سر السعادة . . هو السر لحياة طويلة رغدة
زينب كاظم
عندما نفكر بما يمكنه منحنا السعادة فغالبا ما نميل الى التركيز على “الأشياء” التي نتوق الى أمتلاكها , و قد تكون تلك الأشياء مادية ملموسة أو مجردة و غير ملموسة كالوقت أو الحب الحقيقي أو السلام الداخلي , إذ من اليسير بالنسبة لنا أن نضع قائمة بما نريد أن يقدمه لنا العالم بدلا من التفكير بما يمكننا نحن في المقابل إعطاءه للعالم .
نحن نحيا في عالم حيث ردود الأفعال الأستهلاكية الفورية الواضحة و التي يمكن أن تُختبر بسهولة من خلال أمثلة واضحة في حياتنا على سبيل المثال من خلال جملة “أشتري الان” في موقع أمازون أو من خلال هوسنا بمتابعة حياة المشاهير أو متباعة المنتجات الجديدة و آخر الأصدارات السينمائية من الأفلام . . . الخ من كل ما يخص أوجه الحياة الجديدة.
فمن المثير للدهشة كم الأشياء التي يمتلكها كل شخص في حياته , و كم الأشياء التي يسعى و يرغب في أمتلاكها لأيمانه بقدرتها على منحه شعور أفضل نحو ذاته أو الأعتقاد بقدرتها على تغيير وجهة نظر الأخرين و رأيهم فيه.
إن إحداث تغيير في المظهر كأنقاص الوزن أو السعي للحصول على الوزن و الشكل المثاليين أو المحاولة للتخلص مما لا نرغب به في حياتنا , و الفوز بممتلكات أكثر , كل ذلك ببساطة لا يسهم في تحقيق السعادة لنا , فالسعادة هي ملكة داخلية و حالة كينونة , و ليست مجرد كومة من الأشياء و الممتلكات .
لذا سأقوم هنا بمشاركتكم أربعة عوامل أساسية للسعادة , هذه العوامل الأربعة التي يمكن بممارستها تغيير حياتك للأفضل هي :
(اللطف , و البهجة , و التعاطف , و الأمتنان ).
اولاً : كن لطيفاً
بعض الأشخاص يمكن أن يوصفوا بأنهم حققوا أعلى مستويات القوة النفسية أذ يواجه هؤلاء الأشخاص العالم بالسرور و الأنفتاح تجاه التجارب و الأشخاص الجُدد , بغض النظر عمن يكونه الشخص المقابل او ماهية التجربة التي يمرون بها خلال مسار حياتهم في كل يوم .
اللطف هو أن تقابل الأخرين بمزاج ودود أو بدفء و طيب , هو أن تكون لديك الرغبة في القيام بالخطوة الأولى خلال تعاملك الأجتماعي مع الأخرين , أذ تدرك بأن الأخرين قد يكونوا أقل ودا و أكثر بطئا في تعاملاتهم خلال العلاقات الأجتماعية. كما يجب أن تدرك بأنك لا تحصل على مكافأت على سلوكك اللطيف و الودود مع الأخرين .
تعد الكائنات البشرية مخلوقات أجتماعية بطبيعتها و أن تكون لطيفا هو أفضل بكثير مقارنة بأظهار اللامبالاة و عدم الأهتمام بالأخرين الذين قد تحتاج دعمهم و مساعدتهم يوما ما.
ثانياً : إتخذ من البهجة أسلوب حياة لك
دائما ما تشجعنا مدربة اليوغا على الأبتسام خلال المواقف الصعبة و دائما ما تطرح علينا السؤال ” هل تبتسمون لأنكم سعداء , أم أنتم سعداء لأنكم تبتسمون ؟” , لتبين لنا من خلال هذا التمرين أمرا هاما و هو أنه عندما نواجه العالم بمزاج مشرق بغض النظر عن حالتنا الداخلية فأن ذلك سيؤدي الى الشعور بتحسن في الجانب الجسدي و النفسي .
لذا فعندما يستشيرك شخص او يطلب مساعدتك في حل مشكلاته , فالأبتسام له يساعدك في التخلص من شعورك الخاص بالأحباط او الأنهاك و بالتالي يمكنك من أن تكون حاضرا لمساعدته بشكل واعي و رائع.
يعد الأبتسام معدي أيضا , فعندما نكون قادرين على الأبتسام لمن حولنا , حتى و أن كان عالمنا الداخلي ينهار و دواخلنا محطمة , فأننا سنشعر بتحسن عندما نتلقى أبتسامة الأخرين لنا كرد و أستجابة لأبتسامتنا لهم , في الحقيقة فقد وجد الباحثون ان الأبتسامة تسهم بشكل كبير في تحقيق الشفاء العاطفي و العقلي .
هل تعلم أنه بمجرد تصورك للشخص الذي تحبه يعد أمرا ذات تأثير شفائي بنفس قوة حضور ذلك الشخص فعليا أمامك . فعلى سبيل المثال أذا ما شعرت بعدم الأرتياح و تملكك الأحساس بالوحدة ما عليك الا القيام بتمرين بسيط و هو أن تغمض عيناك و تتخيل الشخص الذي تحب أو الذي يعني لك الكثير و هو يبتسم لك و بمجرد حضور هذه الصورة في ذهنك , خذ نفسا عميق و أفتح عينيك , ستلاحظ ببساطة أنك تبتسم لمجرد تخيل هذه الصورة و تشعر كما لو أن ابتسامة ذلك الشخص أحاطت قلبك بهالة أشبه ما تكون بالعناق الذي منحك شعور بالأرتياح و الدفء.
اذن كن ودودا مع هؤلاء الذين يلتمسون المساعدة و الدعم منك و قدم لهم تشجيعا و تضامنا أضافي عن طريق أبتسامة تشجيعية , أن حضورك الدافيء و الودي لدعمهم خلال الأوقات العصيبة , يمكن أن يقدم لهم مساعدة عظيمة حقيقية.
ثالثاً : كن متعاطفاً
إظهار التعاطف للأخرين يعد شكلا من أشكال السلوك المبهج التي تؤثر بشكل أيجابي على الفاعل , علينا أن نتقبل عيوب و أخطاء و زلات الأخرين و نبتعد عن الحكم على الشخص أو تقييمه من خلال الأخطاء التي يرتكبها .
على الأغلب نحن نقوم بكل ما يمكننا لمساعدة الأخرين و في الواقع كثير منا قد يشعر بالذنب أذا ما شعر بأنه لم يقدم ما يكفي من المساعدة أو أنه كان عليه الأجتهاد أكثر لتقديم الأفضل للأخرين , و لكن لا يوجد منا أحد على أستعداد 100% لتقديم المساعدة على مدار اليوم , في المقابل قد يكون مجرد تقبل الأخر كما هو و التعاطف معه بدل الحكم عليه و أدانته على عيوبه بمثابة مساعدة عظيمة نقدمها للأخر و التي من شأنها أن تمنحنا حياة أسعد .
رابعاً : الأمتنان
أيا كان ما تملك و أينما كنت بأمكانك دائما أيجاد سبب ما للأمتنان , أن أدراكك لثروتك الخاصة مهما كانت ضئيلة و شعورك بالأمتنان لأمتلاكها يمكن أن يسهم في زيادتها , فقد وجدت الأبحاث أن الأمتنان يؤثر بشكل واضح على حياتنا و يمنحنا فوائد مهمة في الجانب الجسدي كتحسن حالة نومنا .
ليس ذلك فحسب بل وجدت الدراسات أن مستوى شعورك بالأمتنان يتناسب عكسيا مع مستوى الشعور بالأكتئاب أو الحزن , فكلما كنت أكثر أمتنانا في حياتك , كلما أدى بك ذلك الى أن تحظى بفرص أفضل للأستمتاع بما تملك في الواقع.
لقد شاركت معكم في هذه المقالة السر للسعادة أذن فهو بهذه البساطة و لكن قد يتسائل أحد حول كيف يمكن لنا أن نشعر بالسعادة في ظل الدراما السياسية و الأزمة الأقتصادية و الصراعات الداخلية . . . الخ من المشكلات ؟ سمها ما شئت .
و أجابتي هي أنك أذا كنت تتوقع من العالم الخارجي أن يمنحك السعادة فأن ذلك لن يحدث أبدا , و على أية حال ما عليك سوى غرس هذه القيم الأربعة في حياتك اليومية و أن تدرك أنها ستؤثر أيجابيا ليس في حياتك فحسب بل في حياة من حولك .
فالأناس السعداء تخلو حياتهم من القلق و التوتر كما أنهم يتمتعون بمناعة ضد الأمراض المزمنة , في الواقع فأنهم يعيشون لفترات أطول .
فأنك لست بحاجة الى ربح اليانصيب أو الفوز بالوظيفة المثالية أو تحقيق أرباح مالية ضخمة أو العثور على الحب الحقيقي أو عيش حياة مثالية لتكون و لتحظى بالشعور بالسعادة , أنت فقط بحاجة للقيام بأربعة أمور هي :
- تحلى بالأيجابية نحو العالم المحيط بك .
- أبتسم للأخرين و كن ودودا معهم.
- تخلص من الركود و الكسل و كن حيويا .
- كن ممتنا و واعيا لكل ما تملك في حياتك بدلا من القلق حول ما لا تملك.
و أخيرا و ليس أخرا , لماذا علينا أن نكون سعداء ؟
ببساطة لأن اؤلئك السعداء الذين يرون العالم كمكان جميل و رائع , لديهم القدرة على الأستمتاع بشكل أكثر عمقا و كمالا باللحظة الراهنة.
كن سعيداً . . فقط أفعل ذلك.
المصدر :
https://www.psychologytoday.com/blog/lifetime-connections/201703/the-secret-happiness