أسماء الأسد في الصين… لغة إذا وقعت… والزلزال المغربي كغضب إلهي!
يبدو أن كنانةَ أسماء الأسد وعائلتها قد فرغت، لم يبق لدى العائلة الأسدية ما تجابِه به الغرب إلا اتهامه بالترويج للمثلية الجنسية وخلافه، لم يعد كتاب التربية القومية والوطنية ليسعف. استنفد النظام السوري كل حجج ونظريات ومناهضة الاستعمار والإمبريالية والرجعية.
تلك الحرب ضد «الليبرالية الحديثة» كان قد بدأها رأس النظام أمام مشايخ دمشق، في سياق واضح ومفهوم لكيفية توظيف مستجدات نظريات الممانعة وأساليبها الدفاعية، على الأقل كانت طريقة مضمونة لرصّ الصفوف المحلية، التي تجد في «الانحلال العالمي» عزاء يعوّض عن الفقر والقهر وغلاء الأسعار والتهجير وقبضة أجهزة الأمن!
لكن السياق الذي تخوض فيه «سيدة الياسمين» المزعومة، وعبره تستأنف الحرب ضد «الليبرالية الحديثة»، يبدو غريباً بعض الشيء، فمن بكين، وأمام جامعة الدراسات الأجنبية، أمام دارسين للغة العربية على ما يبدو، أطلقت خطاباً ربطت فيه بين المثلية الجنسية، و«العبث باللغة»: «احتلال اللغة هو السبيل الأقصر لاحتلال الوعي، وبالتالي احتلال القرار المستقل، وتهتيك المجتمعات، ومحو هويتها وتفرّدها، وما تلك النماذج المشوهة، واللغات الهجينة، التي نشهدها اليوم، سوى أحد تجليات الليبرالية الجديدة».
وأضافت: «فكما العبث بالجنس البشري، وتهجينه وخلق جنس ثالث منه، يأتي العبث باللغة، وتهجينها، وخلق جنس ثالث منها. فكلا الفعلين أساس وجوهر الليبرالية الحديثة».
هل يصحّ الحديث عن محو الهوية الوطنية، و«احتلال اللغة» و«احتلال القرار المستقل» في وقت جرى تسليم البلد رسمياً للإيرانيين والروس وميليشياتهم، وفُتحت الجامعات والأسواق لطغيان اللغات الروسية والفارسية والأفغانية!
وربما يصلح خطاب أسماء الأسد هذا بالذات، وسيلة للإيضاح عن تخريب اللغة والعبث بها، وهتك عرضها (ما دامت هذه لغة سيدة النظام الأولى).
واضح أولاً أن السيدة تمشي (في قراءتها) ببطء شديد، خشية السقوط. وواضح أنها حُفّظت ودُرّبت على القراءة بالفاصلة والتشكيل، ومع ذلك لم تفلح تماماً في إتقان القراءة. عجز فيها البطء ولم تثمر كل جهود المدربين. هل هناك أسوأ من نصب الفاعل؟ لقد نصبته السيدة في «هنا يكمن دور..». كما أضافت عسفاً أل التعريف إلى «نمو» في «وصولاً إلى (الـ) نمو البشرية»، وعموماً اعتمدت تسكين بعض الكلمات، التي ظهرت مكسورة في المحصلة. غير أن الأهم عبارتها الأقرب إلى الدارجة السورية، عندما قالت: «وهكذا سوريا اللي خاضت حرباً»، فما الذي يمنع من أن تقول «التي» بدلاً من «اللي»، ولماذا كسر الضاد في «خاضت» لتبدو الكلمة عامية، وهي الفصيحة!
كان يمكن التسامح مع كل هنات القراءة تلك، ولكن هي ذاتها من يطلب التشدد والصرامة في الانحياز إلى العربية. ثم أي نموذج تقدمه السيدة المتشدّقة بأن بلادها تضم أقدم مجمع للغة العربية أمام معلمي اللغة العربية الصينيين!
بالمناسبة؛ في جمهوريتك اللغوية الفاضلة ما هو موقع الكبتاغون السوري، هل يؤثر على رخاوة اللسان، ولن نسأل بالطبع عن القتل تحت التعذيب وتدمير المدن وتهجير سكانها، وإن كان يصحّ السؤال عن محو الهوية الوطنية، و«احتلال اللغة» و«احتلال القرار المستقل» في وقت جرى تسليم البلد رسمياً للإيرانيين والروس وميليشياتهم، وفُتحت الجامعات والأسواق لطغيان اللغات الروسية والفارسية والأفغانية وسواها من لغات ولهجات!
الزلزال المغربي
قرر الأمين العام لـ «حزب العدالة والتنمية» في المغرب، ورئيس الحكومة المغربي السابق، عبد الإله بن كيران، أن الزلزال المغربي ما هو إلا غضب إلهي. تصريح أثار ضجيجاً في المغرب، وما يزال، إلى حد استقالة أعضاء في حزبه، احتجاجاً على الكلام، وإلى حد أنْ عاد بن كيران ليوضح، في فيديو، أنه لم يقصد الفقراء الذين كانوا ضحايا مباشرين للزلزال المدمر، فالرجل، على ما يقول يشفق على القطط، ويتأثر إن لحقها أذى، ويقول: «أشرت في تلك النقطة من البلاغ إلى إمكانية أن يكون الزلزال، الذي ضرب المغرب قد يكون بسبب ذنوبنا ومعاصينا، وهنا أتكلم مع المغاربة وعن المغرب، وليس عن الذين وقع عليهم الزلزال أو المتضررين منه بشكل مباشر».
تعتمد الحكومات على إحصاءات وأسباب ونتائج، لا على ذنوب ومعاصي الشعب
واضح أن فكرة الاحتجاج لم تصل، فالاعتراض ليس تماماً على قدرية الزلزال، بل على اعتباره عقاباً إلهياً، وغضباً على جماعة، صغرت أم كبرت.
ليست هذه هي المرة الأولى التي تفسر فيها شخصية عامة كارثة، حتى لو لم تكن قدرية، باعتبارها عقاباً، كان هناك خطبة للشيخ السوري الراحل رمضان البوطي اعتبر ما حلّ بالفلسطينيين من نكبة واحتلال وتهجير عقاباً وغضباً من الرب. وليس من المستبعد أن نجد من يعتبر المأساة السورية كذلك، واليمنية، والصومالية.
لا يستحق الأمر نقاشاً، أو أي مقارنة، كما يجري عادة؛ بمعنى لماذا يعاقب شعب، ويعفى آخر، وما سرّ النعيم الذي يعيش فيه شعب دون آخر؟ فهذا نقاش لا يجدي، وقد يستمر إلى ما لا نهاية.
لكن السؤال؛ كيف توضع (بل كيف وُضعت) مقدرات بلد، بين يدي رئيس حكومة يفكر على هذا النحو. تعتمد الحكومات على إحصاءات وأسباب ونتائج، لا على ذنوب ومعاصي الشعب. هل كنتَ تدير الحكومة حقاً آنذاك، أم تركت الأمور للغيب، يعاقب ويكافئ؟!