل) وتعني في المندائية قطعة أو شريحة. أما في العامية فتعني الحشيش والعشب المقطوع أي المجزوز. والكلمة عربية فصيحة ونقرأ في لسان العرب (القصيل ما اقتُصِل من الزرع أَخْضَرَ، والجمع قُصلان، والقَصْلة: الطائفة المُقْتَصَلة منه، وقَصَل الدابةَ يَقْصِلُها قَصْلاً وقَصَل عليها: علفها القَصِيل)، وفي معجم المعاني (قصيل: مقطوع. – قصيل: زرع يقطع أخضر لعلف الدواب). والمؤلف يعرف ذلك ويكتب (والكلمة ترد في اللغة العربية على قصيل أيضا)، ولكنه يرجح أنها (قد جاءت من الكلمة في اللغة المندائية)!
471- كفار =(كفار) والأصح گُفار بالقاف الحميرية. وتعني في المندائية يمحو يحذف يخلو. وفي العامية تقال على الطعام الخالي من اللحم والأدام فيقال التمن (الرز) گُفار، إذا كان يخلو من السمن أو المرق واللحم. والكلمة عربية فصيحة وتلفظ بالقاف العادية “قفار” من قفر ومقفر ونقرأ في معجم المعاني (القَفْرُ: الخَلاءُ من الأَرض لا ماءَ فيه ولا ناسَ ولا كَلأَ) وفي الرائد (أقفر: جاع. – أقفر البلد: وجده خاليا مقفرا). ولأبي العلاء المعري بيت يصف فيه طعام عشائه بأنه قفار:
أقفرتُ منْ جهتينِ: قَفرِ مَعازَةٍ …….. وطعامِ ليلٍ جاءَ، وهو قَفار
475- كلاو =(كلولا) تعني في المندائية حجاب غطاء. واللفظ المندائي بعيد عن لفظها في العامية العراقية وكذلك معناها فهي تعني في اللهجة العراقية قبعة مخروطية توضع على الرأس وتعني أيضاً الخدعة وتستعمل بالمعنيين كُلّا في سياقه. لم أجد لها جذر في اللغة العربية فليس كل ما ليس له جذر عربي يكون مندائياً حكماً حتى إذا كان بعيداً لفظاً ومعنى، فقد تكون قادمة من لغة أخرى! وهناك رأيان في أصل كلمة كلاو. الأول إنها كلمة فارسية تعني القبعة الصغيرة توضع على الرأس، والثاني يرجعها إلى كلمة كلون (CLOWN) الإنكليزية والتي تعني المهرج.
480- گمط =(گمط) يقمط يشد يقيد. وهذا هو معناها أيضا في اللغة العربية القديمة. نقرأ في لسان العرب (قَمْطُ: شَدٌّ كشدّ الصبيّ في المَهْدِ وفي غير المهد إِذا ضُمّت أَعضاؤه إِلى جسده ثم لُفَّ عليه القِماطُ. قال ابن سيده: قَمَطه يَقْمُط ويَقْمِطُه قَمْطاً وقَمَّطه شدَّ يديه ورجليه، واسم ذلك الحبل القِماطُ والقِماط: حبل يُشَدُّ به قوائم الشاة عندما تذبح، وكذلك ما يُشدب الصبيُّ في المهد، وقد قَمَطْت الصبيَّ والشاةِ بالقِماط أَقْمط قَمْطاً وقُمِطَ الأَسِير إِذا جُمع بين يديه ورجليه بحبْل. والقِماط: الخِرق العريضة التي تَلُفّها على الصبي إِذا قُمِط، وقد قَمَطَه بها”.
491- گوصرة =(أوصرا) تعني في المندائية ذخيرة وخزين. والكلمة عربية فصيحة وكثيرة الورود في النثر التراثي العربي وتعني في العراق والجزيرة العربية وعاء من “خوص النخيل يرص فيه التمر”. نقرأ في معجم المعاني والمعجم الوسيط: “القَوْصَرَّةُ: وعاءٌ للتَّمْر من قَصَبٍ”. وفي “لسان العرب” نقرأ (القوصرة: وعاء من قصب يرفع فيه التمر من البواري، قال: وينسب إلى علي، كرم الله وجهه: أفلح من كانت له قوصرة، يأكل منها كل يوم مرة”. وهناك كتاب طريف بعنوان ” كتاب «قوصرة الثمرات» لمؤلفه الإماراتي على الأرجح محمد جبر التميمي، جمع فيه أشتاتا من الكلمات العامية الخليجية وفي عنوان كتابه يقول (القوصرة والجراب والقَلَّة، فهذه تسميات محلية إماراتية وعمانية مأخوذة من فصيح اللغة، للأوعية التي تعمل لحفظ التمر، وكانت هذه الأوعية تحاك من خوص النخل، والخوص لمن لا يعرفونه، هو السعف والورق الذي يتدلى من الجريد. فعلى سبيل المثال، فإن القوصرة وعاء دائري كبير، والجراب مستطيل الشكل، والقَلَّة دائرية…).
496- خاچية =(گاا + شيا) ويقول المؤلف إنه لم يجد كلمة مندائية واحدة تعنيها لذلك اضطر الى نحتها من كلمتينهما (گاا) وتعني السرور والبهجة، و(شيا) وتعني البريق واللمعان ولا أدري ما العلاقة بين هذا المزيج من المعاني والكلمات و(الخاچية)! والخاچية هي عباءة (بِشت) رجالية صيفية غير مذهّبة شائعة في وسط وجنوب العراق، مصنوعة من غَزِل خفيف شفاف بعض الشيء وتلبس فوق الدشداشة مع الغترة والعقال في لباس أهل الريف المعاصر أو فوق الصاية في اللباس التقليدي لأهل الحظر ورجال الدين، وتحاك من غزيل صوف الغنم والذي يغزل عادة من قبل النساء/ الموسوعة الحرة”. وأرجح – وهذا هو رأي المعجمي الراحل إنستاس الكرملي كما ذكر المؤلف نفسه – أن الكلمة تلفظ بالكاف مع كشكشة ربيعة ” خاچية/ خاكية”، ربما نسبة إلى لون الخاكي “الكاكي: هو درجة من اللون البني الفاتح مع مسحة صفراء، وأصل كلمة كاكي من اللغة الأوردية وتعني فيها اللون الترابي، ثم أخذتها اللغة الإنكليزية” أما في الولايات المتحدة فيعني هذا اللون الزيتوني أو الترابي المائل الى الأخضر، رغم أن ألوان الخاچية العراقية متنوعة تنوع صوف الغنم الذي تحاك منه، ولكن اللون الواحد والغالب في البداية وهو الخاكي لكثرته قد يعم لاحقاً في العَلَمية ليصير اسما لقطعة اللباس نفسها.
Svara
Svara alla
Vidarebefordra