نبيل عبد الأمير الربيعي
انبثقت حركة المنبر الشيوعي من رحم الحزب الشيوعي العراقي، ولاحقاً وقبل حلّها عرفت بـ”المنبر الاشتراكي الديمقراطي العراقي”{1}. في تلك الحقبة من محاولة الانشقاق وتغيير مسار الحزب الشيوعي العراقي واغلب اعضاء هذه الحركة من المنفيين خارج العراق، حققوا العديد من الاجتماعات والمناقشات بين جماعات منفصلة ومطرودة من الشيوعيين المنفيين لتنظيم اجتماع حزبي داخلي. المشاركون (في النقاشات) بالأساس كانوا من (الكادر المتقدّم بما فيهم باقر إبراهيم وعامر عبد الله وحسين سلطان وماجد عبد الرضا ومهدي الحافظ ونوري عبد الرزاق وعبد الحسين شعبان وناصر عبود وعبد الوهاب طاهر وخالد السلام وأحمد كريم ومحمود البياتي وعلي عبد الرزاق وعبد اللطيف الراوي وعلي حنوش وكاظم الموسوي وعلي عرمش شوكت وصلاح مهدي ود. محمد جواد فارس وساهرة القرغولي ورحيمة السلطاني وعباس عبيد وخليل الجزائري وعبد الباقي شنان وعصام الزند وليث حميد وضياء خوجه نعمه وفاضل الربيعي وجمعة الحلفي وطلال شاكر وموسى السيد وخير الله سعيد ومحمود عبد الكريم وآخرين من المثقفين. ومع الوقت وبعد نقاشات كبيرة، تأسست حركة المنبر الشيوعي في عام 1987م “بعد اجتماع الستة في براغ”. والأعضاء الستّة هم: نوري عبد الرزاق ومهدي الحافظ وماجد عبد الرضا وخالد السلام وأحمد كريم وعبد الحسين شعبان{2}. واستمرت المنبر في جذب العديد من الأدباء والفنانين من العراقيين في بلدان المنفى وكذلك من كردستان){3}.
استمرت حركة المنبر الشيوعي ثلاث سنوات ونيّف منذ بيانها الأول “التأسيسي” الذي جاء على أعقاب تطور الوضع في العراق، لاسيّما محاولات إيران لاختراق الأراضي العراقية، وقد استمرت صحيفتها “المهاجرة” من فيينا إلى بيروت ومنها إلى براغ، فلندن في الصدور، أي أنها من الناحية العملية كانت حاضرة في عامي 1987م و1988م وعقدت كونفرنسين كان الثاني في (آب/أغسطس) 1988م وقد شهد صراعاً بين أقطابها، لاسيما بُعيد غزو القوات العراقية للكويت، حيث كان الاتجاه الغالب ضد الغزو يدين نظام الحكم الدكتاتوري، الذي ورّط البلاد بحرب جديدة ستكون نتائجها كارثية على العراق. لم تستطع حركة المنبر بعد ذلك استيعاب المتغيرات الجديدة، لاسيّما بعد غزو الكويت، وقد استنفذت أغراضها، لاسيّما بعد اختراق قياداتها التي هي الأخرى عانت من مشكلات القيادة التقليدية، بل من بعض أمراضها، وتقرر تدريجياً وقف العمل والنشاط والإبقاء على علاقات الصداقة والرفقة بين أطرافها ولكل ظروفه وهذا تقييم بعض قادتها. وهكذا انتهت أخطر حركة انشقاقية في تاريخ الحزب، ولم تسلّط عليها الأضواء الكافية ولم تدرس ولم يتم نقدها على نحو منهجي وفكري، لاسيّما ما تركت من أثر في التبعات مع قادة نظام صدام ومخابراته، لكنها تبخّرت بسرعة. و(مرّة أخرى نعود إلى دور القيادة وكفاءتها وتوازنها وتفاهمها وإرادتها السياسية، تلك التي لم تتوفر لا في القيادة الشيوعية التقليدية ولا في الحركات التي انشطرت عنها لا في السابق ولا في الحاضر){4}.
أدركت المنبر غياب ونقص القيادة في أعضاء حركة الشيوعي المنشقة، وكذلك بسبب ما رأته من أزمة فإنها عملت وخططت لفتح الباب أمام كل الأصوات المتقاطعة مع قيادة الحزب الشيوعي العراقي. رأت المنبر أن السماح لمثل هذه المناقشة في الممارسة الحزبية ونقد القيادة كانت ضرورة قائمة للانقسامات بدلاً من تحدّي قيادة الحزب الأصل. والمنبر رأت نفسها كفصيل جديد جاهز لاحتضان أعضاء المعارضة الحزبية وأصبحت إطاراً لإيجاد حل لانشقاقات أخرى للحزب وتفتيته، انتقاماً لمواقف الحزب برفضه الوقوف مع النظام الصدامي أبان حربه مع إيران. في الوقت الذي اختلفت وجهات النظر حول الأهداف العسكرية والسياسية الإيرانية، فإن الطرفين المنبر وقيادة الشيوعي العراقي اتفقا بأن الحرب الإيرانية- العراقية قد خدمت فقط مصالح الإمبريالية والصهيونية واستهجنا عدوان النظام العراقي.
وعلى مدى (أكثر من ثلاث سنوات كانت المنبر قد أصدرت عشر أعداد من الجريدة منذ بداية 1987م من العدد “صفر” الذي أشرف عليه د. مهدي الحافظ، وصدر في فيينا، ثم العدد الأول والأعداد الثمانية التي صدرت في بيروت بإشراف د. عبد الحسين شعبان، وأصدرت عدداً من الكراريس منها كراس “معالم الأزمة في حزبنا الشيوعي العراقي”، الذي كان قد صدر كوثيقة في العام 1984م، ثم أعيد نشره مع مقدمة في العام 1987م، والمتضمن موضوع الاختلاف بين قيادة الحزب الشيوعي وكوادره، ويعكس وجهات النظر للمعارضة المتسعة للنهج البيروقراطي وللسياسات والممارسات التي يتبعها التنظيم الرسمي متبنياً عنواناً رمزياً لمجموعتهم (المنبر). هذه النشرة المقصود “معالم الأزمة وقضايا الخلاف” وما تبعها من مطبوعات بواسطة المنبر رسمت رؤيا للصراع، والتي أصبحت صراعاً مفتوحاً بعد العام 1984م ولا سيّما بعد (المؤتمر) الرابع للحزب الشيوعي العراقي (العام 1985){5}.
ووفقاً لأحد منشورات المنبر فإن عضواً من اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي قد صرّح في ذلك الوقت “من الصحيح أن يكون 10% من الأعضاء المطيعين بدلاً من 90% من المشاغبن”{6}. وهذا يعني أن أغلب جماعة المنبر من المشاغبين في صفوف الحزب. عملت مطبوعات المنبر على خدمة النظام العراقي القائم آنذاك، والكشف عن شغف قيادته بالتصعيد في إذلال أعضاء الحزب الشيوعي العراقي، والذي قاد إلى انشقاق اعضاء جدد في الحزب وهذا مما أدى إلى صراع فكري ايديولوجي داخل الحزب، فالمنبر كان هدفه تفتيت الحزب الشيوعي العراقي واضمحلاله لا لغرض دعمه في مرحلة عصيبة مر بها الحزب الشيوعي آنذاك. هذا الشغف بالسيطرة على قيادة الحزب الذي ناقشته المنبر أدّى إلى حصول فوضى داخل صفوف الحزب الشيوعي العراقي؛ من خلال أعضاء المنبر الذين استعاضوا بشعارات ثورية فارغة بدلاً من أخذ زمام المبادرة وتنظيم النشاطات المطلوبة لتنمية الحزب.
مع تقدم القوات الإيرانية أبان حربها مع العراق (1980-1988م) واحتلالها للأراضي العراقية طرحت المنبر برنامجاً للخلاص الوطني بهدف مزدوج يسعى إلى طرد القوات الإيرانية المحتلة؛ وتخليص العراق من الدكتاتورية البعثية وفي مواصلة النضال من أجل نظام ديمقراطي حقيقي (برنامج العام 1987). وكل هذا والمنبر يحلم أحلام وردية لا يعلم أن النظام كان قاسياً مع المعارضة واسند دوره في حربه مع إيران عسكرياً، من خلال تحالف الدول الامبريالية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية. وأكّدت قيادة الحزب الشيوعي العراقي بأن الدكتاتورية البعثية هي أساس الأزمة العراقية، وإن توقّف الحرب ممكن فقط بإسقاط النظام. وقد أدرك النظامان بأن الحرب قد أصبحت “صراع وجود” وأن القوى الأوروبية تقدّم دعماً مشكوكاً فيه للطرفين{7}.
في مقابل ذلك وللتميّز عن المعارضة العراقية في تفضيل: إسقاط النظام البعثي على وقف الحرب، فإن برنامج المنبر في “الخلاص الوطني” كان مختلفاً عن ذلك، وطبقاً لمتحدثها الرسمي اعتبرت إيقاف الحرب الفوري هو القضية المركزية والتي لا ترتبط بشكل مطلق مع إسقاط نظام البعث، مثلما يروق لبعض القوى بشكل أو آخر، الأمر الذي سيؤدي إلى استمرار الحرب{8}.
ودعت المنبر حركة المعارضة للاشتراك بالحوار حول قضية الخلاص الوطني من أجل الوصول إلى إجماع في الرأي حول موضوعين، الأول الاتفاق على الحد الأدنى المطلوب لإنهاء الحرب وهو طرد الاحتلال الأجنبي وحماية الاستقلال الوطني وصيانة الحدود المشتركة، والثاني، تخليص العراق من الدكتاتورية وبناء نظام وطني ديمقراطي{9}.
تقول المنبر أن الأزمة الداخلية أصبحت حقيقة ولا يمكن إخفاؤها، وتضيف: إن هذه الأزمة التي تفجّرت هي امتداد لأزمة الحزب والحركة الشيوعية منذ حوالي ربع قرن (المقصود منذ ثورة 14 تموز/ يوليو 1958). أما أسباب الأزمة فتوعزها المنبر إلى أنها فكرية وسياسية وتنظيمية وحتى أخلاقية{10}.
لكن حركة (المنبر) قد أثّرت بعدم كفاءتها ومقدرتها على القيادة في تحليل الواقع الموضوعي، واستنباط الأحكام والتقديرات في رسم السياسات العامة لحركتها، ودفعتها باتجاهات متناقضة ومتذبذبة، تميل نحو اليمين أحياناً، بل وفي أغلب الأحيان، نحو الانعزال والذيلية، حتى وصلت حال المنبر بسقوط بعض اعضاء قادتها في أحضان النظام العراقي آنذاك أمثال د. محمد جواد فارس وفاضل الربيعي وخليل الجزائري وآخرين، كما اعترف فارس من خلال مذكراته في ص116-117. إن هذه التخبّطات والتأرجحات والانتقالات السريعة والحادة، بل وغير المفهومة، ناجمة عن عدم الإفادة من علم الثورة الاجتماعي (المنهج الجدلي الماركسي) وتطبيقه تطبيقاً حيّاً وفق الواقع المادي الملموس على الأرض العراقية{11}.
فحركة المنبر الشيوعي من خلال الشعارات التي رفعتها أصبحت شعارات رنانة طنانة، واسماً بلا معنى ودون دلالة، وتحوّل إلى خنوع للنظام الصدامي ومخابراته. وكانت الحركة تعاني من أزمة فكرية ناجمة عن عدم فهم المنهج الجدلي الماركسي وعدم استيعاب قادتها للمستجدات والمتغيرات التي برزت في السنوات الأخيرة، والتي قادت إلى التحجر والجمود والتخلف عن مواكبة التطورات. وانعكست الأزمة على المواقف المتناقضة والاطروحات المتخبّطة والممارسات غير المتوازنة، تلك التي ابتذلت النظرية على نحو سافر واختطت نهجا برغماتياً “ذرائعياً” سواءً في تقويم الواقع أم في رسم السياسة والمواقف التي تتخذها قيادة الحركة. وتقول وثيقة المنبر: إن الخلاف بيننا وبين القيادة المهيمنة لم ولا يقوم في الموقف من الديكتاتورية الحاكمة التي خرّبت البلاد وفرّطت بالمصالح الوطنية ومارست الإرهاب والتعذيب والظلم ضد الشعب وقواه الوطنية، فقد كنّا وما زلنا نناضل بثبات لإسقاط هذا النظام الجائر وإقامة حكم ديمقراطي يتمتع فيه الشعب الكردي بحقوقه القومية بما فيها الحكم الذاتي، إلاّ أننا نعتقد أن الموقف من النظام لا يكفي لوحده، بل ينبغي أن يقترن بخطط وأساليب عمل مجدية وصائبة وتحالفات سليمة ومؤثرة وبالمحافظة على الإرادة المستقلة للحزب{12}.
لقد طرحت “المنبر” رأياً يقول: إننا مع تحديد المسؤولية الجماعية والفردية عن سياسة الحزب السابقة منذ انقلاب 1968م ولحد الآن. وهذا هو مطلبنا، بدون أن نتحامل على أحد أو نغمط حق أحد. كما أننا طالبنا مع كوادر وقواعد الحزب بضرورة تقويم الفترة بين عام 1979م ولحد الآن ومحاسبة المسؤولين عنها. إننا نعتقد أن المراجعة الشاملة وبالتالي تحديد المسؤوليات، مسألة مهمة وأساسية للتوصل إلى أحكام واستنتاجات لا تخدم تقويم التجربة النضالية السابقة حسب، بل ولرسم السياسة اللاحقة أيضاً”. وجوابي على حركة المنبر؛ هل المؤتمر الوطني الرابع المنعقد في كردستان العراق عام 1985م لم يضع النقاط على الحروف. لقد دارت في المؤتمر نقاشات حادة حول تطورات الحرب ما بين العراق وايران، وغيَّر الحزب شعاره الرئيسي الذي رفعه في بداية الحرب من “إسقاط الدكتاتورية وانهاء الحرب” إلى “إنهاء الحرب وإسقاط الدكتاتورية”، وجعل منه شعاراً للمؤتمر وعلى الوجه التالي “من اجل إنهاء الحرب فوراً واسقاط الدكتاتورية الفاشية وتحقيق البديل الديمقراطي”. وبعد أن ناقش المؤتمر وأقرَّ وثيقة “تقييم تجربة حزبنا النضالية في السنوات “1968 – 1979م” وبعد ذلك ناقش المؤتمر برنامج الحزب الذي اتخذ من “اجل انجاز الثورة الوطنية الديمقراطية والانتقال إلى الاشتراكية شعارا له”. وبعدها تمت مناقشة النظام الداخلي، كانت اللجنة المركزية قد قررت في اجتماعها عام 1982م وبالإجماع؛ تعديل النظام الداخلي وذلك بإلغاء الفقرات السياسية والفكرية الخاطئة التي كان المؤتمر الوطني الثالث قد ادخلها عليه أيام النشاط العلني للحزب، حيث لم يجري فيه التطرق إلى مراعاة العمل السري. كما عكس انعقاد المؤتمر الوطني الرابع على أرض الوطن وسط صعوبات لا يستهان بها، وبحراسة الأنصار الشيوعيين جرأة وبسالة الشيوعيين العراقيين، ويعد انجازاً هاماً للحزب الشيوعي؛ وتحدياً للدكتاتورية التي بذلت المستحيل لأفشال المؤتمر، بما في ذلك استخدام مدفعيتها الثقيلة التي سقطت بعض قذائفها بالقرب من مكان اجتماع اللجنة المركزية عشية المؤتمر.
وأتخذ المؤتمر “من اجل انجاز الثورة الوطنية والديمقراطية والانتقال إلى الاشتراكية” شعاراً له في برنامج الحزب. وهو شعار نموذجي لحرق المراحل. ودعا في التقرير السياسي للمؤتمر إلى “الضبط الحديدي” وإلى مكافحة كل التيارات الانتهازية اليمينية واليسارية والتوفيقية، وأكد بأن “طابع عصرنا هو عصر الانتقال من الرأسمالية إلى الاشتراكية على النطاق العالمي”، أما الوثيقة الثالثة التي أقرها المؤتمر، وهي وثيقة “تقييم تجربة حزبنا النضالية” فقد جاء فيها: “تؤكد تجربتنا في الفترة المعينة، أنه من غير الممكن انجاز الثورة الوطنية الديمقراطية والانتقال إلى الاشتراكية بدون قيادة الطبقة العاملة وحزبها الشيوعي للسلطة السياسية بالاستناد إلى حلف العمال والفلاحين وكل فئات الكادحين”، لقد تخلص أو عدل الحزب لاحقاً جميع هذه الصيغ بعد التجديد. وحول مبدأ إقامة الجبهات الوطنية، هو مبدأ صحيح، وحزبنا مثل سائر الأحزاب الشيوعية كان يتمسك به، وإن فكرة الجبهة الوطنية تقوم على أساس تعاون اختياري سياسي بين قوى وطبقات وفئات اجتماعية عبر طلائعها السياسية على برنامج نضالي تقدّم فيه هذه القوى والأحزاب والطبقات تنازلات متقابلة. ولذلك فإن أي جبهة وطنية تحمل منذ يوم ولادتها الوحدة والصراع في إطار العملية الثورية الجارية، وكل اتفاق أو تعاون بين عدد من الأحزاب والقوى ضمن إطار برنامج، يعني تغليب التناقضات الأساسية على التناقضات الثانوية وهو دليل أيضاً على درجة نضج الحركة الثورية في البلد المعني.
وتزعم المنبر (إن موقفها تمليه اعتبارات وطنية وقومية وأممية، تنطلق من التمسك بحق الشعب العراقي الذي لا ينازع عليه في اختيار نظام الحكم الذي يريده بدون وصاية أو تدخل بالشؤون الداخلية. ولذلك دعت إلى إجراء مفاوضات سلمية بين البلدين لإيجاد حل مقبول على أساس احترام مصالح وحقوق كل منهما وسيادته الوطنية على أراضيه ومياهه وفقاً لمبادئ القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة افتتاحية العدد الأول من “المنبر” أو في العديد من النداءات التي أصدرتها وأكّدت فيها على تغيّر طابع الحرب وأنها أصبحت تمثّل حرباً استنزافية خطيرة بالنسبة للبلدين. وإن المضي بالحرب يؤدي لهدر أوخم وأوسع لطاقات وموارد مادية وبشرية هائلة ويهدد بكوارث وطنية مريعة لكل منهما){13}. وهل يعلم جماعة المنبر أن هناك الكثير من الوساطات العربية والإسلامية قد ساهمت في إيقاف الحرب إلا أن الجانب الإيراني كان الرافض لجميع تلك الوساطات، فكيف لتيار منبري بسيط بعدد اعضائه المنشقين يستطيع أن يتوسط لإيقاف الحرب مقابل مجموعة من المنظمات والدول العربية التي لم تتوصل إلى إيقاف القتال، وكان السلاح الغربي يصل العراق وبدعم قوي كي تستمر نار الحرب تلتهم الأخضر واليابس.
ألاّ يعلم جماعة المنبر أن تمويل المجهود الحربي العراقي تمَّ بشكل علني من قبل المملكة العربية السعودية والكويت ودول عربية مجاورة أخرى؟؛ وبدعم ضمني من قبل الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي السابق؟، واستمر العراق في مناشداته من أجل التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب ويحقق السلام بين البلدين في منتصف الثمانينيات. وتضررت مكانته بشدة بعد ظهور أدلة على استخدامه الأسلحة الكيميائية ضد القوات الإيرانية وكذلك ضد المدنيين الأكراد العراقيين الذين أتهمتهم بغداد بالوقوف إلى جانب ايران في الحرب. يضاف إلى ذلك إن استمرار الحرب فتح المجال واسعاً لتدخل القوى الامبريالية وتعزيز تواجدها العسكري في المنطقة، وخلق مصدراً خطيراً للتوتر الدولي وتهديد الأمن والسلام في العالم، مما أحدث خللاً في ميزان القوى في المنطقة لصالح إسرائيل والامبريالية الأمريكية وألحق أضراراً بالغة بحركة التحرر العربي والثورة الفلسطينية ومصالح النضال العام ضد الإمبريالية. للأسف الشديد، لم تنعكس هذه الاعتبارات على موقف حركة المنبر من الحرب، ولم يطرأ تغيير جوهري يذكر، سوى بعض مظاهر اللف والدوران على الوقائع الجديدة والتلاعب بالألفاظ والاصطلاحات المنتزعة من أوضاع تاريخية سابقة لتبرير الأحجام عن الدعوة الصريحة والثابتة لإنهاء الحرب وإيقاف إطلاق النار فوراً، وإجراء مفاوضات سلمية على أساس الاحترام المتبادل لحقوق البلدين ومصالحها المشروعة. وكان لينين والتيار الماركسي الأممي والثوري في الأحزاب العمالية يعارض هذه الحرب التي سماها “حرب اللصوص الإمبرياليين” ودعا الطبقة العاملة وشعوب الدول الامبريالية إلى تحويلها إلى حرب أهلية لإسقاط سلطة البرجوازية الاحتكارية الشوفينية.
وللتذكير لجماعة المنبر ادرج ما يلي: (في العدد الأول من مجلة “النهج” يقول الرفيق زكي خيري: “إن اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي في اجتماعها الاعتيادي في أيلول 1982م قررت تركيز النضال على إنهاء الحرب وتحقيق سلام ديمقراطي عادل. إن أي صلح ديمقراطي عادل لا يمكن تحقيقه على يد حكومة غير ديمقراطية وغير محبة للسلام. ولا يمكن قيام مثل هذه الحكومة في الظروف الراهنة في العراق إلاّ بعد إسقاط الديكتاتورية وإقامة حكومة الجبهة الوطنية الديمقراطية العريضة التي تمثل جميع القوى الوطنية المحبة للسلام. وفقط أمثال هذه الحكومة يمكنها في هذا الوقت إنقاذ العراق وإيران من أتون الحرب وتحقيق صلح ديمقراطي عادل والديمقراطية للشعب والحكم الذاتي الحقيقي لكردستان){14}. وكتب الرفيق زكي خيري في العدد الخامس من مجلة “النهج” قائلاً: (أكد حزبنا في تقرير لجنته المركزية في أيلول 1982 وفي جميع ادبياته، إن توحيد القوى الوطنية في جبهة واسعة وتشديد الكفاح المسلح والسلمي وعرض شروط السلم الديمقراطي العادل وكسب جماهير الجنود من أجل استكمال شروط الثورة الشعبية الظافرة لإسقاط النظام الديكتاتوري وإقامة حكومة ائتلافية ديمقراطية هو الطريق الوحيد لتحقيق السلم العادل. إذ أن هذه الحكومة ستعرض شروط السلم العادل. وفي حالة رفض الحكومة الإيرانية لها تستطيع الحكومة المنبثقة عن الشعب والممثلة لقواه الوطنية والملتزمة بأهدافه من قيادة الدفاع الثوري عن الوطن ضد جميع المعتدين بأهدافه من قيادة الدفاع الثوري عن الوطن ضد جميع المعتدين وتحقيق الديمقراطية للشعب والحكم الذاتي الحقيقي لكردستان وتنجز مهام الثورة الوطنية الديمقراطية الأخرى{15}.
أما بصدد “الكفاح المسلح”، فقد كان موقف المنبر كما يقولون مع استخدام جميع أساليب النضال، العنفية واللاعنفية تبعاً للإمكانات والظروف الموضوعية والذاتية، وإن اختيار أي شكل نضالي مرهون بتوفر الإمكانات والظروف التي ينبغي العمل لإنضاجها واستكمالها. وقد سبق لحزبنا أن اختار أشكالاً نضالية متنوعة سلمية ومسلحة، تبعا لإمكانات تطبيقها{16}. وجوابنا عن دور جماعة المنبر في الحركة الأنصارية كما جاء في ص93 من مذكرات محمد جواد فارس عندما رفض الالتحاق بالحركة متعللاً كونه يبقى في مجمع دير ياسين الطبي في دمشق لمعالجة المرضى دون الذهاب لمعالجة رفاقه في كردستان العراق: (وأنا في موقع عملي كطبيب أعمل في مجمع دير ياسين الطبي في دمشق، وكنت في وقت المكالمة مع مدير المجمع وهو رفيق في الحزب الشيوعي الفلسطيني، وسمعني أردُ على الهاتف بشكل متشنج حيث قلت له: أنا أبصق عليك وعلى عزيز محمد. عندما سمع المدير الحديث تعاطف معي، خصوصاً بعد أن كلمته حول الحيثيات فطلب مني أن أرتاح لوقع هذا القرار الغريب عليَّ، فكيف يفصل مناضل في صفوف الحزب وفي مجالات أممية وقومية هكذا بجرة قلم لمجرد رأي له لما يجري في الحزب من انتهاكات وتجاوزات وتسلط){17}. وبعد طرده من الحزب يذكر في ص94 قائلاً: (وأنا في دمشق سمعت أنهم قاموا بإبلاغ السفارة بضرورة سحب جوازاتنا اليمنية، وقام بهذا التبليغ كريم أحمد عضو المكتب السياسي){18}. هذا هو دور وموقف محمد جواد فارس.
ويذكر في مذكراته ص115 عن زيارته المكوكية للعراق ولقاءاته مع قيادات البعث قبل الاحتلال الأمريكي قائلاً: (وقد ابلغنا حميد سعيد الذي كان مديراً لمركز بيت الحكمة عن تنظيم لقاء على شكل ندوة نتحدث فيها إلى كوادر وقيادة حزب البعث من اعضاء في القيادة القومية وكان من بينهم، إضافة إلى طارق عزيز، اللبناني عبد المجيد الرافعي والفلسطيني ناصيف عواد. في بدء الندوة تحدث فاضل الربيعي عن أن سياسة الحزب الواحد انتهت في بلدها الأول الاتحاد السوفيتي، ولذلك يجب أن نفكر جدياً في اطلاق الحريات الديمقراطية){19}.
ووفقاً لوثيقة (المنبر) بشأن أساليب النضال تقول: نختلف مع القيادة الرسمية حول أساليب الكفاح، حيث جرت المبالغة على شكل واحد، واعتمد أساساً لتحرّكنا دون دراسة الواقع الجغرافي والديموغرافي والطبوغرافي وطبيعة القوى القومية وظروف العمل القاسية والبيئة الصعبة والمعقدة، إضافة إلى دور الدول المجاورة في أحكام قبضتها على “القوى الأنصارية” وهو ما يجعلها في فخ حقيقي، وهو ما حدث ويحدث الآن حقا مما يجعل القيادة الحالية أمام مسؤولية كبرى تتعلق بحياة مئات الرفاق. وكذلك جرى إهمال العمل في الداخل على حساب المبالغة في تجميع الكادر والرفاق في كردستان{20}. لا اعرف أي من الأساليب النضالية التي مارسها قادة المنبر كما يذكر طارق إسماعيل، هل التعاون مع النظام الصدامي أم محاربة رفاق الأمس والدعوة لتشويه مواقفهم الوطنية، وقد كان مثال ذلك ما ذكره محمد جواد فارس في مذكراته (نصف قرن في رحاب الحركة الشيوعية) (ص116-117). لقد قدم الحزب قافلة من الضحايا والشهداء والمغيبين على مدى أكثر من (88) عاماً من التضحيات، ولم يتنازل للنظام بعد انفراط عقد التحالف معهُ عام 1978م، فكان موقفه وطني ومشرق ومشرف. لكن يتضح لي أن الصراع الداخلي في الحزب الشيوعي العراقي مع المنشقين (حركة المنبر) عميق وحاد، وصراعاً على “الكراسي القيادية”، كما يتراءى للناظر من الخارج. لقد وجّه بعض المسؤولين في اللجنة المركزية اتهامات ضد (حركة المنبر) باعتبارها متأثرة بالاتجاه القومي العروبي، لاسيّما وقد أثار موضوع الهيمنة الكردية على قيادات الحزب ومنظماته في الخارج، وأخطر ما في الأمر على الصعيد الداخلي هو بروز “النزعة التعصبية الكردية” لبعض القياديين وانعكاسها هرمياً على كوادر وأعضاء الحزب، وخصوصاً في التركيب القيادي والهيئات المسؤولة، ويمكن القول أن تأثير القوى القومية الكردية والوجود المسلح في كردستان والذهنية القومية الضيقة لبعض قادة (حركة المنبر) واعتبارات أخرى قد لعبت دوراً مهماً في مثل هذا الانحراف الخطير{21}.
فضلاً عن أن قادة (حركة المنبر) رحّبوا بحركة البيروسترويكا وأشادوا بالسياسة التي ينتهجها غورباتشوف في الاتحاد السوفيتي، وألمحوا إلى احتمال امتداد “رياح التغيير” هذه إلى “الحركة الشيوعية العالمية”، إلاّ إن آمال قادة المنبر هذه لم تتحقق على الرغم من مراهنتها على البيريسترويكا التي ستكون الأساس لتجديد روح الاشتراكية، وانفتاحاً ديمقراطيا ضرورياً، سيؤثر على مسيرته ضد البيروقراطية والتخلّف ومن أجل تعزيز وتوسيع الديمقراطية وتأكيد مبدأ الانتخاب واحترام حقوق الانسان وحرياته، فغاية الاشتراكية وهدفها هو الانسان. وإذا كان التغيير أمراً لا مناص منه فكان يمكن أن يأتي بالتدريج ومعالجته تمتاز بالحكمة وبُعد النظر، وأعتقد أن لا غورباتشوف ولا أحد آخر كان يتصور أن الأمور ستسير إلى نهاية الشوط بحيث يتم الإطاحة بالنظام الاشتراكي ككل.
كان من بين إنجازات جماعة (حركة المنبر)، جذب كلٍ من: حسين سلطان وخليل الجزائري وخالد السلام للسفر إلى بغداد لتشكيل نواةٍ لهم وتمهيد عودتهم ومشاركتهم في الجبهة والسلطة كبديلٍ عن الحزب الشيوعي. وكانت مصائر بعضهم مأساوية: تم ذبح خليل الجزائري بطريقة مريعة، مربوطًا الى كرسي، ممزقاً ومشوه الملامح، توفي حسين سلطان دون ان يرى نتيجة اوهامه وانخراطه مع المجموعة المشبوهة، وماجد عبد الرضا انضم تدريسيًا في الجامعة وكاتبًا ممجدًا لفكر صدام حسين وعبقريته الفكرية والسياسية في جريدة الثورة الناطقة باسم البعث، ومات بعد إصابته بالزهايمر، ولم يسلم سوى خالد السلام الذي استطاع النفاذ بجلده والهرب عائدًا إلى باريس….. أما من ظل في الخارج، فكانت مصائرهم لا تشرف وطنيًا يعتز بنضاله ورصيده الوطني. ومن بين أخطر محطاته، انضمامه الى تجمع “المقاومة الارهابية” التي كان من بين قادتها الضاري والخالصي والبعثي عبد الجبار الكبيسي وفوزي الراوي واشتراكه في مؤتمر بيروت الذي نظموه للتنسيق بين الفصائل الارهابية المناهضة للعملية السياسية{22}.
لقد (تمادى بعض هؤلاء المأجورين، متجاوزين كل حدود الإساءة والتعريض والتشهير بالوطنيين، والتواري تحت أقنعة “الوطنية” بل “الشيوعية” وادعاء أدوار في قيادة النضال الوطني. وصار بعضهم من “الدكاترة”، والكُتاب، ومصادر لكُتّاب الاطروحات الجامعية، وخبراء ومفكرين في تناول تاريخ الحركة الوطنية والشيوعية. ولا يتوانون، بل لا يستحي من يقدمهم بوصفهم “مفكرين” وعلماء، ومدافعين عن حقوق الإنسان وقد ظهر من بين هؤلاء، بعض الذين استقامت لهم الحياة السياسية المشوّهة، فتنقلوا بين التجمعات والبؤر المشتبه بمراجعها، دون استثناء أجهزة المخابرات الدولية والإقليمية والعربية وقد لعب “المنبريون” في مرحلة تزايد التشوش بين الاوساط العربية والإقليمية الذين اربكتهم الاختلاطات بين “أسر” صدام حسين ومصادرته لإرادة العراقيين… لكن الاخطر من جميع هذه الاوساط والقوى التي توهمت عن حسن نية أو تواطؤٍ وممالأة، هم فرسان ما سُمي بـ”المنبر الشيوعي”. وقد أخذت هذه الجماعة التي تشكلت من المطرودين من الحزب بسبب أدوارهم السياسية المنحازة الى “مصاهرة” صدام حسين والتحالف معه بغض النظر عن استباحاته وارتكاباته ونهجه المعادي لأبسط الحريات وحقوق المواطنة، ومن بينهم من وضع نفسه حقًا تحت تصرف السفارات العراقية، ولم يتوان البعض في الارتباط بصيغ مختلفة مع الأجهزة الأمنية والمخابراتية العراقية، وبين هؤلاء أعضاء في اللجنة المركزية والمكتب السياسي الذين أسقط عضويتهم المؤتمر الوطني الرابع.… لقد تحرك قادة “المنبر الشيوعي” وهم الذين يسميهم الشيوعيون والديمقراطيون أصحاب “الچمبر الصدامي” والمتعاطفون معهم في مختلف الاوساط والبلدان التي يتواجد فيها العراقيون في المنافي والمهاجر القسرية، لحثهم على العودة إلى البلاد والنضال في ظل النظام “المستعد” لاحتضانهم وتمكينهم من النشاط السياسي والحزبي بحرية وضمان عودتهم الى وظائفهم السابقة وتأمين معيشة من لا وظيفة له{23}.
ويذكر الأستاذ محمد علي سالم في مقاله بجريدة المدى قائلاً: (يظل وحده عبد الحسين شعبان لم يتعب من انتقالاته من “حضن دافئ” الى آخر، فمن المنبر وارتباطه بالسفارة العراقية في براغ، حيث صار جسرًا لمن يريد العودة الى العراق بتسهيل متطلباته الى جانب ادواره الاخرى، وجد عبد الحسين ضالته التي تحقق له ذاته المُضيّعة ونرجسيته المتورمة في المؤتمر الوطني العراقي وحاضنته السياسية والمالية واللوجستية المخابرات المركزية، ليصبح اميناً عاما له إلى أن اكتشفت قيادة المؤتمر صلته بالمخابرات العراقية وتسريبه لمحاضرها، ووضعته أمام أحد خيارين: كشف هويته الحقيقية وفضح ارتباطه بالمخابرات أو الاستقالة من المؤتمر، ويقول البعض إن نوري عبد الرزاق ومهدي الحافظ كلفا من قبل الدكتور أحمد الجلبي بأقناعه بالاستقالة وقد فعل ذلك مرغمًا، وادعى دون خجل أنه استقال لأسبابٍ سياسية..! ومن بين أخطر محطاته، انضمامه الى تجمع “المقاومة الارهابية” التي كان من بين قادتها الضاري والخالصي والبعثي جبار الكبيسي وفوزي الراوي واشتراكه في مؤتمر بيروت الذي نظموه للتنسيق بين الفصائل الارهابية المناهضة للعملية السياسية، وفي إحدى صولاته الملفتة مشاركته في الوفد الذي نظمه التجمع المذكور الى ليبيا واللقاء مع القذافي، وفي حركة تكفي لفضح الهوية الحقيقية لعبد الحسين شعبان إهداءه كتبه حول القانون لـ”الاخ القائد” معمر القذافي :“الى خير من أهديه كتبي في القانون الى حامي القانون” ..!{24}.
وأخيراً بعد هذه السياحة، أردّد بيت شعر للجواهري الكبير عن دور اللئيم الدكتور محمد جواد فارس حين يقول :
ذئبٌ ترصّدني وفوق نيوبه ************ دم أخوتي وأقاربي وصحابي
المصادر
1- باقر ابراهيم، مذكرات باقر ابراهيم، دار الطليعة للطباعة والنشر، بيروت، ط1، 2002، ص 266.
2- طارق اسماعيل. جماعة المنبر والحركة الشيوعية العراقي: قراءة تاريخية- راهنة لبعض أجنحة الحركة الشيوعية، الحوار المتمدن، العدد: 4921، 10/9/2015.
3- المصدر نفسه.
4- المصدر نفسه.
5- المصدر نفسه.
6- المصدر نفسه.
7- (انظر كيبسون 2010: 70 -55).. { Bryan R. Gibson, Covert Relationship: American Foreign Policy, Intelligence, and the Iran – Iraq War, 1980-1988, praeger Security International (New York: Praeger, 2010), pp. 55-70.}
8- طارق اسماعيل. جماعة المنبر والحركة الشيوعية.
9- الغد (لندن) العدد 21 ، تشريت الأول/اكتوبر 1987.
10- عبد الحسين شعبان، الصوت والصدى: حوارات ومقابلات في السياسة والثقافة، إعداد: وتقديم كاظم الموسوي، بيروت: الدار العربية للعلوم- ناشرون، 2010.
11- طارق اسماعيل، جماعة المنبر والحركة الشيوعية.
12- المصدر نفسه.
13- المصدر نفسه.
14- مجلة النهج، نيقوسيا، زكي خيري، العدد: 1، 1983، ص 54.
15- مجلة النهج، نيقوسيا، زكي خيري، العدد: 5، 1984، ص40.
16- طارق اسماعيل، جماعة المنبر والحركة الشيوعية.
17- 1- محمد جواد فارس، نصف قرن في رحاب الحركة الشيوعية، دار الرافدين، بيروت، ط1، حزيران 2023، ص93.
18- المصدر نفسه، ص94.
19- المصدر نفسه، ص115.
20- طارق اسماعيل، جماعة المنبر والحركة الشيوعية.
21- المصدر نفسه.
22- جريدة المدى، محمد علي سالم، فرسان المنبر الشيوعي مطايا نظام صدام حسين! العدد 4694، 12/8/2020.
23- المصدر نفسه.
24- المصدر نفسه.