الإرهاب ودمار الحدباء
نجاح هوفك
رواية الشاعر عصمت شاهين دوسكي
رواية ( الإرهاب و دمار الحدباء ) رواية واقعية من رحم المأساة هكذا وصف الكاتب والشاعر والناقد عصمت شاهين دوسكي روايته . . وحين تقلب صفحات الرواية تجد نفسك منسابا مع أحداثها فقد استخدم الكاتب أسلوبا سرديا مميزا توثيقيا للأحداث عرضها لنا بصدق وبإحساس عميق في الألم. . ربما نحتاج هكذا روايات لاسيما الأحداث التي تناولها الكاتب بتفاصيلها توثق تاريخا مؤلما للناس الأبرياء الذين ابتلوا بإرهاب العصر واستخدموا أجمل القيم الدينية التي يعتز بها هؤلاء الناس ضدهم وحرفوها لتكون أداة لممارساتهم الهمجية .
يستخدم الكاتب أسلوبه الأدبي المعروف وبلاغته التصويرية كما في قصائده ولم يلجأ للخيال واختراع شخصيات تجذب القارئ ، فما بين يديه من أحداث بشخوصها الحقيقيين مادة كتابية غنية عرف الشاعر عصمت كيف يحركها و يتنقل بين الأحداث كما هي ليوصل إلينا الصورة بكل تجلياتها وأحاسيسها ، فها هو يروي مأساة أبناء مدينته الموصل التي آثر الرجوع إليها في بداية الأحداث بالرغم من المخاطر المحتملة له ولعائلته واحترامه لرغبة شريكة حياته التي تجذرت في المكان الذي يحمل أحلامهم وذكرياتهم وسنين عمرهم وبيتهم الذي يأوي أرواحهم والذي دمر بصواريخ استهدفت داعشيا ولم يأبه من أطلقها لمصير العائلة التي تسكنها .
يروي الشاعر أحداث حقيقية من واقع المأساة التي كانت تعيشها المدينة من فوضى أمنية وانفلات عسكري ومظاهر سلطوية هدفها تعجيز المواطن وسلبه وليست خدمته ، وتركت حدود المدينة مفتوحة لقدوم الغرباء وهنا تحديدا في هذه النقطة وضع الكاتب يده على كيفية احتلال المدينة من قبل داعش بتلك السهولة وقدم الكثير من الأجوبة من خلال سرد مجريات الأحداث بطريقة درامية سلسة وجميلة بالرغم من تقديمه لنا وجبة من الأحاسيس المحزنة والجراح والصبر والانتظار والترقب والمعاناة والمليئة بالألفة وهو ينتقل بين الأهل والجيران مع عائلته يتقاسمون الخوف والأمل والدعاء ويتشاركون الطعام والمأوى .
يقدم الكاتب نموذجا حيا للإنسان الأصيل همه الأمان والعيشة الكريمة بدون خوف . . ذاك الخوف الذي رآه بأم عينه من قتل و تعذيب وتشرد وخراب لمعالم مدينته الجميلة من قبل أناس مختلفي الجنسية قدموا من بلاد بعيدة ليدمروا الفكر والثقافة والاقتصاد والتاريخ العريق والجمال والحب ، و يترك مساحة واسعة للتساؤل . . هل تم بيع الموصل.. ؟ هل باعوا العراق . . ؟
كل هؤلاء الناس البسطاء كانوا ضحية لصفقات خبيثة همهم النفط أو الاستحواذ بالسلطة على حساب الناس وحضارة عمرها آلاف السنين دمروها و كما دمروا الثقة والأمان في نفوس أهلها ، أبدع الكاتب بتصور المأساة بصدق ووثق في روايته ظلم هذا التنظيم الأرعن وايديولويجيته البعيدة عن الدين الذي نكل بالناس بدون رحمة و استخدم كل الأساليب الوحشية من ذبح ورجم ورمي بالرصاص ، ورمي الناس أحياء من فوق البنايات وهم يتلذذون بتعذيب الناس علنا ، رحلة موجعة وصفها لنا الكاتب من خلال شخصية أبو سيلين بطل روايته والمحيطين به ثم وصف رائع لرحلة الخلاص يبرع في سرد تفاصيلها بكل آلامها ومصاعبها لينتهي به وعائلته قي مكان أمن في مدينة ( دهوك ) ولكنها خلفت وراءها ذكريات مؤلمة ، و لا ينسى الكاتب الخيرين ممن ساعدوه وقدموا له يد العون ليقول لنا .
” أخيرا ” في روايته الإنسانية التي تغدو نموذجا حيا واقعيا لإرهاب عالمي ، وتكون شاهد عيان لمرحلة مؤلمة مرت بخوف وألم ودموع وترقب ، ستبقى رواية ( الإرهاب ودمار الحدباء ) للشاعر عصمت شاهين دوسكي على مدى الأجيال مصدرا أدبيا وتوثيقيا وتاريخيا وإنسانيا مهما .. تحررت مدينته وبالرغم من كل التخريب والدمار سيكون النصر دائما للخير ولابد أن يعم السلام والأمان مهما طال عمر الظلم والظلام .
رواية الإرهاب ودمار الحدباء
رقم الإيداع في مكتبة البدرخانيين في دهوك ( 2184 ) لسنة 2017 م
مطبعة محافظة دهوك