معركة الكرامة
اشتباك مسلح دام لمدة 15 ساعة بين جيش الاحتلال الإسرائيلي
في بلدة مخيم /الكرامة الأردنية في 21 آذار /مارس
لنھر فعلاً نھر الأردن لأسباب يعتبرھا إستراتيجية. وقد عبرت ا من عدة محاور مع عمليات تجسير
. فتصدى لھا الجيش الأردني على طول جبھة القتال من أقصى شمال
الكرامة أشتبك الجيش العربي والفدائيون مع القوات الإسرائيلية، في معركة استمرت قرابة
واستمرت بعدھا المعركة بين الجيش الأردني والقوات الإسرائيلية أكثر من
ين إلى الانسحاب الكامل من أرض المعركة تاركين وراءھم ولأول مرة خسائرھم وقتلاھم دون أن يتمكنوا من
وتمكن الجيش الأردني من الانتصار على القوات الإسرائيلية وطردھم من أرض المعركة مخلفين ورائھم
الآليات والقتلى دون تحقيق الكيان الصھيوني لأھدافه .
معركة الكرامة أھمية كبيرة في التاريخ الفلسطيني المعاصر. ّ إذ تعدنقطة تحول باتجاه سيطرة العمل الفدائي
حركة فتح -على الساحة السياسية الفلسطينية وعلى منظمة التحرير الفلسطينية
ً
ً وعربيا
ً فلسطينيا
ً كبيرا
ترسيخ الوجود الفدائي شرقي الأردن وأعطته زخما . ً شعبيا
حرب التحرير الشعبية ضد الكيان الصھيوني، بعد ھزيمة الجيوش العربية في
للضفة الغربية وقطاع غزة وھضبة الجولان وسيناء .
جذور الصراع وأسبابه
بعد احتلال الكيان الصھيوني للـضفة الغربية من نھر الأردن في حرب 1967
الفلسطينيين في منطقة الغور الشرقي، وكانت ھجمات الفدائيين تنجز بدون تنسيق مسبق مع الجيش الأردني
صدرت عدة تصريحات رسمية عن إسرائيل، تعلن أنه إذا استمرت نشاطات
فإنھا ستقرر إجراء عمل مضاد مناسب، وبناء عليه زاد نشاط الدوريات الإسرائيلية في الفترة ما بين
جسر الملك حسين وجسر دام يا وازدادت أيضا الطلعات الجوية الإسرائيليةفوق
قد مثلت صدمة كبيرة للشعب الفلسطيني والشعب العربي الذي انتظر بفارغ
وسعى الفلسطي ّ نيون إلى أخذ زمام المبادرة بأيديھم، وعدم انتظار تحقق شعارات
التي كانت سائدة من قبل، فضلاً عن انحسار الآمال تجاه
وتكرست بشكل أكبر الھوية الوطنية الفلسطينية، وتطلعت الأنظار إلى المنظمات
العدد 347:
التاريخ : / 2024
ضرغام الدباغ
ھي معركة / اشتباك مسلح
التحرير الفلسطينية في بلدة
الصھيوني احتلال نھر الأردن
وتحت غطاء جوي كثيف
الميت بقوة . وفي قرية الكرامة
الخمسين دقيقة. واستمرت بعدھا المعركة بين الجيش الأردني والقوات الإسرائيلية أكثر من
الإسرائيليين إلى الانسحاب الكامل من أرض المعركة تاركين وراءھم ولأول مرة خسائرھم وقتلاھم دون أن يتمكنوا من
سحبھا معھم. وتمكن الجيش الأردني من الانتصار على القوات الإسرائيلية وطردھم من أرض المعركة مخلفين ورائھم
الآليات والقتلى دون تحقيق الكيان الصھيوني لأھدافه
وتكتسب معركة الكرامة أھمية كبيرة في التاريخ الفلسطيني المعاصر
وخصوصا حركة فتح ً الفلسطيني –
ً
ً وعربيا
ً فلسطينيا
ً كبيرا
ً شعبيا
ترسيخ الوجود الفدائي شرقي الأردن وأعطته زخما
العصابات «و حرب التحرير الشعبية
1967 واحتلال إسرائيل
جذور الصراع وأسبابه
بعد احتلال الكيان الصھيوني
الفلسطينيين في منطقة الغور الشرقي، وكانت ھجمات الفدائيين تنجز بدون تنسيق مسبق مع الجيش الأردني
سنة 1968صدرت عدة تصريحات رسمية عن
الأردن فإنھا ستقرر إجراء
مارس 1968بين جسر الملك حسين
وكانت حرب 1967 قد مثلت
(منذ 1948) وسعى الفلسطي ّ نيون إلى أخذ زمام المبادرة بأيديھم، وعدم انتظار تحقق شعارات
«و قومية المعركة» التي كانت سائدة من قبل، فضلاً عن انحسار الآمال تجاه
والتحرير. وتكرست بشكل أكبر الھوية الوطنية الفلسطينية، وتطلعت الأنظار إلى المنظمات
أفضل
3
الموقع
جرت أحداث معركة الكرامة في منطقة غور الأردن على الضفة الشرقية من نھر الأردن. نسبت المعركة إلى
قرية الكرامة التي حدثت أھم الاشتباكات فيھا وقربھا، وتقع قرية الكرامة في الجزء الشرقي من غور نھر الأردن وھي
ً اشتھرت ببساتينھا الكبيرة وخضرتھا الدائمة وكانت تسمى بمنطقة الآبار وذلك لكثرة
منطقة زراعية منخفضة جغرافيا
الآبار الارتوازية فيھا، وتسمى أيضا بغور الكبد باعتبارھا جزءا من منطقة زراعية واسعة وتعتبر ھذه المنطقة سلة
الغذاء الأردني ويعتمد %95 من سكان ھذه المنطقة على الزراعة .
أھداف المعركةبحسب الرواية الأردنية
تؤكد المصادر الأردنية أن ھدف إسرائيل من الحرب كان الغرض منه، تدمير قوة المقاومةالعرب بية في بلدة الكرامة، بل
أن الھدف الحقيقي ھو احتلال المرتفعات الشرقية من الأردن والاقتراب من العاصمة عمان للضغط على القيادة الأردنية
لقبول شروط الاستسلام وفق الشرط التي يفرضھا العدو، ولأن إسرائيل كانت ترغب في توسيع حدودھا وضم أراضي
جديدة من الأردن إليھا، بالإضافة إلى محاولة إسرائيل احتلال أراض أردنية واقعة شرقي النھر والتمسك بھا بقصد
ً للأھمية الاستراتيجية لھذه المرتفعات
المساومة عليھا نظرا .
تمھيدا لھجوم الواسع قامت إسرائيل بھجمات عديدة استخدمت بشكل رئيسي القصف الجوي والمدفعي، على طول
الجبھة الأردنية طوال أسابيع عديدة سبقت بداية المعركة في الساعة 5:25 من فجر يوم الأحد في 21 آذار 1968.كما
مھدت لذلك بإجراءات واسعة النطاق في المجالات النفسية والسياسية والعسكرية عمدت بواسطتھا إلى تھييء المنطقة
لتطورات جديدة يتوقعونھا كنتائج لعملياته العسكرية شرقي نھر الأردن .فقد بنوا توقعاتھم على أساس :
القضاء نھائيا على الفدائيين الفلسطينيين (فتح العاصفة بقيادة أبو عمار والجبھة الشعبية بقيادة جورج حبش و .) لم يكن قد
مضى وقت طويل على نكسة الجيوش العربية ما منحھمالشعور بأن جيشھم لا يھزم . في وقت لم يتسن الوقت للجيش
الأردني إعادة تسليح قواته أو تعويض أو خسائره التي مني بھا في الحرب الماضية و . عدم تمكن الأردنيين من تعويض
طائراتھم في سلاح الجو مما يحرم القوات الأردنية من الحصول على غطاء جوي .
• أسس العدو لأا فتراضبأن الاختلافات السياسية بين فصائل المقاومة والحكومة الأردنية لن تحقق أي تعاون بينھم
وبين القوات الأردنية .
• أعلن الكيان الصھيوني أنھم قاموا بالھجوم لتدمير قوة المقاومة الفلسطينية، والقضاء على حلم العودة لدى
الشعب الفلسطيني .
• محاولة وضع ولو موطئ قدم على أرض شرقي نھر الأردن باحتلال مرتفعات السلط وتحويلھا إلى حزام أمني
للكيان الصھيوني تماما كما فعلت في مرتفعات الجولان، وكما حدث بعد ذلك في جنوب لبنان .بقصد المساومة
عليھا لتحقيق أھدافھا وتوسيع حدودھا و . ضمان الأمن والھدوء على خط وقف إطلاق النار .
• زعزعة الروح المعنوية والصمود عند السكان المدنيين وإرغامھم على النزوح من أراضيھم ليشكلوا أعباء
جديدة .
• حرمان المقاومة من قاعدتھا الشعبية، ومن وجود قواعد لھا بين السكان .
• المحافظة على الروح المعنوية للجيش الإسرائيلي بعد المكاسب التي حققھا على الجبھات العربية في
حزيران/ 1967 .
القوات المتحاربة
الأردن
كانت القوات المسلحة الأردنية المشاركة في المعركة مكونة من: فرقة المشاة الأولى والتي أوكل لھا مھمة الدفاع عن
ً المنطقة الوسطى ، وكانت موزعة كما يلي
والجنوبية من سيل الزرقاء شمالاً : لواء حطين ويحتل وحتى العقبة جنوبا
مواقع دفاعية على مقترب ناعور، لواء الأميرة عالية ويحتل مواقع دفاعية على مقترب وادي شعيب، لواء القادسية
ويحتل مواقع دفاعية على مقترب العارضة، ويساندھم لواء الأمير الحسن بن طلال المدرع ،60 وفرقة المشاة الأولى
التي توزعت إحدى كتائبھا على الألوية، وكتيبة بدور الاحتياط للجيش في منطقة طبربور، تساند الفرقة 3 كتائب مدفعية
ميدان وسرية مدفعية ثقيلة، تساند الفرقة كتيبة ھندسة ميدان .
4
ّى قيادة ما عرف بالجبھة الشرقية
كانت القوات بقيادة مشھور حديثة الجازي الخرشا وھو سياسي وعسكري أردني تول
عام 1965 وبعد نكسة حزيران 1967 ِلك ف بقيادة الفرقة الأولى التي كانت في طليعة القوات لمواجھة العدوان
الصھيوني على الأردن ورده على أعقابه في معركة الكرامة في 21 آذار .1968
إسرائيل
بحسب المعلومات التي توفرت من مصادر الاستخبارات الأردنية ومشاھدة أرض المعركة قدر حجم القوات الإسرائيلية
المشاركة بالمعركة كما يلي: فرقة مدرعة مع أسلحتھا المساندة بالإضافة إلى سلاح الجو واللواء المدرع السابع، اللواء
المدرع ،60 لواء المشاة الآلي ،80 كتيبة مظليين من لواء المظليين ،35 خمس كتائب مدفعية ميدان ومدفعية ثقيلة،
أربعة أسراب من الطائرات المقاتلة من طراز ميراج ومستير، وعدد من طائرات الھيلوكبتر القادرة على نقل كتيبتين
دفعة واحدة، كتيبة ھندسة مدرعة.
المعركة
بدأت معركة الكرامة عند الساعة 5.30 من صباح يوم الخميس 21 مارس1968 ، حين ھاجمت القوات الإسرائيلية
ثلاثة جسور في وقت واحد، قام المھندسون العاملون في القوات الإسرائيلية ببناء جسر عائم في الشمال كي تتمكن
القوات من عبور النھر .توغلت رؤوس الحربة الإسرائيلية عبر جسر اللنبي وتقدمت باتجاه الشونة الجنوبية .
واستمرت ست عشرة ساعة في قتال مرير على طول الجبھة، ومن خلال مجرى الحوادث وتحليل العمليات القتالية
اتضح أن القوات الإسرائيلية المھاجمة بنت خطتھا على ثلاثة مقتربات رئيسة ومقترب رابع تضليلي لتشتيت جھد
القوات المدافعة المقابلة، وجميع ھذه المقتربات تؤدي حسب طبيعة الأرض والطرق المعبدة إلى
مرتفعات السلط وعمان والكرك.
مقتربات المعركة
كانت المقتربات كالتالي :
مقترب العارضة :ويأتي من جسر الأمير محمد) غور داميا (إلى مثلث المصري إلى طريق العارضة الرئيسي
إلى السلط .
مقترب وادي شعيب :ويأتي من جسر الملك حسينإلى الشونة الجنوبية، إلى الطريق الرئيسي المحاذي لوادي
شعيب ثم السلط .
مقترب سويمة :ويأتي من جسر الأمير عبد الله إلى غور الرامة إلى ناعور ثم إلى عمان .
محور غور الصافي :ويأتي من جنوب البحر الميت إلى غور الصافي إلى الطريق الرئيسي حتى الكرك .
وقد استخدم الإسرائيليون على كل مقترب من ھذه المقتربات مجموعات قتال مكونة من المشاة المنقولة بنصف
مجنزرات ودبابات وتساندھم على كل مقترب وحدات من مدفعية الميدانوالمدفعية الثقيلة ومع كل مجموعة أسلحتھا
المساندة من ألـ م د 106 ملم والھاون مع إسناد جوي كثيف على كافة المقتربات. مما قد يدل أن معركة الكرامة من
ً لتوقيت العملية وطبيعة وأنواع الأسلحة المستخدمة، حيث استخدم
المعارك العسكرية المخطط لھا بدقة، وذلك نظرا
الصھاينة كافة أسلحة المناورة على اختلاف أنواعھا.
مقتربات القتال
القتال في منطقة المثلث المصري
حشد الجيش الإسرائيلي لتلك المعركة اللواء المدرع السابع وھو الذي سبق وأن نفذ عملية الإغارة على قرية
السموع عام 1966واللواء المدرع ،60 ولواء المظليين ،35 ولواء المشاة ،80 وعشرين طائرة ھليكوبتر لنقل
المظليين وخمس كتائب مدفعية 155 ملم و 105 ملم، بالإضافة إلى قواته التي كانت في تماس مع القوات الأردنية على
امتداد خط وقف إطلاق النار، وسلاحه الجوي الذي كان يسيطر سيطرة تامة على سماء وأرض المعركة، بالإضافة إلى
قوة الھجوم التي استخدمھا في غور الصافي، وھي كتيبة دبابات وكتيبة مشاة آلية وسريتا مظليين وكتيبة مدفعية، تم حشد
ھذه القوات في منطقة أريحا، ودفع بقوات رأس الجسر إلى مناطق قريبة من مواقع العبور الرئيسة الثلاثة، حيث كان
ً. تقربه ليلا
5
بدأ الجيش الإسرائيلي قصفه المركز على مواقع الإنذار والحماية ثم قام بھجومه الكبير على الجسور الثلاثة عبر
مقتربات القتال الرئيسة في وقت واحد حيث كان يسلك الطريق التي تمر فوق ھذه الجسور وتؤدي إلى الضفة الشرقية
وھي طريق جسر داميا (الأمير محمد ) وتؤدي إلى المثلث المصري، ثم يتفرع منھا مثلث العارضة -السلط-عمان
وطريق أريحا ثم جسر الملك حسين– الشونة الجنوبية وادي شعيب – السلط – عمان ثم جسر الأمير عبد الله
(سويمة، ناعور (عمان. وفي فجر يوم 21 آذار 1968انطلقت المدافع وانطلقت الأصوات على الأثير عبر الأجھزة
اللاسلكية تعلن بدء الھجوم الإسرائيلي عبر النھر على المملكة الأردنية .
بداية المعركة
لم تستطع القوات الإسرائيلية العبور حسب المقتربات المخصصة لھا. ودليل ذلك أن القوات الإسرائيلية التي تكاملت
شرقي النھر كانت بحجم فرقة وھي القوات التي عبرت في الساعة الأولى من الھجوم وبعدھا لم تتمكن القوات المھاجمة
من زج أية قوات جديدة شرقي النھر بالرغم من محاولتھم المستميتة للبناء على الجسور التي دمرت، ومحاولة بناء
جسور حديدية لإدامة زخم الھجوم والمحافظة على زمام المبادرة مما أربك المھاجمين وزاد من حيرتھم وخاصة في ظل
شراسة المواقع الدفاعية ومقاومتھا الشديدة .
القتال على مقترب جسر الأمير محمد (داميا )
اندفعت القوات العاملة على ھذا الجسر تحت ستار كثيف من نيران المدفعية والدبابات والرشاشات المتوسطة فتصدى
لھا كتائب الجيش الموجودين شرق الجسر مباشرة ودارت معركة عنيفة تمكن الجيش الأردني من تدمير عدد من دبابات
الجيش الإسرائيلي وإيقاع الخسائر بين صفوفه وإجباره على التوقف والانتشار .
عندھا حاولت القوات المھاجمة إقامة جسرين إضافيين، إلا أنه فشلت بسبب كثافة الھجوم من قبل القوات الأردنية على
ً وعند
مواقع العبور، ثم كررت اندفاعھا ثانية وتحت ستار من نيران الجو والمدفعية إلا أنه تم إفشال الھجوم أيضا
ً الظھيرة اضطر الجيش الإسرائيلي مجبرا على الانسحاب والتراجع غرب الن العديد من الخسائر بالأرواح
ھر تاركا
والمعدات .
القتال على مقترب جسر الملك حسين
ً نحو الشونة الجنوبية وكانت قوات الإسرائيليين الرئيسة المخصصة للھجوم مركزة على
لقد كان الھجوم الرئيسي موجھا
ا، واستخدم الجيش الإسرائيلي في ھذه
ھذا المحور الذي يمكن التحول منه إلى بلدة الكرامة والرامة والكفرين جنوبً
المعركة لواءين (لواء دروع ولواء آلي) مسندين تساندھما المدفعية والطائرات .
ففي صباح يوم الخميس 21 آذار دفع الجيش الإسرائيلي بوحدة دبابات لعبور الجسر، واشتبكت مع قوات الجيش
الأردني من الجسر، إلا أن قناصي القوات الأردنية تمكنوا من تدمير تلك الوحدة، بعدھا قام الجيش الإسرائيلي بقصف
شديد ومركز على المواقع ودفع بكتيبة دبابات وسرية محمولة، دفع بوحدات أخرى من دروعه ومشاته، وبعد قتال مرير
استطاع الجيش الأردني ھزيمة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقھر .
واستطاع العدو إنزال الدفعة الأولى من المظليين شرقي الكرامة لكن ھذه الدفعة فوجئت بالقوات الأردنية التي كانت
منتشرة في المنطقة وتكبدت خسائر كبيرة في الأرواح وتم إفشالھا، مما دفع الجيش الإسرائيلي إلى إنزال دفعة أخرى
تمكنت ھذه الأخيرة من الوصول إلى بلدة الكرامة وبدأت بعمليات تدمير لبنايات البلدة، واشتبكت مع القوات الأردنية
المتواجدة ھناك في قتال داخل المباني، وفي ھذه الأثناء استمر الجيش الإسرائيلي بمحاولاته في الھجوم على بلدة الشونة
الجنوبية، وكان الجيش الأردني لھم بالمرصاد يتصدون له في كل مرة، ويوقعوا به المزيد من الخسائر، وعندما اشتدت
ضراوة المعركة طلب الجيش الإسرائيلي ولأول مرة وقف إطلاق النار، رفض الملك الحسين بن طلال وقف إطلاق
النار، وحاول الجيش الإسرائيلي الانسحاب إلا أن القوات الأردنية تدخلوا في عملية الانسحاب وحولوه إلى انسحاب
ً من
غير منظم فترك الجيش الإسرائيلي عددا آلياته وقتلاه في أرض المعركة .
ومن مجريات المعركة في المنطقة أن القوات الغازية اخترقت المحور الشمالي (داميا – عارضة – عباد والمحور
الأوسط – جسر الملك حسين الشونة الجنوبية) مما أدى إلى التقاء الجيش الأردني مع الجيش الصھيوني في منطقة
الكرامة حيث تصدى له والتحموا بالسلاح الأبيض. بينما كان المحور الثالث ھو محور ناعور سويمة، ھذا المحور والذي
يحتوي على طريق مؤدية إلى العاصمة عمان حيث استطاع الجيش الأردني صد جيش الجيش الإسرائيلي وعدم السماح
له بتجاوز نھر الأردن شرقا حين قامالعدو بشكل متكرر بمحاولة العبور إلى داخل ھذا المحور منذ بدء المعركة حتى
6
التاسعة صباحا ولكن جميع محاولاته باءت بالفشل ولم يستطع تكرارھا، ولو اجتاز الجيش الإسرائيلي ھذا المحور
لأصبحت مرتفعات ناعور والسلط كمرتفعات ھضبة الجولان حاليا .
القتال على مقترب جسر الملك عبد الله
حاول العدو القيام بعملية عبور من ھذا المقترب باتجاه) ناعور – ّعمان (وحشد لھذا الواجب قوات مدرعة إلا أنه فشل
ومنذ البداية على ھذا المحور ولم تتمكن قواته من عبور النھر بعد أن دمرت وحدات الجيش الأردني معظم معدات
التجسير التي حاول الجيش الإسرائيلي استخدامھا في عملية العبور .
وفي محاولة يائسة من الإسرائيلين لمعالجة الموقف قام الجيش الإسرائيلي بفصل وحدات من قواته العاملة على
مقترب وادي شعيب ودفعھا إلى مثلث الرامة شرق الجسر لتحاصرھا، إلا أنھا وقعت في الحصار وتعرضت إلى ھجوم
عنيف وشديد من الجيش الأردني أدى إلى تدمير عدد كبير من آلياتھا .
ومن مجريات المعركة في المنطقة تمكن الجيش الإسرائيلي من دفع كتيبة دبابات من الشونة إلى المفرق طريق الكفرين
الرامة سويمة ناعور وشطروا وحدتي إلى شطرين قوات الحجاب الملاصقة لجسر الأمير عبد الله وعقدة الدفاع
الرئيسية المتمركزة في منخفضي جبال صياغة غربا وجبال العدسية بالتحديد في مصب وادي المحترقة .
مقترب غور الصافي
لقد حاول العدو تشتيت جھد القوات الأردنية ما أمكن، وإرھاب سكان المنطقة وتدمير منشآتھا، مما حدا به إلى الھجوم
ً بذلك بحملة إعلامية نفسية مستخدما المناشير التي كان
على مقترب غور الصافي ً بألوية من دباباته ومشاته الآلية، ممھدا
يلقيھا على السكان يدعوھم فيھا إلى الاستسلام وعدم المقاومة، كما قام بعمليات قصف جوي مكثف على القوات
الأردنية، إلا أن كل ذلك قوبل بدفاع عنيف من قبل الجيش الأردني، وبالتالي أجبرت القوات المھاجمة على الانسحاب .
إنزال العدو في بلدة الكرامة
كان الھدف من عملية الإنزال التي قامت بھا قوات العدو شرقي بلدة الكرامة تخفيف الضغط على قواتھا التي عبرت
شرقي النھر بالإضافة لتدمير بلدة الكرامة، خاصة عندما لم تتمكن من زج أية قوات جديدة عبر الجسور نظرا لتدميرھا
من قبل سلاح المدفعية الملكي وھذا دليل قاطع على أن الخطط الدفاعية التي خاضت قوات الجيش العربي الأردني
معركتھا الدفاعية من خلالھا كانت محكمة وساھم في نجاحھا الإسناد المدفعي الكثيف والدقيق إلى جانب صمود الجنود
في المواقع الدفاعية، وفي عمقھا كانت عملية الإنزال شرق بلدة الكرامة عملية محدودة، حيث كان قسم من الفدائيين
الفلسطينيين يعملون فيھا كقاعدة انطلاق للعمل الفدائي أحيانا بناء على رغبة القيادة الأردنية، وبالفعل قام الإسرائيليون
بتدمير بلدة الكرامة بعد أن اشتبكوا مع القوات الأردنية وبعض من المقاتلين من الفدائيين الذين بقوا في البلدة والذين
يسجل لھم دورھم بأنھم قاوموا واستشھدوا جميعا في بلدة الكرامة .
اتساع جبھة المعركة
إن معركة الكرامة لم تكن معركة محدودة تھدف إلى تحقيق ھدف مرحلي متواضع، بل كانت معركة امتدت جبھتھا من
ً
. ھذا في الأغوار الوسطى، وفي الجنوب كان ھناك ھجوم إلى جسر الأمير عبد الله جنوبا
جسر الأمير محمد شمالاً
تضليلي على منطقة غور الصافي وغور المزرعة ومن خلال دراسة جبھة المعركة نجد أن ھجوم العدو قد خطط على
أكثر من مقترب، وھذا يؤكد مدى الحاجة لھذه المقتربات لاستيعاب القوات المھاجمة وبشكل يسمح بإيصال أكبر حجم
من تلك القوات وعلى اختلاف أنواعھا وتسليحھا وطبيعتھا إلى الضفة الشرقية لإحداث المفاجأة والاستحواذ على زمام
المبادرة، بالإضافة إلى ضرورة إحداث خرق ناجح في أكثر من اتجاه يتم البناء عليه لاحقا ودعمه للوصول إلى الھدف
النھائي، ھذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن جبھة المعركة تؤكد أن تعدد المقتربات كانت الغاية منه تشتيت الجھد
الدفاعي لمواقع الجيش العربي وتضليلھم عن الھجوم الرئيسي، وھذا يؤكد أن القوات المتواجدة في المواقع الدفاعية
ً من النھر وحتى عمق المنطقة الدفاعية، الأمر
كانت قوات منظمة أقامت دفاعھا على سلسلة من الخطوط الدفاعية بدءا
د جاءت مباشرة بعد حرب عام ً الذي لن يجعل اختراقھا سھلا أمام المھاجم، كما كان يتصور، لاسيما وأن المعركة ق
. 1967
السيطرة على الجسور
7
ً في معركة الكرامة وعلى طول الجبھة وخاصة
ً كبيرا
لقد لعب سلاحا الدروع والمدفعية الأردني وقناصوا الدروع دورا
ً في السيطرة على جسور العبور ما منع العدو لعدم قدرته
من دفع أية قوات جديدة لإسناد ھجومه الذي بدأه، وذلك نظرا
على السيطرة على الجسور خلال ساعات المعركة، وقد أدى ذلك إلى فقدان القوات الإسرائيلية المھاجمة لعنصر
المفاجأة، وبالتالي المبادرة، وساھم بشكل كبير في تخفيف زخم الھجوم وعزل القوات المھاجمة شرقي النھر وبشكل
سھل التعامل معھا واستيعابھا وتدميرھا، وقد استمر دور سلاح الدروع والمدفعية الأردني بشكل حاسم طيلة المعركة من
خلال حرمان العدو من التجسير أو محاولة إعادة البناء على الجسور القديمة وحتى نھاية المعركة .
طلب وقف إطلاق النار
لجأ العدو إلى طلب وقف إطلاق النار في الساعة 11:30 من يوم المعركة (أي بعد 5 ساعات من بدء المعركة)، لكن
وقف إطلاق النار طالما أن ھناك جنديا من العدو شرقي النھر ً الأردن أصر وعلى لسان الملك الحسين عدم واحد
البلاغات العسكرية
صدر خلال المعركة ع ً ن القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية أحد عشر بلاغ ً ا عسكريا ما بين الساعة السادسة
ًصباحا وحتى الساعة التاسعة من مساء يوم المعركة، كانت الھدف من تلك البلاغات ھو إبقاء المواطنين على اطلاع
بمجريات المعركة وسير العمليات فيھا، تحدثت البلاغات الاربعة الأولى عن تقدم العدو وعبور قواته (بلھجة الحذر في
سرد البيان). ولكن بعد البلاغ العسكري الخامس كانت العبارات المستخدمة في إذاعة البلاغ تصف سيطرة القوات
[ الأردنية على المعركة ومطاردتھا القوات الإسرائيلية.
البلاغ العسكري رقم 1:
في صبيحة يوم 21 أذار صدر البيان التالي عن الجيش العربي الأردني :في تمام الساعة الخامسة والنصف من صباح
اليوم قام الجيش الإسرائيلي بشن ھجوم واسع في منطقة نھر الأردن من ثلاث أماكن: جسر داميا وجسر سويمة وجسر
الملك حسين وقد اشتبكت معھا قواتنا بجميع الأسلحة واشتركت الطائرات التابعة للعدو في العملية، ودمر للعدو حتى
الآن أربع دبابات وأعداد من الآليات وما زالت المعركة قائمة بين قواتنا وقواته حتى ھذه اللحظة .
البلاغ العسكري رقم 11 .
تم تطھير أرضنا من فلول العدو في تمام الساعة الثامنة والنصف مساء/ وقد توقفت الرماية من قبل العدو. استمرت
المعركة مدة خمسة عشر ساعة، قامت أثنائھا قواتنا المسلحة بمعارك ضارية مع العدو مبدية من ضروب الشجاعة
والتضحية ما يستحق التقدير والإعجاب، بلغت خسائر العدو المنظورة بالمعدات كالتالي :
-تدمير 45 دبابة، تدمير 25 مجنزرة، تدمير 27 آلية مختلفة، اسقاط خمسة طائرات. اما خسائره في الارواح فتقدر
بحوالي 200 قتيل ومجموعة كبيرة جدا من الجرحى .
-خسائرنا في الأرواح استشھاد عشرين منھم ستة ضباط، واصابة خمسة وستين شخصا منھم 12 ضابط بجراح،
خسائرنا في المعدات تدمير عشرة دبابات، تدمير عشر آليات مختلفة، تدمير مدفعين