في اليوم العالمي للصحة
مركز “شمس”: انتهاك الحقوق الصحية للشعب الفلسطيني ، يأتي في إطار حرب الإبادة الجماعية
رام الله : قال مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية “شمس” انه في الوقت الذي تحتفل به دول باليوم العالمي للحق في الصحة والذي يمثل الذكرى السنوية لتأسيس منظمة الصحة العالمية في 7/4/1948م، ما زال يمعن الاحتلال الإسرائيلي في انتهاك الحقوق الصحية للشعب الفلسطيني، وحرمان الفلسطينيين في قطاع غزة من حقوقهم الصحية وخاصة الحق في الدواء والعلاج والنمو السليم، ويستمر في فرض الحصار والإغلاق ومنع دخول الغذاء والدواء والمستلزمات الطبية والصحية إضافة إلى استهداف وتدمير المستشفيات والمراكز الطبية، مما أدى إلى انهيار الجهاز الصحي الفلسطيني وانتشار الأوبئة والأمراض مما ينذر بكارثة إنسانية كبرى، فقد أصبحت ملامح وتجليات الكارثة الصحية تظهر وتتجلى للعيان من خلال الأمراض المعدية المنتشرة على نطاق واسع بين المواطنين إذ تم رصد حوالي (700)ألف إصابة بأمراض معدية ووبائية، ومن بينها (8) آلاف إصابة بإلتهاب الكبد الوبائي منها حوالي (7)آلاف إصابة لأطفال، وحوالي (234) ألف حالة إلتهاب رئوي، و حوالي (17) ألف حالة إسهال، وسجلت الأمراض الناتجة عن عدم النظافة وقلة الاستحمام ارتفاعاً كبيراً إذ تم تسجيل وحوالي (14) ألف مصاب بأمراض جلدية.
وقال المركز أن هذه الحالة الوبائية ناتجة عن جرائم الاحتلال الذي عمل على تهجير المواطنين من مدنهم وقراهم ومخيماتهم وتحولهم إلى نازحين في مراكز اللجوء والإيواء، وحالة الاكتظاظ الشديد وتلوث المياه وعدم توفرها في كثير من الأحيان وعدم الاهتمام بالنظافة الشخصية البدنية وعدم توفر الأدوية والمستلزمات الطبية، وتدمير البنية التحية للمياه العادمة وشبكات الصرف الصحي وعدم وجودها أصلاً في مخيمات الإيواء وخاصة في محافظة رفح، وانتشار النفايات في مراكز النزوح والمخيمات، وعدم القدرة على الفصل والعزل بين المرضى المصابين بالأمراض المعدية والنازحين الأصحاء.
وشدد مركز “شمس” على أن انتهاكات الاحتلال للحقوق الصحية للشعب الفلسطيني تأخذ إشكالات متعدد من الجرائم والممارسات وبشكل مقصود وممنهج من تدمير للمنشآت والبنية التحية للخدمات الصحية من مستشفيات ومراكز صحية وقصف لمركبات الإسعاف والدفاع المدني وعمليات القتل والإعدام والاعتقال المنظمة للكوادر الطبية، إذ جعلت القطاع الصحي عاجزاً عن مواجهة الأمراض والأوبئة المنتشرة في قطاع غزة، ، فقد أشارت الإحصاءات الصادرة عن وزارة الصحة بأن الاحتلال قتل أكثر من (484) من الكوادر الصحية وأصحاب الاختصاص الطبي، واعتقل أكثر من (310) آخرين، ودمر أكثر من (155) مؤسسة صحية، وأخرج أكثر من (32) مستشفى و (53) مركز صحي عن الخدمة، ودمر أكثر (126) مركبة إسعاف، واستشهاد حوالي (32)ألف شهيد/ة وجرح حوالي (74) ألف جريح/ة، وبلغ عدد التحويلات للجرحى والمرضى للخارج عبر معبر رفح (3283) حالة، وتم تسجيل (28) حالة وفاة منذ شهر شباط 2024 حتى الآن بسبب سوء التغذية غالبيتهم من الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم (12) شهراً، وبلغت نسبة إشغال المستشفيات العاملة في قطاع غزة (318)% ونسبة إشغال غرف العناية المكثفة (283)% ، كما يوجد (10000) جريح ينتظرون الموافقة على السفر للعلاج في الخارج، ويوجد (9000) مريض بالسرطان يواجهون خطر الموت .إضافة إلى استمرار حالة النزوح والتهجير القسري للمواطنين من بيوتهم إلى مراكز الإيواء من مخيمات ومدارس في ظل انعدام خدمات الرعاية الصحية، مما ينذر بكارثة إنسانية وصحية كبرى قد تودي بحياة الآلاف من المرضى والجرحى والأطفال.
وأوضح مركز “شمس” أن دول العالم أكدت في دستور منظمة الصحة العالمية بأن الحقوق الصحية هي حق أساسي من حقوق الإنسان وهي أيضاً ضمانة أساسية لحماية الأمن والسلم الدولي ومسؤولية مشتركة من كافة الأطراف ذات العلاقة في ضمان الحصول على خدمات الرعاية الصحية الأساسية، وتمثل منظمة الصحة العالمية السلطة التنسيقية والتوجيهية في الأمم المتحدة من أجل تنمية وتطوير المجال الصحي على الصعيد الدولي وتوفير أفضل مستوى من حيث جودة الحالة الصحية لجميع الشعوب والمجتمعات والقيام بمهامها في التعامل مع القضايا الصحية العالمية وإعداد البرامج والقواعد والدراسات المتعلقة بالقضايا الصحية على المستوى الدولي، ورصد وتقييم الاتجاهات والأنظمة الصحية في العالم وتوفير الدعم للبلدان التي تعاني من أزمات صحية وكوارث، فإن كل ذلك لم يلق أذاناً صاغية لدى حكومة الاحتلال الإسرائيلي التي تنتهك تلك المبادئ السامية للمنظمة من خلال اعتداءاتها وجرائمها وانتهاكاتها للحقوق الصحية للشعب الفلسطيني.
كما واستنكر مركز “شمس” ما تقوم به حكومة الاحتلال الإسرائيلي من سياسة الحصار ومنع الحركة والتنقل من قطاع غزة وتمنع الجرحى والمرضى الذين لا يمكن علاجهم في قطاع غزة من السفر للخارج من أجل العلاج علماً بأن هناك الكثير من الدول الصديقة قد أعلنت استعدادها لاستقبال وعلاج الجرحى والمرضى المصابين من قطاع غزة، وتمنع دخول المساعدات الإنسانية وخاصة الأغذية والأدوية والمستلزمات والمعدات الطبية اللازمة للمستشفيات ومراكز الرعاية الصحية الأولية والمواد الضرورية لعلاج الجرحى والمرضى، علماً بأنها متكدسة على الجانب المصري من حدود قطاع غزة، مما أدى إلى افتقار وعجز المؤسسات الصحية في القطاع عن معالجة الجرحى والمصابين جراء العدوان المستمر على الشعب الفلسطيني، مما دفع الأطباء إلى استخدام الأساليب البدائية أحياناً مثل قطع الأطراف بدون تخدير، واستمرار حالة النزيف لدى عدد كبير من الجرحى وعدم قدرة الأطباء على معالجتهم، مما أدى إلى استشهادهم في كثير من الأحيان.
كما وندد مركز “شمس” بالصمت الدولي على انتهاكات الاحتلال للحقوق الصحية للشعب الفلسطيني وحالة السكون والصمت من المنظمات الإنسانية الدولية العاملة في مجال الحقوق الصحية على الجرائم اللاإنسانية التي تستهدف المرضى الجرحى وذوي الاحتياجات الخاصة وذوي الأمراض المزمنة، والأطفال الخدج والأطفال الرضع والنساء الحوامل والمسنين وتدمر المستشفيات والمراكز الصحية وتمنع دخول الأدوية والمستلزمات الطبية، في تجلي واضح لسياسة المعايير المزدوجة التي تستخدمها تلك الدول والمنظمات في تعاملها مع المنظومة الدولية لحقوق الإنسان ومع منظومة الحقوق الصحية وتقديم الخدمات الإنسانية وفق أهدافها ورسالتها الإنسانية، وتعبر تلك المواقف عن خضوع تلك المنظمات لإملاءات سياسية من قبل حكومات دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية التي تساند العدوان وعمليات الإبادة الجماعية التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة.
وأشار مركز “شمس” على أن عدوان الاحتلال المستمر على قطاع غزة ، والذي أدى إلى تدمير وانهيار القطاع الصحي بالكامل وانتفاء الخدمات الصحية ومصادرة الحق في الصحة من قبل الاحتلال، يشكل انتهاكاً جسيماً للقانون الدولي لحقوق الإنسان وخاصة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فقد أكدت المادة رقم (25) من الإعلان على (لكل شخص الحق في مستوى معيشة يكفي لضمان الصحة والرفاهية له ولأسرته والعناية الطبية وتوفير الخدمات الاجتماعية الضرورية، وله الحق في ما يأمن العوائل في حالة المرض والعجز أو الشيخوخة، وللأمومة والطفولة حق الرعاية والتمتع بالحماية الاجتماعية)، وانتهاك للعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية فقد أكدت المادة رقم (12) من العهد على ( تشمل التدابير التي يتعين على الدول الأطراف في هذا العهد اتخاذها لتأمين الممارسة الكاملة لهذا الحق، تلك التدابير اللازمة من أجل تحسين جميع جوانب الصحة البيئية، والوقاية من الأمراض الوبائية والمتوطنة والأمراض الأخرى وعلاجها ومكافحتها، وتهيئة ظروف من شأنها تأمين الخدمات الطبية والعناية الطبية للجميع في حالة المرض)، وانتهاكاً أيضاً للقانون الدولي الإنساني لاسيما لاتفاقية جنيف الرابعة المؤرخة في 12/8/1949م إذ أكدت المادة رقم (16) من الاتفاقية على (يكون للمرضى والجرحى والعجزة والحوامل موضع حماية واحترام خاصين)، وانتهاك للمادة رقم (17) من نفس الاتفاقية والتي أكدت على ( يعمل أطراف النزاع على إقرار ترتيبات محلية لنقل المرضى والجرحى والعجزة والأطفال والنساء من المناطق المحاصرة أو المطوقة)، وانتهاك للمادة رقم (18) من نفس الاتفاقية أيضاً والتي تنص على (لا يجوز بأي حال من الأحوال الهجوم على المستشفيات المدنية المنظمة لتقديم الرعاية للجرحى والمرضى والعجزة والنساء وعلى أطراف النزاع احترامها وحمايتها في جميع الأوقات)، وانتهاك للمادة رقم (24) من اتفاقية جنيف الأولى والتي نصت على ( يجب في جميع الأحوال احترام وحماية أفراد الخدمات الطبية المشتغلين بصفة كلية في البحث عن الجرحى والمرضى أو جمعهم أو نقلهم أو معالجتهم، أو في الوقاية من الأمراض، والموظفين المشتغلين بصفة كلية في إدارة الوحدات والمنشآت الطبية).
وفي نهاية بيانه الصحفي طالب مركز “شمس” الدول الأعضاء في هيئة الأمم المتحدة، والأطراف السامية الموقعة على اتفاقيات جنيف، والأمين العام للأمم المتحدة، والمقرر الخاص المعني بالحق في الصحة، والمقرر الخاص لحقوق الإنسان، ومنظمة الصحة العالمية ومنظمة اليونيسيف، ومنظمة الصليب الأحمر الدولي، ومنظمة أطباء بلا حدود والمؤسسات الحكومية والغير حكومية، بضرورة القيام بواجباتها الإنسانية والضغط على حكومة الاحتلال لوقف الانتهاكات الجسيمة للحقوق الصحية للشعب الفلسطيني والسماح بدخول المساعدات الإنسانية الدوائية والغذائية والمستلزمات الطبية والفرق الطبية إلى قطاع غزة، والسماح بمغادرة الجرحى والمرضى للعلاج في الخارج، والتوقف عن تدمير واستهداف المؤسسات الصحية وخاصة المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية الأولية ووقف عدوانها المستمر على الشعب الفلسطيني.