فريدمان يكشف عن مأزق إسرائيل وحماتها الأميركيين ويعتبر نتنياهو كارثة!
ترجمة وتقديم: علاء اللامي
لم تبرز صهيونية توماس فريدمان، والذي دافع عنه البعض كليبرالي مفيد ومعتدل كما برزت في هذه المقالة الفاضحة الواضحة والخطرة والمفيدة أيضا. وقلت المفيدة لأنها كشف علنا أوراق الطرف الغربي الصهيوني بوضوح وأن أشد ما يقلق هذا الطرف هو احتراق أوراق ما يسمى حل الدولتين والذي دمرته دولة الكيان وليس طرف عربي أو فلسطيني بل إن صيغة حل الدولتين تجد تطبيقها وتبنيها العربي الرسمي في ما سمي “المبادرة العربية للسلام/ خطة الأمير السعودي عبد الله قبل تتويجه”. وفريدمان يقول ذلك صراحة، وكأن بروز شعار تحرير فلسطين من النهر إلى البحر
(Palestine will be free, From the river to the sea) على ألسنة التقدميين الذين يتظاهرون في العالم كابوسا شخصيا له فيسميه ” الشعار العدمي”!
مقالة فريدمان هذه حاسمة وتأسيسية من الضروري الاطلاع عليها وتحليلها بعمق لأنها تكشف عن مأزق العدو الصهيوأميركي بعد الطوفان، ومن الضروري الاستعداد من الآن لخطط العدو المستقبلية والتي ستنفذ اعتمادا عليها فهم لن يسمحوا لنتنياهو بالاستمرار في خططه المجنونة لتوريطهم بجرائم حرب ضخمة كهذه لإنقاذ مستقبله السياسي الشخصي وتدمير دولة الكيان والسماح بنشوء تيار فلسطيني وعربي وعالمي يسعى لتحرير فلطسين من النهر إلى البحر وتفكيك الكيان الآيديولوجي الخرافي النازي الملطخ بدماء الأطفال ولن ينقذ هذا النظام إذا ما فشل بايدن والزعامات الغربية عن ردع نتنياهو والدولة الصهـيونية ووقف جريمة الإبادة التي ترتكبها أمام أنظار العالم أجمع! ترجمة المقالة:
اللحظة الأكثر كشفا من رحلتي إلى إسرائيل بقلم توماس ل. فريدمان
خلال الأيام التسعة التي أمضيتها مؤخرا في إسرائيل والضفة الغربية، لم أكن أعلم أن اللحظة الأكثر كشفا ستأتي في الساعات الأخيرة من زيارتي. إذ بينما كنت أحزم أمتعتي للمغادرة ليلة السبت، عقد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مؤتمرا صحفيا أشار فيه إلى أن إسرائيل والولايات المتحدة ليس لديهما رؤية مشتركة حول كيفية إكمال إسرائيل لحربها في غزة أو كيفية تحويل أي انتصار إسرائيلي على حماس إلى سلام دائم مع الفلسطينيين.
بدون وجود مثل هذه الاستراتيجية المشتركة، ستحتاج إدارة بايدن والشعب الأمريكي، وخاصة اليهود الأمريكيين الذين يدعمون إسرائيل، إلى اتخاذ بعض القرارات المصيرية.
سيتعين علينا إما أن نصبح أسرى لاستراتيجية نتنياهو – التي يمكن أن تأخذنا جميعا إلى الحضيض معه – أو صياغة رؤية أمريكية لكيفية إنهاء حرب غزة. وسيتطلب ذلك خطة من إدارة بايدن لإنشاء دولتين لـ “شعبين أصليين” يعيشان في مناطق غزة والضفة الغربية وإسرائيل.
نعم، أنا أتحدث عن خطة للسلام في زمن الحرب، إذا ما وافقت إسرائيل عليها، يمكن أن تساعد في منح إسرائيل الوقت والشرعية والحلفاء والموارد التي تحتاجها لهزيمة حماس – دون أن تعلق في وحول حكم كل غزة وكل الضفة الغربية إلى الأبد، مع عدم وجود أفق سياسي للفلسطينيين.
إن نتنياهو يقدم في الوقت الحالي، وبدون أية أوهام، رؤية واحدة فقط: سبعة ملايين يهودي يحاولون حكم خمسة ملايين فلسطيني إلى الأبد – وهذه وصفة لكارثة لإسرائيل وأمريكا واليهود في كل مكان وللعرب المعتدلين من حلفاء أمريكا.
يمكن لخطة بايدن – ولسنا بالمتفرجين على ما يجري؟ – أن تستخدم اقتراح الرئيس دونالد ترامب لحل الدولتين كواحدة من نقاط البداية، لأن نتنياهو تبنى تلك الخطة في عام 2020، عندما كان لديه ائتلاف مختلف. (عمليا، كتب نتنياهو وسفيره في واشنطن خطة ترامب). وسأورد ثانية المزيد من المعلومات حول ذلك.
وأدرج هنا، بدءا من ليلة السبت الماضي، السبب في أننا في منعطف يتطلب أفكارا جريئة. أعلن نتنياهو، متحدثا باللغة العبرية في مؤتمر صحفي مع وزير الدفاع يوآف جالانت والوزير بيني جانتس، رفضه لمخاوف الولايات المتحدة والعالم بشأن آلاف الأرواح الفلسطينية التي فقدت بالفعل في الحرب لاقتلاع حماس من غزة. والأهم من ذلك، أعلن أن الجيش الإسرائيلي سيبقى في غزة “طالما كان ذلك ضروريا” لمنع استخدام قطاع غزة مرة أخرى لشن هجمات على المدنيين الإسرائيليين. وقال إن غزة “ستكون منزوعة السلاح”. وأضاف: “لن يكون هناك تهديد آخر من قطاع غزة على إسرائيل، ولضمان ذلك فأن قوات الدفاع الإسرائيلية، ما دام ذلك ضروريا، ستسيطر على أمن غزة لمنع الإرهاب من هناك”.
هذه مخاوف إسرائيلية مشروعة، بالنظر إلى الفظائع التي ارتكبتها «حماس» في 7 تشرين الأول، لكن نتنياهو أشار أيضا إلى أن إسرائيل ستعارض عودة السلطة الفلسطينية – شريك إسرائيل في عملية أوسلو للسلام التي تحكم الفلسطينيين في الضفة الغربية – إلى غزة بعد الحرب. وقال نتنياهو إن السلطة هي “سلطة مدنية تربي أطفالها على كراهية إسرائيل، وقتل الإسرائيليين، والقضاء على دولة إسرائيل… سلطة تدفع لعائلات القتلة بناء على عدد قتلاهم … سلطة لم يدن زعيمها، بعد 30 يوما، المذبحة الرهيبة “.
ولم يقدم بيبي – الذي لا ينسب للسلطة الفلسطينية الفضل في عملها كل يوم مع مسؤولي الأمن الإسرائيليين لإخماد العنف في الضفة الغربية – أي اقتراح حول كيف ومن أين يمكن أن تنشأ سلطة حكم فلسطينية شرعية بديلة مستعدة للعمل مع إسرائيل.
كان هذا ذما مباشرا لموقف إدارة بايدن الذي عبر عنه وزير الخارجية أنتوني بلينكن يوم الأربعاء الماضي. حيث أعلن خلال اجتماع لوزراء الخارجية في طوكيو، وكما ذكرت ذلك صحيفة التايمز، أنه يجب توحيد غزة مع الضفة الغربية تحت السلطة الفلسطينية بمجرد انتهاء الحرب.
وللاحتفاظ بحلفاء أمريكا العرب والغربيين، قال بلينكن: في الوقت الحالي – في هذا اليوم – يجب علينا توضيح “عناصر إيجابية للوصول إلى سلام مستدام”. وقال “يجب أن تشمل هذه العناصر، صوت الشعب الفلسطيني وتطلعاته في القلب من حكم ما بعد الأزمة في غزة”. ويجب أن يشمل الحكم الذي يقوده الفلسطينيون وغزة موحدة مع الضفة الغربية تحت السلطة الفلسطينية”.
ترجمتي لاقتراح بلينكن لإسرائيل: “ساعدينا كي نساعدك”.
ومع ذلك، لم يقدم بلينكن أي تفاصيل حول كيفية حدوث ذلك، ويحتاج فريق بايدن إلى تجسيد ذلك.
لماذا يحاول نتنياهو تدمير السلطة الفلسطينية كخيار حكم لغزة ما بعد الحرب؟ لأنه يقوم بالفعل بحملة للاحتفاظ بالسلطة بعد انتهاء حرب غزة، وهو يعلم أنه سيكون هناك زيادة هائلة في عدد الإسرائيليين الذين يطالبونه بالتنحي بسبب الطريقة التي شتت بها هو ورفاقه اليمينيون المتطرفون وقسموا إسرائيل وجيشها من خلال السعي إلى انقلاب قضائي قالت مصادر استخباراتية إسرائيلية لنتنياهو إنه سيشجع ويغري أعداء مثل حماس وحزب الله في مخططاتهم.
الطريقة الوحيدة التي يمكن لنتنياهو من خلالها البقاء في السلطة هي عدم تخلي حلفاؤه اليمينيون المتطرفون عنه، وخاصة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير. ومن أجل الحصول على دعم العنصريين اليهود في حكومته – الذين يريد بعضهم أن تقيم إسرائيل مستوطنات في غزة في أقرب وقت ممكن – يتعين على نتنياهو أن يعلن الآن أن الفلسطينيين لن يكون لهم تمثيل شرعي ومستقل في غزة أو الضفة الغربية.
نعم، أعلم أنه من الصعب تصديق ذلك، لكن نتنياهو يقوم بحملة انتخابية في خضم هذه الحرب.
لقد حان الوقت للرئيس بايدن لخلق لحظة الحقيقة للجميع – لنتنياهو والفلسطينيين ومؤيديهم ولإسرائيل ومؤيديها ولأيباك، اللوبي المؤيد لإسرائيل. يحتاج بايدن إلى توضيح أن أمريكا لن تكون الأحمق الذي يستفيد منه نتنياهو. وسنضع مبادئ خطة سلام عادلة في صباح اليوم التالي لهذه الحرب – خطة تعكس مصالحنا، وتمكننا أيضا من دعم إسرائيل والفلسطينيين المعتدلين وكسب تأييد العرب المعتدلين لإعادة البناء الاقتصادي لغزة بعد الحرب.
لا أستطيع أن أرى أي دعم اقتصادي كبير لإعادة إعمار غزة يأتي من أوروبا أو من دول مثل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ما لم تلتزم إسرائيل وبعض السلطات الفلسطينية الشرعية بمبادئ إطار السلام لإنشاء دولتين لشعبين.
على بايدن أن يقول: “يا إسرائيل، نحن نغطي جناحك عسكريا بحاملتي طائراتنا، وماليا بمساعدات بقيمة 14 مليار دولار ودبلوماسيا في الأمم المتحدة. وثمن ذلك هو قبولكم لإطار سلام قائم على دولتين لشعبين أصليين في غزة والضفة الغربية وإسرائيل قبل عام 1967”. وتستند هذه الخطة إلى قراري الأمم المتحدة 242 و338، اللذين كانا أيضا حجر الزاوية للمفاوضات في خطة السلام التي طرحها ترامب في عام 2020.
“بيبي، هل تتذكر ما قلته عن خطة ترامب التي أعطت الفلسطينيين حوالي 70 في المائة من الضفة الغربية كدولة، بالإضافة إلى قطاع غزة الموسع وعاصمة في منطقة القدس؟” لتذكيرك، إليك وإليكم ما روته وكالة أسوشيتد برس في 28 كانون الثاني 2020: “لقد وصفها نتنياهو بأنها “اختراق تاريخي” مساو في الأهمية لإعلان استقلال البلاد في عام 1948″.
رفضت السلطة الفلسطينية بحماقة خطة ترامب بشكل قاطع بدلا من طلب استخدامها كنقطة انطلاق. والآن هناك فرصة للتعويض عن هذا الخطأ – أو الكشف عن عدم جديتها.
ويعرض جيدي غرينشتاين، عضو فريق إيهود باراك التفاوضي في كامب ديفيد، في كتابه الجديد القيم عن تاريخ عملية السلام، “مشاهد: صنع السلام في عملية أوسلو، ثلاثون عاما وما يتلوها”، بأن خطة ترامب توفر أساسا طبيعيا لإحياء عملية السلام لحل الدولتين.
هذا ليس فقط لأن نتنياهو وافق عليها بالفعل، كما أخبرني غرينشتاين في مقابلة معه، وهوما لم يفعله المستوطنون المتشددون في حكومته ولا يزالون على موقفهم. أن خطة ترامب قابلة للتطبيق لأنها استندت في الواقع إلى شرط أن السلام سيكون ممكنا فقط بعد إزالة حماس من السلطة في غزة وتمكن السلطة الفلسطينية من السيطرة على قطاع غزة، الذي، كما عرضت خطة ترامب، سيتم توسيعه من خلال الأراضي التي ستستقطع من صحراء النقب الإسرائيلية.
يمكن لبايدن أيضا أن يقترح أنه بمساعدة حلفائنا العرب المعتدلين، مثل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر والأردن والبحرين، سنتوصل إلى خطة لإصلاح السلطة الفلسطينية، وتطهير نظامها التعليمي من المواد المعادية لإسرائيل، وتحديث قواتها التي تعمل يوميا مع فرق الأمن الإسرائيلية في الضفة الغربية والتخلص التدريجي من دعمها المالي للسجناء الفلسطينيين الذين أضروا بالإسرائيليين.
هل السلطة الفلسطينية قادرة على مثل هذه الصفقة؟ هل أن التقدميون في الغرب الذين يساندون الفلسطينيون ويرددون الشعار العدمي ” فلسطين حرة، من النهر إلى البحر” على استعداد لذلك؟ هل ستكون هناك أغلبية صامتة في إسرائيل إذا هزمت حماس؟
دعونا نرى ما يمثله هؤلاء جميعا حقا – أو إذا كان لديهم إجابة أفضل – لأن أيا منهم لن يختفي. وسيحتاج بايدن إلى اختبارهم جميعا.
أعلم أن الكثير من القادة اليهود الأمريكيين يرغبون سرا في أن يطرح بايدن مثل هذه الخطة، لكن حتى الآن هناك واحد فقط، رونالد لودر، وهو جمهوري منذ فترة طويلة ورئيس المؤتمر اليهودي العالمي، لديه الشجاعة للدعوة إليها، وأين؟ في صحيفة سعودية، في مقال بعنوان “وقت السلام وحل الدولتين”. وكما أوضح، “فقط حل الدولتين سيضمن للإسرائيليين والفلسطينيين حياة كريمة وآمنة وبمنظور أفضل من ناحية الوضع الاقتصادي، مما سيؤدي إلى مستقبل مستدام”.
مثل هذه الخطة من شأنها أن تحمي مصالح أمريكا وتوضح أننا نهتم بما هو أفضل للإسرائيليين والفلسطينيين وحلفائنا في المنطقة، وليس ما هو الأفضل لمستقبل نتانياهو السياسي – الذي أخبرني العديد من المحللين الإسرائيليين أن مستقبله الأفضل سيكون بإطالة أمد الحرب، حتى لا يتم الإطاحة به من خلال المظاهرات الجماهيرية، أو بجرنا إلى صراع مع إيران على أمل أن يلقي ذلك بظلاله على جميع أخطائه.
إذا تبنت إسرائيل خطة الدولتين، حتى مع وجود تحفظات، فإنها ستعزز للعالم أن إسرائيل ترى في حربها في غزة حربا ضرورية للدفاع عن النفس ومقدمة لسلام دائم. وإذا تبنت السلطة الفلسطينية مثل هذه الخطة، حتى مع وجود تحفظات، فإن ذلك سيعزز أن السلطة تعتزم أن تكون البديل لحماس في تشكيل مستقبل مستقل للفلسطينيين إلى جانب إسرائيل – وأنها لن تكون متفرجة على جنون حماس أو ضحية له.