تحالفات الحزب الشيوعي العراقي في كردستان العراق (جوقد وجود) الحلقة الثانية
نبيل عبد الأمير الربيعي
خلال هذه الحقبة نشطت اللقاءات لتدارك الموقف ومنع اتساع القتال، ونتيجة لهذه اللقاءات المتعددة التي شارك فيها كلٍ من جلال الطالباني وعزيز محمد وتوصل الطرفان إلى اتفاقية سياسية وعسكرية تنظم العلاقة بين الطرفين وتضع حداً للسلبيات، كما بادر الاتحاد الوطني إلى توقيع اتفاق ميداني مع الحزب الديمقراطي الكردستاني في تموز/ يوليو عام 1982 في محاولة لجره إلى النضال الفعلي في داخل العراق، ومن منطلق أن إسقاط نظام الحكم – القائم – هو فوق كل اعتبار. إلا أن قيادة الحزب الديمقراطي الكُردستاني لم تلتزم بتلك الاتفاقية وخرقتها مثلما خرقت اتفاقية مماثلة بين الطرفين في آذار/ مارس 1977 وواصلت أعمالها العسكرية بالتنسيق مع بعض قيادات الحزب الاشتراكي الكُردستاني. تارة مستغلة اسم (جود) لإصدار ادعاءات، وفي أحيان كثيرة بالاعتماد على بعض التسهيلات الممنوحة لها خارج الحدود لاستخدامها ضد الاتحاد الوطني الكُردستاني(1).
وفي أوائل شباط/ فبراير سنة 1983 أثار الحزب الاشتراكي الكُردستاني بعض المشاكل في منطقة أربيل، وكان من المتوقع أن يكون موقف الحزب الشيوعي العراقي منها الحياد أولاً والإسهام في حلها ثانياً، فإذا به يدخل طرفاً بجانب الحزب الاشتراكي الكُردستاني ضد الاتحاد الوطني الكُردستاني، ودون أن يكون معنياً بأي حال من الأحوال. ضارباً عرض الحائط كل الاتفاقيات التي سبق وأن شارك في مناقشتها والتوقيع عليها (الرفيق) عزيز محمد السكرتير الأول للحزب الشيوعي العراقي، كما وقع اتفاق في السابق من شباط/ فبراير سنة 1983 بين الاتحاد الوطني الكُردستاني والحزب الشيوعي العراقي، وتم فيه الاتفاق على حل جميع الخلافات بين الأطراف الموجودة في الساحة بوسائل سياسية وسلمية، وحاول الحزب الشيوعي – الاتحاد الوطني الكُردستاني – مفاتحة الحزب الديمقراطي الكردستاني والحزب الاشتراكي الكردستاني العراقي بالرغبة في عقد لقاءات رسمية على المستويات القيادية، وتشكيل لجان تحقيق لحل جميع الخلافات والنزاعات الموجودة. وقد أعرب الاتحاد عن رغبته في استحصال حقوقه، ووضع حد للتجاوزات والاعتداءات المسلحة على أنصاره بالطرق الودية والأخوية(2).
وقد أحيط الاتحاد الوطني الكردستاني علماً في 13/2/ 1983 على جميع الاقتراحات التي قدمها الحزب الاشتراكي والحزب الشيوعي العراقي إليه برقياً بما فيه إيقاف القتال، وتشكيل لجنة تحقيقية، وإعادة الأسرى مع اسلحتهم، وذكر الناطق الرسمي للاتحاد الوطني الكُردستاني. إننا هنا نود أن تخص باللوم والعتاب أولئك الذين يرفضون احترام تواقيعهم على الاتفاقات الموقعة معنا عندما يصل الأمر إلى حد الإعلان الموقف المتفق عليه حتى تجاه تجاوزات فظيعة للمواطنين الكُرد العزل من السلاح(3).
وفي 20 شباط/ فبراير 1983 بدأت لقاءات مشتركة بين وفدي الجبهة الوطنية القومية الديمقراطية (جوقد) والجبهة الوطنية الديمقراطية (جود) لإعداد مشروع الميثاق والنظام الداخلي، وتقديمه لاجتماع الأطراف التسعة عشر. وتم الاتفاق على الميثاق بالاجتماع وعلى النظام الداخلي عدا ثلاث نقاط تقرر عرضها على الاجتماع الكامل، وفوجئ الجميع بمقاطعة الحزب الشيوعي العراقي للاجتماع دون أن يكون هناك أي تطور مهم في الوضع العراقي أو العربي أو في المنطقة خلال ذلك الشهر. وبذل أصدقاء الحركة الوطنية العراقية الكثير من الجهود لرأب الصدع دون جدوى. وفي اجتماعات استكمال الجبهة فوجئ الجميع أيضاً على بقاء الجبهة الوطنية الديمقراطية (جود) وعلى هدم توقيعها لإعلان الجبهة إلا بعد موافقة الجمهورية الإسلامية الإيرانية. وكان واضحاً أن مقاطعة الحزب الشيوعي وموقف الحزب الديمقراطي الكُردستاني داخل الاجتماع يلتقيان ويهدفان إلى عرقلة قيام الجبهة الوطنية العريضة، والغريب في الأمر أن الحزب الشيوعي العراقي هو الذي رفع شعار ضرورة قيام جبهة عريضة واسعة وبدون شروط مسبقة، وعندما نضجت الظروف وكان هذا الهدف المنشود على وشك التحقيق، إذ به يتراجع بحجة ضرورة قيام لجنة تنسيق بين الأطراف السياسية في الحركة الوطنية العراقية، وبالتالي إهمال كل الأطراف الأخرى، وهكذا خلال شهر تغير الشعار من ضرورة قيام جبهة واسعة إلى ضرورة قيام تنسيق(4). ولكن محاولات وحدة الصف استمرت وتبلورت في اتفاق طرابلس بالجماهيرية العربية الليبية بين الأحزاب والجماعات والشخصيات المعارضة لنظام الحكم في بغداد(5).
المصادر:
1- الاتحاد، جريدة شهرية تصدرها لجنة العلاقات الخارجية في الاتحاد الوطني الكُردستاني، العدد: 5 نيسان/ ابريل 1983.
2-حامد محمود عيسى(د)، القضية الكردية في العراق من الاحتلال البريطاني إلى الغزو الأمريكي، ص190/191.
3- بيان الاتحاد الوطني الكُردستاني 21/2/1983.
4- حامد محمود عيسى(د)، القضية الكردية في العراق من الاحتلال البريطاني إلى الغزو الأمريكي، ص192.
5-مذكرة من الاتحاد الوطني الكردستاني يوم 11/5/ 1983.