لكليبتو قراطية/ kleptocratcy .
د ضرغام الدباغ
النظام الكليبتوقراطي، ھو النظام الذي يستولي عليه، أفراد، أو فئة فاسدة، حكومة، يستخدم قادتھا الفاسدون السلطة السياسية وقدراتھا، ً للاستيلاء على ثروة شعوبھم، عادة عن طريق اختلاس أو سرقة الأموال الحكومية على حساب عموم السكان . واللفظة مركب ة من مقطعين باللغة اليونانية؛ أولھما ” كلبتو (Κlepo (بمعنى لص أو لصوص، وثانيھما قراط (Crat (بمعنى حكم . ومن المصطلح ومعانيه نتوصل أن ھذه انظمة تواجدت عبر التاريخ في حياة شعوبھا (لصورة الغلاف: المجلس الفاسد، لوحة إليھو فيدر ) تتعدد التسميات التي لھا دلالة على طبيعة أنظمة الحكم في العالم، كالأنظمة الديمقراطية أو الأوتوقراطية أو الثيوقراطية أو البيروقراطية أو الارستقراطية أوالتكنوقراطية أو الكليبتوقراطية، فما المقصود بمصطلح الكليبتوقراطية …؟ وھذا النمط من الأنظمة الفاسدة / الكلبتوقراطية، ليس وليد اليوم، وإنما وجد دائما عبر التاريخ، لأن ھناك من يسعى إلى الحكم، وقد يضع لمساعيه عناوين وشعارات سياسية، إنما يفعل ذلك من أجل الحصول على الثروة أو يحتاج إلى الثروة من أجل الوصول إلى السلطة. فالمال من أجل الوصول للسلطة، أو السلطة من أجل كسب المال، وغالبا م التنازل عن القيم الاخلاقية وحين تستحكم ً ما يت الشراھ ة للسلطة والثروة، نصبح محور فعالياتھم السياسية وھدفھا، ويخططون من أجلھا، فھؤلاء ھم الكلبتوقراطية، الذين يسخرون من أجل مساعيھم فئات انتھازية تسعى للحصول على الفتات من ستخدمين أجھزة الدولة، ولذلك فليس مستغرباً المغانم، ويقمعون من يحاول التعرض لنفوذھم، م أن يتحول الكليبتوقرطي إلى ديكتاتوي، متراجعاً عن وعوده الانتخابية، متذرعاً بمبررات غير واقعية، سوف لن يصدقھا الجمھور، فيلجأ الحاكم الكبتوقراطي لأجھزة الدولة القمعية، ويكتسب النظام الصفات الديكتاتورية . والفساد الھيكلي (Corruption ،(المتجذر في الدولة (Strukturell (سيكون بديھياً من اللامح الأساسية للنظام الكليبتوقراطي، ً عن نظام حكم جوھره الفساد والكلِيبتوقراطية مصطلح يرد تفسيره في معجم العلوم السياسية ، بكونه ” تعبيرا واللصوصية أو نھب الثروات العامة. وتقوم سلطة الفساد على وحدة مكينة بين السلطة السياسية وسلطة عصابات لصوصية تسطو على الثروة العامة بوسائل عديدة يتم شرعنتھا، بآليات عمل حكومية رسمية عبر برامج مشروعات وھمية وأشكال من التَسَتُّر من قبيل إحالة ما يُفتضح من أمور للجان تحقيقية تنھض بمھمة تمييع القضايا وسط تراكمھا وكثرتھا وضخامة ما فيھا وفوضى ما ينثر حوله .” 3 تعرف الموسوعات الكلبتوقراطية بأنه نظام حكم يشيع الفساد في أوصاله، بسبب ھزال الحكم، ومسخر للأغراض وأحيانا . فيوصف النظام (غير قابل للحكم ً الفردية، ومخالفة القوانيين( حتى تلك الأنظمة والقوانيين التي شرعھا بنفسه / incapacitated Government ( ويحاول النظام الكليبتوقراطي، أن يضيف لنظامة الشرعية بشتى الوسائل، إلا أن وفي مرحلة متقدمة من الفساد لا يعود ذلك كافياً، وأستخدام العنف جاھز دائما . ً ضد الخصوم (صورة واضحة بليغة المعاني …! ” أذرع النظام أخطبوطية : الكرسي ا لرئاسي الأحمر يرمز للسلطة الاولى في الدولة، المصانع إلى جانب مھم من الاقتصاد، ، الزراعة والسلاح القوات المسلحة المستعدة للقمع، الطب والعلاج، الموانئ للتصدير، رمز العدالة بيد النظام، التلفاز رمز الإعلام تحت ھذا ھو النظام الكليبتوقراطي فعلاً ” ) وحقاً الھيمنة، الطاقة والماء الخدمات الأساسية تحت السيطر . ة والنظام الكليبتوقراطي يفعل كل شيئ من أجل ضمان أستمراره على رأس السلطة،وما يمكنھم من التحكم في مصائر الناس، ” والآلية المعروفة ھي إحداث التفرقة والصراعات الداخلية وفقا لمفھوم ” ّفرق تسد“، ولھذا يمكن الاستدلال على أنظمة الحكم اللصوصية من الواقع الذي أوجدته، فإن ھي سعت لإحداث الصراعات الدامية ما بين أبناء المجتمع، فھذا يعني أنھا تدعو لذلك لكي تحافظ على سرقاتھا وتنميتھا، وإن ھي دعت إلى الوحدة الوطنية والتماسك الوطني فإنھا ليست كذلك. وھذه آلية معمول بھا منذ قرون، حيث شرعھا ميكافيلي باعتباره ” ّ السياسة فن تحقيق المكاسب الخاصة تحت ستار تحقيق المصلحة العامة والوصول للسلطة والمحافظة عليھا مرتبط بكل مفاسد الأخلاق من كذب وغدر وتزوير وقسوة وإفساد ..” )1) ً حافل بالتناقضات، ويتجاھل بشدة ً لما قد يعتقده البعض، فإن النظام الكليبتوقراطي، ينتج خلافا بنفسه نظاما اجتماعيا التوازن الاجتماعي، فالكلبتوقراطية تنتج الفساد، وھذا منطقي جدا، ومن ھذه الأنظمة المشوھة، يعول النظام ً الكلبتوقراطي على تمزق وتشتت الحركة السياسية والاجتماعية، وبالتالي فھو يخلق فئات طفيلية، التي لا أفق حضاري ولا سياسي له، فما يھمھا ھو جني المال فقط، وتھريبه خارج البلاد، وتصف مصادر حديثة نظام الكلبتوقراطية بأنه ن” ظام “الكليبتوقراطية” ھو نظام السرقة القانونية والممنھجة للمال العام والثروة الوطنية، لأن ھؤلاء “اللصوص القانونيين” إنما يقومون بسرقاتھم من خلال التفويض “الديمقراطي” الذي يحصلون عليه “. )2) 4 ولا تختلف الأنظمة الكليبتوقراطية جوھرياً عن بعضھا كثيراً، فقد يكون النظام الكلبتوقراطي ھو ناجم عن وضع يتيح نشوء مثل ھذا النظام، وقد تكون التأثيرات السياسية الدولية عاملاً ً مؤثرا لقيام أنظمة كھذه، وحين يشتد الاستقطاب الدولي بدرجة كبيرة، تعمد القوى العالمية التي لھا مصلحة بوجود نظام ، ولا يكترث كثيراً يتمتع بالشراسة، يوظف قدرات البلاد لجانبه لمصالحه الوطنية، ويلبي كافة الطلبات التي تجعل من الاستقلال السياسي أمرا . فيما يحاول رأس النظام الكليبتوقراطي أن يسبغ ً شكلياً ة على وجوده المخالف للقانون بشتى التشريعات، ضامناً الشرعي القوة التنفيذية والتشريعية إلى جانبه، وفق علاقات الفساد . وبالطبع تختلف مصادر الثروة من بلد لآخر، من الموارد الطبيعية، إلى الزراعية، أو منتجات صناعية، ولا تستبعد تجارة المخدرات. ونقف على معطيات معروفة، تل ً عب فيھا المخدرات دورا في أصول الثراء الذي تتمتع به فئات الكلبتوكراتية، وومن المعروف أن تجارة المخدرات بأنواعھا عاماً الفاخرة كانت تزرع في أفغانستان تحت سمع وبصر سلطات الاحتلال الأمريكية لأكثر من 20 ، وكذلك ھناك أنظمة كلبتوكراتية تصنع المخدرات وتروج مبيعاته بعصابات بإدارتھا بطريقة شبه رسمية . وطالما فعاليات كثيرة تقع في إطار لا قانوني ولا شرعي، فأن التھريب يقع على رأس قائمة الموارد في أنظمة الكلبتوكراتية، وتقوم أنظمة معروفة بقيادة عمليات تھريب المخدرات، والعملات والمعادن خذ منھا تجار الأسلحو مقرا . ً النفيسة كالذھب، والأحجار الكريمة. ويت لعملياتھم عبر العالم ويتردد بقوة أن دولاً وعمليات تزوير بالغة الدقة، بأختصار ھذه الأنظمة تفعل تقوم بتزوير العملات، كل ما بوسعھا لزيادة مداخيلھا، ويترافق معھا تراجع الاستقلال الوطني، وتدخل القوى الخارجية، وتتساھل معھا القوى العظمى، ولا تعتبر ھذه الأنشطة مؤذية لھا. وتحتفظ الذاكرة بأزمة دولة بنما، التي تعتمد على موارد القناة، وتھريب المخدرات، وحين غزت الولايات المتحدة ھذه الدولة كانت تھدف أساسا . وجرت حوادث مماثلة في العديد من دول أميركا اللاتينية / ً وضعھا تحت ھيمنتھا الجنوبية، وبعض الدول في جنوب شرق آسيا . ومن نافلة الكلام، الحديث عن تنمية في البلدان التي تحكمھا أنظمة كليبتوقراطية، وفي أفضل الحالات ليس أكثر من تطوير وتحسين عملية تصنيع المخدرات، وتفشي الدعارة، والفساد بأوسع أشكاله. ومثال ذلك أن يكون لرجال النظام الكلبتوقراطي، حياة ماجنة منحلة، وتزدھر صناعة المحضيات، والدعارة بحيث يصبح لبعض الشخصيات من الإناث والذكور من الفئات الطفيلية، مكانة أجتماعية مھمة، وملامح الثراء والبذخ، التي لا ً تفيد تطور الاقتصاد الوطني، بل بالعكس تلحق به أضرارا فادحة. ويلتف حول رجال النظام الكلبتوقراطي، حلقات من الأصناف الرديئة من البلاد، التي تفتقر إلى أي كفاءة ذات قيمة، والتي تجد في النظام الكلبتوقراطي فرصة ذھبية لكي تحرز تقدماً وتصيب الثراء، ونظراً لضعف أواصرھم الاجتماعية في البلاد، تجدھم يھربون أموالھم للخارج، ولا يستثمرونھا في مشاريع اقتصادية، بل يضعونھا في مصارف تدر عليھم فوائد ضئيلة، ومشتريات ومقتنيات قصور خيالية، وفي المجوھرات، والملذات . وتتمثل خطورة نظام “الكليبتوقراطية” أنه أصبح نظاما عالميا يخترق حدود الأوطان والقارات، يضم رؤساء دول ورؤساء شركات ورجال أعمال يتشاركون في حماية سرقاتھم من خلال عمليات غسيل الأموال وتبييضھا وتھريبھا )1 )وتوفير الملاذات الآمنة لھا. وقد سبق لصحيفة “واشنطن بوست” أن أشارت إلى أحد التقارير الذي قدر حجم الثروة المسروقة في العالم في 2012 بنحو 32 تريليون دولار، ما دفعھا إلى الحديث عن “عولمة الكليبتوقراطية . 5 كما سبق لـ صحيفة الغارديان البريطانية أن كتبت إ ” ن ما نشھده اليوم في أمريكا ھو قيام “”كلبتوقراطية على نطاق لم يسبق له مثيل في أمريكا ف.. الرئيس الامريكي ترمب أعلن صراحة أنه يضع مصالحه المالية الخاصة في السياسة الوطنية”، لكنھا عقبت على ذلك بالقول إن “الجمھور الأمريكي لن يبقى مكتوف الأيدي إلى أن يُحول ترمب أمريكا إلى جمھورية موز”. وفي المقال نفسه دعا كاتبه القضاة إلى عدم إخلاء الميدان لأن ذلك سيكون مخيبا للآمال وسيسمح لفساد ترمب بأن يستشري ويمد عروقه إلى أعماق الدولة. ونقلت عن أحد القضاء قوله إن القمع مثل الليل لا يأتي في وقت واحد، وإنما يسبقه الشفق قبل أن يحل الظلام، والشفق علامة التغيير ووقته قبل أن يعم الظلام الداھم “. . )3 ) (الصورة : تتناھب ثروات البلاد، ومصادر الدخل فئات طفيلية تبدأ من القمة، وتنحدر إلى بدوائر إلى جماعات وخدم النظام الكلبتوقراطي، ولا تصل الطبقات الفقيرة سوى قطرات لا تسمن ولا تغني من جوع .) ولتقريب الصورة أكثر، فإن نظام “الكليبتوقراطية” ھو نظام السرقة القانونية والممنھجة للمال العام والثروة الوطنية، لأن ھؤلاء “اللصوص القانونيين” إنما يقومون بسرقاتھم من خلال التفويض “الديمقراطي ال” ذي يحصلون عليه، وبواسطة “القوانين” ّ التي يشرعونھا، والتي يمكن تلخيصھا في قاعدة أساسية عندھم تقوم على “تأميم المخاطر وخصخصة الأرباح “. )4 ) ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ھوامش .1 نورا عبجي: الاعداد العلمي، الانترنيت. ، نشر في0119-2018 .2 الموسوعة الألمانية / الانترنيت .3 الموسوعة الألمانية/ الانترنيت .4 الموسوعة الألمانية / الانترنيت