آخر فصول الدعاية الإسرائيلية: القطط في خدمة الإرهاب!
يا أهلنا في العالم العربي وفي العالم أجمع استيقظوا من أوهامكم وحقدكم «غير المبرر» وشكاويكم المتواصلة. أخيراً ظهرت الحقيقة! أخيراً عرفنا سبب الهجوم على المستشفيات، والمدارس، والجوامع، والكنائس! أخيراً فهمنا الدوافع خلف ذبح الأطفال وقتل الخدج.
كيف لم نصدق إسرائيل حين أخبرتنا بالحقيقة. حقيقة تلك القواعد العسكرية الممتدة تحت مستشفى الشفاء. قاعدة عسكرية كاملة بمفجراتها وصواريخها وقذائفها تديرها حماس من تحت أسرة الأطفال!
لقد كنّا شكاكين وقحين وشريرين في تحليلاتنا. كم ظلمنا العدو، حين اتهمناه بالقتل وبالإبادة الجماعية. كيف لم نفهم أن النساء الفلسطينيات «ولادات». إن مات لهن طفل ينجبن بعده عشرة. إذاً أين هي المشكلة بإعدام الجيش المحتل لكل الخدج للوصول إلى حماس المختبئة تحتهم؟ لمَ كل هذه الدراما المتصاعدة حول العالم، ما دام من بقي من الأمهات على قيد الحياة قادر على «تفقيس» الأطفال؟ وقد تكون «عملية التفقيس» مصطلح شديد الالتصاق بمعناه، أي سيخرج الأجنة من بطون أمهاتهم حتى بعد رحيلهن عن الحياة.
لذلك علينا أن نتحلى ببعض الشجاعة ونعتذر من الجنود وقادتهم قتلة الأطفال، وذلك بشكل علني ونتأمل في قداسة مهمتهم على الأرض ونقدر صعوبتها. نحن فعلاً آسفون! وقد عرفنا مقدار خطئنا حين شاهدناهم يخرجون علبة التمر، وليس فقط علبة التمر، بل وجدوا أيضاً مصحفا. نعم مصحف. وكي أزيدكم من الشعر بيتا، لقد أخرجوا أيضاً مسبحة. هل تصدقون أنهم وبشجاعة وصلوا إلى كل هذه الأدلة، التي تؤكد وجود أنفاق لحماس وبصورة قاطعة؟! فمن يأكل التمر ويقرأ المصحف في مستشفى؟ لا يمكن لمريض أو طبيب مؤمن بالدين الإسلامي أن يقتني مصحفاً. إنهم حتماً مقاتلو حماس. لذلك لا بد من تدمير المستشفيات كلها وقتل كل من فيها للوصول إلى قادة حماس تحت الأرض. يجب قتل مليوني شخص وإبادة كل الكائنات البشرية وحتى القطط. نعم القطط وسنشرح علاقة القطط بحماس!
التمر والقطط
منذ مدة رأيت قطط قريتنا تأكل التمر. كانت تتهافت على التمر الذي تضعه لها جارتنا سعاد، أمام دكان جارها أبو أحمد، حيث تتجمع لتثير انتباه المارة من أمام الدكان. نعم إنها قطط شرهة تحب بطونها و»أشياء أخرى» سنكتشفها معاً! والخالة سعاد تحبها جداً وتطعمها دائماً من كل ما تضعه على مائدة أطفالها حتى التمر. تخيلوا!
في الحقيقة، لقد استغربت شهية القطط المفرطة وهي تتراقص فوق علبة التمر. كانت تلعقها بشكل مفرط، ثم تقضمها وكأنها لم تأكل منذ أسابيع طويلة. ولم أتخلص من حيرتي حتى شاهدت، منذ أيام، تلك اللحظة التي كشف فيها القائد الإسرائيلي عن علبة التمر وعلاقتها المتينة بحماس. حينها فقط فهمت تواطؤ القطط مع الإرهابيين. قطط العالم العربي خبيثة لذلك لا بد من قتلها كلها أيضاً. إنها قطط جبانة تحب التمر وتلعب مع الأطفال وبعضها يسرح حول مستشفى الشفاء ويموء أيضاً!
ويبقى السؤال: هل سيعتذر المحامي الفرنسي جيل ديفير و300 محام آخرين من حول العالم لإسرائيل بعد أن قرروا ملاحقتها قانونياً أمام المحكمة الجنائية الدولية، «مدعين» أن لديهم ما يكفي من العناصر لوضع شكوى؟ هل سيتراجعون بعد أن أخطأوا التقدير وأعلنوا عن وجود عناصر إبادة وجرائم حرب ضخمة من العذاب الجسدي والنفسي ارتكبها المحتل بحق سكان غزة؟ وهل سيسقطون الدعوى القضائية خصوصاً وفي يد إسرائيل الآن أدلة صارمة: علبة تمر ومسبحة ومصحف؟
من المؤكد أن ديفير سيشعر بالندم الكبير لتعامله مع إسرائيل كمحتل للأرض ولعدم فهمه دوافعها في عملية إبادة الشعب الفلسطيني.
الله سقانا!
في ظل سياسة التجويع والتعطيش، التي اعتمدتها إسرائيل لعقاب الأطفال، كانت السماء الوحيدة التي بقيت مفتوحة أمام الأمل والرحمة. فقد فتحت أبوابها لتغدق بالأمطار، فتسقي عطش الأطفال الذين عانوا طويلاً من نقص المياه. هكذا جاءت هذه الأمطار كرمز للإنسانية والرغبة في تخفيف معاناة الأبرياء. السماء نطقت بعد صمت طويل، فماذا تراها ستقول أيضاً.
لقد تساقط المطر بغزارة على الأرض المحاصرة، لم يكن مجرد قطرات ماء تروي العطش، بل كان رمزًا للتجدد. كما غسلت تلك القطرات الناعمة أجساد الأطفال المتعبة، التي حرمت من الاغتسال بالمياه لعدة أسابيع.
وبينما كانت إسرائيل تحاول استخدام الجوع والعطش كوسيلتين من وسائلها القذرة والعديدة لتركيع النفوس، كانت الطبيعة ترفع صوتها بلغة المطر، تعلن عن حق أهلي غزة وأطفالها بالحياة والكرامة والسلام على أرضهم. ومع كل قطرة مطر تسقط، كانت تكبر إرادة الأطفال وتزيد من تمسكهم بالحياة، فيتجددون ويهزمون تعبهم وآلامهم وينتفضون في وجه التحديات والمصاعب.
هكذا صرخ طفل صغير وهو يملأ غالونات المياه من المطر ويرقص من شدة الفرح: الحمدالله يا جماعة… إن الله سقانا من ماء المطر.
وعلى مقربة من ذلك الولد الصغير، طفل آخر يقرأ القرآن من فوق ركام منزله. هل هناك إيمان أكبر من إيمانه؟ هل هناك صبر على الخسارات والألم أعظم من صبره؟ هؤلاء هم أطفال غزة الذين يذبحون بحجة «علبة التمر.. والمسبحة».