تساؤلات برحيل مناضل
فارس يوسف ججو
عرض رائع و بديع و واقعي
للاستاذ فارس يوسف ججو / النصير ناظم
قبل يومين غادرنا بحزن وألم المناضل الكبير ( ارا خاچادور – الرفيق ابو طارق) في جمهورية التشيك بعيدا عن وطنه وشعبه ورفاقه وحزبه، في مفارقة موجعة تستوجب من قيادة الحزب الشيوعي العراقي الان ولاحقاً التوقف عند هذه الظاهرة المؤلمة التي بصراحة رافقت مسيرة الحزب وقياداته ولم تتوقف القيادات والحزب عموماً في التفكير بشجاعة في ايجاد طريقة تعامل اخرى مع كوادر وقيادات وشخصيات مناضلة اعطت من عمرها الشيء الكثير واختلفت لاحقا في فكرة او طريقة او شعار او سلوك حزبي معين ، ونطلب كأنصار ومكافحين لاجل خلق مناخات اكثر ثقة بين الجميع واكثر صراحة وشفافية واكثر تنوعاً في الطروحات والافكار اعادة النظر بهذه السلوكية الغير مقبولة في خُلقْ الشيوعيين .
التقينا الرفيق الراحل مرتين، المرة الاولى في إشراف حزبي في الانصار في مفرزة السرية الرابعة / الفوج الاول في بهدينان عقب الموتمر الوطني الرابع عام ١٩٨٦والمرة الثانية في پيربنان في مقرات خواكورك في حزيران وتموز ١٩٨٨ قبل نهاية الحرب العراقية الإيرانية.
ما اريد قوله هنا كان الرفيق حريصا على سياسة الحزب والكفاح ربما اكثر حرصاً من قياديين زملاء له في وقتها ولكن كرفاق شباب لم نكن نملك التفاصيل عن نوع العلاقات والخلافات بين الرفاق القياديين ومن خلال معايشتنا للرفاق القياديين سواء في الانصار او في العمل السري وبفعل الخبرة التي اكتسبناها خلال هذه المسيرة الطويلة لفترة تزيد على الثلاثين عاما اتضح لنا ان التمييز والتنافس الشخصي والجفاء والتكتل لم تغب عن القيادات المتعاقبة وبنفس الوقت كان يوجد التفاهم والتضامن والعمل الرفاق المشترك لدى البعض الاخر فأصبحنا امام نموذجين من القيادات في قيادة واحدة يتصفون بها بنِسَب متباينة موزعة بين هذه وتلك.
هم رفاق وهم طاقة متنوعة ولكن كانت تهدر الطاقات بسبب الخلافات التي لم نعرفها بشكل واضح، وكان ذلك ينعكس سلبا على مجمل الجسم الحزبي فلهذا اصبح وضع الحزب فيه شيء من الجمود منذ مؤتمر الديمقراطية والتجديد عام ١٩٩٣ الى سقوط النظام وما بعد السقوط، لهذا سؤالنا هو:
– لماذا انزوى رفيق كبير وقائد عمالي صلب مثل الرفيق ابو طارق ( ارا خاچادور) بعيدا عن الحزب حتى غادرنا في منفاه في التشيك البارحة؟
– لماذا لا يتم اتاحة الفرصة للسماع الى آراءهم داخل الحزب حتى وان كان معارضا لأطروحات القيادات من منطلق الوحدة في تنوع الافكار والرؤى .
– ما سبب ابعاده عن الحزب؟ او ابتعاده هو عن الحزب؟ علماً اننا حضرنا المؤتمر الخامس عام ١٩٩٣ وكان هناك تهجما من قبل احد القياديين عليه وهو الرفيق ( فخري زنگه نه ) وعلى ما اتذكر لم ترسل له دعوة لحضور الموتمر ….بسبب هذا الخلاف ؟
– حرية التعبير والتعدد الفكري داخل الحزب هي احد اهم محركاته للتطور ( هنا لا نقصد التسيب والثرثرة بل تطوير وإثراء الماركسية بخبرات المناضلين) لم نلمس ذلك ولم نراه الى اليوم.
– في المؤتمر العاشر الذي انعقد قبل سنة ارسلنا دراستين واحدة للبرنامج واُخرى للنظام الداخلي وعشية المؤتمر ارسلنا رسالة الى المؤتمرين ( لم يتم استدعاؤنا الى المؤتمر حتى كمراقب) فقط الافتتاح كانت الدعوة!
رسالتنا عشية المؤتمر كانت تمنيات بنجاح المؤتمر وان يقدم المؤتمر والقيادة الجديدة اعتذاراً رفاقياً الى كل منظمة او رفيق او حتى صديق لاي خطأ بدر من الحزب تجاه اي منظمة او رفيق او نصير لجذب الذين لهم مواقف فكرية معينة او حزبية او حتى شخصية لكسر الجفاء وخلق الجو الودي الرفاقي الذي تعلمنا عليه في فترة الانصار والعمل السري و هذا الجو هو الجو الطبيعي لبيئة المناضلين، لم يأخذ بها الموتمر او لم تتلى لا ادري لماذا؟ واكتفى الموتمر بنفس الطريقة السابقة في المؤتمرات الماضية بان أبواب الحزب مفتوحة ( بهذا المعنى) لكل من هو خارج الحزب او بعيدا عنه، لكن هل نفع ذلك؟
– ما ينطبق على الرفيق الراحل آرا خاچادور ينطبق على اخرين ربما الكثير منهم لهم نفس معاناة الرفيق ابو طارق؟
في ظروف العمل السري للغاية كانت ( جريدة الايسكرا) للبلاشفة وبايعاز من لينين تنشر صفحة خاصة لاعضاء الحزب يدرجون فيها رأيهم بكل حرية حول نشاط الحزب وسياسته ليطلع الجسم الحزبي الى ما موجود داخل الحزب من آراء وافكار كي لا تفوتهم شاردة دون ان يعلموا بها؟
ونحن الى اليوم لم نعرف لماذا ابتعد الرفيق ارا؟ ولماذا ماجد عبد الرضا واخرين اصطف مع النظام؟ولماذا بهاء الدين نوري لم يتم الحديث معه او معرفة قناعاته بعد بشت اشان؟ والراحل ابو ماهر ( ثابت حبيب العاني) وغيرهم كثيرون …كنا نسمع دوما رأيا واحداً هو راي القيادة وكان هذا مصدر الجمود وان كان أحياناً صحيحاً.
لا بد للحزب وقيادته من اتباع أساليب اكثر رقي واكثر حرية واكثر شفافية واكثر اهتمام بالمناضلين البعيدين حتى وان كانت معارضة تلك الطروحات، طرح المشكلة فوق الارض افضل بكثير من دفنها تحت الارض. وخاصة في عصرنا الحالي المتسم بثورة الاتصالات والتي لا يغيب شيئا عنها الا وكشفته.
اخيراً لا بد ان نستثمر كل طاقات المناضلين نساء ورجالاً الذين كافحوا داخل الحزب وخاضوا تجارباً بأزمنة ومراحل متعددة لتقوية الأواصر بين الحزب وبين الاخرين.
ملاحظة مهمة: هذه الدعوة لا تشمل الذين خانوا مهامهم الحزبية و بسبب خيانتهم فقد الحزب رفاقا ومناضلين ومنظمات.