في غزة: عودة الديناصورات في حلة فنيّة بين رقص وغناء!
هل تعرفون من هو أقوى جيش في العالم؟ هل تعرفون من هو الجيش الذي لا يهزم؟ الجيش الذي سيخلده التاريخ ويفتخر بقادته، ويكتب سيرهم المشرفة لكل الأمم القادمة. كيف لا وهم قادة لا مثيل لهم ولا حدود لأحلامهم «الغريبة». فهم يضعون أهدافهم أمامهم بشكل واضح وصريح ويسعون إليها بكل ما أوتوا من قوة. لا شيء يوقفهم، خاصة وقد تبناهم ساحر عجوز. صحيح أنه ساحر، ولكنه محب وكريم وداعم للخير. يفتح فمه ثم يتثاءب فتهتز القارات. وأحياناً يتنقل على مكنسته الطويلة ليمدهم ويزودهم بكل ما يحتاجون له من أسلحة وسفن حربية وغواصات متطورة. صحيح أنه قد يغفو على المكنسة في أية لحظة ويخطئ الهدف، ولكنه للأمانة والتاريخ تفانى في دعم خططهم.
لقد قال لنا المحتل منذ بداية الحرب إنه سيستعيد الأسرى وينهي حماس ويعمل كل ما بوسعه كي يحمي حدوده حتى لا تتكرر حادثة السابع من أكتوبر/تشرين الأول، حتى أنه ذكر لنا أن غزة ستصبح ملعب كرة قدم… لم يقصد بذلك طبعاً بأنه سيقتل كل الأطفال والخدج والنساء والشباب، فيما ينسف العمارات والمباني عله يصطاد عنصراً أو اثنين من حماس. بل قصد أنه بعد الحرب والقضاء على حماس سيجمع «بشجاعة ومحبة مفرطة» أشلاء الأطفال ثم يوقظهم من نومهم العميق ليلعبوا كرة القدم فوق جثث أهاليهم!
ولكننا مقصرون في مدح العدو الصهيوني. ولم نشد، كما يجب، بقدرات جيش الاحتلال. إن التقصير بحقه خطيئة لا تغتفر. ونحن الكتاب العرب نسعى بجهد أن ندون الأحداث، كما هي، ربما قد يأتي يوم وتقرأها الأجيال القادمة فتتعلم من إسرائيل دروساً في البسالة والشجاعة والبطولة، والنخوة والمروءة، والأخلاق الرفيعة، والإنسانية!
إنهم جنود موهوبون وشجعان و»كيوت» يرقصون على أنغام الموسيقى، ثم يتوقفون للحظات قليلة ليقصفوا الأطفال ثم يتابعون رقصهم، هي لا تسمى رقصات الموت، بل الفرح في خلق مساحة جديدة في «الملعب البحري الكبير».
أولئك الجنود يسترخون ويضعون المرطبات على وجوههم وهم جالسون على الجبهة لتحسين نوعية بشراتهم. كما لا ينسون أطفال غزة فيصبغون وجوههم بالدماء. هذه ليست نكتة سخيفة أو خيال علمي ساقط، هم بالفعل يهتمون بالحفاظ على وجوههم النضرة ووجوه الآخرين. هكذا لم يبخلوا على الأطفال وأغرقوهم بأقنعة الدماء التي تمنح الوجوه توهجاً غنياً. لا تستغربوا! لقد سبقتهم إلى ذلك بعض الشعوب التي جمعت فضلات طائر الشجيرة اليابانية بعد ذبحه وحولتها إلى مسحوق ناعم اعتبرتها بمثابة قناع للوجوه مليء باليوريا والأنزيمات.
لكن جنود الاحتلال طوروا الفكرة وبدل ذبح الطير يذبحون الصغار: «دمهم منهم وفيهم». وعندما يستيقظ أولئك الصغار من موتهم ليلعبوا في غزة الجديدة أو ملعب كرة القدم الكبير ستكون وجوههم تضخ نوراً. وكل ذلك بفضل جنود الاحتلال ومتابعتهم لآخر صيحات التجميل.
وهم أيضاً حساسون لأبعد حد. يفكرون بأطفالهم وهم يحاربون. لقد أطلق أحدهم صاروخاً وقتل العشرات احتفاءً بزوجته وآخر سرق عقداً. آسفة إنها زلة لسان، أقصد أنه وجد عقداً لا أصاحب له فوق ركام المنزل، الذي دمره، فهو لم يرغب بترك العقد وحيداً، بل أهداه لابنته الأميرة هيلا بمناسبة عيد ميلادها. وهناك من سرق غيتاراً. أنا آسفة زلت لسان أخرى، ربما من عبء الأحداث. أقصد أنه هو الآخر وجد غيتاراً، ثم راح يعزف فوق الخراب ويغني بفرح ومرح!
عودة الديناصورات
لا، لم نعطهم حقهم بعد. نحن العرب، كما تعرفون لا نحب التقصير وإن مدحنا شخصاً أغرقناه دلالاً. إننا عاطفيون جداً. ليس باليد حيلة، لذلك سنكمل مشوار الغزل معاً ونخبركم المزيد من إبداع لن يتكرر.
إن جنود إسرائيل وقادتهم مرشدون ومعلمون موهوبون أيضاً. لم يبخلوا على أطفال بلادهم بتلقينهم أغاني تحفز على القتل وإبادة أطفال فلسطين. وكان أبرز تلك الأغاني، أنشودة بعنوان: «أطفال جيل النصر»، كما نشرت هيئة الإذاعة الإسرائيلية، وكان عنوان الأغنية مختلفاً «أكثر تناسباً «مع الكلمات، وهو: سنبيد الجميع في غزة.. ولكنها حذفته بعد ذلك بسبب ردود الأفعال الغاضبة التي انهمرت من أنحاء العالم.
ولم تكتف إسرائيل بتلقين أطفالها الغناء. لقد كانت لهم حصص تعليمية أخرى في فن الكتابة الإبداعية وذلك بشكل لا يخطر حتى على بال الشيطان. لقد كانت فكرة سباقة خلابة غير اعتيادية، فكرة تبرز «إبداع» المحتل وتطوره في كافة المجالات. لقد علموا الأطفال كتابة الرسائل إلى أطفال فلسطين، ولكن الكتابة لم تكن على الورق، بل على الصواريخ. ولم نتطرق بعد إلى نوعية الكتابة. إنها فن في الهجاء، والحقد، والاشمئزاز، والكراهية، ولكن، يا للأسف، لم يتمكن صغار فلسطين من قراءتها وتقدير المجهود، الذي أغدق في نحت تفاصيلها لأن أغلبهم بات تحت التراب ومن بقي منهم مشغول يبحث عن أهله وإخوته وأصدقائه تحت الركام.
أما أهم قدراتهم فقد تكون في إمكانية تحويل الدماء إلى نبيذ. لقد سرقوا جثث الفلسطينيين بعد أن تأكدوا من ذبحهم واقتطعوا منها ما يحتاجون إليه من أعضاء. وربما عصروا الدماء في زجاجات صغيرة. ولا نستغرب إن كانوا يشربونها صباحاً كوجبة غذائية مكثفة.
نعم إنهم ديناصورات القرن.. مصاصو الدماء ولعنة العصر الحالي، وأبناء مدرسة معتقة بالإجرام!