إلى أين يا جنود الاحتلال؟
يتساءل المحايد (ومن الصعب أن يكون المرء محايداً أمام هذه المجازر): ولكن ماذا بعد؟ حتى لحظة كتابة هذه السطور قتلوا في غزة الفلسطينية العربية 21 ألفاً و205 شهداء، ودمروا مستشفيات على من فيها، ونجدنا أمام مرضى بلا علاج ينزفون، فهل المقصود تهجير أهل غزة؟
المنحازون لأهل غزة
كثيرون يعتبرون محاولات تهجير مواطني غزة «جريمة حرب». وكثير من العرب صاروا يجدون في إيقاف التطبيع العربي مع إسرائيل ضرورة لأنه محرقة، لذا يرغبون بوقف أشكال التطبيع كلها.
في الغرب يشارك الكثيرون في الإضراب العام لأهل غزة، لا معظم العرب وحدهم. من المشاهير الغربيين الذين يعلنون تضامنهم مع غزة النجمة تايلر سويفت وسيلينا غوميز، كما أن نجم كرة السلة الأمريكي كايري ايرفينغ ظهر بالكوفية الفلسطينية ولم ينتزعها إلا بعد مؤتمره الصحافي. ومن أسخف ما قرأت أن واشنطن طلبت من تل أبيب قتلاً أقل شدة!
القتل هو القتل، ولم أسمع بقتل لطيف وقتل شديد، ثم إن جنود الاحتلال يلحقون بقتلاهم إلى قبورهم ويقومون بنبشها لزيادة عمق الجرح في قلوب أهلهم الذين ما زالوا أحياء (حتى الآن). ويستهدفون بقصفهم بعض المباني والمدارس التي تؤوي ذوي الإعاقة، ويحتفل جنود الاحتلال أحياناً في المساجد لتعميق جرح الفلسطيني. أما النجمة تايلور سويفت التي ذكرت دعمها لأهل غزة، فقد تعرضت للهجوم عليها بسبب ذلك.
بعضهم يخجل من جرائمهم
الحاخام دوفيد نعلدمان (رجل الدين اليهودي) قال إنه يشعر بالخجل من جرائم الصهاينة في غزة، ويشعر بل أعلن أنه يشعر بالحرج لتنفيذ بعضها باسم اليهود. أما وزير خارجية إسبانيا فقد أعلن أنه يريد وقفاً إنسانياً دائماً للنار في غزة. ترى، هل ينجح رئيس جمهورية فرنسا في إقناع نتنياهو (رئيس وزراء إسرائيل) بوقف حرب الإبادة على أهل غزة؟
وثمة من يطمئن جنود الاحتلال قائلاً (بايدن معنا)، أي رئيس جمهورية الولايات المتحدة الأمريكية! فهل هذا مبرر للمزيد من القتل؟
النجوم العرب وفلسطين
الجميلة الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز، لم تكتف بارتداء الكوفية الفلسطينية لكنها حملت علم فلسطين في أحد المهرجانات تضامناً مع أهالي غزة، ولم يدهشنا التأييد اللبناني للإضراب الدولي لمساندة غزة والمطالبة بالوقف الفوري لإطلاق النار (لقد أسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي!) هذا على الرغم من تحضير لندن لدخول «المستوطنين المتطرفين»! وكما سبق وذكرت عن التضامن الغربي وبالذات الفني مع أهل غزة، فقد تم طرد ميليسيا باربارا من عملها لدعمها فلسطين، وقرر ستة من نجوم هوليوود دعمها، وبينهن من انسحبت من عملها مثل جينا اورتيغا من سلسلة (سكريم). نعود إلى عالمنا العربي؛ من الجميل أن نرى أطفالاً على رصيف بحر بيروت يقضون يوماً للرسم من وحي غزة وطوفان الأقصى، إنها لحظة ضوء في عتمة تكاد تكون قاتمة.
ثم إن مؤسسة قطر نظمت معرضاً «من أجل فلسطين» يضم مجموعة من الأعمال الفنية والإبداعية لطلاب في مدارس مؤسسة قطر.
غزة أولاً
تختلف المواقف العربية من حرب جنود الاحتلال على غزة، لكنها تتفق كلها على التضامن مع الفلسطينيين في كل جزء من الوطن العربي يطاله العدوان. والحكاية السياسية طويلة تحتاج إلى موسوعة مزودة بالصور، وبينها صور تستفز العربي أينما كان، كصورة تلك الطفلة الصغيرة في غزة التي تبكي في حضن أمها بقدمين مقطوعتين بقذيفة (احتلالية). والصور كثيرة ترسم بدقة ذلك الهول الذي يتعرض له أهل غزة، وتستحق كما ذكرت كتاباً خاصاً بها.
إنه زمن العنف!
ثمة أخبار لا يستطيع القارئ أن يمر بها مروراً عابراً، منها مثلاً ذلك الخبر عن الفتى الألماني الذي قتل طفلاً عمره 6 سنوات طعناً بالسكين؛ لأن الطفل فلسطيني، والقاتل منحاز لإسرائيل!
ومنذ أسبوع حصلت جريمة قتل قرب بيتي في باريس، وذكرت الصحف اسم الشارع الذي أقيم فيه كمسرح للجريمة التي قام بها شاب فرنسي حين طعن سائحاً ألمانياً أمام «برج ايفل» الشهير. ووصف رئيس جمهورية فرنسا السيد إيمانويل ماكرون الجريمة بأنها إرهابية، لأن القاتل الشاب لا يعرف السائح الألماني الذي قتله، لكنه كان يصرخ أثناء طعنه «الله أكبر»، وأخبر القاتل الشرطة التي قبضت عليه أنه قام بالقتل لانزعاجه «لأن الكثير من المسلمين يموتون في أفغانستان وفلسطين، وانه منزعج من الوضع في قطاع غزة.. كلنا منزعجون من الوضع في قطاع غزة، لكننا لا نجد الحل في حمل السكاكين وقتل أي سائح أمام (جاري) برج إيفل! وبلادنا العربية لا تخلو من مرض العنف بدل الحوار. وناديا إلياس، مراسلة «القدس العربي» في لبنان (طرابلس)، أخبرتنا عن خلاف بين شقيقي عروسين تحول به العرس إلى مأتم، فقد أقدم شقيق العريس على قتل شقيق العروس بعد نشوب خلاف بينهما! ألا يمكن حل الخلافات الفردية إلا بإطلاق النار؟
وماذا عن الحوار بدل ذلك؟